لماذا يشتم السوريون أدونيس..؟!

لماذا يشتم السوريون أدونيس..؟!

في نهاية اللقاء الذي أجرته  جريدة (الزايت) الألمانيّة مع الشاعر السوري أدونيس، والذي تمت ترجمته في موقع (أنا برس) قبل عدة أيام يسأل الصحفي ضيفه: "كيف ينبغي إذن إصلاح سوريا إذا لم يكن ذلك عن طريق إسقاط الأسد؟" فيجيب أدونيس: "لا بد من انتخابات نزيهة ترعاها الأمم المتحدة، الشعب يقرر من يحكمه، وليس الفلاسفة." 

يستغرب الصحفي الإجابة فيقول: "لكن خُمس هذا الشعب نزح من البلاد."!؟ فيرد أدونيس على السؤال الضمني بالقول: "عندها يجب أن يتم الانتخاب بمن بقي في البلاد."..!

مواقف أدونيس التي عول الكثيرون في العام 2011على أنها ستأتي لصالح ثورة السوريين ضد نظام الاستبداد، صدمت الجميع منذ البداية، حين لم تذهب إلى تبني خطاب الثورة، الذي عبر عنه الثائرون بطريقة سلمية، بل إن تصريحات الرجل مضت نحو نقدها من خلال ظواهر حركتها (قصة خروج الثائرين من الجوامع)، وليس البحث في الأسباب التي تؤدي إلى تعثر خطابها المدني الديموقراطي..! 

أحدٌ ما، حاول  -كما الكثيرين من ناشطي الحراك الثوري- في العام 2011 أن يقرأ موقف أدونيس من خلال سياق ثقافي، يؤكد على استقلالية المثقف، ويبني دوره من خلال وظيفته النقدية، التي تمنحه القدرة والطاقة على قراءة الظواهر من خلال المنهجية التي يريد. دون أن تتم إدانته لمجرد عدم تأييده للثورة في كل ما ذهبت إليه، فصوت أدونيس في ذلك الوقت لم يكن صوتاً مفرداً، بل كان هناك الكثيرون الذين تحدثوا بذات المضامين، ولكن بأشكال أخرى. ومن هؤلاء قوى سياسية لا يمكن أن تتهم بالوقوف مع النظام لمجرد رفضها الشكل الذي ذهبت إليه واقع وحركية الثورة. 

ولكن السؤال الذي تأخذنا إليه حركية الواقع، لا تصورات المثقفين أو الفلاسفة، الذين لا يرغب أدونيس بأن يكون لهم كلمة فيما يحدث، يقول:  كيف يمكن للمثقف أن يستخدم سياقه، وموقعه النقدي، بطريقة نفعية (براغماتية) بهذا الشكل، وبما يجعله يفرض على السوريين شكلاً محدداً لعملية التغيير السياسي؟! فهو يريد منهم أن يغيروا النظام الحاكم من خلال صناديق الاقتراع، وهو يدري حكماً بأن هذه الآلية قد تمت مصادرتها من قبل النظام الذي يرفض أن يتغير، ولا أدل على ذلك من أن رأس النظام قد صرح قبل أيام بأنه يرحب بانتخابات رئاسية مبكرة، وفي الوقت ذاته يصرح أحد أركان النظام بأنه يرفض فكرة (الفترة الانتقالية)..!! 

ولنفترض بأن هذه الانتخابات ستتم برعاية أممية كما يطرح أدونيس، فهل يمكن فعلاً إجراء ذلك والشعب السوري قد بات مشتتاً بين النزوح واللجوء، وبين المناطق المحاصرة، وبين المناطق التي تسيطر عليها داعش وتعيث فيها خراباً، وبين المناطق التي يسومها النظام قمعاً وإرهاباً من خلال قواه الأمنية والميليشيات الطائفية المتحالفة معه؟ 

أدونيس وبضربة سحرية، ومن خلال موقف كان ينتقده قبل جملتين فقط، ومن خلال موقع لا علاقة له بالثقافة وسياقها ولا بالموقف النقدي المستقل للمثقف، يقترح إجراء هذه الانتخابات بمن تبقى في البلد، ويشطب حق ملايين السوريين في أن يختاروا مستقبل بلدهم، وشكل الحكم القادم!!

قبل ثلاث سنوات من الآن كتبت في مكان ما عن ضرورة مناقشة أدونيس، بدلاً من شتمه، وكان يمكن  لفكرة النقاش أن تتركز على القضايا العميقة فعلاً في عملية التغيير المجتمعي، وغير ذلك، ولكن أدونيس ذاته كان يجر خصومه السياسيين إلى عتبات أقل من عتبة النقاش الفكري، فهو يطلق المواقف المستفزة، ليس للمثقفين السوريين والعرب الذين أيدوا الثورة السورية فقط، بل المستفزة أيضاً لعموم الشعب، وبالتأكيد فإن واقع الدم الذي فرضه النظام ورأسه (المنتخب شرعياً بحسب أدونيس) لن يجعل من كلام وأفعال الشاعر المرشح الدائم لجائزة نوبل، كلاماً عادياً يطلقه مثقف له حرية الاختيار في المواقف والخيارات، بل إنه يصبح كلاماً مؤذياً لصورته كمثقف وشاعر، ولهذا فإن الشتائم المقذعة التي يوجهها السوريون له على شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى اتهامه بالخرف، هي استكمال للسياق الذي تفرضه تصريحاته، ولا عجب في الأمر، فالشعب الذي يُقتل من أفراده العشرات والمئات كل يوم، ونزح وهجر خارج أرضه، لن يرى في "المنطق الأدونيسي" المعقم من أي إشارة إلى جرائم الأسد وطغيان نظامه، سوى وقوفاً إلى جانبه..! وحين سيعلم السوريون الذين اضطروا للخروج من سوريا، بأن أدونيس يسلبهم حقهم في تقرير مستقبلها، بالتأكيد لن يكونوا رحماء في التقييم والنقد والسباب، تجاه الرجل العجوز، الذي بات سياقه الذهني مبني على النزق ومناكفة الخصوم، بعد أن أنكر على الثورة المطالب المحقة التي خرجت من أجلها، وأشتغل على تكفيرٍ مضاد لها عبر اتهامها بالأصولية، وصولاً إلى تحميلها مسؤولية الخراب الذي أصاب البلد..! 

ملاحظة غير هامشية: يمكن لنا وبالتوازي مع انكاره على الفلاسفة حقهم في تقرير مصير سوريا، ودعوته للانتخابات بمن بقي في البلد، أن نطلب منه ألا يتدخل بدوره في مصير سوريا، فالشعراء ليسوا أفضل من الفلاسفة حسب المعيار ذاته، ويبقى في النهاية أنه من الضروري التذكير بأن لقاءات فيينا في الاسبوعين الماضيين والتي لم يشارك فيها أي فيلسوف أو شاعر سوري، أقرت وبشكل توافقي الحق الطبيعي الذي سلبه أدونيس من عدد هائل من السوريين، أي حصول انتخابات برعاية أممية، يشارك فيها السوريون أينما كانوا، وأينما حلوا..!  

التعليقات (11)

    أبو القاسم مصياف

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    كيف يمكن لأيّ سوريّ نقاش من أرسل رسالة ببداية الثورة إلى الإرهابي بشار ويصفه فيها " بالرئيس المُنتَخَبْ "؟؟!! تفوّق أدونيس بالتشبيح على الكثير من أقرانه! والنكتة أنّه يُراهن على انتخابات بمن تبقى " ومؤكد أنه يعتبرهم الشعب المختار!! " ليبقى حكم الولد إلى الأبد! هذا يسمى الثابت الغير مُتحوِلْ! جبهة صمود وتصدي للإمبرلالا وعاللالا! يلعن روحك يا حافظ!

    عدنان

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    أدونيس ليس مخرفاً ولا مجنوناً الرجل منسجم مع نفسه عاد إلى فكره الطائفي الذي كان يغطيه بالكلام المعسول فهذه الثورة أزالت قناعه

    محمد

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    نحن نعلم أن أي علوي يحمل أكثر من هوية مدنية بأكثر من اسم ...أضف إلى ذلك أن النظام قد يعطي وثائق هوية لملايين الشيعة و العلويين العراقيين و اللبنانيين و الأتراك ..و قد ينتخبوا على أساسها , فهل فكرة الانتخابات قبل سقوط النظام فكرة منطقية .؟

    خليل الحتي

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    ربما توجّب التذكير ببديهة بدائية مفادها أن لكل طاغية بِلاطيُّوه ومُبَلِّطوه.

    مسعود

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    هذا الرويبضة الطائفي الملقب نفسه أدونيس (من باب الشعوبية والرجوع إلى الجاهلية غير العربية تحديدا) أتفه من أن يناقش موقفه أو ما يسميه أدبه. فهو لا يختلف عن أي عامي نصيري مؤيد لعصابة بشار ولكن بلبوس مثقف ومؤلف. وهو مثال آخر على أن هذه الطائفة بكل شرائحها لا يرجى منها أي خير أو يقظة ضمير. وإذا كان هذا هو موقف من يعد من مثقفيهم فكيف برعاعهم . وهو مصداق للقول المأثور: العلم يزيد الكريم خيرا ويزيد اللئيم شرا.

    أبو نضال

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    لا تشغلوا بالكم بتفنيد موقف أدونيس، انه ببساطة علوي ووقف مع طائفته منذ البداية. لم يخرج اطلاقا عن طائفيته ولم تؤثر ثقافته على تخطيها. ما زال يؤمن بأن طائفته هي الحصن الحصين له ولأمثاله لأنهم في الحقيقة لا يشعرون بالانتماء لهذا الوطن. ان مكونات المجتمع السوري الأخرى هي عدوة لهم. كما أن حكم حزب البعث أثرى التشرزم المجتمعي الاثني الطائفي المذهبي وأكثر من ذلك التشرزم المناطقي وهو ابن هذه التشرزمات جميعا.

    سوري

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    ستنتصر الطائفة السنية على جميع الطوائف بالحرب وستفوز بانتخابات ديمقراطية على جميع الطوائف . لانها الاكثرية

    محمود حسن

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    لو لم يعقم آراءه من نقد عنف وجرائم النظام .ربما كان لموقف السوريين رأيآ آخر في مقولاته تجاه (الثورة ) ولنقده لها ..وتعقيبآ آخر على مصادرته لحق بعض السوريين في الأنتخاب .فهل أعطى هذا الحق لنفسه وهو القاطن خارج حدود البلد ؟

    free lebanese

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    من هو ادونيس و ما محله في الاعراب؟ مجرد خائن لغة و خائن شعب، فقد قيمته عندما فقد اخلاقه و ضميره، كتب الكثير و اصبح ما كتب حبراً على ورق لا قيمة له و الورق من اكثر الصابرين، الكلام عن ادونيس لم يعد يستاهل الحبر الذي يُخط به

    [email protected]

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    ادونيس كما فاتح جاموس طبع غلب التطبع

    عربي سوري

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    اريد ان اتساءل فقط لماذا تنظرون الى ان الاكراد اكثرية في الجزيرة مع ان المكون العربي لوحده يشكل 60٪من سكان الجزيرة بالاظافة الى الاشوريين والشيشان والشراكس....وغيرهم
11

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات