الأسدية لا تشبه إلا نفسها

الشعب الذي قدم كل شيئ ممكن من أجل نيل حريته من عائلة تبين انها رضعت الخيانة وعدم الانتماء للوطن بأي قيمة من القيم. الخيانة ليست هي العلاقة مع اسرائيل. الخيانة ليست العلاقة مع الامبريالية!! الخيانة تتجلى في أبشع صورة عند آل الاسد. هي باختصار التعامل مع شعب بلد من المفترض أن هذه العائلة تنتمي إليه، كعدو دائم ووحيد في عالمها المتغول فسادا ونهبا وقتلا وطائفية. لهذا نجد منذ الأسد الاب، تدمير اي مدينة أمرا عاديا جدا، قتل شعبها وتهجيره أيضا أمرا أكثر من عادي. حماة ولبنان.

المهم في الموضوع القصر الذي تتمحور حياة الطاغية حوله وفيه، لا يتحرك منه إلا في الامر الجلل!! مساحته هي تلك التي يصدر فيها الاوامر بالنهب والفساد والقتل، وتشتيت المجتمع طائفيا. لدرجة أن الاب لم يكن يغادر القصر إلا حرجا. الابن كذلك واخيه يعيشان في جحور، لايستطيعان التنقل بحرية داخل دمشق حتى، لا يستطيعان مغادرة البلد والسفر إلا إلى طهران وروسيا، مع ذلك يخافان المغادرة سويا، خوفا من حاشيتهم العسكرية والامنية أكثر من خوفهم من شعب سورية!! لأنهما يعرفان من هي هذه الحاشية. هي تشبههم مثلهم ومثل أبيهم.

منذ أربع سنوات يحكمان البلد من جحريهما. لا يستطيعان التنفس خارج هذا الجو المشحون بالاوامرية والتسلط والتمتع باموال النهب داخل هذا الحيز، الذي اسمه القصر. القصر هنا نوع من السلطة لم يشهد التاريخ مثيلا له. وصلت امور هذا الحاكم بالخيانة، أنه اذا خرج لجامع قريب من قصره في دمشق ليؤدي طقس ما وكأنه احتل واشنطن عند مريديه!! أي سلطة هذه؟ رئيس مطلوب للمحاكمة ومرفوض استقباله من أكثر من 90% من دول العالم وشعوبها. الحديث هنا عن بنية هذه الخيانة الداخلية. من داخل هذا الحيز ينظر للجميع إما عبيدا او اعداء. لامكان للسياسة لامكان للتعامل مع الناس بشكل طبيعي. الديكتاتور يعيش داخل سلطته، ما بالنا عندما يكون الديكتاتور مجرما؟ تصبح سلطته ايضا مكان للاختباء من العدالة، لهذا تزيد وحشيته واجرامه. تزيد السرية والاوامرية اللاقانونية أكثر مما تحتمله هذه السلطة احيانا. تزيد مخاوفه كلما شعر أنه يفقد اوراقه التي يخون بها مصالح شعبه، لمصلحة آخرين سواء كانت اسرائيل أو امريكا أو طهران أو روسيا. كلهم زبائن خيانة. هذا الوضع يحتاج دوما إلى استنفار وتجييش مزيد من قوى المخابرات، التي لاهوية لها سوى قتل أعداء الخائن.

الخيانة كما قلت هي كيف يتعامل الحاكم مع المحكوم، هنا جوهر الخيانة وليس العمالة او التعامل مع هذه الدولة أو تلك، وإن كانت خيانة في بعض الاحيان. كل هذا يتطلب مزيدا من اللاقانون، مزيدا من السرية في عمل سلطته، مزيدا من شريعة الغاب، انها العودة لعصر البربرية. كثيرة هي الدراسات والبحوث التي اعدها سوريون وغير سوريين في قراءة هذه السلطة الاستثنائية، لكنها بقيت محاولات لاتلامس جوهر القضية في الواقع، لأنها تستند على مسبقات سواء كانت معرفية أو ايديولوجية، مسبقات تحاول تأطير واقع هذه السلطة داخلها، وليس انتاج المعرفة جراء دراسة هذه السلطة، دون اللجوء إلى التمسك الحرفي بهذه المسبقات. اعطونا مثالا واحد حاكم فرد يحكم جمهورية بالحديد والنار يتمتع بمثل هذه المواصفات: علماني النظرية-بعث- طائفي التطبيق، يتحدث عن الوحدة الوطنية وهو من اقلية طائفية جيشها من أجل سلطته، حتى تحولت بمعظمها إلى اسيرة هذا الجحر، الذي يرسل لها رشاويه منه، كي تستمر في قتل أبناء بلدها.

المثال الكوري لا يشبه الحالة هنا لأن عائلة كيم ايل سونغ مؤسس هذه الديكتاتورية الجريمة، ليست من أقلية طائفية، ولا يحرض المجتمع الكوري طائفيا على بعضه. من المفترض بعث عربي لكنه يتحالف مع مشروع فارسي. الجيش الكوري لا يميز بين كوري وآخر إلا بالولاء. لكن الجيش الاسدي يميز بالطائفة والولاء حسب كل حالة!! جمهورية اضحت جملوكية مع التوريث هنا نشبه المثال الكوري. يتحدث بعضنا عن أن هذه السلطة تستخدم قانون الطوارئ!! بينما في الواقع هي لا تستند إلى أي نوع من انواع القانون. كما كانت سلطة حسني مبارك في استخدامها لقانون الطوارئ في هذه النقطة لاتشبهها سوى سلطة القذافي. اللاقانون ديدنها. من كان اللاقانون ديدينه لا يمكن أن يتعامل بالسياسة إما ان يصبح قاتلا أو عميلا لمن يحميه.

هذه هي عائلة الاسد وهذه سلطتها. سلطة بنيت على سرقة السياسة من المجتمع كي تسرق ثروته، انبنت على الامتناع السياسي، بأي وهم تاجروا بنا اصحاب الحل السياسي مع هذه السلطة الجريمة؟ كونه الآن سوق المبادرات روسية وايرانية ومصرية وشيخ معاذية.

واهم من يظن أن هذه السلطة يمكن أن تعيد انتاج نفسها وفقا حل سياسي!! فكيف تقبل أن تكون جزء من حل سياسي؟