بين الشيخ مقصود ومطار كويرس

بين الشيخ مقصود ومطار كويرس
أقل من أربعة وعشرين ساعة كانت كافية لتأكيد التوقعات التي رشحت انهيار اتفاق (حي الشيخ مقصود) الأخير، بين الثوار وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، حيث تم وصف هذه الاتفاقية بـ(الهشة).

المعركة المتوقعة في أي وقت بين الطرفين، والتي كادت أن تقع أكثر من عشرة مرات خلال العامين والنصف التي أعقبت طرد قوات النظام من هذا الحي ذي الغالبية السكانية الكردية، وتقاسمهما السيطرة عليه، يبدو أنها باتت حتمية إلا إذا حصلت معجزة.

والمعجزة الوحيدة الممكنة هنا، هي تخلي الحزب الكردي عن فكرة السيطرة على مدينة جرابلس شمال شرقي حلب، حيث تتحضر القوات الكردية، وبضوء أخضر أمريكي للهجوم على المدينة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، وهو أمر إن حصل (العدول عن هذه الفكرة)، فيمكن أن ينعكس بشكل إيجابي على ملف حي الشيخ مقصود، وإعادة هذا الملف إلى درج الخلافات المزمنة المؤجلة.

الربط بين هذين الملفين لا يأتي من البوابة التركية وحدها، والتي يتهمها الجانب الكردي بتحريض الفصائل عليه لإشغاله عن هذه المعركة، حتى وإن ذكّر الـ(PYD) هذه الفصائل بأنه يقاتل هناك خصمهما المشترك (تنظيم الدولة)، فالتخوف من نجاح وحدات الحماية الكردية بربط مقاطعة عين العرب-كوباني بمقاطعة عفرين، من خلال بوابة جرابلس، هو عامل مشترك بين الفصائل وتركيا، وعرقلة هذه الخطوة مصلحة مشتركة للطرفين بالقدر نفسه.

لكن الحزب الكردي المنتشي بجرعة غير مسبوقة هذه المرة من الدعم والتأييد الأمريكي لمعركة جرابلس، بعد إعلان واشنطن فشل برنامج تدريب المعارضة لقتال تنظيم الدولة، يتصرف بطريقة تؤكد أنه يمكن أن يضحي بحي الشيخ مقصود، مقابل متابعة التقدم في مناطق سيطرة التنظيم، التي تشكل المرحلة ما قبل الأخيرة من التحقيق الجغرافي لإقليم (غرب كوردستان).

غير أنه إذا ما تمكنت تركيا والفصائل التي تشاركها المخاوف بهذا الشأن من عرقلة إتمام المشروع الكردي، على الأقل في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار في الريفين الشمالي والغربي، والتي يجب أن تمر بها القوات الكردية إذا ما أرادت في النهاية تحقيق حلمها، فما الذي بأمكانها فعله لمواجهة خطط النظام المنتشي بدعم روسي إضافي، للتقدم في ريف حلب الشرقي الذي يسيطر عليه تنظيم الدولة أيضاً، وفك الحصار عن مطار كويرس، الأمر الذي يفتح الطريق أمامها -إذا ما نجحت- نحو مدن دير حافر والباب وبزاعة ومنبج.. ؟!

تطور آخر لا تتمناه تركيا ولا الثوار، رغم كل خصومتهم مع تنظيم الدولة، خاصة وأن هذه المدن كانت جزء من مشروع المنطقة الآمنة الذي حاولت أنقرة تنفيذه، لكنها فشلت بسبب الرفض الأمريكي الحاسم له، والذي ينتقل اليوم من (الرفض) إلى العمل على تقويضه إذا ما صحت فعلاً المعلومات عن معركة جرابلس.

ويبدو أن الروس دخلوا في سباق تقويض المشروع التركي نهائياً، إذا ما صحت أيضاً التوقعات حول دعمها لقوات النظام في معركة فك الحصار عن مطار كويرس، وهو الأمر الذي تريد منه موسكو كذلك، إثبات نظريتها للعالم بأن الحل هو بدعم جيش الأسد، من خلال تكرار تجربة التحالف الدولي مع القوات الكردية، التي حققت بالاعتماد على الضربات الجوية لطيران التحالف، نجاحات متكررة على حساب تنظيم الدولة في الشمال الشرقي، عبر تقديم دعم جوي مماثل لقوات النظام، وهي خطوة عملية تريد روسيا من خلالها كما يبدو، منع تعويم أي بديل للنظام، حتى لو كان حزب صديقها (صالح المسلم).

إلا أن التفاؤل الذي يمكن أن يبديه الروس، والتفاؤل الأكبر الذي يمكن أن يستشعره مؤيدو النظام بخلاص أبنائهم المحاصرين في مطار كويرس، يواجهه صعوبات يعرفها الروس جيداً، وفي مقدمتها، يقينهم بأن سلاحهم الجوي لا يمكن أن يقارن بذلك المتوفر لدى قوات التحالف، وكذلك الحالة المتدهورة لقوات النظام، مقابل تماسك تنظيم الدولة وعدم تأثره بدرجة كبيرة بالضربات الجوية لقوات التحالف.

عملياً، وإذا ما كان لوحدات الحماية الكردية وقوات التحالف، تجارب ناجحة يمكن أن تشجعهم على المضي قدماً في المرحلة التالية، فإن الروس سيدخلون –إذا ما فعلوا- دون تجربة سابقة، خاصة وأن قوات النظام ستكون في أول معركة هجومية لها بمواجهة تنظيم الدولة .. أما بالنسبة لتركيا وفصائل الشمال، فإن أي نتيجة لن تكون بصالحهم على أي حال.

التعليقات (1)

    أذن كل روسي في أي مكان مستهدف

    ·منذ 8 سنوات 7 أشهر
    أذن فكل روسي علي وجهة الارض هدف رئيسي للمسلمين وحلال قتلة لآنة من الارهابيين الخنازير المرتزقة الروس ويجب تطهير الارض منهم الي الابد. ألا يعي الروس أنة كمين نصب لهم حتي تكون الضربة القاضية والقاسية التي لن تنهض بعون الله منها دويلة الخنازير الي قيام الساعة باذن الله. وعد علينا لننقل الحرب لروس في كل مكان وليس سوريا وروسيا فقط!!!!!
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات