وضمن هذه الحملة العسكرية والأمنية التي يقوم بها النظام لتهجير من بقي من الأهالي (السنة) في الأحياء الغربية، تعاني أحياء مساكن المدينة الجامعية والمخيم والشماس وكرم الشامي من نقص في الأغذية والمواد الاستهلاكية وإن وجدت فإن أسعارها لا تتلاءم مع الفقر الذي ألم بهؤلاء الأهالي الذين فقدوا أعمالهم منذ أكثر من عام وهم غير موظفين في الدولة أو مؤسسات الجيش والأمن في المدينة أسوة بالأحياء العلوية الموالية للنظام، والمواجهة لتلك الأحياء المنكوبة مادياً، والتي لا يفصل بين هذين النقيضين سوى الطريق العام أو ما يسمى طريق الشام الذي يعج بالحواجز العسكرية والأمنية مع انتشار للدبابات قرب القلعة القديمة ودوار 8 آذار الذي يعتبر مدخل المدينة الجنوبي، وتشكل مقرات محصنة للشبيحة الذين يقومون بمداهمات يومية للأحياء (السنية) تحت ذريعة (البحث عن مطلوبين)، فيعتقلون من يشاؤوا دون أي تهمة قانوية وغالباً ما يختارون الشباب والمراهقين ليزجوا بهم في المعتقلات.
وتتعدد أساليب النظام في حملة التطهر التي يقوم بها، فإذا لم تنفع الاعتقالات كما في الأحياء الغربية، فإن القصف هو الحل الذي تفضله قوات الأسد المتمركزة بأسلحتها الثقيلة في عدة مناطق موالية، يقول الناشط "رائد حداد": النظام يستخدم الأحياء الموالية دروعاً بشرية لقواته، فهو يقصف أحياء المدينة القديمة منذ أكثر من عام بشكل يومي ومتواصل، ليقوم الثوار بالرد على مصادر النيران في تلك الأحياء فيتهم الثوار عبر وسائل الإعلام بالطائفية، ولكن لم تعد هذه الحيلة تنطلي على أحد فكل العالم الصامت يعلم أن الأحياء العلوية الموالية تشكل حاضنة أساسية لقطعان الشبيحة الذي لا يترددون في عمليات القتل والنهب والتنكيل بأهالي حمص".
يقول "أبو فهد" وهو أب لأربعة أبناء بينهم شابان جامعيان قضوا في سجن الأمن السياسي في المدينة تحت التعذيب منذ 6 أشهر: "النظام أجرم بحق المدينة والأهالي ولم ينقذنا أحد من إجرامه، لقد نزحت من جورة الشياح المدمرة وأعيش في حي الإنشاءات، ولم أعد أكترث للعيش ولكن لدي طفلان بحاجتي ولا أريد النزوح فلا قدرة لي أساساً على ذلك ولا أملك المال". وبعد سقوط قذيفة على سوق الفردوس في الحي والتي أدت إلى استشهاد ثلاثة وإصابة أكثر من 35 مدنياً، يقع أبو فهد في حيرة من أمره، يقول:" لا أدري لماذا يستهدف النظام حي الإنشاءات، فهو يخلو تماماً من أي مظاهر مسلّحة!"، ويضيف: "قد يكون خياراً صعباً البقاء هنا، وربما أموت تحت القذائف التي بدأ النظام يوجهها إلى الحي منذ عدة أيام".
تؤكد اخبار تنسيقيات الثورة في حمص أن حي الانشاءات يتعرض لحملة ممنهجة للقصف منذ أيام، ويسخر أحد الناشطين الإعلاميين من إجراءات النظام في التمويه عن جرائمه: "بعد أن سقطت قذيفة على سطح جامع الفرودس، هرع عناصر الأمن السياسي مباشرة إلى المكان وهي تقل رئيس الفرع وعدداً من عناصره الذين انتشرو في شارع السوق وعلى سطح الجامع وعاينو المكان واخذو ما تبقى من القذيفة دون أن يلقو بالاً أو خوفاً من أي قذيفة أخرى!". ويضيف: "هذا مضحك.. فلاشك أن القذائف يطلقها النظام، ويوجد تنسيق تام بين الفروع الأمنية والحواجز المحيطة بالحي و(الجيش الوطني) في أحياء الشبيحة لضمان إصابة أكبر عدد من السكان وإلحاق الضرر بهذا الحي الصامد".
ويدخل حي الوعر (الذي يؤوي نحو 500 ألف نسمة بينهم 300 ألف نازح) ضمن حملة التطهير التي يقوم بها النظام لإجبار الأهالي على الزوح كما يقول الناشطون والأهالي في الحي، فالقصف على الوعر مستمر منذ أكثر من شهر، وعشية ﻋﻴﺪ ﺍلأضحى، تعرض لقصف مكثف بالمدفعية الثقيلة، ما أدى لاستشهاد مدنيين، كما تم استهداف الحي بصاروخ أدى لوقوع العديد من الجرحى وتدمير وحرق العديد من المباني، وبحسب ناشطين فإن القناصة المتمركزة في مباني بنك الدم والمشفى العسكري ومساكن الضباط تستهدف المنازل والاهالي وكل شيء يتحرك في الحي. فيما يتابع الأهالي إزاله الانقاض من أماكن سقوط القذائف والصواريخ، وقد قاموا بحملات لتنظيف الشوارع لاستقبال العيد. على الرغم من أجواء لا توحي بالعيد في حي يسيطر عليه مشهد الموت والدمار.
التعليقات (3)