مديرية صحة إدلب.. مستعدون لمواجهة الكوليرا

مديرية صحة إدلب.. مستعدون لمواجهة الكوليرا
من الطبيعي جداً في مناطق الصراع العسكري، والحروب، أن تتفشى الأوبئة، والآفات المرضية، نظراً إلى تردي الأوضاع الصحية، التي تفرضها طبيعة الحرب، وقلة الموارد، وهروب أعداد كبيرة من الكوادر الطبية، التي قد تستهدف من قبل أطراف النزاع المسلح. 

أصبح الوضع في سوريا مطابقاً جداً، لما يحدث عادة في مناطق الصراع، ويعتبر مرض الكوليرا الأكثر شيوعاً في هذه المناطق، لاسيما وأن انتقاله سهل من مناطق إلى أخرى، أو بسبب تردي الخدمات، والنظافة؛ حيث تعتبر الأمراض المسببة للإسهال من أهم أسباب المرضية وازدياد الوفيات حول العالم حتى الآن، وبشكل خاص في المناطق التي لا تتوفر فيها المياه الصالحة للشرب، وشبكات الصرف الصحي، وتعتبر الحروب بشكل عام بيئة خصبة لهذه الأمراض، فهي مسؤولة عن حوالي 1،8 مليون حالة وفاة سنوياً حول العالم، خاصة عند الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات، كما تعدّ الكوليرا إحدى أهم الأمراض المسببة للإسهال، وتحدث عند خمج الأمعاء بجرثومة تدعى "ضمة الكوليرا"، ويمكن أن يصيب هذا المرض الأطفال والبالغين، على حد سواء، ويصل معدّل الوفيات بين الحالات غير المعالجة إلى 30 – 50 % وينخفض إلى 4% في حال تم تطبيق المعالجة المناسبة، بشكل رئيسي الإماهة .

لا إصابات في المناطق المحررة

بعد تحرير شمال سوريا من سيطرة النظام، تحديداً تحرير محافظة إدلب بالكامل، أخذت مديرية صحة إدلب الحرة على عاتقها، إدارة النقاط الطبية في المناطق المحررة، وبدأ الاستنفار بشكل كامل، لمواجهة أي خطر قد يصل إليها؛ يقول الدكتور "منذر خليل" مدير صحة إدلب الحرة  لـ (أورينت نت): "نتيجة الأنباء الواردة من العراق عن حدوث أعداد كبيرة من الوفيات الناجمة عن الكوليرا، ونتيجة غياب الحدود بين البلدين، وسهولة الحركة ، فإنه لابد من إعطاء الموضوع أهمية كبيرة، على الرغم من عدم تسجيل إصابات أو وفيات مؤكدة في سورية حتى الآن، ما عدا الخبر الوحيد، القادم من مدينة حلب، عن حصول وفاة نتيجة الكوليرا، دون وجود تأكيد أو نفي مخبري قطعي" ويضيف الدكتور منذر مؤكداً "على ضوء ذلك، تم تشكيل لجنة لتنسيق العمل، تضم مديريات الصحة، والمنظمات الطبية المعنية بالشأن الصحي ، وذلك لتلافي حصول كم كبير من الإصابات أو الوفيات –لا قدّر الله - في حال وصول الجائحة لسورية".

يؤكد الدكتور "معاوية الأحمد" أحد الأطباء العاملين في النقاط الطبية، داخل مدينة إدلب، أنه لم تصل إصابات بمرض الكوليرا إلى أي نقطة طبية داخل المدينة، مشيراً إلى أنه "من الوارد حصول هذه الأنواع من الأمراض في هذه الفترات" وأنّ المخيمات تعتبر "بيئة خصبة لهذه الآفات المرضية" وأوضح أنّ مياه الشرب والصرف الصحي "هي الأساس في تفشي المرض، أو انعدامه"، ويتابع  "في مدينة إدلب، لم تردنا أي حالة مصابة بمرض الكوليرا" ويشير الدكتور معاوية أنّ "مياه الشرب في مدينة إدلب تخضع للتعقيم من قبل مؤسسة المياه، والمسؤولون عن ضخّ المياه، وبطبيعة الحال، فإنّ وضع الصرف الصحي في المدينة جيد، ولم يتأثر بالغارات التي استهدفت المدينة قبل الهدنة".

 من جهته، يقول المسعف الميداني "حذيفة دهمان"، العامل في المناطق المحررة من مدينة حلب، عن الحالات المرضية في المدينة :"هناك حالات تسمم غذائي، يرافقها إسهالات شديدة، مع حالات تجفاف، وتمّ تقدير الكشف الطبي على أنه اشتباه كوليرا، وحالات تسمم بسبب شرب المياه غير الصالحة للشرب" مؤكداً أن "هذا الحالات هي الأكثر انتشارآ في حلب، ولدينا عيادات مجانية للكشف عن هذه الحالات، والسيطرة عليها إن شاء الله" مضيفاً أنها "هي حالات تبقى في درجة الاشتباه بمرض الكوليرا، ولكن ليست هنالك حالات موثقة، ومعروفة، مصابة بالكوليرا".

رفع الجاهزية للتصدي لأي جائحة محتملة

 

يشير الدكتور "عبد الحكيم رمضان" عضو مكتب الرعاية الصحية في مديرية صحة إدلب، ومسؤول برنامج الكوليرا في المحافظة لـ (أورينت نت) قائلاً "تمت الدعوة من قبل الفعاليات الطبية جميعها في تركيا، وسوريا، إلى تشكيل لجنة تنسيق عمل، تضم المنظمات العاملة في الشأن الصحي، بالتعاون مع مديريات الصحة في كل محافظة، للعمل على إعداد برنامج خاص بالكوليرا، لتلافي حصول جائحة، أو كم من الإصابات، لا يمكن السيطرة عليه، فيما لو حصل" مضيفاً أنه "تمّ تشكيل فريق عمل مركزي لكل محافظة - يقوم حالياَ بالتعاون مع المنظمات الطبية، بوضع خطط لإنشاء مركز، أو عدة مراكز ثابتة، لعلاج الحالات الشديدة وعزلها، إضافة لاقتراح مراكز معالجة مؤقتة، تتوزع على أهم النقاط المتوقع استقبالها للمرضى، تكون للحالات الخفيفة والمتوسطة، بالإضافة لكونها نقطة العلاج والتقييم الأولي" 

ويشير الدكتور "منذر خليل" مدير صحة إدلب الحرة إلى أن الفريق المركزي يتكون من : 

1- قائد الفريق ( طبيب من مديرية الصحة ).

2- طبيب مسؤول ترصد، لتقصي الحالات. 

3- طبيب تدريب، وإعداد كوادر، مهمتها العمل ضمن هذا البرنامج. 

4- مسؤول توعية صحية، يعمل على عقد ندوات، وبرامج توعية صحية .

5- مخبري ميداني، لعمل اختبارات للحالات المشتبه بها .

6- لوجستي إمداد.

"ومن ضمن الاستعدادات التي يعمل عليها برنامج الكوليرا" يقول الدكتور "عبد الحكيم رمضان"، المسؤول عن البرنامج: "وفي فترة سابقة، تمّ طلب مواد دعاية (برشورات)، وكروت، وملصقات تهدف لنشر الثقافة الصحية الصحيحة، وتنوه لخطر الأمراض الناجمة عن ضعفها أو غيابها، كما يتم حالياً وضع برنامج لعقد ندوات، ومحاضرات، بقصد التوعية لمخاطر الأمراض المسببة للإسهال" ويشير إلى أنه هناك دورات، لتدريب الكوادر الطبية العاملة في الداخل السوري" .

ويوضح أن "برنامج التدريب سيشمل الفرق الخاصة بكل محافظة، إضافة لكوادر المنظمات العاملة"، وأنه "سيجري في 18 تشرين الثاني في مدينة غازي عنتاب التركية " مضيفاً " وسيتم خلال التدريب، المقرر في مدينة غازي عنتاب، مناقشة خطة كل محافظة، وتطويرها إن لزم الأمر".

الحالة التي ظهرت في حلب غير مؤكدة

يقول الدكتور (أ - م ) لـ (أورينت نت)، الذي يعمل في إحدى المنظمات الطبية الدولية التي تعمل في الأراضي السورية، والذي فضّل عدم الكشف عن اسمه. 

يقول الدكتور "أ.م ": "ما حصل إلى الآن، هو أن الموضوع بدأ في العراق، بظهور آفة الكوليرا، وهو أمر روتيني، ومعتاد في العراق، منذ عشرات السنين، وكل سنتين أو ثلاثة سنوات تظهر آفة كوليرا، والتي لها موسم معتاد يبدأ في أواخر شهر آب، ويصل للذروة في تشرين الأول والثاني، ثم يبدأ بالانحسار" ويؤكد أن ما قيل عن ظهورها في حلب عبارة عن "افتراضات لم تصل إلى درجة التأكد من خلال كشف مخبري" حيث يقول:" في أواخر شهر أيلول، تم التبليغ في ريف حلب الشرقي، في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش عن طفل عانى من إسهالات شديدة، وإقياءات شديدة ثم توفي، ولم يتسنّ للكوادر أخذ عينات للفحص والتأكد أن سبب الإصابة هو الكوليرا، بسبب العادات المتبعة التي تقضي بتعجيل دفن المتوفى، ولكن تم اعتبار الحالة اشتباه إصابة بالكوليرا(وليس حالة مؤكدة)".

ويضيف الطبيب حول الآليات المتبعة في هذه الحالات: "وعادة بمجرد التبليغ عن اشتباه إصابة بالكوليرا، يتم رفع درجة الجاهزية لدى المنظمات العاملة في المجال الطبي، وكافة الهيئات الصحية" مؤكداً أنه "تم الاتفاق بين المنظمات، وبالتنسيق مع مكتب التنسيق التابع للأمم المتحدة (OCHA) ومنظمة الصحة العالمية، على تشكيل مجموعة عمل، ومتابعة أسموها مجموعة عمل الكوليرا(Cholera Working Group) والتي قامت بشرح الوضع للمانحين الدوليين، الذي استجابوا، ومَولوا دورات تدريبية للكوادر الطبية على كيفية تشكيل فرق، مهمتها التعامل مع حالات الكوليرا، وكيفية عزل المرضى، وعلاجهم، والتبليغ عن وجودهم، وطلب المساعدة من المجموعة، في حال الضرورة" مضيفاً أن " هذه الجهات الدولية، مولت لشراء كيتات جاهزة، تحتوي أدوية، ومستهلكات، ومعدات طبية، وخيم للعزل، مخصصة للتعامل مع مرضى الكوليرا، وتزويد المنشآت الصحية في الداخل، بما يلزمها".

قد يكون من حسنات هذه الشائعات، التي تحدثت عن احتمالات وصول مرض الكوليرا المعدي إلى مناطق الشمال السوري المحرر، هو التأكد من جهوزية الكوادر الطبية التي تعمل في الداخل السوري، وامتحان مدى قدرتها على مواجهة الأمراض والجائحات المرضية، التي قد تصيب المناطق المحررة، خاصة مع فقدان الوسائل المتاحة والطبيعية لإيصال الأدوية، والاحتياجات الطبية، خاصة وأن الجهود السابقة كانت تضع الحالة الميدانية- بسبب القصف اليومي للمناطق المحررة - في الواجهة، وتعتبرها أولوية لدى الجهات العاملة في الشأن الصحي. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات