الاتفاق النووي...الانتصار الإلهي الأخير

الاتفاق النووي...الانتصار الإلهي الأخير
حسب الإعلام الممانع حقّقت إيران من خلال الاتّفاق النووي إنتصارا آخرا في سلسلة انتصاراتها المتواصلة على الشياطين الكبرى والصغرى، مع إختلاف هذه المرّة أنّ بعض الأطراف الّذين كانوا يفنّدون الإدّعاءات الإيرانيّة بالنصر في السابق يظهرون اليوم عدم إرتياحهم من هذا الإتّفاق مما إنعكس بجو من الترقّب للإنعكاسات المترتّبة على هذا الإتّفاق.

في البداية لا خلاف على أنّ إيران لم تذهب إلى هذه المفاوضات إلّا مرغمة بفعل تردّي وضعها الإقتصادي الّذي لم يعد بالإمكان تحمّله مع إنعكاسات ذلك على الشعب ممّا يهدّد استقرار النظام السياسي كاملا. كما أنّنا عندما نجري موازنة بين طرفيّ المفاوضات نجد أنّه لا مجال للمقارنة نهائيّا بين الطرفين ولا بأيّ مجال، فالناتج القومي لإيران 338 بليون دولار بينما في تركيّا البلد الجار، والمساوي تقريبا بالمساحة وعدد السكّان، الناتج القومي 1000 بليون دولار. متوسّط دخل الفرد في إيران 4000 دولار و في تركيّا 10600 دولار . 90% من الصادرات الإيرانيّة مواد خام مثل كل العالم المتخلّف . 20% من السكّان بإيران تحت خط الفقر، وخهناك من يقول أن النسبة الحقيقيّة أعلى من ذلك. "قبل 10 سنوات كانتا تركيّا وإيران متساويتان بالناتج المحلّي و متوسّط الدخل !!". فكيف إذا أجرينا المقارنة مع الدول الغنيّة المشاركة بالمفاوضات؟!

من الناحية العسكريّة كشف العرض العسكري الإيراني الأخير التزييف والخداع الّذي يقوم بها الإعلام عن حقيقة مستوى التسليح الإيراني بالإضافة لهزائم قاسم سليماني في كل الجبهات من سوريا للعراق وإنتهاءا باليمن. مع ميزان القوى هذا كيف يمكن أن يأتي الانتصار؟!

لنستعرض بعض بنود الاتفاق: تخفّض أجهزة الطرد المركزي للثلث , نسبة التخصيب 3.76%, يخفّض المخزون من 10000كغ إلى 300 كغ, عدم إستخدام منشأة فودرو إلى أن تتحول إلى منشأة سلمية لاحقا, تخضع كلّ المواقع المشتبهة للتفتيش ،حتّى العسكريّة. أي سيتم تنفيذ كل ما طالب به الغربيّون منذ عشر سنوات! يتم رفع العقوبات تدريجيّا مع تنفيذ الإتّفاق بعكس ما صرّح مرارا خامنئي. فأي نصر هذا؟!

ماهي ردود الأفعال على هذا الاّتفاق؟!

- في الداخل الإيراني: كل الّذين شاركوا في الاحتفالات داخل إيران والّذين إستقبلوا الوفد المفاوض بالمطار هم شباب الثورة الخضراء "سنة 2009" أقليّة من الإصلاحيّين في الواجهة وخلفهم أغلبيّة معارضة من ناحية الجوهر لدولة ولاية الفقيه. بينما تراوحت مواقف المحافظين والحرس الثوري من التشكيك إلى الرفض المعلن. وقد إعتبر بعضهم أنّ بعض بنود الاتّفاق مفرطة ومهينة. ولكنّ موقف خامنئي الموافق على التسوية أحرج كل التيّار المحافظ فهو ليس زعيما سياسيّا عاديّا إنّه الولي الفقيه شخصيّا. - أمّا نتانياهو فسبب رفضه للإتّفاق هو أنّ إسرائيل،الّتي تعلم جيّدا حقيقة الوضع الداخلي الإيراني، ترى أنّه بالإمكان تحقيق اتّفاق أفضل من هذا وكان (نتنياهو) يفضّل إتّفاقا شبيها بالكيماوي السوري "تدمير كل المنشأت وإتلاف كامل المخزون" بينما كان الرأي الغربي أنّ الطاقة النوويّة للأغراض السلميّة مسموحة قانونا, كما أنّ نتانياهو هدف من خلال معارضة الإتّفاق إبتزاز الإدارة الأمريكيّة بإمتيازات و مساعدات نتيجة توقيع الاتّفاق.

- رفض الجمهوريّين في الولايات المتحدة له علاقة بمعارضة الإدارة الحاليّة والتودّد للوبي اليهودي قبل الانتخابات الأمريكيّة، خصوصا أنّ (إيباك) أكبر مجموعات الضغط اليهودية أيدت موقف (نتنياهو) برفضه للاتفاق.

- الدول العربيّة كانت تودّ أن يتم التطرّق بسياق المفاوضات للسلوك الإيراني في المنطقة، وأن لا تقتصر الشروط على الموضوع النووي فقط.!

هناك تساؤل مشروع، هل تستطيع إيران التحايل على الإتّفاق و القيام بنشاطات سرّية ؟, هذا غير متوقّع و السبب أنّ للمخابرات الأمريكيّة والإسرائيليّة مصادر واسعة للمعلومات من الداخل الإيراني نتيجة علاقات تاريخيّة قديمة أوّلا وثانيا نتيجة رفض أغلبيّة الشعب الإيراني للنظام السياسي الحاكم فالمعارضة الإيرانيّة هي الّتي كشفت عام 2002 وجود البرنامج النووي الإيراني.

ما هي انعكاسات الاتّفاق على إيران؟!

ستبدأ فورا زيارات الوزراء الغربيّين لإيران لتحرّي إمكانيّة عودة نشاط المؤسّسات التجاريّة ويتأمّل الإيرانيّون ذلك لتجاوز أزمتهم الإقتصاديّة، لكنّ لهذا الإنفتاح ثمن إجتماعي وثقافي وسياسي باهظ، فمثلا سيصبح إستمرار عمليّات إعدام العشرات يوميّا أكثر صعوبة وكذلك سلوك الحرس الثوري والتضييق على سلوك و ملابس الطلاب والنساء أو إستخدام القوّة ضدّ الإحتجاجات, أي أنّ دخول المنظمات الدوليّة هو بالحقيقة خيار غير مستحبّ لكل الديكتاتوريّات بالعالم لكنه ثمن دخول الإستثمارات وبقاءها.

و هنا نأتي إلى أهم نقطة يتم عبرها مهاجمة الإتّفاق و هي تحرير المبالغ المجمّدة لإيران و الّتي تقدّر بين 100و 150 مليار دولار , ستتم إعادة هذه الأموال تدريجيّا حسب إلتزام إيران بالإتّفاق , يشكّل هذا المبلغ 25- 35% من الناتج السنوي لإيران، أي ليس بهذه الضخامة , كما أنّ الحاجات الملحّة لإيران هائلة حيث لا يوجد لديها بنية تحتيّة بكل المجالات، كما أنّها تحتاج بشكل سريع لقطع غيار لطائراتها المدنيّة و منشأتها البتروليّة و كل مرافقها الإقتصاديّة بالإضافة للمبالغ الإسعافيّة اللازمة لمعالجة من هم دون خط الفقر و البطالة ..أي بإختصار هذا المبلغ لا يغيّر شيئا من الحاجات الكبيرة للدولة الإيرانيّة والّتي لولاها لما كانت أرغمت على هذا الإتّفاق . كما أنّ رفع إنتاجها من النفط سيؤدّي لإستمرار هبوط أسعاره الّتي ستبتلع زيادة الإنتاج أي لن نرى هذا الفرق الّذي يتحدّث عنه المتشائمون.

هناك نقطة أخيرة هامة, ما هو العمر الإفتراضي المتوقّع لنظام ولاية الفقيه بإيران؟ يدرك كل المتابعين لهذا الشأن أنّ هذا النظام هو خارج العصر وأنّ الوضع بإنتظار أي شرارة في ظروف مناسبة لإنهياره : ثورة خضراء جديدة أو إحتجاجات لأسباب إقتصاديّة أو حركات تمرّد بالمناطق غير الفارسيّة (50% من إيران) أو غيرها، و لكنّ هذا العمر الإفتراضي لا يمكن أن يصل إلى 10-15 سنة وهي مدّة الإتّفاق وهذا بالحقيقة سبب الإصرار الغربي على نزع أسلحة الدمار الشامل من المناطق المهدّدة بعدم الإستقرار حتّى لا تقع هذه الأسلحة بالأيادي الخاطئة. النووي الإيراني، كالكيماوي السوري.

هذا هو الإتّفاق النووي لا يوجد بنود سريّة كما يصرّ من تربّى على نظريّة المؤامرة. كما أنّ هذا الإنتصار الإلهي يتميّز عن الإنتصارات السابقة بأنّه سيكون أول خطوة إستراتيجيّة للقضاء على دولة ولاية الفقيه.

التعليقات (1)

    Bani Hashim

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    Dr. Emad's title is eye catching and sarcastic But it is shallow and propagandistic The readers expect more in-depth analyses from writers who carry the doctorate before their names Sure the writer did not pass his article through a peer review It does not benefit him for a career promotion, as its benefit for me was zilch
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات