إحدى فوائدها ثورية.. "الباركور" تحضر في إدلب رغم المخاطر وغياب الدعم

إحدى فوائدها ثورية.. "الباركور" تحضر في إدلب رغم المخاطر وغياب الدعم

من فوق أسطح الأبنية المدمّرة بفعل قصف ميليشيا أسد، تمارس مجموعة من شباب إدلب رياضة الباركور، والتي تتضمّن القفز فوق الحواجز والوثب العالي وتخطّي العقبات.

يُزيل هؤلاء الشباب الغبار عن تلك المباني في مدينة إدلب، عبر أداء حركات بهلوانية رائعة وقفزات خطرة ومثيرة، يتسلّق البعض منهم الجدران والنوافذ ويقفز منها بالفراغ، وما إن يصل الأرض حتى يبدأ تنفيذ حركات دورانية وبهلوانية في الهواء.

تجربة شخصية

عبادة جبارة شاب من مدينة إدلب، بدأ بممارسة هذه الرياضة منذ ستّ سنوات، حيث كان الإنترنت هو دليله الوحيد للوصول إلى قواعد اللعبة، في ظل غياب المدرّبين، إلى أن وصل إلى إتقان اللعبة، حسب قوله.

"منذ كنت يافعاً، لمست حبي للمغامرة والحركات البهلوانية، وبدأت أصوّر الحركات التي أقوم بها وأنشرها على مواقع التواصل ليستفيد منها المهتمّون باللعبة، وبعد ذلك قمت بتدريب مجموعة من طلاب المدارس، ومنهم اخترنا النخبة وشكّلنا فريقاً خاصاً مكوّناً من أحد عشر لاعباً، أطلقنا عليه اسم (تفاني)".

وعن تأثير الباركور عليه شخصياً، يضيف جبارة: "كسرتُ الخوف الشديد عندي، وعلّمتني مجابهة الخوف وزيادة القوة البدنية، ومن يمارسها يقضي وقتاً مفيداً فيها، أفضل من بقائه في ممارسة بعض العادات السلبية، وهي مفيدة وليس صحيحاً أننا نُلقي بأنفسنا إلى التهلكة".

رغم غياب الأندية الراعية لهذه الرياضة وانعدام الظروف المُساعدة لتطوّرها ونقص المعدّات والإمكانيات حسب هؤلاء الشباب، إلا أن هذه المجموعة الشبابية طوّرت نشاطاتها وقامت بإنشاء فريق متكامل لهذه الرياضة، إضافة إلى تأسيس نادٍ لتدريب الأطفال عليها، حيث يتم تدريب الأطفال في الحدائق العامة بعيداً عن الأسطح والأبنية المدمّرة حيث يتدرّب الكبار.

لعبة الباركور موجودة في هذه المنطقة من العالم رغم استمرار القصف، تلك هي الرسالة التي يبغون توصيلها للعالم، إضافة إلى أملهم بالوصول إلى العالمية ورغبتهم بالمشاركة في المسابقات الدولية.

يدخل ضمن لعبة الباركور حركات الكونغ فو والكارتيه، مع ما فيها من وثبات طويلة وقفزات عالية وخطرة ولا يسهُل على الجميع ممارستها، حسب رأي عامر سمسوم، مدرّب اللعبة في فريق "تفاني"، الذي قال إن فريقهم هو الوحيد في الشمال المحرر الذي يؤدّي اللعبة وفق قواعدها السليمة، وإنهم يعتمدون تدريب الصغار على اللعبة في الحدائق لتوفّر الأمن النسبي فيها ولغياب الصالات، وإنهم بعد إتقان الحركات ينتقل الكبار لمتابعة التدريب في الأماكن المدمّرة.

تعزّز رياضة الباركور فكرة الهروب مع سرعة البديهة والمهارة للتخلص من المواقف الحرجة، مع سرعة التصرف بكفاءة عالية وحركات مناسبة للتصرف ضمن الأماكن الضيقة.

غياب أدنى درجات الحماية

مع غياب كامل لأدنى درجات الحماية، تمارس هذه المجموعة رياضة الباركور الخطرة، متجاهلين الأخطار التي يمكن أن تلحق بهم من رضوض وكسور قد تصيب الرأس، ناهيك عن تمزق الأربطة والتواء الأرجل، معللين غياب وسائل السلامة والأمان بعدم وجود أي اهتمام باللعبة من قبل السلطات المحلية إضافة إلى ضعف إمكانياتهم.

"أكرم حزّاني" مدرّب في فريق "تفاني" قال إن غياب معدّات التدريب و تكاليف السفر التي يتكبّدها المتدرّبون خلال قدومهم من الريف للمدينة، هي أهم الصعوبات التي تعترض عملهم في التدريب، ومع ذلك يأمل أن تنال العروض التي يقدّمونها التقدير من الناس، كما يحلم أيضاً أن يمثّل بلاده في مسابقات دولية يوما ما.

فوائد ممارسة رياضة الباركور عديدة ، فهي تُعتبر تمارين رياضية لكامل الجسم لما تحتويه من حركات، كما إنها تقوّي العضلات لتأدية الحركات وتزيد من القوة الذهنية لدى اللاعب، كما لا يمكن إغفال القيمة المسلّية للباركور، حيث إنها تمنح اللاعب المزيد من اكتشاف حركات جديدة حسب الحزّاني، الذي أكد وجود مخاطر أيضاً لها، من أهمها تُعرّض اللاعب للأخطار عند تطبيقه لبعض الحركات، كالقفز من سطح إلى سطح آخر بعيد أو تسلّق الحوافّ المرتفعة.

مع ما في هذه الرياضة الخطرة من فوائد وأخطار، هناك أيضاً رسالة للفت أنظار العالم إلى الجرائم المتواصلة التي يرتكبها نظام أسد وحلفاؤه بحق مدينتهم، كما يقول شباب هذه الرياضة.

متى ظهرت رياضة الباركور وأين؟

يُذكر أن هذه الرياضة ظهرت في فرنسا في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، ثم أصبحت من الرياضات المشهورة في العالم في منتصف التسعينات، ولكي يحصل الممارسون لهذه الرياضة على المهارة العالية، لا بد من إيجاد مكان مناسب للتدرّب فيه، ثم البدء بتقوية العضلات لأنها الركيزة الأساسية للتنفيذ، كما إن وجود مدرّب متمكّن يُعدّ أمراً ضرورياً لتعليم الحركات بالطريقة الصحيحة.

ويُنصح بالتدرّج بالتدرّب على بعض التمارين مثل الضغط والقرفصاء، وبعد ذلك يأتي دور حركات الهبوط والتدحرج من ارتفاع من نصف متر إلى متر كبداية، ثم تأخذ بالتسلّق والقفز مع ضرورة إعطاء أسلوب خاص للحركات، ومع ذلك لا تحتاج إلى متطلبات استثنائية، فكل ما تحتاجه هو حذاء مريح وقوي ومرن وخفيف، يمكّن اللاعب من حماية قدمه وامتصاص الصدمات، كما إن الملابس لا بدّ أن تكون مريحة، ومن المفيد استخدام القفازات الرقيقة مع واقيات الركبة.

رياضة الباركور حالها كحال الرياضات الفردية في الشمال السوري، ليس لها اتحاد يُدير شؤونها وينظّم عملها أو منظمات إنسانية تدعمها، ويقتصر دعمها على مبادرات فردية وبهمّة شباب ينقصهم الكثير من الخبرة والدعم، ومع ذلك يحاولون توصيل رسالتهم للعالم في الوقت الذي عجز فيه إعلام الحكومات عن توصيلها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات