لا تدعموا الأسد ولا تكونوا منبراً للشبيحة

لا تدعموا الأسد ولا تكونوا منبراً للشبيحة

بسبب غسيل دماغ جرى لعدد ليس كبير من المتدينين العلويين لإحلال حافظ الأسد محل الوطن ومحل مشايخ الطائفة، بل محل الإمام علي ذاته، ضاع أي مفهوم ديني حقيقي أصيل عند هؤلاء، بل صار الموضوع الوطني ذاته عندهم غير واضح وملتبس، فهم لا يعرفون أيّهما الأهم حافظ الأسد أم الوطن، بشار الأسد أم سوريا، بيت الأسد وزعامات العصابات الأسدية أم الشعب السوري بما فيه العلويون أنفسهم.

هذا ملخص حديث دار بين كاتب هذه السطور وبين مثقف وشخصية اجتماعية من الساحل السوري ينتمي عقائدياً إلى المذهب العلوي.

فعند كل مفصل يندفع فيه الشعب السوري وريف الساحل للمطالبة بحقوقه المنتهَكة منذ نصف قرن من العصابة العائلية الحاكمة، تتحرك العصابة لإثارة الذعر بين قطاع من العلويين البسطاء المتديّنين بالتخويف تارة من خطر الإبادة، أو بتخوين المطالبين بحقوقهم.

هذا ما اندفعت إليه بنشاط بعض أجهزة الأمن الأسدية بتوجيهات إيرانية وروسية ربما، بعد حراك السويداء السلمي، الذي وضع العصابة في موقف حرج إذ لا يمكن للجيش الانقضاض على السويداء ولا منع أهلها من التظاهر السلمي بل حتى لم تستطع العصابة التحريض على الحراك عبر وسائل الإعلام الرسمية.

فما كان من أجهزة الأمن إلا أن دفعت إلى شاشات اليوتيوب عدداً من الأبواق، بعضهم يظهر لأول مرة والآخر عريق، للقيام بمهمة حساسة جداً عند تلك الأجهزة التي تجد نفسها حائرة في الموقف الذي يتوجب عليها اتّخاذه من حراك السويداء الثوري السلمي .. فلم تجد سوى طريقة الهجوم عبر شبيحة يقدمون أنفسهم كنجوم أو قادة رأي أمثال بشار برهوم وريبال وآخرين، لتوجيه خطاب مليء بكل أنواع الشتائم وبالأخص التخوين والتحريض الطائفي والأفكار السوقية التافهة التي أدمنت الماكينة الإعلامية للعصابة الحاكمة على بثّها إلى الجمهور السوري طوال عقود حكمها.

إلى هنا يبدو سلوك النظام منسجماً مع هويته التافهة القائمة على مقياس الربح والخسارة والقوة والضعف فقط لا غير، لكن غير المتوقع وغير الطبيعي هو أن تندفع قنوات اليوتيوب المحسوبة على المعارضة أو التي تقدّم نفسها كمعارضة، لتوفير منبر للشبيحة العنصريين أو الطائفيين، وهي بذلك من حيث لا تدري تعمل فعلياً مع النظام وتقاتل معه في الحرب النفسية التي يقودها ببراعة منذ سنوات طويلة ضد أي حراك سلمي معارض للعصابة الحاكمة، أي إنها قنوات تُطيل في عمر النظام.

يقول البعض إن قنوات المعارضة يهمّها أن تُظهر لمتابعيها حقيقة الشبيحة، لذلك تعمد إلى إعادة نشر ما يتفوّهون به من عبارات مؤذية على جميع المستويات، ليس الأخلاقية فحسب بل على مستوى هوية السوريين.

لكن هل يعلم هؤلاء أن مهمة الإعلام الأولى هي خدمة جمهور متابعيه، وليس تضليلهم وليس المساهمة في تخريب عقولهم والاعتداء على مشاعرهم بنشر مواد مسيئة، لاسيما إن كانت مواد تثير النوازع الطائفية، أو تضرب على الوتر أو العصب الطائفي.

كل السوريين يعرفون أن أبواق النظام طائفية ووسخة، فلماذا تنشر هذه القنوات وسخهم الطائفي والعنصري؟ هل يعقل أن يكون ذلك لغايات التربّح المالي فحسب؟.

وعلى سبيل المثال لو انتشرت ظاهرة ما في مدينة ما ولنقل إنها ظاهرة بيوت الدعارة، هل وظيفة الإعلام أن يعرض صوراً أو أفلاماً من داخل تلك البيوت ليثبت لجمهور متابعيه أنها ترعى الدعارة؟.

يكفي الإعلام ليمارس دوره أن يقول التالي: في المدينة الفلانية تنتشر ظاهرة الدعارة. هذا إن كانت غاية الإعلام مكافحة الظاهرة، وليس ترويجها. أما الإعلام الذي يبثّ مشاهد مغرية من تلك البيوت، فغايته إما جلب مشاهدات بغاية الربح، أو بغاية الترويج للدعارة، أو إنه يفعل ذلك بجهل.

الحرب النفسية التي تتبعها العصابة الحاكمة بعد حراك السويداء، أحد أهم أهدافها المحافظة على التوتر الطائفي والعرقي عند مستوى محدد يمنع توحّد السوريين من جهة، إنما الهدف الثاني فيتعلق بالساحل السوري، وتحديداً بعملية الاستقطاب التي نجحت أجهزة النظام في المحافظة عليها لسنوات.

فعندما يبقى مستوى الطائفية والعنصرية مرتفعاً في ذهن السوريين المعارضين سيبقى مستوى الخوف بل الرعب عالياً في نفوس السوريين الموالين لاسيما في الساحل، ولن يفكروا أصلا في الانقلاب على الأسد، لأنهم يوضعون دوماً أمام معادلة (الأسد أو المذبحة).. وللأسف فما زال كثيرون هناك يصدقون هذه المعادلة الكاذبة.

التعليقات (3)

    سوري مُشرد

    ·منذ 7 أشهر 3 أيام
    عندما نُطيح بهذه العصابة النصيرية الطائفية الإجرامية التي تعيش على التنفس الإصطناعي المتمثل بتجارة المخدرات، سيكون أبواق هذه العصابة من المطبلين والإعلاميين و الشبيحة أول من نُطيح برقابهم نظير التطبيل والترويج لعصابتهم .

    ساخط سوري

    ·منذ 7 أشهر يومين
    كالعادة كلام طائفي مقيت ضد العلويين البسطاء ويتناسى أن العصابة الحاكمة اغلبيتها من السنة

    محمد عبدو

    ·منذ 7 أشهر يوم
    شكرا استاذ مقال جيد وشكرا اورينت
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات