تكلفة الحرب الروسية
ووفقاً لأرقام نشرتها مجموعة "آي آيتش أس جاينز" في تشرين الأوّل/ أكتوبر، إنّ الجهد الحربي بكامله - بما في ذلك النشاطات البحرية والبرّية والجوّية - ستكلّف روسيا حوالي مليار دولار في السنة، هذا باستثناء خسائر الطائرات المحتملة. ويقدّر البعض عدداً مضاعفاً يبلغ حالياً ثلاث مرّات ذلك الرقم. كما أنّ موسكو قد نشرت أصولاً إضافية للدفاع ضدّ الصواريخ منذ تقرير "جاينز"، بما في ذلك أنظمة S-400 التي تستلزم المزيد من المركبات والأفراد.
وبالمقارنة مع ميزانية الكرملين الدفاعية الإجمالية لعام ٢٠١٥ والتي قدّرتها صحيفة موسكو تايمز بـ ٥٠ مليار دولار (3.1 تريليون روبل)، لا تبدو كلفة المغامرة السورية هائلة. إلّا أنّ هذه الميزانية هي بالفعل تحت ضغط كبير، فقد حُدّدت في الأساس بـ 3.3 تريليون روبل حتّى أزمة الركود وانهيار الروبل. وقد جاء هذا الاقتطاع في وقت كانت موسكو تتوقّع زيادة في الرواتب، وجهود تحديث أكبر لتحقيق أهدافها لإعادة التسلّح لعام ٢٠٢٠، إلى جانب تمارين تدريب أكثر "مباغتة" لتوجيه رسالة رادعة. ولا تبدو الميزانية الدفاعية لعام ٢٠١٦ أكثر من ذلك.
بالإضافة إلى الكلفة المالية، تخسر موسكو فرصة استخدام هذه التجهيزات والأفراد في مكان آخر. فعلى سبيل المثال، أشار وزير الدفاع الروسي أنّ بعض عشرات القوّات الخاصّة التي تدعم العمليات الأوكرانية قد أُعيد نشرها في شهر تشرين الأوّل/أكتوبر لتقديم الاستشارة للقوّات السورية البرّية وللمساعدة على تنسيق الضربات الجوّية. ومن المرجّح أن تستمر هذه العمليّات المتعلقة بإعادة التخصيصات.
تكاليف إضافية
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنّ حوالي عشرين قاذفة بعيدة المدى قد عبرت آلاف الأميال لضرب أهداف سورية في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر ومجدّداً هذا الشهر. وكانت طائرة "توبوليف تي يو- ٢٢ أم" الأكثر انتشاراً، لكنّ هناك قاذفات أخرى قد شاركت أيضاً، بما فيها "توبوليف تي يو- ٩٥ بير" و"توبوليف تي يو-١٦٠ بلاكجاك"، اللتَين تستخدم كلّ منهما مزيجاً من الذخائر الموجّهة وغير الموجّهة، إلى جانب صواريخ كروز. كما أنّ إطلاق صواريخ كروز من نوع "26 كاليبر" من بحر قزوين في تشرين الأوّل/ أكتوبر قد لفت بالتأكيد انتباه أصحاب المصالح الإقليميين. وفي وقت مبكر من هذا الشهر، أطلقت غوّاصة روسية من نوع روستوف- أون- دون صواريخ "كاليبر" للمرة الأولى من البحر المتوسط.
وتشير هذه الضربات بعيدة المدى على أنّ روسيا تتمتّع بالقدرة على التخفيف من العبء عن طائراتها وذخائرها في سوريا بين الحين والآخر إذا دعت الحاجة لذلك. وستشكّل الذخائر نفقة حاسمة، إذ تكلّف حوالي ٧٥٠ ألف دولار في اليوم للضربات في سوريا فقط. ومع ذلك، فإن الخيار بعيد المدى هو مكلف أيضاً: إذ يتراوح سعر كل صاروخ كروز من نوع "3M14E" يتمّ إطلاقه من البحر ما بين 1.2 و 1.5 مليون دولار، مما يجعل منه خياراً عرضياً فقط. وإذا ما احتاجت روسيا شنّ هجمات مكثّفة بعيدة المدى، ستزيد النفقات العمليّاتية أضعافاً مضاعفة.
وفي حين يبدو أنّ إظهار القوّة العسكرية قد ثبت أنه استراتيجية فعّالة لفلاديمير بوتين على المدى القصير، إلّا أنّ هذا العرض يأتي بثمن أعلى ممّا يدركه العديد من المراقبين. وتدرك روسيا جيّداً أنّ تمديد العمليّات سيكبّدها تكاليف أكبر. كما أنّ المتطلّبات اللوجستية لقوّة عسكرية في الخارج قد تجبر موسكو على زيادة وقع وجودها في سوريا، مما قد يزيد من خطر تكبّد خسائر روسية الاقتصادية.
التعليقات (5)