عندما نتحدث عن حل سياسي بين طرفين، هذا يعني فيما يعنيه، تقاسم السلبيات والايجابيات التي يمكن أن تترتب على أي حل سياسي. المشكلة في بعض المعارضة أنها تدرك وتدرك جيدا، أن الاسدية هي امتناع عن السياسة. مع ذلك نجدها لا تكل ولا تمل في الحديث عن حل سياسي. آخر نغماته حوار سوري سوري على ارض موسكو!- حيث دعت إليها وزارة الخارجية الروسية. مضمونها يقوم على إنجاز خطوتين متضايفتين: تتجسد الأولى في جمع المعارضة بكل أطيافها وتوجهاتها، أُطراً ومنظمات وشخصيات، من دون أحكام مسبقة، ليتحاور الجميع معاً للوصول إلى قواسم مشتركة بخصوص آفاق وملامح الحل السياسي. بعد ذلك، تأتي الخطوة التالية عبر تنظيم حوار بين المعارضة والنظام، للوصول إلى توافقات في شأن الحل السياسي الممكن-. سندخل في صلب الموضوع هل تقبل الاسدية بتقاسم السلطة فعليا مع هذه المعارضة؟ اقصد نفسها المعارضة التي تدعو لحل سياسي معها، وهنا اقصد هيئة التنسيق وتيار بناء الدولة وبعض الائتلافيين السابقين والحاليين!!
لو كان في نية الاسدية أو أنها تقبل بحل سياسي مع هؤلاء لقامت به اول درعا عندما هاجمت التظاهرات بالسلاح أو آخر حمص عندما دمرتها بالرصاص والدبابات بعد تظاهرة ساحة الساعة كحد اقصى. رغم ذلك بعد خبرة للمعارضة المحدثة والقديمة عمرها اربع سنوات، من أن الاسدية هي امتناع عن السياسة وحقوق الاخرين، إلا بقوة السلاح أو بقوة قرار دولي او بموقف أمريكي أخلاقي وحقيقي. لايزال هنالك من يتحدث عن امكانية حل سياسي مع الاسدية. سؤالان طريفان لكنهما جوهريين في هذا السياق: هل يقبل ماهر الاسد التخلي عن قيادة الحرس الجمهوري، الذي هو ميليشياه الخاصة كما نعرف جميعا ومزرعته بالآن معا؟ نجل علي عبد الله صالح نموذجا، وتغطيته الان للحوثيين. لم نتحدث هنا عن راس السلطة ، نتحدث عن شقيقه. هل يقبل آل مخلوف التخلي عن إمبراطورية الفساد التي بنوها؟
عن أي حل سياسي يتحدث هؤلاء؟ الطرافة في الموضوع، أنهم يعرفون ذلك وهم يدبجون مباردراتهم لتلتقي مع المبادرة الروسية في كل مرة يتحرك فيها الروس. كما انهم يعرفون أنه لا حل سياسي إلا بفرضه امريكيا. واوباما مشغول بوضع ادارته التي اصبحت شبه مشلولة. وهي لا تريد غير ذلك اساسا، ان تبدو مشلولة إلى حين تقرر تجاه الوضع في سورية. أو مشغولة بداعش آخر اختراعاتها وابداعاتها. كلما طرحت مبادرة اسها يكون بنسيان الجريمة الاصلية وهي الاسدية وما قامت وتقوم به. تمرين ما تبقى من المعارضة على نسيان ضحايانا ومدننا وقرانا التي دمرت، ولاجئينا بالملايين يعانون الامرين. يعتادوا على نغمة أن الاسد طرف سياسي يمكن الوصول إلى تفاهم معه.
لم يعد الأسد مجرما. هذا فحوى ما يريده الروس والايرانيين. هم يريدون تمرير الجريمة كما مررت من قبل جريمة تدمير مدينة حماة في ثمانينيات القرن الماضي، حيث دفن الوف الضحايا ايام الاسد الاب ومررتها امريكا آنذاك. يريدون ذلك حتى يجدوا فرصة مع امريكا لاعادة تاهيله وفقا لصيغة ما توافق عليها امريكا. حتى ذلك الحين يريدون تعويد الناس على تقبل هذا الامر. هذا جانب والجانب الآخر محاولة اظهاره انه يمكن ان يقبل بحل سياسي. مع ان الجميع يعرف أن الاسدية منذ ولادتها الجريمة في سورية، عين على تل ابيب والاخرى على واشنطن. لا الروس ولا ايران ولا الحكومة المصرية قادرون على فرض أي نوع من انواع الحل السياسي حتى لو كان مقبولا من صالح مسلم وقدري جميل!! فكيف به الحال مع هيئة التنسيق ومن ثم الائتلاف!! هنالك من يقول طيب ما العمل ازاء هذا الوضع؟ كيف يمكننا الخروج من هذا الوضع؟ لا يمكن الخروج من هذا الوضع بروسيا وايران. ابحثوا عن حل آخر. الملفت في الموضوع هنا أن مبادرة هيئة التنسيق التي تحدث عنها السيد حسن عبد العظيم، قد رفعت السقف هذه المرة وهذه قضية جيدة. لكن من يحكم هذا السقف وعلى أية ارضية يتحرك، ومن هي القوى التي ستفرضها على الاسد؟ يعتقدون ربما موسكو أو طهران. مع أن الابراهيمي قال لهم موسكو لا تستطيع فرض شيئ على الاسد. الشيخ معاذ الخطيب ليس لديه استراتيجية واضحة، لهذا لم نناقش اطروحاته هنا. في النهاية لا تكونوا جزء من بروبغندا دولية تتزعمها روسيا من اجي نسيان الجريمة الاسدية وتمريرها امريكيا لاحقا أن امكنها ذلك.
* كنت منذ بداية الثورة في الشهر الثاني كتبت مقالا عن الخيار الاسرائيلي وهو إما الاسد أو تعفين الوضع في تكرارية دموية يدفع شعبنا ودفع شعبنا ثمنها. لهذا التزمين بلغة اخرى يجعل المستجدات مرتبطة بمن ساهم فعليا في تعفين الوضع وهي ادارة اوباما..
التعليقات (4)