الحماصنة يحنون إلى مساجد مدينتهم في الشهر الكريم ويوّثقون دمارها!

يطل شهر رمضان الكريم، فتتألق مظاهر الإيمان في القلوب، وتتوثق العلاقة بين المسجد وجيرانه ومرتاديه. وفي حمص التي كانت تزهو بمساجدها كما معظم المدن السورية، تبدو المرارة عنوان النظرة إلى مئات المسجد التي هجرت وأغلقت في وجه المصلين بعد أن دمرتها قوات الأسد.

وقد أفرزت الثورة السورية خلال الأعوام الأخيرة الفائتة نشاطا لافتا للعديد من السوريين على وسائل التواصل الإجتماعي وبخاصة الفيسبوك ، ولكن مايثير الإنتباه هنا برأي متابعين هو المنحى التوثيقي التخصصي الأقرب للأكاديمي الذي انتهجته بعض من صفحات الفيسبوك التي لم تكتفِ بعرض مالديها من صور لمجرد العرض بل جعلت من عملها التوثيقي مادة أرشيفية من شأنها أن تشكل مستقبلا ركيزة هامة من ركائز البحث العلمي لدراسة الحالة المعمارية لمساجد حمص قبل أن يدمرها نظام الأسد ووانتهاء بوضعها المأساوي الراهن كما هو الحال في باقي أحياء حمص المدمرة ، حسبما يقول ل” أورينت نت ” - زهير الحمصي الباحث في تاريخ العمارة العربية الإسلامية والمشرف على صفحة ”مساجد مدينة حمص ” التي تجاوز عدد المعجبين بها الـ 4000 متابع..

س: هل تقتصر عملية التوثيق لديكم على الصور فقط ؟

- نحن نوثق كل ما يتعلق بمساجد مدينة حمص من صور ووثائق قديمة وحديثة وخرائط ومساقط هندسية مدنية ومعمارية ، هذا بالإضافة إلى رصد كل مايقع بين أيدينا من تحقيقيات ومقالات وفيديوهات أنتجها الناشطون الثوريون أو الصحفيون والإعلاميون العرب والأجانب ، وسواء مانشرته الصحافة الورقية و الإعلام المرئي والمسموع و المواقع الألكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي.

س: لماذا مساجد مدينة حمص حصرا دون ريفها ؟!

- تعتبر محافظة حمص الأكبر في سوريا وهي شاسعة ولتحقيق أرشفة لمساجدها كاملة فنحن بحاجة دون شك لفريق عمل متكامل يضم متطوعين مهتمين من جميع مناطق المحافظة وهذا مانتمناه في المستقبل القريب .

س: هل تعتبرون ما تقوم به صفحتكم هو استشراف نحو المستقبل ؟

- لا أخفيكم سرا أن طموحنا نحن المهتمون بهذا المجال هو تحويل هذه الصفحة مستقبلا لمركز بحوث متخصص في شؤون عمارة المساجد وهذا العمل يحتاج دون شك لإمكانيات كبيرة مادية وتقنية تضم كوادر مؤهلة أكاديميا وعلميا بهذا الشأن وتعشق روح الأصالة في العمارة العربية الإسلامية، ولأننا بدأنا بخطوات نراها بدائية إلى حد ما حتى الآن فنحن نقوم بمخاطبة الباحثين من اجل انجاز عملنا الأرشيفي من خلال تزويدهم لنا بما لديهم من أبحاث ودراسات تخص مساجد حمص القديمة التي يبلغ تعدادها حوالي أربعين مسجدا تعود إلى فترات زمنية مختلفة كالأيوبية والمملوكية والعثمانية ، ولعل أقدمها هو المسجد الأموي النوري الكبير الذي بناه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك ولاتزال أجزاء من العمارة الأموية لهذا المسجد العريق باقية إلى الآن هذا على الرغم من تعرضه لأضرار بالغة نتيجة قصفه بشكل متكرر من قوات الأسد التي كانت تتمركز آلياتها الثقيلة عند الساعة القديمة..!؟

س: بصورة إجمالية ماذا عن مدى حجم الدمار الذي لحق بمساجد حمص؟!

- أنه ليس بالإمكان حصر حجم الأضرار التي لحقت بمساجد مدينة حمص التي يبلغ تعدادها بحسب قوله حوالي 800 مسجد دون الإطلاع عليها على أرض الواقع، فهناك أضرار بالغة أصابت أكثر من خمسين بالمئة من هذه المساجد، بيد أن نسبة الضرر تتفاوت بين مساجد وآخر، إلا أن الأضرار كانت كبيرة للغاية خاصة للمساجد الأثرية التي يصعب ترميمها كون المخططات الفنية التي تتعلق بها فقدت من محفوظات وخزائن مديريتي أوقاف وآثار حمص بسبب إحراق شبيحة النظام لها كون المبنيين الحكوميين المذكورين كانا يخضعان لسيطرتها..! فضلا عن أن عمليات الترميم التي ستجري مستقبلا تتطلب أموالا طائلة وخبرات فنية مؤهلة، ويستطرد ” الحمصي ” الكثيرون ربما لايعرفون أن تشييد مسجد حديث قد يكلف مبلغا ماليا أقل من ترميم مسجد أثري..!؟

ويلفت ” الحمصي ” إلى أن أول مئذنة يتجرأ النظام على قصفها بعد قيام الثورة كانت مئذنة جامع الزعفران الواقع في حي الصفصافة بحمص القديمة ، كان ذلك في عام 2011 عبر إمطار المئذنة بقذائف احدى الدبابات المتمركزة على سطح قلعة حمص كون المسجد يقابل القلعة تماما من جهة الشرق ، ويقع بمحاذة مسار السور الجنوبي ” الإفتراضي ” للمدينة القديمة والغاية من قصف النظام للمئذنة هي وأد الثورة في بدايتها ولأن المساجد كانت حينئذ منطلقا للمظاهرات المطالبة بالحرية وبإسقاط النظام ، مع التنويه هنا أن الثورة لم تكن مسلحة وكان الحراك الثوري مايزال سلميا..!!