مجزرة الحولة: رعب الطفولة في عيون القتلة

مجزرة الحولة: رعب الطفولة في عيون القتلة
بعد عام على حدوثها... كان مليئاً بحلقات لا تنتهي من مسلسل المجازر. مازالت مجزرة (الحولة) بريف حمص ماثلة في ذاكرة السوريين... لأكثر من سبب، ليس أولها أنها أول مجزرة قتل فيها هذا الكم الكبير من الأطفال بالسكاكين والسواطير والأسلحة البيضاء ومن مسافات قريبة كانت تملأ فيها آذان القتلة صراخ أطفال لا يعرفون لماذا يقتلون، ونظرات رعب لو صافحت حجراً لتركت آثارها عليه... وليس آخرها شبهة المشاركة الاجتماعية لقرى مجاورة وموالية، تحول فيها الجار (المدني) إلى قاتل أو مشارك في القتل!

(الحولة) ملف أورينت نت الذي يضعه بين يدي كل من يمكن أن ينسى يوماً: ما هو الثمن الذي دفعه السوريون من أجل حريتهم.

(أورينت نت)

مجزرة الحولة: وحشية أحالت الدم ماءً ..

حسيب عبد الرزاق-أورينت نت

في جمعة "دمشق موعدنا القريب" الموافقة للخامس والعشرين من أيار 2012 وقعت مجزرة مروعة في الحولة التي تبعد 20 كم شمال غربي مدينة حمص، كان السوريون قد حددوا وجهتهم نحو العاصمة لإسقاط النظام والانعتاق من الظلم والقهر الذي دام أكثر من أربعة عقود منذ الانقلاب العسكري الذي قام به الديكتاتور الراحل حافظ الأسد عام 1970 وقبض من خلاله على السلطة ليورثها لابنه بشار الأسد في العام 2000 ويستمر آل الأسد في نهب البلاد والعباد والاستئثار بالسلطة، حتى اندلاع الثورة في آذار عام 2011.

ورغم صلابة قلوب أهالي المنطقة والثوار الذين خبروا بطش النظام وتعايشوا مع طقوس سفك الدماء التي يمارسها "شبيحة الأسد" منذ الأيام الأولى لخروج التظاهرات المناهضة للنظام ، إلا أنه لم يكن مستغرباً يوم المجزرة، أن تهتز أيدي الناشطين وأهالي الحولة أثناء حملهم أجهزة هواتفهم المحمولة ليصوروا ويوثقوا صور مجزرة مروعة راح ضحيتها 116 شهيداً و300 جريح. كانت صور الأطفال المذبوحين بالأسلحة البيضاء بينهم هي أكثر ما يصفع الضمير الإنساني!

فقد أظهرت الصور الأولى لمشاهد المجزرة التي نشرها الناشطون عبر الإنترنت هول الانحدار الإنساني والأخلاقي الذي غاص فيه مؤيدو بشار الأسد في القرى المجاورة للحولة، فقد تحول الافتداء بدمائهم كما يكتبون في شعاراتهم، إلى افتداء (السيد الرئيس) بذبح الأطفال والنساء بطريقة مفرطة في الوحشية، فكشفت المجزرة مأساة هذا الافتداء الذي تحول إلى مذابح بحق جيل من الأطفال ماكان يحق لهم أن يعيشوا على أرض أبت أن تخضع لسلطة البطش والظلم، ورفعت المظاهرات فيها رايات الحرية وصدحت بشعارات الكرامة.

 سيناريو الموت

أظهر فيديو جثث أطفال ملطخة بالدماء ملقاة في الشوارع وبعضها كان نتيجة لطلق ناري والبعض الآخر ذبحوا بالسكاكين وقطعت حناجرهم، وأظهرت صور فيديو رجلاً يصرخ وهو ينظر إلى جثث الأطفال قائلاً: "إنهم جميعاً أطفال، أنظروا إليهم يا عرب... أطفال"، لقد أدرك السوريون أن إخوتهم في التراب من أهل الحولة لم يكونوا يتعرضون لحملة قمع تقليدية، بل كانوا يتعرضون لحملة إبادة وحشية، لم ترتجف فيها أيدي القتلة وهي تواجه رعب الأطفال أو صراخ استغاثاتهم!

قبل المجزرة بساعات قام السكان بإرسال نداءات استغاثة للعالم ومنظمات المجتمع الدولي محذرين من نوايا قوات النظام القيام بهجوم وشيك، وكان عناصر من بعثة تضمنت 300 مراقباً دولياً لـ "هدنة وقف النار" المعلنة منذ 6 أسابيع قبل تاريخ المجزرة موجودين في المنطقة وقد غادروها عندما بدأ القصف، بحجة أن النظام لم يسمح لهم بالتواجد بذريعة الاشتباكات الدائرة والتي ستشكل خطراً عليهم، وكشف عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبدالله أنه اتصل بالمراقبين الدوليين مساء الجمعة لتدارك الوضع فوجدهم نائمين، وتوسل إليهم أن يهبوا لنجدة أهل الحولة وأن يتوسطوا لدى النظام لإيقاف القصف لنصف ساعة فقط، بيد أنهم لم يستجيبوا وأخبروه أن "نظام بشار الأسد يمنعهم من التحرك ليلا".

وبعد القصف العنيف الذي تعرضت له الحولة وتحت غطاء ناري من قذائف دبابات الجيش السوري حسبما أكد الجنرال "روبرت مود" رئيس بعثة المراقبين الدولية، قامت مجموعة من الشبيحة من القرى العلوية المجاورة للحولة (القبو والشرقلية والقناقية)، مدعومين بقوات من الجيش النظامي باقتحام المنطقة ودهموا بيوت المدنيين وقتلوا كل من وجدوه فيها من رجال وأطفال ونساء ذبحاً بالسكاكين وبأدوات حادة أدت إلى تهشيم الرؤوس بوحشية مفرطة، حينها أكد الجنرال مود مقتل 92 شخصًا في الحولة من بينهم أكثر من 30 طفلًا، إلا أن المجلس الوطني السوري المعارض أكد أن عدد ضحايا المجزرة فاق 110 أشخاص، نصفهم من الأطفال.

 صدى السكاكين

ما يميز مجزرة الحولة المروّعة عن بقية المجازر اللاحقة، هو رد الفعل الدولي والشعبي العارم، حيث اهتز وجدان السوريين والعالم لمشاهد ذبح أطفال والنساء.. حيث أعادت صور الضحايا المقتولين برصاص من مسافات قريبة، حضور البربرية القروسطية بأجلى حالاتها، وكانت ردود الفعل الشعبية تعبر عن الحزن من هول الكارثة وعدد الضحايا، إلا أن طريقة القتل ذبحاً كانت صادمة في نفوس السوريين الذين صعقوا من حجم الانحطاط الإنساني التي يضمرها لهم أبناء بعض القرى المتاخمة للحولة والموالية لنظام بشار الأسد، ووجه الناشطون السوريون والأهالي أصابع الاتهام نحو القرى الموالية للأسد بسبب تواطئهم مع قوات النظام والمشاركة بحصار الحولة وعرقلة نزوح سكانها المدنيين من النساء والأطفال هرباً من القصف قبل حدوث المجزرة.

في اليوم التالي بعد المجزرة، زار مراقبو الأمم المتحدة موقع المجزرة، وشاهدوا عشرات الجثث ووصف روبرت مود رئيس بعثة الأمم المتحدة في سوريا عمليات القتل بأنها "عشوائية ولا تغتفر"، وأشار تقرير للأمم المتحدة أن القوات الموالية للرئيس بشار الأسد هي المسؤولة عن هذه المجزرة مطالبًا الحكومة السورية بالتوقف فورًا عن استخدام العنف ضد المدنيين، وفي مقابلات مع أشخاص نجوا من المجزرة ونشطاء في المنطقة، أكدوا أن من قام بارتكاب مجزرة الحولة هم موالون لبشار الأسد ويرتدون الزي العسكري وقالت منظمة مراقبة حقوق الإنسان إن 62 من الضحايا كانوا من عائلة عبد الرزاق.

 رد الفعل الشعبي

بعد المجزرة، دعت المدن والقرى السورية إلى الخروج في مظاهرات احتجاجاً وتنديداً بمجزرة الحولة واحتجاجاً على ممارسات القتل الجماعي بحق المدنيين، ورفعت لافتات في عدد من المظاهرات في العاصمة دمشق تقول: "النظام السوري يقتلنا تحت إشراف مراقبي الأمم المتحدة"، كما خرجت مظاهرات حاشدة في أحياء حلب، منها بستان القصر والمشهد والسكري والصاخور وصلاح الدين والخالدية وردد المتظاهرون هتافات تندد بمجزرة الحولة وتطالب بإسقاط النظام.

شمل الغضب الشعبي من مجزرة الحولة طبقة التجار في مدينة دمشق، حيث أعلنوا بعد يومين من المجزرة إضراباً عاماً دعت إليه قوى وتيارات المعارضة المختلفة وعم الإضراب عددًا من أحياء مدينة دمشق منها (كفرسوسة، والمجتهد، وقبرعاتكة، وباب سريجة، والحريقة، والميدان، والتضامن، ودف الشوك، والزاهرة، ومخيم فلسطين، ومخيم اليرموك، والإطفائية)، وأكد ناشطون أن أكثر من 80 في المئة من المتاجر أغلقت في بعض المناطق كما حدث في دوما وحرستا بريف دمشق، وقام جنود الجيش بإصدار تهديدات للسكان الأحياء القديمة في العاصمة عبر مكبرات الصوت يأمرون التجار بإعادة فتح متاجرهم.

وأدانت المعارضة السورية بكل أطيافها مجزرة الحولة، وعبرت شخصيات سورية معارضة عن غضبها من وحشية النظام وصمت المجتمع الدولي، ففي الشق العسكري، أعلن الجيش السوري الحر أنه سيوقف التزامه بخطة المبعوث الدولي كوفي أنان وقف الهدنة المعلنة، إذا لم يتحرك مجلس الأمن لحماية المدنيين، مشدداً على أن المجلس إن لم يتخذ إجراءات طارئة وعاجلة بهذا الصدد "فلتذهب خطة أنان إلى الجحيم"، وفي الجناح السياسي للمعارضة قال رئيس المجلس الوطني السوري المستقيل برهان غليون: "إن التعاطي مع ما يحدث في سوريا سيختلف بعد المجزرة، مشدداً على مسؤولية المجتمع الدولي".

 رد الفعل الدولي

في الوقت الذي كانت جثامين شهداء مجزرة الحولة تدفن في مقابر جماعية بث ناشطون صوراً مهيبة ومحزنة لها، عنونت صحيفة الشرق الأوسط :"مجزرة الحولة السورية تهز العالم "، وعنونت صحيفة الحياة "مجزرة الحولة: المراقبون يؤكدون مسؤولية النظام"، وبدأت سلسلة من الإدانات وطرد سفراء النظام السوري من عواصم عربية وأجنبية، وقال وزير خارجية مصر محمد كامل: "إن ما حدث جريمة لا سكوت عنها وانتهاك لكافة الخطوط الحمر"، واتهم مجلس التعاون الخليجي القوات النظامية بارتكابها، ودعت الإمارات إلى عقد قمة عربية طارئة لبحث تداعيات المجزرة، كما أدانت المملكة العربية السعودية والكويت وحشية النظام.

وصرح أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون والمبعوث الدولي لسوريا كوفي أنان: "المجزرة انتهاك صارخ للقانون الدولي"، وأدان المتحدث باسم البيت الأبيض المجزرة ووصفها بأنها تمثل صورة حقيرة لنظام غير شرعي يرد على الاحتجاجات السلمية بوحشية لاإنسانية"، فيما وصفت وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون المجزرة بالمهولة ودعت لوضع حد لسفك دماء السوريين، وطالب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ برد دولي قوي، ومنذ ذلك الحين قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إن "الخيار العسكري لم يعد مستبعداً".

واستنكاراً للمجزرة طردت كل من (الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، النمسا، سويسرا، هولندا، بلجيكا، بولندا، النرويج، البرتغال، تركيا، أستراليا، نيوزيلندا، اليابان) السفراء السوريين من أراضيها فيما حملت روسيا المسؤولية عن مجزرة الحولة على عاتق السلطات ومن سمتهم "المتطرفين" في سورية على حد سواء.

 تبرير النظام

كان رد الفعل الرسمي والإعلامي للنظام ومؤيديه حيال مجزرة الحولة تبريرياً بطريقة مثيرة للاشمئزاز ومثيرة للتهكم، ولكن ردود الفعل على المستوى الشعبي في القرى الساحلية العلوية والكانتونات المحيطة بالعاصمة دمشق كانت صادمة للسوريين، وذكرت وكالة الأنباء الرسمية والوحيدة للنظام (سانا) أن "مجموعة من الإرهابيين المنتمين لتنظيم القاعدة ارتكبوا مجازر ضد عائلات بأكملها في قريتين في الحولة فضلاً عن أعمال عنف وتخريب واسعة النطاق، وقام الإرهابيون بإحراق المنازل والمحاصيل في البلدة" متجاهلة القصف الوحشي المتواصل لقوات النظام على منطقة الحولة الذي أدى إلى إحراق المحاصيل الزراعية وتدمير البيوت.

وخاض نظام الأسد معركة التبرير والتملص بإنكاره التورط في ارتكاب المجزرة، واتهم المعارضة والجماعات المسلحة، وقال أحد الناشطين من الحولة: "النظام مجرم وقح يقول للعالم أنا ارتكبت هذا الجرم وليس لديكم دليل"، فيما خاض مؤيدو الأسد معركة التشفي والتندر وعبروا عن نشوة الثأر بقطع النسل وإبادة جيل كامل في منطقة الحولة وترددت أصداء مقولات عنصرية وطائفية من مؤيدات عبر صفحات التواصل الاجتماعي: "ليمت أطفالهم فلو تركناهم يعيشون سوف يكبرون ويصبحون إرهابيين وعصابات مسلحة".

أكد أهالي الحولة على أن دوافع المجزرة كانت طائفية محضة، وتمت بمشاركة الشبيحة وعناصر أمنية وبعض سكان القرى العلوية المحيطة بالقرية، ومجزرة الحولة لم تكن الأولى في سوريا الثائرة، فقبلها اقترف مؤيدو الأسد مجزرة حي كرم الزيتون بحمص في آذار عام 2012 وبعدها تواصلت سلسلة من المجازر فشهدت بلدة التريمسة بحماة مجزرة مشابهة في الترويع والهمجية في تموز من العام نفسه، وبعد شهر واحد واصل جنود وشبيحة الأسد مجازرهم الطائفية في داريا بريف دمشق، وفي نيسان الماضي شهدت جديدة الفضل بريف دمشق أكبر المجازر الوحشية بحق المدنيين، ولتشهد قرية البيضا في بانياس مؤخراً مجزرة طائفية وحرب إبادة في أول أيار الحالي، إلا أن تاريخ الحريات في العالم بأثمانها الباهظة هي التي جعلت من أشلاء الضحايا ووجوههم المخضبة والمشوهة أفقاً مضيئاً للسوريون في درب آلامهم الحالك في السواد للوصول إلى الكرامة، ومجزرة الحولة تقع بين أربعة عقود من القهر التي عايشها السوريون في حياتهم اليومية وبين الثأر الطائفي الممنهج الذي يمارسه مؤيدو الأسد لإرغام السوريين – دون جدوى- على الخضوع لحكم الأسد تحت طائلة الذبح بسكاكين وسواطير العصور الوسطى.

ابصقي في وجوههم يا.. فوزية!

طارق عبد الواحد- أورينت نت

كان يمكن للذكرى السنوية الأولى لمجزرة الحولة (25 أيار) أن تصبح تقليداً وطنياً تستعاد فيه بطولات وتضحيات الشعب السوري في معركة الحرية والكرامة، التي ويا للمفارقة أنقذت السوريين من هاجس "تلفيق" الأساطير المؤسسة التي يستدرجها ويؤسس لها وعي جماعي متواطئ لدى الأمم الطامحة والعريقة، ذلك أن "الأمة السورية" صارت وخلال سنتين من عمر الثورة تحوز خزاناً لا ينضب من الأساطير المؤسسة (أو لنقل في حالتنا السورية: من الحقائق المؤسسة) ما يؤهلها لبناء أمنع دولة تصان فيه كرامة المواطن وحقوقه المدنية.

لكن استمرار مسلسل المجازر في داريا وحلفايا وكفرعويد وبابا عمرو والخالدية وكرم الزيتون واللطامنة والقبير والتريمسة ودير الزور ودرعا وبانياس ورأس النبع وغيرها، وبالنزعة الكلبية والسادية المتفاقمة، فوّت علينا تلك الفرصة وأجبرنا على "تأمل" الورطة التي يجرنا إليها النظام السوري، والتي يزيد من تعقيدها انقسام المعارضات السورية التي "تتخانق" على اقتسام جلد الدب قبل اصطياده.

كما كان للذكرى السنوية لمجزرة الحولة أن تكون مناسبة لإعادة التفكير بتلك السلوكيات البهيمية التي دفعت موتورين وحاقدين طائفيين من القرى المحيطة بمدينة تلدو، وتحت نظر وحماية وحدات عسكرية وأمنية، إلى جزر 108 أشخاص بينهم 49 طفلا و34 امرأة، وصفهم الإعلام الرسمي نفسه بأنهم من "العائلات المسالمة".

وكان يمكن أيضا للمجزرة ذاتها، أن تكون مجرد ذكرى سنوية، تكثر فيها الخطابات المبتذلة والقصائد المفبركة، لولا.. فوزية حسين الكردي، تلك الأم الناجية مع ابنتها ذات الأربعة أعوام بآثار أربع طلقات، من رصاص من يفترض أنهم أشقاؤنا في الوطن وجيراننا القريبون في الجغرافيا.

لا تعترف فوزية بالذكرى الأولى لاستشهاد أولادها الثلاثة وزوجها والعشرات من أقربائه، ففوزية التي تقيم في بلدة الريحانية التركية الآن، تستعيد الذكرى بطريقتها الخاصة، وبدون إرادة منها، إذ تصاب في أغلب ليالي الجمعة (ليلة حدوث المجزرة) بانهيار عصبي يستوجب كل مرة إسعافها إلى المستشفى.

في مثل هذه الأيام من العام الماضي، لم يكن مهراج أورال نجم التطهير والإبادة الطائفية ولم يكن أحمد سبايدر ضيف التلفزيون السوري الرسمي المفضل، وعلى العكس كان "النجوم" من فئة جهاد مقدسي وبشار الجعفري أكثر تآمراً وتلوناً وهم ينسبون الجرائم والمجازر إلى الجماعات التكفيرية والعصابات المسلحة.. ولكن فوزية تعرف وجوه القتلة ولكناتهم وأنصال حرابهم..

رغم فداحة مجزرة الحولة، وهي فداحة لا تقل عن فداحة المجازر الأخرى في القرى والمدن السورية، فقد سقط الكثير من حقائقها وحيثياتها سهواً أو خطأ -وأحيانا قصداً - وكاد يغيب في زحمة التنظير السياسي والتراشق الإعلامي الذي سعرّته -حينها- القنوات التلفزيونية التي كانت تستضيف معارضين لا يعرفون أين تقع الحولة ولا كيف يكتب اسمها.. كان المطلوب حينها: السياق!

وقد سقطت فوزية من السياق، ولم تظهر مثلا في الفيلم الوثائقي الذي أعدته وبثته "قناة الجزيرة" وظهر بدلا عن ذلك "أحد وجهاء الحولة" الذي لم يزر بلدته منذ ثلاثين عاما، وانبرى من على بعد آلاف الكيلومترات ليتحدث عن المجزرة وليضع أسبابها ودوافعها في النصاب الصحيح، وكان النصاب الصحيح -على الأقل- ألا تترك فوزية مع ابنتها بلا أدنى رعاية أو دعم.

المجزرة ذاتها، وعلى العكس من المجازر الأخرى، كانت سببا مباشرا لموجة من الإجراءات السياسية العالمية شكلت معطفا هاما في الثورة السورية حين على أثرها طرد سفراء النظام والقائمون على أعماله في بلدان مثل: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واستراليا ونيوزيلندا واستراليا وإسبانيا وإيطاليا والنمسا وسويسرا وهولندا وبلغاريا وبولندا والنرويج وكندا واليابان وتركيا. لكن الأهم من ذلك كله، أنها تسببت في حركة انشقاق هائلة في منطقة الحولة من قبل أبنائها الموظفين والعسكريين في جيش ومؤسسات النظام. وفي ذلك الحين لم يكن "المجلس المحلي في الحولة" قد تأسس ليكون بين أعضائه شيخ يترأس" مكتب الدعوة والإرشاد"!

ومن الأمور التي سقطت سهوا أو عمدا، الدعاوى القضائية التي رفعها نشطاء وحقوقيون على النظام السوري بسبب ارتكابه لمجزرة الحولة بوصفها جريمة حرب، وقد حاولت التواصل مع بعض الناشطين لمعرفة أية تطورات أو نتائج بهذا الشأن، وفهمت -رغم المغمغات- أنه لا توجد أية متابعات في هذا المضمار. لذلك، لم أجد بدا من إدراج هذه الفقرة من الحديث القصير الذي جرى بيني وبين الصحافي والشاعر اللبناني بعد مقالة كتبها حول مجزرة الحولة ونشرت حينها في صحيفة السفير اللبنانية. قال بيضون: "عزيزي.. ما نقوله يظل لا شيء أمام آلامكم. ما حدث يديننا جميعا، بعده الكلام نفسه عار علينا. كم أنا خجول بما جرى. شكرا لك.. رسالتك عزتني بنفسي وبشعبي".

وفي الآخر، تعرف فوزية وجوه القتلة والكثير من وجوه المستثمرين والمتسلقين ومقاولي الحروب والأزمات وطلاّب الوجاهات والزعامات وتجار الدماء والأشلاء. تعرفينهم بلا شك أيتها الناجية الأرملة الثكلى المكلومة. ابصقي في وجوه هؤلاء جميعا.. يا فوزية!

التعليقات (2)

    مجد الأمويين

    ·منذ 10 سنوات 10 أشهر
    هذه الجريمة كما كل الجرائم التي حصلت من قبل قوات القرداحي إبن انيسة وصمة عار على جبينه وشبيحته وجبين ما يسمى المجتمع الدولي... مثلما هي وصمة عار على أبيه في قبره الله لايرحمه تلك الجرائم التي اقترفها في حماة وجسر الشغور وتدمر وحلب... كذلك هي عار على كل سوري لازال مؤيدا لمنشار القرداحي لعنة الله عليه وعلى شبيحته وعلى الحقير المتخبي بأنابيب الصرف الصحي في جنوب لبنان واللي زعرانه وحقراؤه عم يقتلوا شعبنا في القصير والزبداني... لك بس الملامة على السوريين واقولها بصراحة أهل السنة اللي بعدن مفتكرين إبن انيسة القرداحي هو المخلص وهو رئيس الدولة وهو الشرعية... لك وين التجار وين... وين اصحاب الأموال وين... وين اللي بيقولوا عن حالهن مثقفين.. لك وين أهل الشرف والنخوة وين... صار شقفة زعران حقراء أنجاس أويناهم في عام 2006 عم يقتلوا شعبنا ويقصفوا بلادنا ويدنسوها... لك يا حيف والله يا حيف وتفو ومليون تفو على كل سوري يقول إنه سوري لازال مؤيدا للقرداحي ويعمل شبيح له في اي مجال كان...

    حمودة ساعي

    ·منذ 10 سنوات 10 أشهر
    ليست هي المجزرة الاولى ولا المجزرة الثانية ولاالثالثة لهذا النظام بل على المستوى القانوني للدول هو ليس نظاما هو عصابة مجرمة كانت تحكم سوريا بالقوة والغصب لهذا نتوقع منه اكثر من هذه الجرائم ..وعلى مر التاريخ عرف الرافضة والنصيريون والمجوس بحبهم للدماء وحبهم للقتل والجريمة ففي الوقت الذطي اتجه فيه البحث العلمي خارج دراسة هذه الجرائم كان من المفروض دراسة هذه النفوس وهذه الشخصيات وكنا سنستفيد بالكثير من النتائج العلمية المفيدة عن هذه الوحوش الضارية المتقمصة لوجوجه وبشرات الانسان ..وهو من ناحية اخرى ابتلاء من الله لهذه الامة بهؤلاء ..اولا لانهم اولاد xxx وليسوا اولاد حلال لان الدين الشيعي يقول بالمتعة وهي زنا في الحكم الشرعي الاسلامي ..لكن عرفناهم في هذا الوقت المتاخر من الزمان ونهايتهم قريبة لانه لايمكن ان يكونوا اقوى من الفرعون صاحب الجيش الكبير وموسى صاحب العصا ..
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات