حادث الكلية الحربية لعب بالنار

حادث الكلية الحربية لعب بالنار

أثار حادث الهجوم على حفل التخرج في الكلية الحربية جدلاً واسعاً بين السوريين، وفيما سارع نظام أسد لاتّهام القوى الموجودة في مناطق إدلب وريف حلب وريف اللاذقية، سارع أغلب المحللين المعارضين لتوجيه أصابع الاتهام لنظام أسد بالدرجة الأولى، ثم للميليشيات الإيرانية بالدرجة الثانية.

اعتمد نظام أسد على البداهة فقط عندما اتهم القوى المسلحة في الشمال الغربي من سوريا. أي؛ هو أطلق الاتّهام على أساس أنه من البديهي أن تكون هذه القوى هي التي استهدفت حفل التخرج دونما الحاجة لتقديم الأدلة، باستثناء ما جاء عن مركز المصالحة الروسي في سوريا قبل -ساعات من الحادث– بأن جماعات إرهابية تستعد لشن هجمات على مواقع عسكرية سورية وروسية عبر استخدام طائرات مسيّرة محلية الصنع.

في الواقع أن هذا الخبر استخدمه المعارضون كدليل إضافي لاتهام نظام أسد، إذ أصبحت التحذيرات الروسية قبل الحدث تعتبر تمهيداً لارتكاب جريمة واتهام الآخرين بها، وهذا ما خبره السوريون من خلال تعاملهم مع الروس خلال السنوات المنصرمة، بل أصبحوا يعتبرون هذا النوع من التحذيرات بمثابة التهديد. أما بقية الأدلة التي استخدمت فأصبحت معروفة لكل السوريين لكثرة تكرارها على وسائل الإعلام، ولكن أهمها أن النظام صاحب سوابق في هذا المجال، بالإضافة إلى بعض التحذيرات التي أطلقها ناشطون قبل فترة، وكلها تتنبأ بتخطيط نظام أسد لما يشبه هذا العمل.

الملفت في النقاش الدائر حول هذا الحادث رواج فكرة أن إيران تقف خلف الحادث لدى السوريين في المناطق الواقعة تحت نفوذ نظام أسد. مبدئيا، يمكن اعتبار هذه الادعاءات طبيعية لأن الميليشيات الإيرانية أصبح لها الكثير من الكارهين في الداخل نتيجة سلوكها الممجوج، أما أن تلاقي هذه الفكرة رواجاً واسعاً، فهذا أمر ينبئ برضا نظام أسد، أو لنقل إنه بدفع وتشجيع منه، لأن الجميع يعلم أن أي نوع من الخطاب أو التصريح لا يرضي نظام أسد سوف يتم وأده بسرعة.

رغم أنه احتمال ضعيف، إلا أن رواج هذه الفكرة لدى المؤيدين يعد مؤشراً قوياً على احتمال وجود مؤامرة بين نظام أسد والنظام الروسي تهدف لإقصاء إيران من المشهد السوري؛ تبدأ بخلق البيئة المناهضة للوجود الإيراني، وتنتهي بالطلب من إيران سحب ميليشياتها من سوريا، ومن ثم العودة إلى المبادرة العربية التي أصبحت –في الظروف الراهنة– المنقذ الوحيد الممكن لنظام أسد من هذه الضائقة التي يمر بها، والتي وصلت لمرحلة لم تعد تطاق، فإيران بدل أن تقدم المساعدة في هذه الأوقات الحرجة فضّلت أن تضيّق الخناق على نظام أسد من أجل زيادة تحكمها به وبنظامه.

مؤخرا، دخلت الحرب بين حماس المدعومة إيرانياً والكيان الصهيوني كحدث جديد. لذلك؛ ينبغي على المحلل أن يراقب سلوك نظام أسد وحلفائه في إدلب وباقي المناطق التي وجهت لها أصابع الاتهام في حادث الهجوم على الكلية الحربية، فإنّ تصاعد الاعتداء على هذه المناطق هو مؤشر قوي على أن الحلفاء الثلاثة (نظام أسد والنظامين الروسي والإيراني) سيرتكبون مجازر عديدة ويحاولون فرض واقع جديد على الأرض في غفلة عن القوى العالمية، حيث الأنظار كلها تتجه اليوم نحو حرب غزة.

في مجمل الأحوال هذان الاحتمالان ليسا الوحيدين وإنما هما إضافة لما ذكره المحللون حول الهدف من هذه العملية، ولكن المهم في الأمر أن اتّهام نظام أسد أو حليفه الإيراني بالوقوف خلف حادث الهجوم على الكلية الحربية أصبح يلقى رواجاً واسعاً لدى أغلبية السوريين على طرفي المعادلة، وهذا مؤشر خطير. إنه يعني فيما يعنيه إفلاساً تاماً لنظام أسد اضطره لاستخدام أساليب وخطط معروفة ومكشوفة من قبل السوريين كنوع من أنواع المغامرة؛ على مبدأ: عسى أن تصيب.

هي مغامرة لأن نظام أسد في الآونة الأخيرة أصبح شديد الحذر -بملاحظة أغلب المراقبين- ولعل أكثر ما يثبت هذه المقولة تخلّيه عن سلوكه المعروف بحشد المؤيدين في مسيرات مؤيدة. حيث يرجع المراقبون السبب لتخوفه من أن تتكرر حادثة "تشاوشيسكو" الرئيس الروماني السابق، الذي حشد الجماهير في ظروف مشابهة لكي يظهر حجم التأييد له، وإذ بالمسيرة تتحول لمظاهرة أطاحت به وبحكمه. كذلك يعلم نظام أسد أن أساليبه بترهيب الأنصار عن طريق افتعال الأحداث الأمنية أصبحت مكشوفة ويجب عدم اللجوء إليها بعد الآن؛ لأنها أصبحت نوعاً من أنواع اللعب بالنار.

في ظل انسداد الأفق السياسي أصبحت كل الاحتمالات واردة، سواء منها الممهد للعودة لمسرح السياسة؛ كالتخلي عن الحليف الإيراني مثلاً، أو تلك التي تروم فرض واقع جديد من خلال القوة، علماً بأن المشترك الوحيد بين كل الاحتمالات أنها لعب بالنار. 

التعليقات (1)

    Majed

    ·منذ 6 أشهر أسبوعين
    من الواضح أن تفجير الكلية العسكرية أمــــــــــــر مدبـــــــــــر مسبقاً - ولكن من المتهم الرئيسي في هذا الموضوع ولماذا - ولماذا في هذا التوقيت - ومن هو المستهدف من العملية .. من المؤكد أن وزير الدفاع السوري كان موجود - وربما على علم بالموضوع - وربما لا - لكن الاكيد تلقى اتصال هاتفي قبل العملية بحوالي 20 - 25 دقيقة طلب منه مغادرة الموقع فوراً - ومغادرة بعض المسؤلين من عصابة بشار - هذه العلامة الأولى - العلامة الثانية - أغلب الذين قتلوا هم ليسو من الإيرانيين أو الروسيين بل الأغلبية من السنة - لأن روسيا تحاول إعادة بناء سوريا على الطريقة التي تراها مناسبة بما في ذلك التخلص من أهل السنة - ومن الأكيد حدوث مثل هذه العمليات مع قتل العوائل بسبب التغيير الديموغرافي لسوريا وإلصاق الموضوع بروسيا أولا ثم الإيرانيين ثانياً - والأكيد أن المتهم الأول والأخير هو روسيا لأنه مساند للنظام بشكل كبير ولكن على الطريقة الديموقراطية الغربية
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات