المنشآت الصناعية والطبية على قائمة الأهداف الروسية بحلب

المنشآت الصناعية والطبية على قائمة الأهداف الروسية بحلب
الحرب الروسية الإيرانية المتأزمة جنوب حلب تزيد من حجم الغارات والخسائر على شكل متوالية حسابية، كلما تعثرت حرب روسيا في منطقة ما في سوريا كلما أوغلت في الدماء السورية أكثر وشهدت عملياتها البربرية عشوائية فاضحة لا يمكن معها للمنظمات الدولية والحقوقية التستر حتماً، آخر مسلسل الفشل الروسي كان في ريف حلب الجنوبي بعد ريفي حمص وحماة وبعض مناطق جنوب إدلب.

 فعلى مدى شهر تقريباً من العمليات العسكرية التي تقودها إيران جنوب حلب  وبمساعدة حشد واسع من الميليشيات الطائفة " عراقية وإيرانية ولبنانية وأفغانية وأخرى تابعة للواء القدس الفلسطيني والدفاع الوطني" لم تحقق النتائج المرجوة على الأرض ولا حتى الهدف القريب المعلن على الأقل وهو الوصول إلى طريق حلب دمشق الدولي، فبعد أن وصلت طلائع الميليشيات الطائفية برعاية إيران براً وروسيا جواً لتسيطر وتحتل بلدتي الحاضر والعيس جنوبي حلب، تنبهت على إثرها فصائل المعارضة في الشمال السوري بشكل عام وبدأت تعد العدة لشن هجمات عكسية تعيد ما خسرته خلال الفترة الماضية أو على الأقل للتصدي ومنع تقدم الميليشيات أكثر باتجاه الطريق الدولي .

وهذا ما أكده عضو المكتب الإعلامي في جيش المجاهدين، عبدالفتاح الحسين، في تصريح خاص لـ"أورينت نت" مشيراً إلى أن المعارضة تمكنت خلال الأسبوع المنصرم الذي تلى التقدم الأخير إلى الحاضر والعيس جنوب حلب من التصدي لقوات النظام وحشد الميليشيات الطائفية المنقادة إيرانياً من خلال غرفة عملياتها في جبل عزان ومعامل الدفاع، كما قتلت المعارضة، وفق الحسين العشرات من مقاتلي الميليشيات الطائفية" العراقية واللبنانية والأفغانية" خلال المعارك التي لم تتوقف إلى الآن جنوب حلب وبالقرب من الطريق الدولي حلب دمشق الذي يعتبر الهدف الأبرز للميليشيات التي تبذل قصارى جهدها للوصول إليه كمرحلة أولى،كل ذلك بحسب الحسين، يتزامن مع مئات الغارات الجوية  التي تنفذها المقاتلات الروسية على أهداف مدنية خدمية " طبية وتعليمية وصناعية " وأخرى تابعة لفصائل المعارضة  جنوب وشمال وغرب حلب.

وتكاد المقاتلات من مختلف الأنواع لا تغادر سماء حلب ريفاً ومدينة، إلا أن النتائج على الأرض من الناحية العسكرية غير مرضية للروس الذين يلقون عشرات القذائف الصاروخية والقنابل العنقودية يومياً،  ما ينعكس سلباً على الأبرياء في المناطق المحررة في ظل انتقام روسي إيراني منظم، وهو ما يزيد من عبثية الغارات الجوية التي لطالما استهدفت المدنيين والخدمات العامة والمرافق الحيوية التي تشغل وتخدم شريحة واسعة من الناس، لم يكتفي الروس في حربهم المقدسة بتدمير المشافي والمخابز والمستوصفات العامة بصواريخ طائراتهم الحربية بل أدخلوا في حربهم نوع أخر من الأسلحة الفتاكة" الصواريخ البالستية " بعيدة المدى التي تنطلق من البوارج البحرية في المتوسط وقزوين شرقاً لتحط رحالها في قرى وبلدات حلب المحررة وتودي بحياة العشرات من الناس، حيث قصفت روسيا نهار الثلاثاء الفائت ، مناطق حلب المحررة بعدة صواريخ بحر – أرض بعيدة المدى، سقطت على أطراف مدينة عندان، وبلدات قبتان و حيان بريف حلب الشمالي، ومواقع وبلدات أخرى بريف حلب الجنوبي وبعض مناطق إدلب ، مخلفة دماراً كبيراً، وقالت مصادر أن انفجارات “ضخمة” هزت الريف الشمالي، صباح اليوم، ناتجة عن سقوط عدة صواريخ بحر - أرض، بالستية بعيدة المدى روسية من السفن الرابضة في بحر قزوين الى الشمال الشرقي من إيران، ما أدى لمقتل مدني، ووقوع عدة إصابات أخرى، وأكدت المصادر الإعلامية أن الصواريخ ذات قوة تدميرية عالية ومعظم المواقع المستهدفة هي مرافق عامة تقدم الخدمات للناس ولا توجد فيها أي نقاط عسكرية تابعة للمعارضة.

استهداف المرافق العامة " خدمية – صحية وتعليمية "

جاءت التأكيدات بأن روسيا وحربها المقدسة في سوريا تطال المدنيين والمرافق العامة طبية وخدمية على لسان إحدى منظمات عالمية حيث قالت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان إن هناك 16 هجوماً على منشآت طبية في سورية في أكتوبر/ تشرين الأول وهو أكبر عدد منذ اندلاع الثورة  السورية قبل نحو خمس سنوات. وألقت المنظمة باللوم على سلاح الجو الروسي في عشرة هجمات على الأقل من تلك الهجمات .

كما وثّق الناشطون السوريون استهداف المدارس في ريف حلب الجنوبي تحديداً من قبل الطائرات الروسية خلال الشهر الماضي ومشفيين اثنين في العيس ففي يوم الإثنين 2/ تشرين الثاني / 2015، قصفت الطائرات الحربية الروسية بالصواريخ بلدة العيس بريف حلب الجنوبي والخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة آنذاك، واستهدفت مشفى البلدة الميداني ما أدى إلى دمار البناء بشكل شبه كامل بالإضافة لمقتل عدد من الكوادر الطبية التي كانت تعمل فيه، في اليوم التالي،  الخميس 15/تشرين الأول / 2015، قصفت الطائرات الحربية الروسية بالصواريخ بلدة الحاضر بريف حلب الجنوبي واستهدفت مشفى البلدة الميداني ما أدى وقوع جرحى بين أفراد الكادر الطبي، إضافة إلى إحداث أضرار جسيمة في بناء المشفى وخروجه عن الخدمة أيضاًوفي نفس اليوم أعادت المقاتلات الروسية الكرة وقصف مشفى العيس للمرة الثانية لتقضي عليه بشكل كامل حيث جاء القصف  يوم الخميس 15/تشرين الأول / 2015.

وذكر ناشطون  في تقرير سابق أن الضربات الروسية تسببت بتدمير 27 مدرسة  وأربع  مشافي و6 مخابز " وكان أخر المخابز المستهدفة في مدينة الأتارب الذي يقدم مادة الخبز ل150 ألف إنسان في المدينة ومحيطها والتي تقع في الريف الغربي لحلب.

من جانبه السيد بوتين كان قلقاً من هذه التقارير التي شكك بصحتها على الرغم من صدورها عن منظمات دولية ولا تعود للمعارضة أو جهات غير حيادية، فبوتين محق في مخاوفه على الأقل أمام المجتمع الدولي الذي كذب عليه وخدعه عندما قال أنه ذاهب إلى سوريا لقتال " داعش " بينما الواقع مختلف تماماً فكل الأهداف التي ضربتها المقاتلات الروسية تابعة للثوار والمناطق المحررة الخاضعة لسيطرتهم والتي فيها مئات الألاف من المدنيين العزل، كما تسببت غارات مقاتلات بوتين الجوية بتهجير 300 ألف مدني عن دياره في ريفي حماة وحلب الجنوبي.

أمام صمود المعارضة  السورية لا يمكن لموسكو وطهران وحليفهما الأٍسد إلا الانتقام من المدنيين ومن مكتسباتهم ومواردهم وممتلكاتهم الخاصة والعامة، ومن المتوقع أن تزيد حدة الهجمات الإرهابية الروسية التي تنفذها الطائرات الحربية في مختلف أرجاء حلب المحررة والتي بدأت مؤخراً بتدمير المنشآت الصناعية وأخرها كان معمل أسيا للأدوية شمال حلب والذي طاله القصف بعدة غارات جوية مؤخراً ما تسبب بنشوب حرائق ضخمة في المعمل الذي يقع في المنطقة الواقعة بين حريتان وكفر حمرة شمال حلب، وهو معمل لصناعة الأدوية والمستحضرات الطبية يعمل فيه مئات العمال السوريين الذي أضحوا بلا عمل ولا مورد رزق الآن.

عضو المكتب الإعلامي في مدينة حريتان، رامي أحمد، أكد في تصريح ل"أورينت نت" أنه فجر يوم السبت 14/تشرين الثاني / 2015، قصفت الطائرات الحربية الروسية بثلاثة صواريخ منطقة آسيا بريف حلب الشمالي والخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، واستهدفت معمل آسيا للصناعات الدوائية ما أدى لاندلاع حرائق كبيرة داخل المعمل نتيجة احتراق كميات ضخمة من المواد الدوائية المخزنة في المستودعات، وأضاف رامي، أن معمل أٍسيا للصناعات الدوائية تبلغ مساحته 30 ألف متر مربع تقريبا، تم بناؤه من عام 1956، ومرخص من وزارة الصحة آنذاك، تعود ملكية المعمل لصاحبه محمد السخني المقيم في فرنسا، قصف المعمل للمرة الاولى خلال الثورة السورية وهو يستوعب  طاقة عمالية تصل إلى 400 عامل،  و فيه بناء ضخم مؤلف من أكثر من 20 صالة، أغلق المعمل عام 2013 ، بعد فرض تنظيم داعش بعض الرسوم على إدارة المعمل ورفضها الدفع، ليعود المعمل للإنتاج عام 2014 بعد خروج داعش من مناطق ريف حلب الشمالي.

لم يكن استهداف معمل أٍسيا الأول من نوعه، حيث سبق وأن  صبت المقاتلات الروسية جام غضبها على المنشآت الصناعية المنتشرة على جانبي طريق حلب - دمشق الدولي، بعد فترة استقرار شهدتها تلك المنشآت، مكنت القائمين عليها من معاودة نشاطهم الصناعي بنسب متفاوتة، حيث  استهدفت المقاتلات الروسية منشأة "الديري" غربي حلب، وهي إحدى أكبر شركات الغزل والنسيج في سوريا، ما أدى لاندلاع حريق في مبنى الشركة ليهدد حياة 600 عامل على الأقل  كانوا متواجدين في الشركة، وأدى إلى فقدان العديد من العاملين، يرجح أنهم صاروا في عداد القتلى، فضلا عن دمار طال المبنى، كما شنت المقاتلات الروسية سلسلة غارات جوية على الشركة الوطنية للصناعات الدوائية، ما نجم عنه خروج الشركة الأولى على المستوى السوري بالنسبة لحيازة شهادات مطابقة معايير الاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية، عن العمل بشكل نهائي.

كذلك كان للشكة الوطنية نصيب من قنابل المقاتلات الروسية، حيث قصفت في تشرين الاول / 2015، معمل الشركة الوطنية للصناعات الدوائية، بأربع غارات متتالية تسببت بدمار جزئي للمعمل، وبالتالي توقفه عن العمل، ويقول أبو محمد ل" أورينت نت "  وهو أحد العمال، أن الطيران الروسي استهدف المعمل مع العلم أنه مدني، ولا يوجد فيه أي مظهر من مظاهر التسليح أو العسكرة، وهو لخدمة جميع الشعب السوري. ويضيف أبو إسماعيل وهو مسؤول في المعمل، أن جميع مكنات الأقسام الإنتاجية تم تدميرها بالإضافة لتلف المواد التي كانت مخزنة في المستودعات. والمعمل الموجود في منطقة خان العسل بريف حلب الغربي، يتبع للشركة الوطنية للصناعة الدوائية (NCPI)، التي تأسست في عام 1989 على يد هيثم آل كمال.

القطاع التعليمي طاله القصف الروسي، أكثر من عشرين مدرسة في ريف حلب الجنوبي تم تدميرها خلال شهر واحد على يد الطائرات الحربية الروسية في كلاً من " عبطين، تل حدية، الحاضر، العيس، تل باجر، القراص، تل ممو، السابقية" وقرى وبلدات أخرى كان أقسى الهجمات في تل حدية حيث كانت المدرسة تأوي نازحين من ريف حلب الجنوبي ما أدى لمقتل عشرين على الأقل بينهم عشرة أطفال.

خلال شهر تقريباً من العمليات العسكرية البرية التي تقودها طهران على الأرض جنوب حلب ومن الجو روسيا، ألقت المقاتلات الروسية قرابة ال1200 صاروخ متفجر على مواقع مدنية وخدمية في حلب وريفها بينها قنابل عنقودية وأخرى فوسفورية، ولعل الرقم يسير إلى حجم الكارثة التي تخلفها الحرب الروسية المستمرة حتى الآن والتي يتوقع لها أن تتصاعد خلال الأيام القادمة نظراً لتصميم المعارضة على التصدي للقوات والميليشيات المهاجمة جنوب حلب .

يبقى الأهم في هذا الإطار مصير مئات الألاف من النازحين السوريين الذين هجرتهم الحرب الروسية المتعثرة أصلاً عن ديارهم من جنوب حلب وشمال حماة وهم اليوم في زيادة مستمرة بعد وصول الحرب الى الحاضر ومحيطها والتي كانت مع بدء العمليات العسكرية وجهة للنازحين الذين عاودوا الكرة وقصدوا قرى وبلدات ريف إدلب، تحديداً مع دخول فصل البرد .

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات