الأولى: سب وإنكار كل رمز وطني (العلم، الثورة، شهداء الثورة، تلفزيون أورينت)!
الثانية: التمسك بالسلطة المطلقة للنصيريين دون باقي الشعب السوري، الذين يعتبروهم عبيداً(!؟) والتهديد بالانفصال دون ذلك، حين قال حسين: "سيكون لي هوية أخرى فيما لو نجحت الثورة"!
الثالثة: العنجهية المفرطة والتعالي لدرجة المرض واستخدام السب بأقظع الألفاظ السوقية: حيث قال: "أنا الثورة وأنتم سفلة...الائتلاف من جاء إلي ولم أذهب لهم... مستخدما أسلوب الشتم حتى للذات الإلهية؟!
يعرف من يتابع تصريحات وكتابات كثير من أبناء الطائفة النصيرية أنه بصعوبة بالغة تجد من يخرج عن هذه السمات الثلاثة عندهم! وطالما وعى السوريون هذه الحالة، لكنهم أصرّوا أن يشيحوا بوجههم عنها، الى أن حصدنا المأساة الكاملة، بحجة الرغبة بالتعايش، دون الاستناد إلى الشرائع الدولية الحضارية!
لا يوجد تاريخ مشترك بين السوريين والنصيريين!
بالنسبة للسمة الأولى: يعطي الشعب السوري عموما احتراما وتقديرا لدور الشخصيات العربية الأولى الفاتحة لبلاد الشام، عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد ومعاوية بن أبي سفيان... نابعاً عن قيمة دورهم أكثر منه قيمتهم كرموز دينية، راجع ما كتبه عنهم مثلا كتاب مسيحيون من الشوام بداية القرن العشرين، حيث اعتبروهم رجال دولة وسياسة وعسكر. لكن هذه الشخصيات هدف لعن وسب مُرّكز عند النصيرية! قد نفهم الجانب الديني المدسوس عند بعض فرق الشيعة، لكن ما الذي فعلته هذه الشخصيات للنصيرية والتي هي حركة باطنية متأخرة بقرون على تلك الشخصيات؟! هذا الأمر لا يسري فقط على تلك الشخصيات التاريخية، فبنفس حالة التقدير حظيت شخصيات كصلاح الدين الأيوبي والمظفر قطز والظاهر بيبرس، عند السوريين، كرجال دولة وسياسة وحرب وقادة حرروا بلاد الشام وما جاورها من غزو التتار والغزو الصليبي، الذي أدانته أمم الأرض بما فيها الأمم الأوروبية الحديثة، في حين نالت تلك الشخصيات أيضا نصيبا كبيرا من السب واللعن عند النصيرية!؟
في التاريخ السوري الحديث يحترم السوريون شخصيات سورية، منها إبراهيم هنانو وحسن الخراط وسلطان الأطرش والدكتور عبد الرحمن الشهبندر وشكري القوتلي وحكمت الحراكي ورشدي الكيخيا وسعد الله الجابري وهاشم الأتاسي، وصولا إلى رجل الأعمال السياسي خالد العظم وكل من ساهموا بالتحرر وصناعة الاستقلال في العصر الحديث، وساهموا في خلق الدولة السورية المدنية الديمقراطية المنتجة الحديثة، مع ذلك فإن العقلية النصيرية تنظر لهم باحتقار وكره شديدين حيث وصفوهم في أدبياتهم بالجهلة والمتخلفين والرجعيين العملاء، ولا يزالون يعاقبون أحفادهم الى اللحظة لأنهم يحملون كنيتهم! علما أن معظم هؤلاء من خريجي الجامعات الأووربية العريقة، وجميعهم ساهموا بتحرر سوريا من الاحتلال الفرنسي، ورفعوا سوريا إلى مصاف الدول الأوروبية اقتصاديا وثقافيا، في حين أن النصيريين آنذاك لم يك قد غادروا جبالهم بعد!؟
في حالة معاكسة ينظر السوريون، لا بل والعالم أجمع الى تيمورلنك الغازي التتري صاحب المجازر وحرائق المدن ومدمر الحضارة السورية، كمجرم همجي، لكن النصيريين يعتبرونه سيدهم المقدس، راجع كتب الكاتب النصيري غالب الطويل، وصفه: "سيدي تيمور"!؟
كذلك اعتبر السوريون في بداية القرن العشرين أن الحركة الصهيونية حركة عنصرية توسيعية، في حين اعتبر قادة ووجهاء وممثلو النصيرية الموقعون على الوثيقة التي قدموها للمندوب السامي الفرنسي، أن الحركة الصهيونية حركة مسالمة تسعى لتطوير المنطقة من الجهل ويجب دعمها في مشروعها لاستيطان فلسطين وتهجير أهلها، لا بل وطالبوا الاحتلال الفرنسي بالوثيقة نفسها بضرب كل من يقاومها، وأن المقاومين للمشروع الصهيوني من أهل بلاد الشام همج متطرفون كارهون للحضارة وللآخر وللتعايش الديني!؟
مثال حيّ آخر، مع بداية الثورة اعتبر السوريون أن نظام أسد بكل مايمثله نظام مجرم، لأنه يرتكب مجازر استنكرها العالم أجمع، مجزرة الكيماوي، وآلاف غيرها يوميا، كما يعتبر السوريون أن مقرات الأمن يجب نسفها عن بكرة أبيها لما لها من دور إجرامي، مثالا: تسرب عنها 55 ألف صورة لضحايا ماتوا تحت التعذيب يندى لها جبين البشرية! في حين يراها النصيريون مراكز وطنية وينظرون إلى ضحاياها على أنهم مجرمون إرهابيون بما فيهم الأطفال! تابعوا تلفزيون أسد ووسائل إعلامه، وكتابات نبيل صالح وحسن م يوسف وأبي حسن وأدونيس وغيرهم وصولا الى "المعارضين" منهم فاتح جاموس ولؤي حسين ومنى غانم!
إذا هناك مشكلة حقيقية وهي أنه ليس لدى النصيريين تاريخ مشترك مع الشعب السوري، لا بل يعكسونه تماما! فقتلة الشعب السوري عند النصيرية هم محررون يستحقون التقديس، ورجالات الشعب السوري من المحررين والساسة والاقتصاديين بناة سوريا وبلاد الشام ينظر لهم النصيريون على أنهم مجرمون وعملاء وهمج!؟
بموضوع شهية السلطة المطلقة والشعب السوري مجرد عبيد فقط، والتهديد بالانفصال إن خالف السوريون رغبتهم، وكذلك العنجهية حتى بالإجرام وليس بالكلام، لا أعتقد أنه يحتاج الى كثير أمثلة، يكفي مثال الوثيقة الفرنسية ذاتها، والتي كشف عنها السفير الفرنسي في اجتماع الأمم المتحدة قبل ثلاث سنوات، وما يفعله النصيريون من تدمير لسوريا والمنطقة برمتها لأجل شهوة الحكم! أما مثال استخدام الألفاظ النابية، تقريبا ليس هناك كاتب وسياسي منهم إلا ويستخدم الألفاظ المنحطة في كتاباته وأحاديثه، كأبناء الطلقاء، أولاد الزنا، سفلة، عرصات، نكاح، صرماية، بوط... وجميعها لم تتواجد في ثقافة الخطابة السورية قبل وصول النصيريين إلى السلطة!
أعتقد أن أزمة الشعب السوري مع النصيرية أعمق مما ينظر لها حاليا!؟ فكيف سنقبل الحياة مع مجموعة بشرية تربي أجيالها على الحقد والقتل والنظر إلى المجموعات البشرية التي يتقاسمون معهم الحياة على أرض واحدة بدونية لحد الإعدام بدم بارد، فمثلا عند النصيرية السنة حمير، والمسيحيون خنازير، وباقي المجموعات الإنسانية الأخرى قرود؟! وشعوب المنطقة المحيطة بنا جمال إلخ... وجميعهم حيوانات لا بشر يجب قتلهم ونحرهم، وطبقوها فعلا وليس فقط معتقدا وفكرا، تسربت فيديوهات حرق أطفال أحياء والاستمتاع برائحة شوائهم! ليس هناك أمّة من أمم الأرض تقبل بهكذا جيران وتتعايش مع هكذا تربية!
في سوريا الجديدة يجب الكشف عن العقائد الباطنية وإصلاحها
في سوريا الجديدة يجب الكشف عن العقائد الباطنية، وعلى الشعب السوري بنخبه ومؤسساته أن يطالب بالكشف عنها وإصلاحها، بما يتناسب مع طبيعة الرسالة الإنسانية للأديان، وبما لا يتعارض مع شريعة حقوق الإنسان. وأن يشرف بنفسه على التعليم والتربية والمعتقدات، ولا يقبل أي تربية تقوم على احتقار أو إلغاء الآخر. من غير المعقول في القرن الواحد والعشرين أن تكون هناك عقائد باطنية مخفية، وخصوصاً أن أصحابها حكاماً، لذلك أعتقد أنه لو لم يكن فيها ما يتعارض مع شريعة حقوق الإنسان من تصنيف للبشر بدونية وعنصرية، ودعوة إلى قتل الآخر، لما أخفوها.
لقد أشعل النصيريون حربا أهلية جرت الويلات على عموم الشعب السوري، بسب التكوين الديني والتربوي للنصيريين. (تذكروا أن مسيرات خرجت في طرطوس، وعلى أتوستراد المزة بدمشق، في اليوم الأول للثورة، أكد المراقبون أن المشاركين بها عموما من الطائفة النصيرية، رفعت شعاراً غريباً آنذاك: "بشار عالعيادة وماهر عالقيادة"، إنه تهديد مبطن من الطائفة لبشار أسد إن لم يقد الحرب الطائفية فهناك بديل عنه نصيري وأسدي أيضا! وهم أول من أسس ميليشيات القتل الطائفية، وحتى قبل الثورة بعدة أسابيع، (بعد سقوط زين العابدين بن علي وزعت جهات نصيرية السلاح الفردي على كل نصيري قادر على حمل السلاح، ولم يك السوريون بعد قد انتبهوا إلى الثورة التونسية). هذه الحرب الأهلية تحرق سوريا وتدمي وتهجر شعبها، لذلك من حقنا أن نخاف على مستقبل الجيل السوري القادم، ونجنبه ما نحن فيه حاليا، فلا أظن أننا كسوريين على استعداد لأن نخوض حرباً أهلية كل 20 عاما!
التعليقات (43)