في يوم ضحايا الاختفاء القسري .. دعونا "نبصق" باتجاه ما!

في يوم ضحايا الاختفاء القسري .. دعونا "نبصق" باتجاه ما!
في تقرير نشرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان قي 30 / 8 / 2014 تزامنا مع اليوم العالمي لضحايا حالات الاختفاء القسري قدرت فيه أعداد المختفين قسرياً فى سجون النظام السورى بـ (85) ألف شخص، ولفتت إلى أنها تقدر عدد المحتجزين في سجون النظام عموما أكثر من (215) ألف شخص و أنها تمتلك قوائم بأكثر من (110) آلاف شخص مازالوا محتجزين حتى الآن لديه.

فيما تحدث مركز توثيق الانتهاكات في سوريا عن أن مايقدر بـ 65ألف سوري قتل تحت التعذيب في سجون الأسد يمكن اعتبارمعظمهم ضمن حالات الاختفاء القسري.

لربما أنه بمجرد قراءة تلك الأرقام المرعبة يكون لزاما على منظمة الأمم المتحدة أن تطفئ أنوارها التي بهتت بفعل رذاذ القهر السوري الذي لم يترك وجها عبر العالم إلا ولطخه وتغلق أبوابها وتعتذر للإنسان عموما أنها وضعت قوانين وحاكت اتفاقيات وألحقتها ببروتوكولات دون أن تستطيع تمثلها وإلزام نفسها بها وكان الهدف منها حماية الإنسان كما قالت ، والدفاع عنه دون تمييز انطلاقا من منطق المساواة بين البشر، و بغض النظر عن العرق واللون والدين والجنسية فيما لم تشر أي من تلك القوانين التي نسجتها خلاصلات عذابات البشر في حقب سابقة والتي دفعت أصحاب تلك الملكات الخاصة من صفوة العقول والقيمييّن إلى استخلاص تلك القيم والقوانين ووضعها كمنهاج أخلاقي وقانوني لحماية الإنسان " القيمة " في العالم أجمع دون أن تشير إلى قضية استثناء " الإنسان السوري " الذي بدا كأنه مستثنى من تلك الفضيلة بشكل خاص.

لايستطيع المتتبع لقضية المختفين قسريا في سوريا أن يضع خطا فاصلا واضحا بين من يسميهم معتقلين وبين من يتم إطلاق صفة مختفين قسريا عليهم فكلا الحالتين سواء بسواء، ففيهما معا يتم اختطاف الشخص دون وجود أي مستندات قضائية ودون أن يعرف الشخص المختطف من هي الجهة التي تختطفه وأين سيذهب وما سيكون مصيره وكذلك تكون معلومات ذوي المعتقل ومحيطه الذي يبدأ بعد تعرض أحد أفراد عائلته للاختفاء القسري أو الاعتقال التعسفي بالبحث عن ذاك الغائب دون جدوى ، الفارق الوحيد الذي يمكن أن يسجل بين الحالتين أن المحظوظ منهما يستطيع بطريقة الصدفة أن يعرف مكان احتجازه والجهة التي تتحتجزه دون السبب أوالتهمة أو درجة الحكم ليتم الانتقال في هذه الحالة من توصيف مختطف قسريا بالنسبة لهم إلى توصيف معتقل وهو بكلا الحالتين مختفٍ قسريا بحسب المعايير التي عرف بها القانون الدولي الاختفاء القسري.

لقد وصف القانون الدولي جريمة الإختفاء القسري بأنها جريمة ضد الإنسانية وقال بأنه عاقد العزم على منع حالات الاختفاء القسري ومكافحة إفلات مرتكبيها من العقاب، وتحدث عن حق الضحايا في العدالة والتعويض و جاء في ديباجة الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي دخلت حيز التنفيذ فى ديسمبر (2010)، ووقعت عليها (93) فيما صادقت عليها (43) دولة فقط لم تكن سوريا من بينهم أنه لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري.

والذي عرفته الاتفاقية بأنه " الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون".

مؤكدات عديدة تدعمها الأحداث والوثائق والصور تشير إلى تورط كبير جدا لنظام بشار الأسد بارتكاب جرائم الاختفاء القسري بحق عشرات الآلاف ولربما مئات الآلاف من السورين دون أن يتم اتخاذ أي موقف دولي رادع له ، تفند المادة ( 6) من الاتفاقية مسؤولية الرئيس أو القائد والحالات التي يتحمل فيها بنفسه مسؤولية الجريمة وتحدد موقعه بالنسبة لها وتشير إلى أنه من كان على علم بأن أحد مرؤوسيه ممن يعملون تحت إمرته ورقابته الفعليتين قد ارتكب أو كان على وشك ارتكاب جريمة الاختفاء القسري، أو تعمد إغفال معلومات كانت تدل على ذلك بوضوح، ولم يتخذ كافة التدابير اللازمة والمعقولة التي كان بوسعه اتخاذها للحيلولة دون ارتكاب جريمة الاختفاء القسري أو قمع ارتكابها أو عرض الأمر على السلطات المختصة لأغراض التحقيق والملاحقة وباسقاط تلك المعاييرعلى الواقع السوري يمكننا هنا أن نقول الكثير.

كما لم تغفل عن الإشارة إلى مسؤولية مماثلة لأي قائد عسكري أو أي شخص يقوم فعلا مقام القائد العسكري ما يأخذنا إلى الجهة الأخرى من مشهد جرائم الاختفاء القسري التي تحدث في سوريا، تركبها وتتحمل مسؤولياتها جماعات وفصائل مسلحة (معارضة ) تعطي لنفسها الحق المماثل بممارسة جميع تلك الاساليب من الانتهاكات دون رادع وقد تم الحديث عن مئات الحالات لممارسة تلك الجريمة تتم ضمن صفوفها تحت ذرائع دون أي ضابط قانوني ،فيما غابت أيضا كثيرمن الحالات عن الرصد نظرا لحالة الفوضى الداخلية وبشكل خاص ضمن المناطق الواقعة تحت سيطرتها وانعدام ثقافة التوثيق في هذا الجانب.

لعل غياب العنصر الفاعل المرتكب للفعل باسمه وعنوانه بشكل محدد وكثرة العناصر الفاعلة المسلحة على الساحة السورية وغياب الضابط يجعل مسار توسع انتشار تلك الظاهرة أمرا بالغ الخطورة وتأتي قضية اختفاء الناشطة رزان زيتونة ورفاقها ضمن هذا الجانب فحتى تاريخ اليوم ومنذ مايقرب السنة لاتزال مسؤولة مركز توثيق الانتهاكات في سوريا رزان زيتونة مغيبة بشكل كامل رغم اختفاءها ضمن مناطق خاضعة بشكل مباشر لسيطرة المعارضة، فيما العديد من الجرائم ذاتها لاتزال تمارس بشكل تصاعدي في مناطق سيطرة النظام بحيث يعتبر كل شخص ضحية ممكنة لهذه الجريمة.

توجب المادة 15 من الاتفاقية "التعاون الكامل بين الدول ويقدم بعضها لبعض أقصى ما يمكن من المساعدة لمساعدة ضحايا الاختفاء القسري وللبحث عن الأشخاص المختفين وتحديد أماكن وجودهم وتحريرهم، وفي حالة وفاة الأشخاص المختفين، إخراج جثثهم وتحديد هويتهم وإعادة رفاتهم".

يغيب في الحالة السورية بشكل شبه كامل أي نشاط أو اجراء بهذا الاتجاه من الدول الأطراف والمقصود بها الدول (93) الموقعة على الاتفاقية والدول ( 43) المصادقة عليها، فيما لاتتمع أطراف المعارضة السورية السياسية والحقوقية بديناميكية الحركة المناسبة والجدية والخبرة الكافية في تتبع هذه الجريمة وتقديم الشكايات والتوثيقات القانونية المطلوبة منها كجهة عليا مسؤولة ممثلة بالائتلاف الوطني والمكاتب المختصة بهذا الجانب إضافة إلى الحكومة المؤقتة لتبقى متابعة هذا الملف تسير بشكل أقرب إلى الفوضى، ويقع على كاهل مؤسسات ومنظمات غير رسمية إضافة إلى جهود أفراد ونشطاء لايملكون الإمكانات المطلوبة للمتابعة والتوثيق والرصد، ولذا فإنها إجراءات بالضرورية لاترقى إلى مستوى وحجم الجريمة والتي تعتبر أم الجرائم وأقساها في سوريا اليوم ، نظرا لديمومة التعذيب فيها وبعدها عن ساحة الرؤية والمتابعة كونها تتم في أوساط مادية غير ملموسة ولامرئية ولكنها محسوسة نظرا للنتائج وأعداد الضحايا.

التعليقات (1)

    حسان طحان

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    أكبر فضيحة وعار على هيئة الأمم المتحدة... إستمرار تمثيل نظام المافيا الأسدية بواسطة المهرج بشار الجعفري. ما جاء في المقال واستمرار وجود الجعفري في هيئة الأمم ؛ إعتراف غير مباشر بكل الجرائم التي اقترفها نظام الجريمة والعار الأسدي.... الثورة السورية كشفت الكثير من الثغرات والانتهاكات والأكاذيب التي يستر بها المجتمع الدولي والمؤسسات التابعة له.
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات