معبر الحمران.. "الوطني يفشل بالحسم والجولاني يغامر" و3 سيناريوهات للمعركة

معبر الحمران.. "الوطني يفشل بالحسم والجولاني يغامر" و3 سيناريوهات للمعركة

بينما اعتقد قادة فيالق الجيش الوطني أن معبر الحمران بات تحت السيطرة الكاملة، مع إعلان "أبو حيدر مسكنة" قائد القاطع الشرقي في حركة أحرار الشام انضمامه للفيلق الثاني قبل أسبوعين، تفاجأ الجميع بالعصيان الذي أعلنته مجموعات من القاطع التي أكدت استمرار بيعتها لقيادة الحركة في ريف إدلب، المهيمَن عليها من قبل حسن صوفان والمتحالفة مع الجولاني قائد ميليشيا تحرير الشام.


وقع قادة فصائل الجيش الوطني لحظتها في مأزق عندما كانوا مضطرين للسماح بإرسال ميليشيا الجولاني مجموعات من أبناء عشائر دير الزور الذين سمح لهم بالتحرك للضغط على ميليشيا قسد في ذلك الحين، حيث كانت الاشتباكات بين هذه الميليشيا ومقاتلي العشائر في ريف دير الزور الشرقي بأوجها.


لم يكن بإمكان الجيش الوطني وقتها منع هذه المجموعات من الدخول إلى مناطق سيطرته، خشية تحميله المسؤولية عن فشل التحرك العسكري لهذه "الفزعات"، وفي الوقت نفسه كان الجميع على يقين بأن زعيم ميليشيا "تحرير الشام" سيعمل على استغلال هذه المجموعات التي أرسلها للانتقام وتمكين المجموعات التي بقيت على ولائها لقيادة حركة أحرار الشام من المعبر الواصل بين مناطق سيطرة الجيش الوطني ومناطق سيطرة قسد والمخصص لنقل الوقود ما يدر دخلاً يومياً كبيراً على إدارته.

انشقاق وتهديد


وبالفعل جرت بعض المناوشات الأسبوع الماضي، لكن سرعان ما تم احتواؤها ليتفق الطرفان على تقاسم إدارة وواردات المعبر، لكن وكما هو متوقع فإن هذا الاتفاق كان لحظياً ومؤقتاً، خاصة وأن المسؤولين الأتراك عن منطقة درع الفرات لم يكونوا راضين به.

وعليه فقد تمت الدعوة إلى اجتماع يوم الثلاثاء الماضي بين قائد القطاع الشرقي أبو حيدر مسكنة، المنضم للفيلق الثاني، وبين ممثل المنشقين عنه "أبو الدحداح" بحضور ضباط ومسؤولي الجهاز التركي، حسب مصادر كشفت وقتها عن منح مهلة للكتائب التي التحقت بـ "أبو الدحداح" من أجل العودة للعمل تحت قيادة "أبو حيدر مسكنة" باعتباره "القائد الشرعي" للقطاع الشرقي، مع التشديد على تبعية معبر الحمران بالكامل للجيش الوطني، على أن يغادر المنطقة كل من يرفض الاتفاق والانضواء تحت لواء الفيلق الثاني، أو مواجهة عملية عسكرية لاستئصاله.


انتهت المهلة دون تنفيذ هذه البنود، لتندلع أمس الخميس اشتباكات عنيفة بين الجانبين استنفر لأجلها الجيش التركي المتمركز في مناطق سيطرة الجيش الوطني شمال حلب.

اشتباكات عنيفة


اشتباكات عنيفة شهدتها القرى الفاصلة بين معاقل "أحرار عولان" التي تمترست بمعبر الحمران مع مجموعات تابعة لهيئة تحرير الشام بقيت في المنطقة بعد دخولها تحت عباءة "فزعة العشائر"، وبين قوات من الفيلقين الثاني والثالث التابعين للجيش الوطني، بينما استنفر الجيش التركي في ريف عفرين لمنع ميليشيا الجولاني من إرسال أي تعزيزات.


مقاومة عنيفة أبدتها المجموعات التي تأتمر بأوامر الهيئة، لكن طبيعة الأراضي السهلية لمناطق الاشتباك من جهة، واتساع عرض جبهة القتال، التي تتجاوز العشرة كيلو مترات من جهة ثانية، بالإضافة إلى عدم وصول أي تعزيزات لمساندتها، جعلها تنهزم خلال ساعات لتتقدم قوات الجيش الوطني وتسيطر على عدد من القرى التي كانت تحت سيطرة القوات المدافعة، مثل قرى ثلثانة والواش وبرعان، قبل أن يخوض الطرفان قتالاً عنيفاً في قريتي عبلة وتل بطال، آخر معاقل المجموعات التابعة للجولاني قبل معبر الحمران.

توحد الجيش الوطني


مصدر في الجيش الوطني أكد لـ "أورينت نت" أن جميع فصائل وتشكيلات الجيش الوطني شاركت في الهجوم على الجماعات "المرتبطة" بهيئة تحرير الشام في المنطقة، بما فيها فرقتا "الحمزة" و"السلطان سليمان شاه".


والفرقتان كانتا قد تحالفتا مع هيئة الجولاني في تشرين الأول/أوكتوبر من العام الماضي 2022 بمواجهة الفيلق الثالث، ما سمح لـ "تحرير الشام" بالدخول إلى عفرين ومناطق أخرى في عمق ريف حلب الشمالي والشرقي.


وحسب المصدر، فإن مشاركة الحمزة التي يقودها سيف أبو بكر، وفرقة السلطان سليمان شاه بقيادة محمد الجاسم أبو عمشة، جاءت بعد أوامر حاسمة من الجانب التركي بالتصدي لأذرع الجولاني في منطقة درع الفرات، وإنهاء أي وجود لهم هناك.


لكن مصادر محلية أكدت لـ "لأورينت نت" عدم دقة هذه المعلومات، كاشفة عن رفض الكثير من تشكيلات الجيش الوطني المشاركة في العملية، بينما شاركت تشكيلات أخرى بشكل صور!

تجمع الشهباء يتدخل


ويبدو أن هذه المعطيات اطلع عليها قادة "تجمع الشهباء" المتهم بالتنسيق مع هيئة تحرير الشام، بعد الانشقاق عن الفيلق الثالث مع بداية العام 2023، ما دفعها لإصدار بيان تحذر فيه من الاستعداد لهجوم على التجمع، معلنة النفير العام.


البيان الذي نشر منتصف الليلة الماضية، أكد تبعية (حركة أحرار الشام-القاطع الشرقي) لتجمع الشهباء، معتبراً أن الانقسام الجديد الذي شهده قاطع الحركة "مشكلة داخلية" استثمرها البعض "لإثارة الفتنة وجرّ المحرَّر إلى معركة عبثيّة".


اللافت في البيان هو الهجوم على وزير الدفاع في الحكومةِ السوريةِ المؤقتةِ، الذي "تحول إلى أداةٍ لجرِّ المنطقة المحررة والثورة إلى الفتن وعدم الاستقرار" حسب ما ورد فيه، معتبراً أن إصرار الوزير على إخراجِ تجمُّعِ الشَّهباءِ من مرتَّباتِ الجيشِ الوطني، وإصدار البياناتِ والقراراتِ المنحازةِ وغيرِ المسؤولةِ "تسبب في هذه الفتنة".


وختم: إنَّ المكوناتِ العسكريّة في تجمّعِ الشهباء التي تمثل الطيفَ الواسعَ من الثورة السورية ومن أبناء المنطقة في الشمال السوري المحرر، تعلن النفير العام لردِّ هذا الاعتداء، وتدعو الفصائلَ الثوريّةَ إلى النأي بنفسها عن هذه الفتنةِ، والامتناعِ عن تنفيذِ الأوامرِ العسكرية اللامسؤولةِ الصادرة عن "وزير الدفاع" المنحاز إلى المعتدين، وعلى من أشعلَ نارَ الفتنةِ، أن يتحمل النتائج.

هدنة اضطرارية


وبعد البيان، ومع ساعات الفجر الأولى، اقتحم تجمع الشهباء قرى صندي وتل الهوى والجطل بعد أن اشتبك مع مجموعات تابعة لفرقة "السلطان مراد" التي تشكل عماد الفيلق الثاني.


المؤازرة هذه والمقاومة المستميتة التي أبدتها مجموعات "أبو الدحداح" المحاصرة في قرية عبلة ومحيط المعبر، نجحت في عرقلة تقدم القوات المهاجمة، ما أتاح الفرصة للوسطاء من أجل إقناع الطرفين بوقف مؤقت لإطلاق النار على أن تبدأ مفاوضات شاملة من أجل الحل، لكن لا يبدو أن الأمور ستسير على هذا النحو.


مصادر الجيش الوطني أكدت أن هذه الهدنة هشة وتم القبول بها من "جانبنا" بهدف السماح بإجلاء الجرحى ومعالجة الأخطاء التي وقعت في اليوم الأول من الهجوم، بينما قالت مصادر مستقلة إن الطرفين اضطرا لوقف إطلاق النار بسبب عجز أي منهما عن الحسم.


يعرف قادة أحرار الشام التابعون للمجموعات المنشقة أن النتائج ستكون محسومة بعكس ما يشتهي قادتهم بحال استمرت المعطيات على ما هي عليه حتى الآن، وتحديداً لجهة الموقف التركي الداعم لتحرك الجيش الوطني هذا.

مغامرة الجولاني


موقف كان متوقعاً على أي حال من جانب المسؤولين الأتراك عن الملف السوري والوجود التركي في الشمال، حيث يعتبر المساس بالفيلق الثاني الذي يقوده فهيم عيسى خطاً أحمر لا يمكن التهاون معه، الأمر الذي جعل الكثيرين يستغربون من قرار ميليشيا الجولاني بالدخول في هذه المواجهة، رغم التوقعات التي كان يجب أن تكون حاضرة لديها بتحرك تركي ضدها، ما يشجع على توحد تشكيلات الجيش الوطني لمواجهتها أيضاً، بما فيها الفصائل التي كانت على وفاق أو تحالف مع الجولاني.


وعليه فقد اتفق غالبية المتابعين على اعتبار ما قام به الجولاني بأنه "خطأ كبير ومغامرة غير محسوبة" ربما يدفع ثمنها الكثير، باعتبارها تمثل تحدياً للإرادة التركية، وفرصة في الوقت نفسه لكل مناوئي ميليشيا "تحرير الشام" وخصومها من فصائل المعارضة من أجل التوحد ضدها، على أمل كسر شوكتها والانتقام لسلسلة من التعديات التي طالتها من قبل الهيئة على مدار السنوات الماضية.

خطأ ولكن!


يرى الباحث في مركز جسور عبد الوهاب عاصي أن أبو محمد الجولاني أخطأ التقدير هذه المرة، لكنه لن ينهزم بسهولة رغم ذلك.


ويقول في تعليق ل"أورينت" حول ما يجري في الشمال: الجولاني بنى خطوته الأخيرة هذه على تراكمات سابقة جيرها لصالحه، فهو استفاد من الانقسامات داخل حركة أحرار الشام، وكذلك من المؤازرات التي دخلت المنطقة أيام فزعة العشائر، ما عزز قوته وقواته في عولان وعبلة ومحيط معبر الحمران بشكل كامل.


ويضيف عاصي: لكن الخطأ الحقيقي الذي ارتكبه الجولاني هذه المرة هو تقديره الخاطئ أن الفيلق الثاني بقيادة فهيم عيسى، سيقف كالعادة موقف المتفرج، لأن المعركة لن تعني له شيئاً، فالمعبر ستبقى إدارته وواردته مناصفة بينه وبين أي جهة أخرى تسيطر عليه، سواء الفيلق الثالث أو جماعة أحرار عولان، لكن الوقائع أثبتت أنه تقدير خاطئ، إلا أن هذا لا يعني هزيمة حتمية للجولاني وجماعته، لأنهم سبق وأن عززوا قوتهم ولن يكونوا لقمة سائغة.

مآلات وسيناريوهات


من الواضح أن ردود فعل الجماعات المنشقة عن الجيش الوطني والمتحالفة أو التابعة للجولاني ليست باللقمة السائغة، كما إنها تعمل بتنسيق معقول، ولديها القدرة على خلط الأوراق، في وقت تعاني فيه فصائل الجيش الوطني من عجز عن الحسم، إلى جانب غياب إرادة موحدة وتوافق حقيقي بين جميع المكونات في خوض هذه المعركة، على عكس ما تقول قيادته، الأمر الذي أحدث ثغرات عديدة سمحت للطرف الآخر بعرقلة الهجوم الذي كاد أن يحسم المواجهة قبل منتصف الليلة الماضية.


الحسم هو احتمال وارد بالطبع نتيجة فوارق القوة والأعداد والتسليح، لكنه ليس الاحتمال الوحيد، كما يقول المحلل العسكري والإستراتيجي عبد الجبار العكيدي لـ "أورينت نت".


ويضيف في إطار توقعاته لمآلات هذه العملية: لدينا العديد من السيناريوهات التي لها حظوظ متساوية، بناء على الوقائع والمعطيات، أبرزها بالطبع أن تتمكن فصائل الجيش الوطني من حسم المعركة والقضاء على أذرع هيئة تحرير الشام في المنطقة، والفرصة سانحة أمام هذه الفصائل لتحقيق ذلك اليوم طالما أن الغطاء التركي موجود.


أما الاحتمال الثاني فهو أن يعجز الطرفان عن الحسم وتستمر الأمور على ما هي عليه، لكن خطورة هذا السيناريو، كما يقول العكيدي، تتمثل في أن الجولاني سيبدأ لاحقاً بتعزيز حضوره أكثر في منطقة درع الفرات، وسيبدأ بتنفيذ اغتيالات ضد خصومه، واستقطاب المزيد من الشخصيات والمجموعات إلى صفه.


الاحتمال الثالث هو أن ينجح اتفاق وقف النار الذي تم التوصل إليه فجر اليوم الجمعة بالفعل، ويعود الطرفان إلى اتفاقية تقاسم إدارة وواردات المعبر، على أن ينتهز كل منهما الفرصة والظروف في وقت لاحق من أجل تغيير المعادلة.

سيناريوهات متعددة إذاً، واحتمالات لها نفس الحظوظ، لكن كل شيء يتوقف على توفر إرادة الحسم لدى الجانب التركي، الذي إن كان قد اتخذ قرار إنهاء ملف أحرار عولان بالفعل، وضمان سيطرة قوات موثوقة بالنسبة له على المعابر وخطوط التماس مع مناطق سيطرة ميليشيا قسد، فإنه سيكون قادراً بسهولة على معالجة الأخطاء التي وقعت خلال مواجهات أمس، وتوجيه وقيادة هذه القوات لطرد الطرف الآخر منها، إلا إذا قرر الجولاني وحلفاؤه خوض مواجهة كبرى في منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون، وهو احتمال مستبعد بطبيعة الحال.

التعليقات (3)

    Mks

    ·منذ 7 أشهر يومين
    خرى على شواربكم كلكن يا اندال تركتم عدوكم واشتغلتم بقتال بعضكم والشعب السوري مهجر من تحت راسكم يااا ......

    ياسر منصور

    ·منذ 7 أشهر يومين
    لو كان الجولاني شريفا أو كان يشكل خطرا على المجرم بشار لتمت تصفيته هو ومن معه من زعران الجيش الحر .

    سيده عارف

    ·منذ 6 أشهر أسبوعين
    ألم يان الأوان لنبذ الخلافات وتوحيد الكلمة والاتحاد مع بعضكم لتحرير الجولان والمسجد الأقصى من العدو الصهيوني ان العدو يتآمر عليكم اشق صفوفكم وقتال بعضكم بعض اتقوا الله وانذوا الخلافات ووحده صفوفكم وكبمتكم وقفتكم حتى تستيعوا النصر على العدو الصهيوني وتحرروا الجولان والاقضى قال تعالى واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل صدق الله العظيم انتم لغة واحده ودين واحد ودم واحد انبذوا الخلافات بيكم واتحادوا انتم أهل بلاد الشام اهل الشجاعة والمرؤه انقذوا اهل فلسطين المرابطين إلى اليوم فى وجه العدو الصهيوني وفقكم الله إلى ما يحب ويرضى قال تعالى وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم فيما بلغ عن رب العزه سبحانه وتعالى اواكم الله نصركم الله ثبتكم الله ايدكم الله حفظكم الله ورعاكم خيركم من سعى لتوحيد الصف خيركم من بدا بالموافقه على الصلح بينكم انسوا الخلافات بينكم هناك عدو يتربص بكم ويتحين الفرصه للقضاء عليكم لتحقيق حلمه من النيل إلى الفرات
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات