السوريون يبحثون عن وطن بديل في كندا

السوريون يبحثون عن وطن بديل في كندا
منذ وصول الأسد الأب إلى السلطة والسوريون يبحثون عن وطن هرباً من الظلم، وها هو التاريخ يعيد نفسه فبعد أكثر من أربعة عقود يواصل الشعب السوري رحلته في البحث عن وطن بعيداً عن البراميل المتفجرة والقصف اليومي، فقد عانى ما عاناه من نزوح إلى لجوء ثم هجرة... ، ليبدأ عيش فصل جديد من العذاب فمرة تكون الرحلة مشياً على الاقدام، ومرة تكون بين أمواج البحر، وأخرى بين الغابات تحت نظرية الاصطفاء الطبيعي، إلى أن نظرت كندا بعين الرحمة إلى وضع اللاجئين السوريين وقررت أن ترسم لهم ملامح هجرة تليق بإنسانيتهم  .

25 ألف لاجئ إلى كندا

صرح رئيس الوزراء الكندي"جاستن ترودو" في الخامس من تشرين الثاني المنصرم، متحدثاً لإذاعة راديو كندا في مقابلته الأولى منذ تولي مهامه الأربعاء بالقول" إن الهدف هو استقدام 25 ألف لاجئ سوري إلى كندا قبل الأول من كانون الثاني". 

ولفت "ترودو" إلى أن استقبال 25 ألف لاجئ ليس أصعب ما في الأمر، بل ينبغي أيضا "منحهم القدرة على تحقيق النجاح من أجل عائلاتهم" حتى ينعكس ذلك فائدة "على المجموعة" وعلى البلاد برمتها "مثلما فعلت جميع موجات المهاجرين واللاجئين السابقة  ".

وفعلا قد افتتحت كندا مركز تسجيل في العاصمة الأردنية عمان بحضور وزير الدفاع الكندي "هارجيت سجان" ووزيرة الصحة "جاين فيلبوت" ووزير الهجرة الكندي "جون ماكالوم".

وألزمت منظمة الهجرة أكثر من 100 موظف في المركز بالتعاون مع المجلس الدانماركي للاجئين ومفوضية الأمم المتحدة والحكومة الكندية التي أوفدت 500 موظف قنصلي إلى الدول الثلاث المعنية لإنجاز العملية.

وبحسب الحكومة فقد اختير أكثر من 200 شخص خلال الأيام الماضية، وتقول إنها تأمل أن تتمكن قريباً من تسجيل 500 لاجئ يومياً، بالتوازي مع نقل 900 لاجئ سوري جواً بشكل يومي من الأردن إلى مونتريال وتورنتو لنقلهم جميعاً إلى قاعدتين عسكرييتن في أونتاريو وكيبيك حيث سيقطنون بشكل مؤقت، بتكلفة قدرتها بـ 1.2 مليار دولار كندي على مدى 6 سنوات.

السوريون ما بين التوطين والاغتراب الثقافي

اللاجئون السوريون في الأردن كانوا ضمن الخطة الكندية لإعادة التوطين وقد تعددت ردود الفعل على اتصال المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لتخبرهم أنه وقع عليهم الاختيار، فـ"أبو يزن" الذي يعمل في مهنة البلاط في الأردن من قبل الثورة يؤكد لأورينت نت أنه كان ينتظر هذه الفرصة مثله مثل الكثير من اللاجئين في الأردن ، وفعلا تلقى اتصالا من المفوضية يخبره بموعد مقابلته الأولى من أجل ترشيح ملفه للسفر إلى كندا ، ولكنه أعاد النظر وقرر إلغاء الفكرة بسبب تخوفه من المجتمعات الغربية واختلاف العادات والتقاليد وخشيته أن يفقد السيطرة على أطفاله أو يخسرهم على حد تعبيره ، متخوفا من تكرار بعض قصص التفكك الاسري و الاجتماعي التي حصلت في دول المهجر مع السوريين .

ومن جهة أخرى أضاف "أبو يزن" أن مخاوفه من الوعود بحياة كريمة يمكن أن تكون على غير الظاهر ،وأن الإندماج مع المجتمع الكندي بحد ذاته مشكلة وهناك سيخضع لقوانين دولة لايعلم عنها شيئاً، وهو غير مستعد أن يذهب وأسرته إلى المجهول .

فيما التقت أورينت نت أم أحمد وزوجها اللذان كانا ممن وقع عليهم الاختيار  للسفر الى كندا ، وقد اكدت أم أحمد التي تبلغ السبعين من العمر وزوجها الذي يكبرها بعشر سنوات أنهما يعيشان في بيت متواضع لوحدهما في العاصمة عمان، تخيم على حياتهما الأوضاع المعيشية الصعبة في ظل متطلبات الحياة القاهرة من آجار للبيت يعجزون عن سداده إلى أدوية  يجب تأمينها بشكل شهري ، فكان البحث عن وطن بديل أولوية كي يتلقون الرعاية الصحية والنفسية المناسبة .

تضيف أم أحمد أنها وزوجها في سن حرجة ويرغبون في تأمين ما تبقى من حياتهما بعيش كريم لا يخافون فيه المستقبل، مؤكدة على تخوفها من صعوبة الاندماج مع المجتمع الغربي بعد هذه السن المتقدمة ، وهما أمران أحلاهما مرّ، فأولوياتها الآن وزوجها تتجلى بالاستقرار في كندا.

أما "فجر" الشاب السوري الذي هاجر إلى كندا منذ سنة ونصف من الأردن عن طريق منظمة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ، فيرى أن الهجرة إلى كندا لها ايجابيات وابرزها الأمن والأمان واحترام إنسانية الإنسان ، إضافة إلى العيش الكريم  من خلال تأمين السكن والمدارس والتأمين الطبي إضافة إلى تقديم الحكومة مقومات لتربطك بوطنك الجديد فالإنسان عندهم الثروة الاولى.

يضيف فجر "هذا كله لا يمنع من وجود سلبيات ومنها السماح ببيع بعض أنواع المخدرات والتدخل في تربية الاطفال فالقانون معهم ، وبالأخص أن التربية تكون في المدرسة حتى الثقافة الجنسية تدرس للإناث والذكور في عمر مبكر ، وحتى موضوع المثلية الجنسية مرحب به".

وختم حديثه بنصيحة لمن يود القدوم إلى كندا من السوريين وهي معرفة البلد الذي سيكون عضواً جديداً فيه وقوانينه وعاداته وتقاليده، فإن كل شي له مقابل .   

ومع تعدد الآراء والتصريحات فقد صار الأمر حقيقة حيث حطت طائرة عسكرية تقل 163 لاجئا سوريا في وقت متأخر من الخميس الماضي في مدينة تورنتو، حيث كان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في استقبالهم، بعد أشهر من الوعود وأسابيع من الاستعدادات، مدشنة بذلك عملية لنقل آلاف من هؤلاء المهاجرين إلى كندا.

الأولوية للعائلات والنساء

فيما  أطلق رئيس بلدية تورونتو تغريدة ترحيب باللاجئين القادمين، وصدرت تورونتو ستار أكبر صحيفة في كندا وعلى صفحتها الأولى عنوان رئيسي باللغتين الإنجليزية والعربية "مرحبا بكم في كندا".

في حين كانت هناك اتهامات بأن الواصلين من اللاجئين السوريين في الدفعة الاولى بأنهم من الطبقة الغنية فقد صرحت الحكومة الكندية إلى أنها ستمنح الأولوية للعائلات والنساء اللواتي يواجهن أوضاعاً صعبة، مشيرةً إلى أنها ستستقبل مثليي الجنس من الرجال والعازبين المرافقين لعائلاتهم.

الهجرة إلى كندا فتحت باباً من النور أمام اللاجئين السوريين لبداية حياة جديدة في ظل تعقيدات الوضع في الداخل السوري، وأوضاعهم الصعبة في دول اللجوء ، ليكون الوطن البديل أولوية قاسية، في ظل سؤال أصبح يطرح بدموع تختلط بالأمل والألم هل من عودة قريبة  إلى الوطن الأم سوريا الذي احتضن الجميع.

التعليقات (1)

    بلال فهمي وردة

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    انا لاجئ في تركيا اريد الهجرة الى كندا انا وعائلتي وهنا وضعي صعب ارجوالرد وشكرآ
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات