تحالف دعم الحرب والاحتلال في العراق وسورية

* أورينت نت | ترجمة: عبد القادر عبداللي

لا يمكن عدم الانتباه إلى أن مناهضة الحرب والاحتلال فقدت كثيراً من قيمتها. يبدو أن مثقفي وفناني وأكاديمي وسياسي نهج اليسار الاشتراكي والليبرالي والقومي التركي والكردي غير مبالين بالمجازر اليومية التي أصبحت عملاً روتينياً في العراق وسورية، والاحتلال المتعمق تدريجياً هناك.

كأنه ليس هناك أي بلية سوى جلسات الإجرام، التي حولتها داعش إلى استعراض احترافي بكل معنى الكلمة. كأنه لم تُكتشف بربرية غير بربرية تحطيم الأعمال الأثرية القديمة في المتاحف. ومن الواضح أن التصرف وكأنه لا يوجد في هذه الجغرافية مأساة غير مأساة تشريد الأكراد والأزيديين يخدم جبهة عريضة.

يكفي ألا تُصاب المتاحف بالقنابل

فيديو تحطيم التماثيل في المتحف بالمهدات على يد عناصر (داعش)، تسببت بغضب كبير جداً في المجتمعات الحداثية. العدوان المأساوي على القطع الأثرية النادرة في المتاحف لاقى اهتماماً يزيد مليون ضعف عن الاهتمام بدم المسلمين المراق على مدى سنوات طويلة. لم تحظ عملية النهب والتهجير الشاملة التي بدأها الحلفاء الغربيون بقيادة الولايات المتحدة على المناطق السنية عبر القصف الجوي والصواريخ لدعم المتطرفين الشيعة وإيران بشعبية شبيهة بتلك الشعبية.

تُقدَّم المآسي والأحزان والفقر والخسائر وكل شيء وفق القيم الغربية والدكتاتوريات المحلية، وحساباتها الاستراتيجية. على سبيل المثال، قدم مراد أوزَر في "حق سوز خبر" مقالة بعنوان "من أزال الآثار التاريخية ومكتبات العراق؟" عرض فيها التسلسل الزمني لنهب ثروة العراق التاريخية.

الصورة التي تشكلها القوى المسيطرة للعراق وسورية (على الرغم من شدة إيلامها) تغطي على الواقع، وتستخف به، وتجعله في النهاية غير مرئي. الأداء الذي تعرضه داعش يقدم دعماً لا يقدر بثمن بسعي القوات المستعمرة لثبيت النظامين الديكتاتوريين في سورية والعراق.

كأن هناك اتفاقاً على عدم اعتبار القوات الإيرانية ومنها حزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية المجموعة من المنطقة كلها وتقاتل الشعب السوري مع نظام الأسد/ البعث "قوات أجنبية" أو "قوات احتلال". يتضمن المشهد العراقي لوحة أسوأ بكثير. بينما تقصف طائرات الولايات المتحدة وحلفاؤها المنطقة السنية كلها وعلى رأسها الموصل، تأخذ القوات الإيرانية بكل ما أوتيت من إمكانيات عسكرية على عاتقها مهمة الاحتلال. الجيش والوحدات العسكرية الحاكمة في العراق كله، وليس في الموصل وصلاح الدين والأنبار فقط وحتى في بغداد هي تابعة لإيران وليس للعراق.

‘خبير عسكري نخبوي’ إذاً!

بحسب وكالة الصحافة الفرنسية فإن الهجوم على تكريت الذي يسبق عملية سقوط الموصل يُعد لها ثلاثون ألف جندي. ولكن ليس هناك أي وجود لما يُسمى الجيش العراقي. يقود الجبهة التي يتم التنسيق فيها بين الولايات المتحدة في الجو وإيران في البر قائد جيش القدس قاسم سليماني. تقرأ وكالة الصحافة الفرنسية وبقية الوكالات الغربية الأخبار على طريقة وكالة فارس، وتقدمها لجمهورها كما تقدمها وكالة فارس.

لا أحد منها يعتبر جيش القدس والميليشيات الشيعية المتطوعة/ المرتزقة الممثلة للاحتلال الإيراني الفاضح أو قاسم سليماني في العراق أو سورية أمراً ليس طبيعياً. لا تجد الأخبار التي تمتدح موهبة سليماني بالتنسيق والعمليات ودهائه العسكري التكتيكي والاستراتيجي حيزاً ولو بسيطاً لجانبه المحتل والمرتكب للمجازر. ونتيجة هذا التجاهل الواعي جعل إيران تسيطر تماماً على العراق وسورية بالمعنيين السياسي والعسكري.

تغلغلت إيران عميقاً تحت ستارة زوار المقامات وحماتها، ودخلت بعمليات عسكرية علنية وسرية، وتم كل هذا بتنسيق كبير بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها. تصطدم إيران مع السعودية وتركيا من أجل إحكام سيطرتها على سورية والعراق. أحالت الولايات المتحدة عملية الهجوم البري الذي لا تريد أن تخوضه للجيش الإيراني والقوات الميليشية الشيعية وجزئياً إلى البشمركة الكردية.

هذا يلخص كيفية العودة إلى تحقيق مبادئ "الثورة الإسلامية" بدعم من روسيا في سورية، وبدعم من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في العراق. وهذا بالضبط ما يسمونه: "انهيار السياسة التركية في المنطقة، وانتصار الدبلوماسية العجمية/ الفارسية". موضة الوقت الراهن هو "نعم للاحتلال الإمبريالي للعراق وسورية". ولكن هذه الموضة لا تناسب بغداد أو دمشق، وعلينا التنبيه لهذا الأمر!