الضريبة المتصاعدة التي يدفعها حزب الله جراء الحرب على سورية!

الضريبة المتصاعدة التي يدفعها حزب الله جراء الحرب على سورية!

أورينت نت | ترجمة: نور مارتيني

في وقت يأخذ حزب الله على عاتقه مهمة القتال من أجل الحفاظ على نظام الأسد، يتصاعد عدد قتلى الحزب، كما تتزايد مخاطر سقوطه في الشرك.

يعاني حزب الله وهو الميليشيا اللبنانية المدعومة إيرانياً، من تصاعد عدد قتلاه على أرض المعارك في الجارة سوريا، الأمر الذي يتسبّب في تزايد احتمالات تورّط أهم وكلاء إيران في المستنقع السوري أكثر فأكثر.

ومع تزايد الأعباء التي يتحمّلها حزب الله جرّاء الدفاع عن نظام بشار الأسد في سوريا، تواجه الميليشيا اللبنانية مخاطر إجهاد ذاتها، ومحو معالم الصورة التي رسمتها لنفسها بدقة وعناية كقوة لا تهزم، بحسب كبار المسؤولين في الولايات المتحدة والشرق الأوسط.

تتصدّى الوحدات التابعة لحزب الله ، لمهمة قتال كتائب المعارضة المسلحة في سوريا، فيما تلعب وحدات الجيش السوري المتهالك دوراً ثانوياً. ومع أن ميليشيا حزب الله تتكتم بشكل كبير على تحرّكاتها فوق الأراضي السورية، إلا أن المسؤولين الأجانب والمحللين الغربيين، يعتقدون بأنّه بين 6000 إلى 8000 مقاتل، من أهم مقاتلي الحزب وأشرسهم، متواجدون على الأراضي السورية.

كما يرفض حزب الله مناقشة موضوع خسائره في سوريا، ولكن الأرقام التي يجري الحديث عنها، لقتلاه واقعية جداً، وفي تزايد مستمر. يقدّر المسؤولون والمحللون الغربيون خسائر حزب الله في سوريا بين 700 إلى 1000 مقاتل، ممن قتلوا أو أصيبوا في المعارك، منذ أن انخرط حزب الله بشكل كامل في الصراع الدائر على الأرض السورية، عام 2013، وهي خسارة فادحة بالنسبة له.، حيث أنّه قد تصل أرقام خسائر الحزب في سوريا سريعاً إلى ذات الخسائر التي تكبّدها بين عامي 1985 و2000 في حربه مع إسرائيل، في جنوب لبنان، والتي قتل فيها 1248 مقاتلاً من مقاتلي حزب الله، وجرح فيها 1000 على الأقل.

يصرح أحد مسؤولي جهاز الاستخبارات الأمريكي لصحيفة فورين بوليسي، قائلاً: "مما لاشك فيه أن الصراع في سوريا سينهك حزب الله" معتمداً على تقييمات العديد من المسؤولين عن ملف الشرق الأوسط.

ولكن المسؤولين الذين تحدّثوا في الموضوع، رفضوا الإفصاح عن أسمائهم، قائلين بأن حزب الله ما زال يشكل قوة لا يستهان بها، حيث أنه نجح في تشكيل ترسانة هائلة من الأسلحة في لبنان، تقدّر ب 40 ألف صاروخ وقذيفة، بينها صواريخ مضادة للسفن، وصواريخ سكود، بالإضافة إلى الطائرات الاستطلاعية.

ويتابع المسؤول، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، تصريحه حول خبرات الميليشيا من خلال الصراعات والحروب السابقة و"الدعم المستمر من قبل طهران، والذي يسلط الضوء على قدرتها على تحمّل مختلف الظروف".

وأن طهران سريعاً ما تتمكن من الحصول على التمويل والأسلحة، التي تنقلها بدورها لحزب الله. فيما إذا تمكنت القوى العظمى وإيران من التوصّل إلى اتفاقية حول برنامجها النووي، وهو موضوع النزاع بين الطرفين، فإن طهران ستتخلص من العقوبات الاقتصادية، الأمر الذي سيريحها من الناحية الاقتصادية، ويجعلها أكثر قدرة على تمويل الحرب في سوريا، حسب بعض المحللين.

كما أن طهران ستتمكن من الحفاظ على مبلغ الدعم الذي مقداره 6 مليارات دولار، والذي ترسله سنوياً للأسد، وقد تتمكّن من زيادته.

ولكن لم يتضح حتى اللحظة فيما إذا كان المفاوضات الماراتونية التي جرت يوم الخميس، قادرة على الإيصال إلى اتفاقية نهائية. ففي الاستراحة بين جولات المفاوضات في فيينا، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بأن القضايا الأكثر إلحاحاً ما تزال عالقة، وأنّ القرارات الصعبة لابدّ من تحديات لاتخاذها.

حيث قال: "بطريقة أو بأخرى، يجب اتخاذ هذا النوع من القرارات".

حتى الآن، جنازات قتلى حزب الله في سوريا، هي أمر اعتيادي بالنسبة للناس، كما أن الصحف المحلية تنشر في بعض الأحيان نعوات لمن تسميهم "شهداء" الحزب، الذين سقطوا في الحرب.، حيث قام أحد المواقع الإكترونية المؤيدة للحزب بنشر نعي للقيادي جميل حسين فقيه، والذي ذكرت التقارير أنه قتل وهو يقود أحد الفصائل التابعة لحزب الله، في معركة جرت قرب إدلب.

ومع هذا فإن الخسائر المتزايدة لا تعني بالضرورة ضربة قاضية للميليشيا، ولكنها تلفت النظر إلى التكلفة الباهظة التي تتكبّدها، جرّاء حملتها المفتوحة، من أجل دعم نظام تتفاقم خسائره على أرضه بشكل تدريجي.

يقول المسؤول الأمريكي: " نظراً لخسائر الأسد المتزايدة، فإنه من غير المستغرب أن يلتجئ حزب الله إلى هجمات عدوانية أكبر، خاصة لوقف تقدّم قوات المعارضة المسلحة، حول المدن أو المناطق الرئيسية بالنسبة له".

وكان حزب الله قد أرسل استشاريين في البداية، لمساعدة الجيش السوري بعد اندلاع الصراع، منذ أربعة سنوات، ولكن في حزيران من عام 2013، قام الحزب لأول مرة بنشر قواته، والتي أثبتت مقدرتها على حسم المعركة، واستعادة السيطرة على مدينة القصير، القريبة من الحدود اللبنانية.

في بادئ الأمر، تمركزت الوحدات التابعة لحزب الله على طول الحدود اللبنانية – السورية، إلا أنّ عملياتها اليوم تشمل بقعة أكثر اتساعاً بكثير، بما فيها مناطق في الشمال الغربي، في محافظتي حلب وإدلب، ودرعا في الجنوب، حتى أنها متواجدة في وسط سوريا وشرقها، بحسب بعض المحللين.

يقول كريستوفر كوزاك، وهو محلل سياسي وباحث متخصص في شؤون حزب الله، والذي يعمل في معهد دراسات الحرب:: "لقد تبين أن حزب الله قد شرد في مواقع عدّة، بعيدا جداً عن الحدود اللبنانية".

حيث صوّر حزب الله لأتباعه، حربه في سوريا على أنّها معركة حياة أو موت، للدفاع عن مواقع تحصّن الحزب في لبنان، والمصمّمة لمنع الثوار من الطائفة السنية من شنّ هجمات عليهم، في عقر دارهم.

لقد أشاد قادة الميليشيا بما اعتبرو "المعارك الناجحة في جبال القلمون"، خلال الشهرين الماضيين، على امتداد الحدود مع سوريا، حيث صرّح نواف الموسوي، نائب الأمين العام لحزب الله لمجلة فورين بوليسي خلال شهر حزيران: " نحن نقتل الإرهابيين، ونحمي القرى والحدود اللبنانية في هذه المناطق، من ذات الإرهابيين الذين يرتكبون المجازر في العراق وسوريا".

إلا أن نتائج المعارك تتباين، في مناطق الاشتباك، بعيداً عن القلمون، حيث نجحت جبهة النصرة بالمشاركة مع فصائل أخرى من المعارضة المسلحة، في صدّ هجوم بقيادة حزب الله، في كلٍّ من إدلب، درعا، وعلى مقربة من حلب، كما ذكر بعض الناشطين والمحللين السياسيين.

ففي شهر شباط، حاول عناصر حزب الله تطهير إحدى المناطق في محافظة حلب الشمالية، من فصائل المعارضة المسلحة التي حاصرت قريتين شيعيتين فيها، إلا أن العملية – التي كان يشرف عليها قادة من الحرس الثوري الإيراني- انتهت بهزيمة حزب الله، بحسب فراس أبو علي، وهو باحث ومحلل في مركز IHS، لأبحاث الجماعات الخطيرة على البلدان، ومركزه لندن.

حيث قال "أبو علي" : "لقد كان الهجوم فاشلاً بجميع المقاييس".، فيما يعتقد "سيث جونز" وهو استشاري سابق للجيش الأمريكي، ويعمل حالياً مع مركز "راند كورب"، أن "النظام وحلفاؤه، بما فيهم حزب الله، قد خسروا على الأرض في مناطق بالغة الأهمية، وقد منيت قواتهم بخسائر فادحة بالفعل".

أما وأنه ما من نهاية للحرب في الأفق المنظور، وفي ظلّ الهجوم الكاسح الذي يتعرّض له نظام الأسد، على عدّة جبهات، فإنّ حزب الله ورعاته الإيرانيين، واقعون في ورطة حقيقية، جرّاء الصراع في سوريا، خاصة في ظل محاولاتهم لبسط هيمنتهم عبر حوض المتوسط.

يشار إلى أن سوريا، كانت تمثل لفترة طويلة معبراً لتسليم الأسلحة القادمة من إيران، بالنسبة لحزب الله، وأداة لتلميعه، وتقديم "عمق استراتيجي" له، ضدّ العدوّ إسرائيل، الذي يسيطر على الجانب الآخر من القوس الذي يشكّل حدوده.

غير أن الميليشيا الشيعية وجدت نفسها مضطرة للموازنة بين حاجتها لمنع استيلاء السنة القادمين من سوريا على أراض جديدة، وبين إبقاء الوضع على ما هو عليه، في الصراع على المناطق المتواجدة جنوب لبنان مع إسرائيل، والذي تتواجد فيه قوات مهيأة أصلاً لهذا الصراع.

في الوقت ذاته تغامر القيادة الإيرانية، معتمدة على فكرة أنها قد تخرج منتصرة في الحرب داخل سوريا،حيث تحافظ على مساعداتها العسكرية، واسعة النطاق، للميليشيات الشيعية في العراق، وتبقي على دعمها لبقية الفرق، بما فيها حماس في المناطق الفلسطينية، والحوثيين في اليمن

يقول كوزاك: "أعتقد أن التخوّف من تغير موازين المعركة، يشكّل قضية هامة بالنسبة لحزب الله".

تحاول ميليشيا "حزب الله" متابعة غاياتها العسكرية، ببطء في سوريا، أملاً في تجنب المزيد من الخسائر غير الضرورية، في ميدان المعارك، بحسب كوزاك، الذي يتابع قائلاً: "بمثل هذا السير المنهجي، الذي تتبعه ميليشيا حزب الله، فقد تبيّنت أنها لا تستطيع التوجّه بسرعة صاروخية، وأن تحرق نفسها خارج البلاد".

لقد كانت معارك الميليشيا في الشهر الحالي، تتركّز في محيط الزبداني، المدخل إلى معقله في الجنوب اللبناني، لتكون بمثابة الحصن إلى حدٍّ ما، في حال سقط الأسد، كما ذكر بروس ريدل، وهو مسؤول سابق في CIA، والذي أدّى خدمته في منطقة الشرق الأوسط.

إنّ فقدان بلدة الزبداني الحدودية، سيكون بمثابة هزيمة كارثية للميليشيا، نظراً لأنّ البلدة تقع على طريق حيوي، يربط بين المناطق التي يسيطر عليها حزب الله، وبين سوريا. في الماضي كانت الزبداني تشكّل محوراً لوجستياً لنقل الأسلحة الإيرانية إلى ميليشيا حزب الله.

في الوقت ذاته، تجد إيران- التي تدعم حزب الله كما تدعم فصائل شيعية أخرى- نفسها وقد ضاعفت ضريبة مغامرتها في الرّهان على النظام السوري، ومن انتشار شحنات الأسلحة، الذخائر الحربية، فضلاً عن المستلزمات الأخرى.

فضلاً عن ذلك، فقد قامت طهران بتجنيد استشاريين من الحرس الثوري الإيراني، أقرب ما يكونون إلى قادة الصف الأول، وذكرت التقارير أن بعضهم قد قاد عمليات عسكرية بالفعل، بدلاً عن ضباط الجيش السوري، كما ذكر بعض المحللين.

لقد أشار كوزاك إلى أن طهران تواجه خيارات محرجة: فإما أن تمضي في استخدام حزب الله كدرع لحماية الأسد، على الرغم من خسارات الأخير المتلاحقة، أو أن تقطع جميع صلاتها بحليفها الأهم في العالم العربي، لتحافظ على نفوذ حزب الله في لبنان، وللتأكّد من بقائه على أهبة الاستعداد للصراع المستقبلي المحتمل مع إسرائيل.حيث قال كوزاك: "إنهم ماضون في طريق من النوع شديد الخطورة، ولكنه في نفس الوقت كبير الفائدة حتى هذه اللحظة، فإذا وصلوا إلى المرحلة التي يلفظ فيها نظام الأسد أنفاسه الأخيرة، حينها ستجد إيران نفسها أمام قرار كبير ينبغي اتخاذه".

التعليقات (5)

    نهاد

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    عدد قتلى الحزب في سوريا يفوق أربعة آلاف قتيل هذا غير آلاف أخرى من الأسرى و المفقودين و المصابين بعاهات مستديمة و إعاقات دائمة و امراض نفسية و لكن كاتب التقريرفي فورين بوليسي يحاول إنكار أن الحزب فقد على ايدي ( الفصائل السنية ) في 3 أعوام أكثر مما فقده على يد الإسرائيليين في 15 سنة

    مصطفى

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    جيش الاسلام وين .

    محمد

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    لن تتأثر لحاضنة الشعبية لهؤلاء القتلة إلا بإذاقتهم ما نتجرع من قصف, يجب قصف خزاناتهم البشرية في الساحل و حمص و دمشق و داخل لبنان في الضاحية و البقاع, كيييف ما بعرف, بس هي أحد عوامل إعادة التوازن العسكري بالإضافة إلى الردع الجوي و مضاد الدبابات.

    ابوداعس عالقرداحه

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    نقول لكلاب زميره فوتوموتو يااحلوه يابطه

    قل الحق

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    انها مؤامرة بين الغرب ودول الخليج وايران واسرائيل لسحق التطلعات المشروعة لشعوب منطقتنا في الديموقراطية والحرية. هذه التطلعات ستهدد العائلات المالكة في الخليج واسرائيل ومصالح الغرب وبالطبع الأطماع الفارسية لإيران. فلا تتوقعوا ان ما يواجهه الشعب السوري لوحده أمراً سهلاً او ان الصراع سينتهي غداً. فقد جاؤوا يلبسون اقنعة الأصدقاء والأعداء. لكن الشعب السوري هو المنتصر. لكن بعد نبذ النزعات الدينية والطائفية منه. والإلتزام بالوطن والمواطن فقط. وعدم الوثوق بأي من الجهات السياسية ، انما من الشعوب.
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات