إسقاط "الروسية".. العالم يقف على قدم واحدة والحرب على الأبواب

إسقاط "الروسية".. العالم يقف على قدم واحدة والحرب على الأبواب
في أول ترجمة لما قاله رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو يوم الأحد، إنه أصدر تعليمات بالرد الفوري على أي تطور في الجانب السوري من شأنه أن يشكل تهديداً لأمن الحدود...الترجمة أتت هذه المرة بإسقاط طائرة روسية اخترقت الأجواء التركية، وتلقت 10 تحذيرات خلال خمس دقائق، قبل أن تقوم طائرات أف 16 تركية بإسقاطها، لتحولها كتلة لهب سقطت في الأراضي السورية، وقتل على الأثر قائدا المقاتلة الروسية.

تركيا أسقطت الطائرة وأدخلت العالم الصامت في مرحلة حرجة، وقد تكون وضعت العالم فعلا على أعتاب حرب عالمية؛ خاصة وأنها العضو البارز في حلف الناتو الذي طلب من الاجتماع استثنائياً بطلب من أنقرة، وهذا طلب يؤكد أن الأتراك قرروا أن يمشوا على الحبل المشدود بأعصاب قوية استعدادا لأي تطور، أو ردة فعل روسية، إذ أن موسكو مازالت تسوّق لأن طائرتها السوخوي 24 كانت تنفذ عملياتها في الأجواء السورية المستباحة أصلا للجميع.. فهل سنرى رد فعل روسي يعقد المشهد أكثر؟

إسقاط "الروسية" ليس أمرا عاديا، ويأتي في ظل ظروف استثنائية لم تعرفها المنطقة سابقا، لكن هذه الظروف كانت تقرأ جيدا من قبل القيادة التركية المستقرة حاليا، والتي تجاوزت مأزق الانتخابات بقوة أتاحت لها التعامل مع الأخطار المحتملة بحزم أكثر، وهذا ما كان أحمد داوود أوغلو قد أشار إليه قبل أيام فقط عندما توقع خرق حدود بلاده من قبل الروس ووجه لهم رسالة غير مشفرة، لكنهم لم يفهموها جيدا فاستمرت العنجهية الروسية إلى أن قوبلت اليوم بالكي، فماذا بعد؟

 

لا شيء يمكن توقعه، إلا استمرار روسيا في الغوص أكثر في المستنقع الذي رمت نفسها بها بحثا عن كينونة جديدة تجعل العالم يعترف بها كقطب آخر له يقابل القطب الأميركي، لكنها كانت تصرف بطريقة فوقية جعلتها تدفع الثمن، وكأنها أرادت أن تجعل الحدود السورية سائلة غير محددة، وبذلك تستطيع أن تعمل أينما أرادت دون محاسبة، وكل ذلك خدمة لبشار الأسد، وهذا ما يبدو جليا من خلال إصرارها على قصف مناطق ريف اللاذقية وجبل التركمان، حيث لا يوجد فيها أي أثر لتنظيم الدولة، لكن يوجد قوات الأسد التي تنهار بشكل كبير، وهو ما يهدد الكيان العلوي المفترض، وهذا القصف أدى أيضا بشكل غير مسبوق لحركة نزوح كبيرة من القرى الجبلية، وأهالي هذه المنطقة من التركمان، وهو أيضا عاملا أثار حفيظة تركية، وأشارت إليه غير مرة ووصل الأمر لاستدعاء السفير الروسي في أنقرة للاحتجاج على هذا الأمر لكن الطائرات الروسية لم تستجيب، كما دفع الاستمرار بالقصف، بعض الأصوات التركية لتنادي بتدخل بري لحماية التركمان في سوريا، وهذا خيار لم يؤكده أحد ولم يستبعده أحد.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان في طهران وكانت زيارته غير عادية بدأت بزيارة روحية للمرشد الأعلى خامنئي الذي استقبله استقبالا لافتا، ليرسخ بذلك خيار البلدين بأنهما في المحور المعادي للشعب السوري وداعميه، وأنهما في توافق تام عسكريا وسياسيا، وهذا أيضا ما يزعج الأتراك الذين يريدون حلا يختلف تماما عما تراه "روسيا-إيران"، فأتى إسقاط "الروسية" ليتوج الخلاف بين المحورين وليؤكد أن تركيا لن تقبل بحلول لا ترضيها ولا تقبل أن يغير الروس بالقوة ميزان القوى على الأرض، ليكون النظام أقوى في المفاوضات القادمة، وهذا ما تفعله موسكو؛ لكن بوتين بدا مذهولا في حديثه بعد إسقاط المقاتلة الذي اعتبره "طعنا في الظهر"، فهو لم يتوقع على ما يبدو أن يتحرك أي أحد في هذا العالم ليكبح جماحه.

بوتين قال أيضا "إن الأتراك بدل من أن يكلموننا ذهبوا لشركائهم في الناتو." فماذا كان يقصد الرجل هل كان ينتظر اعتذارا تركياً، ألا يرى بوتين أن العالم يقف على قدم واحدة بانتظار الخطوة القادمة، وتركيا أرادت أن تشدد أزرها بالناتو تحسبا لأي تصرف روسي...قد يشعل حربا عالمية.

قد تكون الحرب العالمية بشكلها الكلاسيكية مستبعد في ظل مصالح كبرى تربط تركيا بمحور روسيا- إيران، لكن هذه الحرب ستقع بلا شك على الأرض السورية المباعة لهذا المحور، فنشهد بالتالي تطورات عسكرية متصاعدة، وموجات قصف عنيف ونزوح، وقد نشهد تطورا نوعيا في تحركات الثوار، وخطوات عملية في مشروع المنطقة الأمنة المقترحة من تركيا على الأرض السورية؛ وهذا يعيدنا إلى رسالة الإنذار الأخير لروسيا التي لم تأخذها موسكو بعين الاعتبار فكان إسقاط "الروسية" اليوم وقد يتلوه إسقاط أخر لــ"روسيات" أخريات.

التعليقات (3)

    زائر

    ·منذ 8 سنوات 5 أشهر
    الرئيس بوتن وللأسف وطبقا لكل المعايير الاخلاقية والسياسية ، هو أقرب بتصرفاته لشبيح أرعن من أن يكون قائد لدولة من المفترض أن تكون عظمى بسياساتها وسلوكها لكنه ذهب يغرد عكس توجه جميع قادة العالم في تبني خيار العقل والحكمة تجاه الازمة السورية بحيث بدى من خلال اجتماع فيينا توجه مختلف قادة العالم لتعويم الحل السياسي بدون ديكتاتور دمشق ، لكن عنجهية السلوك الروسي راحت تغزل بغير هذا الإتجاه للاسباب ودوافع عديدة وربما حتى شخصية ومرضية يحملها هذا القائد الإفتراضي لدولة بحجم روسيا ،

    سوري يحب من يقف الى جانبه

    ·منذ 8 سنوات 5 أشهر
    اليوم عادت الفرحه الى نفوس السوريين انتصارات في حلب وريفها وفي الساحل وتكللت الانتصارات بتنفيس المنضاد الفارغ اسمه بوتن يتصرف بسوريا وكانها حي من احباء موسكو وطهران دون من يعترض على تصرفات وحشين غريبه واليوم عندما ارادوا ان يمسوا السياده التركيه مجرد مس بتدنيس الحدود جاء الرد الحازم والسريع بضربه قويه على راس القزم بوتن المتعجرف واسقطت الطائره المحمله بالموت عندما حاولت تجاوز الحدود. فلتحرق روسيا بنيران العالم الحر وبوتن المجرم الى الجحيم

    ابو حمد

    ·منذ 8 سنوات 5 أشهر
    لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة اذا جهالم سادوا ..فما بالك اذا عصابة المافيا سادوا......
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات