تجارة تهجير السوريين من مناطق أسد: الطرق والمسؤولون والتكاليف

براً وبحراً وجواً، بشتى الوسائل والسبل يسعى السكان في مناطق سيطرة ميليشيا أسد إلى الهروب من الجحيم الذي يعيشونه نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية وانهيار قيمة الليرة السورية، حتى لو كلفهم الأمر دفع كل ما يملكونه، وسط تسهيل من قبل نظام أسد الذي يشرف أزلامه وضباط ميليشياته بالإضافة إلى حزب الله اللبناني على عمليات التهريب التي باتت تجارة رابحة تدر ملايين الدولارات.

وارتفعت وتيرة الهجرة من مناطق أسد خلال الأعوام القليلة الماضية، وعلى وجه الخصوص خلال العام الجاري، قاصدين أوروبا ووجهات أخرى عبر مختلف السبل والطرق الممكنة.

ويرصد موقع "أورينت نت" في هذا التحقيق بناءً على شهادات لمصادر خاصة وأشخاص وصلوا إلى أوروبا، سير عملية الهجرة بدءاً من سوريا وصولاً إلى أوروبا، إضافة إلى تسليط الضوء على الجهات المسؤولة عن التهريب من مناطق أسد.

آلاف الدولارات لضباط أسد

وقالت المصادر إن الأشخاص الذين يريدون الهجرة من مناطق أسد ينقسمون إلى 3 أنواع وهم:

1- أشخاص غير مطلوبين لأي جهة حكومية: ويعمل هذا الشخص على تأمين الأموال المطلوبة، من خلال بيع منزله أو سيارته أو أي عقار يملكه. ثم يبدأ رحلة البحث عن حجز لجواز السفر، ويتراوح حجز المنصة ما بين 3.5 و8 ملايين ليرة سورية على كل جواز سفر داخلي، وسط تلاعب من قبل ضباط الهجرة والجوازات في ميليشيا أسد بهدف الحصول على مبالغ مالية كبيرة.

2- أشخاص لا يمكنهم الحصول على جواز سفر: هؤلاء يكونون مطلوبين للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية في ميليشيا أسد أو أو مطلوبين للقضاء، لذلك يلجؤون إلى استخدام طرق التهريب إلى لبنان أو تركيا.

3-  أشخاص مطلوبون بقضايا إرهاب أو عليهم منع سفر: هؤلاء يدفعون مبالغ كبيرة للحصول على جواز السفر، تصل إلى 35 ألف دولار للشخص الواحد.

ويتكفل سماسرة متعاقدون مع مكتب الأمن الوطني بجميع تكاليف وإصدار جواز السفر وتأمين الراكب من مطار دمشق الدولي إلى ليبيا أو العراق أو بيلاروسيا أو روسيا حسب الوجهة المتفق عليها، وغالباً ما تكون أوروبا.

"أجنحة الشام"

وتختلف طرق التهريب التي يسلكها السوريون بحسب وجود جواز سفر أثناء وجودهم في مناطق سيطرة أسد أم لا، حيث تتيح حيازته خيار الخروج من سوريا عبر الجو، وفي حال عدم وجوده يتم سلوك طريق التهريب عبر البر أو البحر.

أوضحت المصادر أنه بعد الحصول على جواز السفر، تبدأ عملية الهجرة من مناطق أسد بمرحلة الحجز لدى مكتب شركة "أجنحة الشام" للطيران التابعة للنظام بعد تأمين فيزا دراسية إلى روسيا أو سياحية إلى بيلاروسيا، بتكلفة تصل إلى 3500 دولار.

وأشارت إلى أن هناك سماسرة وتجاراً سوريين متعاقدين مع مكتب أجنحة الشام ويتواصلون بشكل مباشر مع مهربين من بيلاروسيا وصربيا، ويستلمون الزبون من فندق إلى حدود بيلاروسيا ومنها إلى صربيا ومنها إلى ألمانيا أو هولندا مقابل 4000 آلاف دولار.

كما يمكن الهرب جواً إلى ليبيا، من خلال تأمين فيزا من سوريا أو أي دولة إلى مطار بنينا في بنغازي، ومن هناك يتولى مهرب عملية التهريب إلى طرابلس حيث يتم تجميع الأشخاص، ومن ثم تهريبهم عبر البحر إلى إيطاليا بتكلفة تتراوح بين 2500 و7000 دولار حسب نوع المركبة.

شبيحة أسد وحزب الله

أما من لا يملك جواز سفر، فإنه يسلك أحد طريقين للتهريب براً إلى تركيا أو لبنان، حيث تسيطر ميليشيا الفرقة الرابعة وميليشيا حزب الله اللبناني على طرق التهريب وتنسق مع الجهات المسيطرة في المناطق الأخرى.

وبحسب ما ذكر أشخاص عاشوا التجربة وسلكوا طريق التهريب إلى لبنان، فإن التكلفة تبدأ من 50 دولاراً للشخص الموجود في محافظة دمشق وريفها، وتصل إلى 300 دولار لأبناء المناطق البعيدة (حلب، الرقة..).

وبينوا أن هناك طريقين للتهريب بين مناطق أسد ولبنان، الأول تسيطر عليه ميليشيا حزب الله ويشمل مناطق الهرمل وبعلبك وما يقابلها من الجانب السوري (القلمون)، والثاني طريق وادي خالد، وتسيطر عليه ميليشيات محلية تابعة للفرقة الرابعة والأفرع العسكرية.

وأظهر مقطع فيديو حصل عليه موقع "أورينت نت" مرور شبيحة أسد وهم يستقلون سيارات غير مسجلة وبداخلها أسلحة من أمام حاجز للجيش اللبناني دون أن تخضع للتفتيش.

تنسيق بين جميع الأطراف

وفي لبنان يقوم هؤلاء الأشخاص باستخراج جوازات سفر عبر مكاتب بتكلفة 550 إلى 1500 دولار، ثم يتواصل مكتب أجنحة الشام لتأمين فيزا إلى روسيا أو بيلاروسيا بتكلفة 4500 دولار وحجز بـ500 دولار، ومن ثم يتم تأمينهم إلى أوروبا.

وقالت المصادر إن الأشخاص ينتقلون من مناطق أسد بإشراف مهربين من ميليشيات أسد وحزب الله إلى مناطق ميليشيا قسد ومنها إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني وميليشيا الجولاني، وتكون التكلفة بين 2700 إلى 3500 دولار.

وأضافت أنه بعد وصول الأشخاص إلى تركيا، يتم دفع المبلغ الثاني ويتراوح بين 7 و12 ألف دولار، لينقلوا إلى قبرص أو اليونان ومنهما إلى أوروبا سواء عبر البحر أو الجو.

كما نوهت المصادر إلى أن هناك رحلات إلى أوروبا بشكل مباشر من سوريا إلى الإمارات، وهناك مكتب يقوم بتأمين جوازات سفر أوروبية، وتكون التكلفة مرتفعة في هذه الحالة، حيث يتراوح سعر الجواز بين 17 و25 ألف يورو.

الهروب من ساحل طرطوس

وإضافة إلى ما سبق، ازدادت عمليات الهروب من مناطق أسد انطلاقاً من المناطق الساحلية التي تعد الحاضنة الشعبية لإمبراطور المخدرات بشار أسد.

وبحسب ما أكدت المصادر، فإن بديع أسد ابن عم بشار أسد، هو المسؤول عن التهريب عبر البحر إلى قبرص. حيث تنطلق قوارب التهريب من بانياس وطرطوس المحملة بعشرات الأشخاص، وتصل التكلفة إلى 3 آلاف دولار لكل شخص.

وكانت وحدة الأجانب والهجرة في قبرص سلطت الضوء على الارتفاع الكبير بأعداد المهاجرين غير الشرعيين الواصلين من محافظة طرطوس إلى السواحل الجنوبية لقبرص بزيادة وصلت نسبتها إلى 60٪ في الأشهر الخمسة الأولى مقارنة بالعام الماضي.

وكشف تقرير صادر عن وزارة الداخلية القبرصية أنه اعتباراً من 9 أيار، وصل 19 قارباً على متنها 452 مهاجراً من سوريا إلى قبرص، فيما بلغ عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة جمهورية قبرص إلى 4779 شخصاً في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات