التدخل الدولي والتقسيم

التدخل الدولي والتقسيم
خطران واجها شعوب المنطقة:

الأول- مشروع الدولة الفاشلة للسلطات الحاكمة.

الثاني- مشروع اللادولة.. والأول هو سبب للثاني بأي حال.

لا يمكن لنا فهم كل ما جرى منذ انطلاق ظاهرة الربيع العربي في تونس وحتى الآن، دون الرجوع لمفهوم الدولة الفاشلة وعلاقتها بتراتبية النظام الدولي، رغم كل مافيه من تناقضات وصراع مصالح.

ما أوضحه الربيع العربي بدون شك هو ارتباط هذه الدولة الفاشلة بأمرين متداخلين: سلطات متوحشة وفاسدة ونظام دولي فاسد شرق اوسطيا. مشاريع الدولة الوطنية ما بعد حقبة الاستعمار التقليدي، تقاسمها نظام دولي انبثق عن انتهاء الحرب العالمية الثانية، معسكر شرقي وغربي. كلا المعسكرين لم يكن له مصلحة بقيام دول غير فاشلة في المنطقة، وهذه المصلحة تجد من يترجمها في سلطات فاسدة وديكتاتورية، تحمل وحملت لمجتمعاتها كل الأمراض التي تجعل منها دولة مزمنة بالفشل، تفرض فشلها المستمر على المجتمع، فهي معادية له وحقودة عليه، بنفس الوقت هي تحتاجه، لكي تنهب خيرات ومنتوجه.

بمناسبة الحديث عن داعش الآن: بماذا يختلف جنود الاسد وشبيحته عن مجاهدي داعش إلا بالذقن واللباس؟ القتل والذبح والنهب، يصرخون بالمعذب والمعتقل وبالمتظاهرين السلميين وهم يهاجمونهم "بدكن حرية" وهم يمارسون أبشع انواع التعذيب ثم القتل، بينما مجاهدي داعش يرفضون الحرية أيضا بنفس القدر الذي ترفضه شبيحة الأسد.

• الدولة السورية نموذجا!

عندما يعلن الأسد وانصاره إما الاسد أو نحرق البلد، فهذا يعني بدون أدنى شك أن هذه الدولة لاقيمة لها، لهذا يجب أن تبقى فاشلة، كي يستطيع الاسد وكتلته رفع هذا الشعار بشكل دائم إما الاسد أو لاأحد. نحن منتج هذه الحقبة. البعث تسلمها فيها "ريحة ديمقراطية " 1963 انقلاب آذار، وحولها لدولة البعث وسلمها جاهزة للاسد انقلاب تشرين الثاني1970 لتصبح دولة الاسد. إلى هذا الحد حُجمت الدولة السورية، حتى انتهى دورها، لهذا: السوريون مهمتهم صعبة جدا: بناء دولتهم الجديدة، الجمهورية الثالثة أو الخامسة. رغم كل ما يقال، لكن لوكانت لدينا دولة وطنية، لما ظهر حزب الله في لبنان، وميلشيات الولي الفقيه في العراق، ولا الحوثيين والقاعدة في اليمن، ولما ظهرت داعش وخلافتها المزعومة. السؤال: هل اتفاقيات سايكس- بيكو هي من تتحمل غياب مثل هذه الدولة الوطنية؟ لهذا نجد من يريد الغائها الآن!!. أم أن هذا الترابط الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، وانتهاء حقبة الاستعمار التقليدي، هو السبب في غياب مثل هذه الدولة؟

• تقسيم المقسم!

الترابط بين مصالح دولية كبرى عميقة بعدم وجود دول وطنية في المنطقة بسلطات متغولة تنال رضا هذه المصالح. لكن بالمقابل هذه المصالح فيها من التناقضات ما يتيح لبعض البلدان النفاذ، لو توفرت ظروف وقيادات حقيقية صاحبة مشروع، لدولة وطنية حقيقية، دولة حرية وكرامة، دولة قانون وحقوق انسان.

المطالبة بالتدخل الدولي لحماية المدنيين في سورية كان ضمانة للجميع، لو حدث. ضمانة للشعب التواق لحريته كي لايُقتل وضمانة للقاتل كي لا يَقتل. ضمانة للاكثريات والاقليات، واتضح أن أن شعار الاسد او نحرق البلد كان هو وراء تدمير البلد، وماكان لأي تدخل دولي لحماية المدنيين، ان يدمر ما دمره الاسد. المطالبة بالتدخل الدولي هو تعبير عن استراتيجية سياسية واضحة، وطريقة في تعاطي النخب المعارضة مع العالم والثورة. هل لو كان هنالك تدخل دولي تحتاج المعارضة السورية لتدخل على مدار سنة، في لعبة وحدة المعارضة، وإعطاء الضمانات للطائفة العلوية؟ الاسد او نحرق البلد، يضع الدولة أمام خيار إما الاسد ان تنتهي الدولة، لهذا بدء الحديث عن التقسيم في ظل تواطؤ دولي مع القاتل، وذاكرة جمعية عند الناس، رباها البعث والاسلاميون، حول تآمر الغرب من أجل تقسيم المنطقة، ويستشهد بسايكس-بيكو. ثقافة رضعتها الاجيال بالمدارس البعثية أيضا.

فهل يحتاج الغرب لتقسيم المقسم؟ وفقا لهذا المنطق؟ هذا المنطق يغيب دور المشروع الفارسي- الايراني بعمامة الولي الفقيه، وما فعله ويفعله منذ ثلاثين عاما ونيف. التدخل الدولي لن يرتكب أية مجزرة ضد أي اقلية أو اكثرية.. وهذا التدخل لو كان يجد أن من مصلحته التقسيم، لا يحتاج لكي ينتظر الثورة السورية.

الأمريكان لم يتدخلوا، ليس جبنا او عجزا، لم يتدخلوا لأنهم يعرفون جيدا ما الذي سيفعله الأسد وميلشياته وإيران وميلشياتها بالشعب السوري. هم تركوا المجرم يرتكب جريمته لأنها تخدم استراتيجيتهم. ما عدا ذلك وكل ما يقال عن ضعف في الموقف الامريكي هو محض هراء. لأول مرة بتاريخ البشرية، دولة يكون لها نفوذ قوي في كل دول العالم، واسلحتها وجنودها تطال أي نقطة في هذا الكوكب، دون أن تجد من يقف ضدها فيما لو أرادت. أمريكا كانت قادرة على وقف المجزرة دون أن تتدخل عسكريا. ولازالت قادرة على ذلك. واكبر دليل أنها من جهة منعت السلاح عن المعارضة، وسمحت لداعش أن تتمدد امام ناظريها، بينما الاسد وايران مستمران في الجريمة. التدخل الدولي مهما كان لن يكون أكثر اجراما من الاسد وإيران، حتى إسرائيل لن تكون اكثر اجراما منهما، والدليل يمكن البحث عن ارقام الضحايا في كل الحروب التي خاضتها إسرائيل مع العرب، لا تقارن بما قتله الاسد وإيران من العرب. هذه أمريكا تعلن بكل صفاقة أنها ضد استقلال اقليم كوردستان العراق، والتقى موقفها هذا مع مواقف القوى الكردية الموالية لايران والاسد!! ثم أمر آخر: لم تنشر هذه الادارة من جهة أخرى أي تقرير عن موارد نظام الاسد طوال هذه السنوات من عمر الثورة، ولا نحن كمعارضة استطعنا أن نقدم مثل هذا التقرير، لعجزنا عن ذلك، لكن أمريكا تعرف كل دولار يصل لهذا النظام المجرم. أمريكا تهربت من التدخل لأنها تريد لهذه الجريمة أن تحدث. الحديث عن التقسيم وخلافه، هو تضليل لما جرى وما يجري من جريمة. لاتزال امريكا تحتاج حلف العسكر والفساد في بعض دول المنطقة.

"رغم أن النقاش حول الاستعمار الأوروبي قد يكون أمرا جديرا بالاهتمام، لكن ربط أحداث اليوم بالحدود الاستعمارية هو أمر مضلل. صحيح أن الحدود التي صممها مارك سايكس، الدبلوماسي البريطاني، وفرانسوا جورج بيكو الفرنسي، التي قسمت الأراضي العربية إلى مناطق نفوذ، راعت أكثر المصالح الأوروبية في أعقاب الحرب العالمية الأولى من تلك التي للسكان المعنيين. ولكن الشرق الأوسط ليس الجزء الوحيد من العالم الذي له حدود وضعتها القوى الاستعمارية. كما أن تمرد المجتمعات العربية لم يكن ضد الحدود التي صممها الثنائي البريطاني الفرنسي. التركيز على سايكس بيكو في مأزق الشرق الأوسط الحالي، ينسى المشكلة الحقيقية في المنطقة" وهي الفشل المأساوي للحكومات المتعاقبة ما بعد الاستعمار لبناء دول من شأنها تعزيز الهوية الوطنية. فطغيان عشيرة الأسد في سوريا، وديكتاتورية الرئيس العراقي السابق صدام حسين وسخافة نوري المالكي، رئيس الوزراء الحالي، هي التي دفعت الشرق الأوسط إلى كارثة، وليس خطوط تم رسمها في الرمال منذ قرن من الزمان". كما قالت رولا خلف في الفيننشال تايم.

التعليقات (1)

    محسن

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    دون أدنى شك أمريكا وأيران وراء الخراب والدمار في العراق وسوريا ولكن لن تستطيع أمريكا وضع نهاية للحرب لتكون رابحة من هذه المؤامرة المدمرة التي تبناها أوباما شخصيا رغبة بأرضاء أسرائيل بل هذه الحرب ستمتد الى أسرائيل وتقلب الطاولة على رأس الجميع ,أمريكا خطت وتأمرت لانشاءقوتين متحاربتين ومتناحرتين هي قوة داعش وقوة شيعية حالش ويبقيا يتقاتلان أمد طويل ولكن ما أفقد المخطط نجاحه أن الشعبين العراقي والسوري والخليجي أثبتوا أنهم معتدلين وانهم ضد التطرف لذا لم تتمكن داعشأن تجد له بيئة في البلاد العربية وبقيت محاربة ومنبوذة من الجميع , لذلك ظاهرة داعش ستتلاشى ولن يكون صراع بين السنه والشيعة حسب التخطيط الصهيوني رغم جرائم الشيعة وداعش ,المنتصر في النهاية هي الشعوب العربيية الالمتواتزنة والحضارية والتي تنبذ الأرهاب وتنحاز لقوميتها العربية , والدليل ظاهرة المجاهدين الصرخي والخالصي والصدر وغيرهم من العرب الشيعة لذا الحضارة العربية والأسلامية الغير متطرفة والتي يمثلها العرب المعتدلبن ستنتصر أما أيران وأمريكا وأسرائيل فسيبقوا أشرار متقاتلين على الغنائم
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات