مهجّر من جبل الزاوية يُحيي تراث الأجداد ويفتتح معرضاً للسيوف ونادياً للفروسية (صور)

مهجّر من جبل الزاوية يُحيي تراث الأجداد ويفتتح معرضاً للسيوف ونادياً للفروسية (صور)

وقع في عشق الخيل والسيوف العربية منذ أن كان طفلاً، ووصل إلى إتقان مهارتها قبل ست سنوات، ليصبح اليوم أحد أمهر رماة السهام والرماح ومبارزي السيف، وبات مدرباً وصاحب أول معرض سيوف عربية فريدة من نوعها شمال سوريا.

يصف الفارس السوري المهجر "موسى الأسعد" (34 عاماً) في حديثٍ له مع "أورينت نت" قصة عشقه للخيل والسيوف التي انطلقت من بلدته التي هُجر منها في جبل الزاوية جنوب إدلب، واحترفها قبل سنوات في سهول سلقين في الريف الشمالي، بأن اقتناء السيوف والخيل هي "غريزة وحب في قلب كل إنسان عربي مسلم" مضيفاً أن شغف الطفولة بتلك الأسلحة دفعه للتعلق بها واقتنائها.

كان يشاهد الأسعد منذ صغره المسلسلات التاريخية الخاصة بحرب السيوف، ولا يفوت فرصةً في ركوب الخيل أو البحث في محلات الأنتيكة عن قطعة سيف لامتلاكها، غير أنه لم يجد السيف الذي يحلم بحمله، فعظم السيوف صنعت للعرض فقط ولا يمكن القتال بها لسوء تصنيعها وعدم قدرتها على قطع أي شيء، وفق قوله.

يستطرد الأسعد حديثه: "في عام 2017 أقدمت على تفصيل أول قطعة سيف عند حدادٍ في مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، لكنه أيضاً لم يكن وقتها بالجودة المطلوبة التي رغبت بها"، ومع ذلك تدرب على استخدامه مستعيناً ببعض المهارات الغربية واليابانية على مواقع التواصل، والتي ساهمت بشكل كبير في تطوره  متسواه خلال السنوات الثلاثة الماضية.

مصدر رزق

شغف الأسعد بالسيوف دفعه إلى جمع أكبر عددٍ منها، وفق قوله؛ مشيراً أن جميعها جسّدت سيوفاً تاريخية، فمنها نسخة مطابقة عن سيف النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ونسخ عن سيوف الخليفتين عمر وعثمان، ونماذج تمثل السيوف الدمشقية والعربية، وأخرى لسيوف السلاطين "محمد الفاتح وأرطغرل وعثمان وسليمان"، لافتاً أن هذا الأمر أصبح اليوم مصدر رزقٍ له.

يؤكد الأسعد أن جميع مجسمات السيوف الذي يمتلكها اليوم هي من صنع شركة تركية إسمها "Kaleantik"، والتي يقع مركزها في مدينة غازي عنتاب التركية، مشيراً أنه تعامل معها عندما شاهد عرضاً لها على إحدى منصات التواصل الإجتماعي، يقضي بحسومات على بعض السيوف الحقيقية البتارة، وعلى نفس تصميم السيوف القديمة.

وعلى إثرها أوضح الأسعد أنه تواصل مع الشركة وعقد معهم اتفاقاً يمنحه وكالة رسمية لشركتهم في المناطق المحررة (شمال غرب سوريا)، لعرض وتجارة هذه السيوف، ما دفعه لافتتاح معرض للسيوف يقوم ببيعها للزبائن، لافتاً أن سعر السيوف يبدأ من 150 دولاراً أمريكياً حتى 400 دولار.

لكل سيف قصة

"أحمد العلياني" أحد الزوار لمعرض الأسعد يقول لـ"أورينت نت": إن كل سيف داخل هذا المعرض يُخبرك بقصة معينة وتاريخ معين، فمثلاً سيف "ذو الوشاح" يخبرنا ويذكرنا بعدل سيدنا عمر بن الخطاب، كما إنه يُخبرنا أيضاً بعراقة تاريخنا الإسلامي حينما كنا ملوك العالم ويهابنا الجميع.

وأضاف: "داخل هذا المعرض شاهدت سيف يُسمى "الساموراي"، وبمجرد سماعك لاسم الساموراي لا يخطر في عقلك إلا اليابان و محاربي الساموراي الصناديد، ما دفعني إلى شرائه والتدرب على حمله وكيفية استخدامه وتعلم جميع مهاراته.

ولفت العلياني أثناء حديثه لـ"أورينت نت" بأن السيف أصبح من التاريخ المنسي، وأنه مع وجود الأسلحة الحديثة لم يعد أحد يُعيره اهتماماً، مع العلم أنه سيأتي زمانٌ تغيب فيه كل هذه الأسلحة، ويغيب معها كل مظاهر تطور البشرية من إنترنت وكهرباء وصناعات لتعود إلى عصر بدائي، يكون فيه السيف هو السلاح الوحيد.

ولعلّ ما رواه العلياني، أكّده أيضاً الشاب "عروة عبيد" وهو أحد سكان مدينة سلقين، إذ يقول لـ"أورينت نت": "إنه ليس من هواة ركوب الخيول أو التعلم على السيف، بل هوايته الأساسية هي قراءة الشعر وكتابته، ولكن عند افتتاح هذا المعرض دعاني بعض الأصدقاء لرؤية السيوف لأتفاجأ في أشكالها المختلفة، فسألت عن أنواعها وتاريخها والحضارات التي تعود إليها"، وفق قوله.

واسترسل قائلاً: "أصبحت أزور المعرض باستمرار لمتابعة قصص السيوف وحضاراتها وكنت أشعر بسعادة وبفخر عند رؤية السيوف ومعرفة أنواعها وتاريخها، ثم قررت أن أتدرب على ركوب الخيل وحمل السيف واستخدامه، داعياً خلال حديثه لـ"أورينت نت" جميع الناس إلى اقتناء السيوف والتدرب على استخدامه على ظهر الخيل.

نادٍ للفروسية

وبالعودة إلى حديثنا مع "الأسعد" أكّد أنه يعمل حالياً على إنشاء "نادٍ للفروسية" بهدف تعليم الأطفال والبالغين على ركوب الخيل والرماية على القوس واستخدام السيف، معتبراً أن التدريب على ركوب الخيل واستخدام السيف أساس إرث من أجدادنا لا بد من إحيائه والحفاظ عليه وتعليمه الجيل القادم.

واستطرد قائلاً: "أتابع بشكل مستمر بعض الصفحات الغربية الخاصة بتعليم الحرب بالسيف، إذ يقومون بتعليم أطفالهم ونسائهم ورجالهم هذه الفنون، بينما كادت تندثر هذه الفنون في مجتمعنا، وهو ما شجعني أكثر على فكرة إنشاء النادي".

وأشار لوجود إقبال واسع من قبل السكان في شمال سوريا على تعلم ركوب الخيل والفروسية ولا سيما بين الفتيان ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاماً.

السيف رمز العرب

يؤكد الباحث التاريخي "عبد الوهاب عبيان" لـ"أورينت نت" على أن السيف هو أول سلاح شاع بين العرب في الحروب وأصبح جزءاً من صاحبه، لا يمكن الاستغناء عنه أبداً، إذ اهتم العرب كثيراً بصناعة السيوف حتى عُرفت بأنها من أقدم الصناعات العربية، أي منذ العصر الجاهلي قبل الإسلام، وأتقنوا صناعة السيف جيداً وتوشيته وتحليته بالذهب والفضة ومن ثم النقش عليه وكان له مكانة مهمة تدل على القوة والشرف والكرامة.

وأشار عبيان إلى أن السيف نال مديح معظم الشعراء، إذ كان يقترن بأسماء الفرسان والأساطير على مر العصور، إلا أنه أخذ بالتراجع منذ عصر النهضة بين الشعوب، فبعد السيف كان الرمح وبعد الرمح كان القوس إلى أن باتت هذه الأسلحة تعتبر تقليدية مع ظهور البندقية ومن ثم تطويرها لتصبح سلاحاً آلياً ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى أصبح السيف سلاحاً أكل عليه الدهر ولم يعد يستخدم أبداً.

ويرتبط العربي بالسيف ارتباطاً وثيقاً، إذ كان السيف أداته الأولى للقتال دفاعاً عن نفسه وعن قبيلته، وفقاً لـ"عبيان": "لقد كانت غارات القبائل بعضها على بعض قبل الإسلام منتشرة، ولذلك كان العربي يولي اهتماماً خاصاً بسيفه كونه جزءاً منه فيحرص على صقله وشحذ طرفه ونصله لا يخرج دونه وقد يأوي إلى فراشه وهـو إلى جانبه، وهو بالنسبة له رمز القوة والشرف، حتى إن الشعراء في العصر الجاهلي وبعد الإسلام لم يبخلوا عليه بالمديح  رغم تطور الأسلحة وأدوات القتال وظهور المنجنيق وغيره.

نسخة عن سيف النبي محمد (ص)

 

نسخة عن سيف الخليفة عمر بن الخطاب

 

 

 

 

 

التعليقات (4)

    mosaa alasaad

    ·منذ 5 أشهر 3 أسابيع
    شكرا لكم

    شاوي قاعد جاي

    ·منذ 5 أشهر 3 أسابيع
    فاشل طالع يعلم فشله للأجيال الفروسية غير هبالك

    لا سيف الا

    ·منذ 5 أشهر أسبوعين
    (ذو الفقار) ولا فتى الا ( علي )

    وسيم الاسد

    ·منذ 5 أشهر أسبوعين
    بنصحك تعا روح معي نحرر آبار النفط و بس تموت بنعطيك علم و ساعة حيط صينية بدون بطاريات و كل هالسيوف بدحشلك ياهن معك بالقبر
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات