مم يخاف العلويون؟.. فراس سعد: الأسد أحرق الطائفة والثورة المسلحة خيار مشروط

مم يخاف العلويون؟.. فراس سعد: الأسد أحرق الطائفة والثورة المسلحة خيار مشروط

"إن على كل معارض وثوري سوري مهما يكن انتماؤه السياسي والاجتماعي والديني أن يقدم خطاباً وطنياً جامعاً فإذا ما فعل فسرعان ما يقترب عموم السوريين منه نابذين مخاوفهم وأوهامهم... فما يخرج من القلب سواء كان حباً أم كرهاً يصل إلى القلوب".

هذه الجملة كانت من آواخر انتهى إليه الحوار مع فراس سعد المعارض السوري المنحدر من الطائفة العلوية، الذي تناولنا فيه محاور عدة، مركزين على التململ والتوترات التي تشهدها الحاضنة "العلوية" لبشار الأسد، وما يمكن أن يتمخض عنها، بعدما أوصلهم وسوريا إلى مستنقع الفقر والجوع والذل أمام الحليف والخوف من أبناء الوطن.

وخلال الحوار أجاب فراس عن كثير من الأسئلة التي تدور في خلد جمهور الثورة والمعارضة عن العلويين وإيران والإسلاميين وصيدنايا والإرهاب والمستقبل وعن حياته الشخصية وأسباب معارضته للأسد حتى ما قبل الثورة رغم أنه من الطائفة "المدللة"، كما يعتقد جلّ السوريين.

هل يثور العلويون؟

رغم الغليان الذي يشهده الساحل السوري وارتفاع أصوات علوية مناهضة لنظام أسد مؤخراً إلا أنّ فراس سعد لا يُرجح أن يثور العلويون على بشار الأسد رغم كل الظروف المعيشية والإنسانية التي أوصلهم إليها، دون أن يستبعد ذلك تماماً، لكن ضمن شروط وظروف معينة، لا يبدو أنها موجودة حالياً.

يقول سعد: لم يعرف عن العلويين تاريخياً أنهم كانوا أهل ثورة أو تمرد على الأوضاع القائمة فلا يوجد في تاريخهم منذ أربعة قرون أي ثورة على السلطة السياسية باستثناء ثورة الشيخ صالح العلي في ريفي طرطوس وجبلة ..  بل كان العلويون يميلون تاريخياً إلى موالاة السلطة الحاكمة.

تمرد عسكري

مع ذلك يرى إمكانية انتفاضتهم في ظروف أو شروط محددة وهي انتفاء الخوف من "الإسلاميين"، وتغيير حقيقي في بنية الثورة والمعارضة لإنتاج خطاب وطني جامع، عندها يمكن أن يحدث تمرد من نوع ما في الساحل ربما عسكري أو مسلح أكثر مما يمكن أن يكون احتجاجاً عاماً أو تظاهرات .. فاللجوء إلى السلاح أسهل وأبسط فهو متوفر وأقل تعقيداً من الاحتجاج المدني وهو الأقوى في التعبير وإعلان المواقف.

بالمقابل يؤكد سعد أن الأسد لا يخشى من تمرد مسلح بل يخشى من تمرد شعبي منظم احتجاجي حتى لو كان يحمل مطالب معاشية كما حدث سابقاً في السويداء.

الإسلاميون سلاح الأسد لتخويف العلويين

في رده على سؤال ما هو أكثر شيء يخيف العلويين في سوريا؟، يقول سعد بدون تردد الإسلاميون، ويكاد يكون الوتر الوحيد الذي عزف عليه النظام لإجبار الحاضنة العلوية أن تبقى تحت سيطرته، فهو استطاع بشكل احترافي استخدام خطابهم لتخويف ليس العلويين فقط بل كل الأقليات.

ولكن ألا يعلم العلويون أن كل الإسلاميين إن صح التعبير وهنا نقصد المتشددين، هم خريجو معتقل صيدنايا؟ 

"لا يعلمون أبداً بهذه الحقيقة، بل جزء كبير جداً منهم لا يتخيلون أن خبث العصابة الحاكمة يمكن أن يصل لهذه الدرجة.. نحن أمام مجتمع جاهل سياسياً تماماً، ومجتمع جاهل ثقافياً أيضاً، فكيف يمكن أن يشكك؟ الشك يأتي من المعرفة".

ثم يدلل سعد على كلامه بقوله: أخبرتني سيدة علوية معارضة للنظام أنها أثناء خروجها من مبنى أحد الفروع الأمنية في دمشق انتبهت إلى وجود رجلين مسلحين أمام مبنى الفرع بلحى طويلة ولباس يشبه لباس الإسلاميين يحملون السلاح كما لو أنهم حرس لمبنى فرع الأمن الأمر الذي صعق السيدة".

ويضيف كيف يمكن لأسرة ريفية أن تشك بأن ابنها عنصر الأمن الذي يفترض به أن يحمي الشعب من الإرهابيين قد يكون هو نفسه الإرهابي؟ وكيف لأسرة تربى أفرادها في مدرسة الأسد والبعث وعبر وسائل إعلام تغرس صباح مساء فكرة قداسة الرئيس ونزاهته عن الخطأ وأنه حامي البلاد والعباد وأن يتخيل معظم عوام الطائفة أنه هو نفسه من يسرق البلاد ويبيع مؤسساتها لإيران وروسيا؟.

وفي هذا السياق يستشهد سعد بفيديو قديم عمره 5 سنوات لأحد قادة ميليشيات أسد الطائفية، يذكر أن ضباطاً كباراً وبالاسم يتعاونون مع "جبهة النصرة" ويبيعونهم ذخائر ومعلومات.

ويضيف، نعم؛ النظام ينفخ في خطاب التكفيريين وينشره بواسطة أجهزة مخابراته ومخبريه وأحزاب السلطة والجبهة الوطنية التقدمية في الأوساط الشعبية ليحرك مخاوف وجودية عميقة خاصة لدى الأقليات.. فمشروع الدولة التي تقدمه داعش أو جبهة النصرة، هو سابقة في التاريخ الإسلامي نفسه فكيف يمكن للأقليات غير السنية وغير المسلمة أن تقبل بهذا البديل عن النظام إذا كان جزء كبير من السنّة لا يقبلون به؟.

نموذج واقعي

هناك نموذج ذكره سعد عن أحد الإسلاميين الذين استخدمهم نظام أسد في ضرب الثورة من جهة وتخويف الحاضنة من جهة، إنه أبو أيمن العراقي زعيم ما يسمى "دولة الإسلام في العراق وبلاد الشام" في الساحل وهو المتهم بقتل أبو بصير اللاذقاني القيادي في الجيش الحر على جبهة الساحل".

يقول سعد "هناك شخص إسلامي آخر معروف كان في معتقل صيدنايا واسمه نديم بالوش وهو من اللاذقية ويقال إنه كان ذو حظوة عند اللواء آصف شوكت، وقد هدد باستخدام الكيماوي ضد الأسد ومناطق العلويين، ليساهم في تسويق كذبة روجها النظام والروس لاتهام قوى الثورة والمعارضة بقصف المدنيين بالكيماوي.

العلويون والسنّة

في هذا المحور طرحنا عدداً من الأسئلة، كان أبرزها ماذا يريد العلويون من السنّة شركائهم في الوطن؟ والمقصود هنا، (عموم الحاضنة الموالية وليس كبار الشبيحة والمجرمون المعروفون لكل السوريين).

لقد برع نظام أسد باللعب على وتر الطائفية والإسلاميين فاستخدم خطابهم لتخويف الأقليات لا سيما العلوية، والمسيحيون والأقلية العلمانية أيضاً، فكان ينفخ في خطاب التكفير وينشره بواسطة أجهزة مخابراته ومخبريه وأحزاب السلطة والجبهة الوطنية التقدمية في الأوساط الشعبية الأمر الذي حرك مخاوف وجودية عميقة في تلك الأوساط الأمر الذي دفعهم للوقوف مع النظام ضمنياً أو فعلياً.

يضيف سعد بأن هذا الخطاب لم يستخدمه في إخافة العلويين وأقليات أخرى فقط بل حتى بعض السنة، من أسر تجارية وصناعية عريقة، لا سيما في حلب ودمشق فكل هذه الشرائح الاجتماعية لا يناسبها حكم إسلامي ولا يناسبها دولة شريعة لأسباب اجتماعية تاريخية ونفسية..

وأما الحل من وجهة نظر سعد فهو ما جاء في افتتاحية الحوار، وينبغي أن يشمل جميع السوريين ليطرد كل فريق خوفه من الآخر.." إن على كل معارض وثوري سوري لأي جهة سياسية انتمى ومن أي جماعة أهلية انحدر أن يقدم خطاباً وطنياً جامعاً فإذا ما فعل فسرعان ما يقترب عموم السوريين منه نابذين مخاوفهم وأوهامهم ... فما يخرج من القلب سواء كان حباً أم كرهاً يصل الى القلوب".

لا مستقبل دون محاسبة مجرمي الحرب

سعد يسوق مخاوف الطائفة للوقوف إلى جانب نظام الأسد، لكنه في الوقت نفسه لا يجد ذلك مبرراً لهم أو لجزء منهم في ارتكاب المجازر والغوص في دماء الأطفال والأبرياء.

ويرى سعد أنه لا مستقبل للعلويين ولا لأي جماعة سورية أخرى بعيداً عن بقية السوريين،..." مصيرنا مشترك في السراء والضراء، النظام أحرق الطائفة وأحرق جميع السوريين، ومن يظن نفسه سينجو من المحرقة السورية فهو واهم"، لذلك فهو يدعو جميع السوريين للعمل معاً لتجاوز هذه المحرقة ووضع أسس لمستقبل آمن يؤسس على مبادىء الدولة الحديثة وأهمها المواطنة المتساوية والعدالة، ويشدد على أن   والعدالة تقتضي في المرحلة الانتقالية محاسبة مجرمي الحرب وتعويض المتضررين من الحرب مادياً ومعنوياً.

فراس سعد لأورينت: الحرس الخاص لبشار إيراني منذ 2005

حاولنا الاستفسار عن تجربة عاشها سعد في سجن صيدنايا ودونها في كتابه (سجن صيدنايا- رواية معتقل علوي) ألمح فيها إلى أن إيران كانت تتهيأ للتدخل المباشر في سوريا وتنفيذ مخططها في التغيير الديمغرافي قبل انطلاق الثورة بأعوام.

"أنا أجزم أنه لولا إيران لم تذهب الأمور إلى الحل العسكري بعد انطلاق الثورة وما كان على السوريين أن يدفعوا كل تلك الكلفة الباهظة البشرية والمادية".

ولكن – يقول سعد- ما يمكن ذكره في هذا المضمار هو ما كتبته صحيفة إلكترونية قبل الثورة وهو أن طاقم الحرس الخاص ببشار الأسد استبدل من قبل الإيرانيين ابتداء من سنة 2005 حتى أن هناك معلومات تشير إلى أن الإيرانيين استبدلوا حرس حافظ الاسد ابتداء من سنة 1998.

وبناء على ذلك، فلا شك أن الإيرانيين كانوا يديرون أو يشرفون أو يتدخلون في أكثر المسائل حساسية داخل سورية.

ولكن بالنسبة لما ذكرته في كتابي حول أن ماهر الأسد كان ينسق مع الإيرانيين قبل الثورة فقد يكون ماهر وبشار ركيزتا إيران في سوريا وقد يوجد سواهما، فالدول المحتلة لبلد ما لا تضع بيضها كله في سلة واحدة ولا حتى في سلتين.

العلويون والشيعة وإيران

يؤكد سعد على حقيقة مهمة في هذا المضمار أن التحالف العلوي الشيعي الذي يأتي في إطار التحالف مع إيران هو تحالف سياسي، والخوف من السنة هو ما جعلهم يتحالفون معهم، أما دينياً فهناك خلاف وصل بكثير من فقهاء الشيعة إلى حد تكفير العلويين.

أما بالنسبة لقضية الاحتفالات الشيعية الدينية لا سيما ما يتخللها من لطم وتطبير فهي مسألة مستهجنة عند جمهور العلويين، بل ربما تدعو إلى السخرية.

ويذكر سعد أن الساحل السوري شهد اعتراضاً على نشاطات المدارس الإيرانية هناك  واستطاعوا إغلاق إحداها.

من هو فراس سعد؟ وما سبب اعتقاله؟

فراس سعد معارض سوري ينحدر من الطائفة العلوية وهو من منطقة ريف اللاذقية، اعتقل عام 2006 وقضى 4 سنوات في سجن صيدنايا سيئ الصيت، درس سعد الحقوق والفلسفة لكنه لم يكمل بسبب ما أسماه ضغوطاً وظروفاً قاسية، وبدأ قبل اعتقاله بكتابة الشعر والمقالات السياسية والاجتماعية الناقدة في عدد من وسائل الإعلام السورية منها الحوار المتمدن وله كتاب صدر عام 2006 بعنوان "نقد العقل المغلق".

"لم أستطع الحصول على وظيفة ربما بسبب لساني الطويل أو لعدم ولائي للنظام وكراهيتي لحالة الخنوع التي يعيشها المجتمع ومجاهرتي بالنقد لأي شيء غير صحيح، وهذا ما صنع شرخاً بيني وبين محيطي ماخلا عدة أصدقاء".

يضيف سعد: لم أختر المعارضة السياسية تحديداً، لقد كنت معارضاً لكل شيء محيط بي تقريباً والمعارضة السياسية ليست سوى تحصيل حاصل لمعارضة منظومة الأسد القائمة الفساد.

أما الاعتقال فهو أيضاً تحصيل حاصل بالنسبة لسعد لأن أي محاولة لفضح الفساد أو الفاسدين هو انتهاك لأسس وقواعد النظام التي لا يسامح عليها أبداً.

أما عن السبب المباشر فكما أخبرني أمن الأسد فهو بسبب مقال نقدي كتبته عن "الجيش السوري" أما الحقيقية فهي لأني أطلقت مبادرة لمكافحة الفساد، بعنوان "المبادرة الوطنية للحد من الفساد في سوريا" وإدانتي لاعتقال بعض الموقعين على بيان دمشق بيروت عبر بيان نشرته عبر صحيفة السفير اللبنانية.

التعليقات (6)

    شكرا فراس

    ·منذ 8 أشهر أسبوعين
    معروف ان الأسد يحتمي بالعلويين ويستغلهم، وهذا يساهم في بتعزيز التصاق الطرفين ببعضهما. على اعتبار أن هذه الطائفه صعدت خلاله فترة حكم ال الاسد عبر رافعة العسكر بعد تهميش لسنوات طويلة. وبالتالي لا يوجد معارضه علوية يعتمد عليها…يوجد افراد وهم نادرين ضد النظام..وبعضهم تمثيلهم موظف لخدمة الاخوان مثل البسامين ….

    وسيم الاسد

    ·منذ 8 أشهر أسبوعين
    خيي فراس نحن عم ندبر حالنا تدبير تعا نبعتك تحرر آبار النفط من العدو الامريكي الغاشم و تكون محور و جزء من المقاومة هنت تعرف نحن بيت الاسد كلنا معاقبين و معاقيين شي سلوكيا شي طاير رجله . تعا الطايفة طايفة عريحة مجاري

    فارس

    ·منذ 8 أشهر أسبوعين
    فراس شكر لك على صراحتك ، ولكن أقول لك لا أعتقد السورييون سينسون 50 سنة من تعذيب والقهر وذل والإغتصاب بقولك "نخاف من الإسلاميين" هذا كلام فارغ لا قيمة له ، لسان حال السوريين "العلوي مدان حتى تثبت برائته" نقطة

    اليسر

    ·منذ 8 أشهر أسبوعين
    الشعب مع كل مدني حقوقي وقف ضد النظام مهما كانت ديانته لكن لا ينطلي على من فقد احبابه وخسر بيته وارض ان يقبل تودد كل من حمل السلاح بلاسانه الطائفي الشركي وانتمائه الاعمى مع النظام. او من حمل السلاح وقتل وشهر بالمدنيين السلميين وعمل مع النظام بكل انواع التعاون لابد ان يحاسب باذن الله

    سمر

    ·منذ 8 أشهر أسبوعين
    كلام غير شكل والأهم أنه من شخص محترم من الطائفة دخل السجن وعانى وانتمى إلى الثورة

    زاهر احمد

    ·منذ 8 أشهر أسبوع
    اقلعوا الاسد من جذوره تحية لكم احرار الساحل
6

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات