تهيئة لحملة قمع ضخمة.. مخابرات بوتين تستبيح خصوصيات الروس بتقنيات متطوّرة

كشفت وثائق وشهادات حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز أن السلطات الروسية وسّعت تطوير واستخدام التقنيات الرقمية للتنصت على مواطنيها المعارضين لسياساتها ولا سيما بعد غزو أوكرانيا.

وقالت الصحيفة في تحقيق، إن بعد غزوها لأوكرانيا جمعت السلطات الروسية ترسانة من التقنيات لتتبع حياة المواطنين على الإنترنت والمساعدة في حملة القمع الداخلية حيث نما الطلب على المزيد من أدوات المراقبة، وقد ساعد ذلك في ازدهار أنشطة صناع التكنولوجيا المحليين الذين قاموا بتصميم منتجات قوية ومبتكرة للمراقبة الرقمية.

وأضافت أن التقنيات الجديدة منحت الشرطة وجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، المعروف باسم F.S.B، إمكانيات الوصول والتجسس لتتبع أنواع معيّنة من النشاط على التطبيقات المشفّرة مثل WhatsApp و Signal، ومراقبة مواقع الهواتف، وتحديد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي المجهولين، واقتحام حسابات الأشخاص.

الوثائق التي حصلت عليها الصحيفة من شخص لديه حق الوصول إلى السجلات الداخلية تشمل المخططات الهندسية ورسائل البريد الإلكتروني ولقطات الشاشة، إضافة إلى مئات الملفات منها 40 ملفاً تفصّل أدوات المراقبة.

 وبحسب التحقيق، غذّى هذا التوجه خزائن كوكبة من شركات التكنولوجيا الروسية غير المعروفة نسبيًا، الكثير منها مملوك لمجموعة Citadel، وهي شركة كانت تخضع في السابق لسيطرة أليشر عثمانوف جزئياً، المعاقب أوروبياً والمقرّب من بوتين. 

وبدأت الشركات مثل MFI Soft و Vas Experts و Protei - بشكل عام في بناء أجزاء من نظام التنصت على الاتصالات السلكية واللاسلكية الروسي قبل إنتاج أدوات أكثر تقدماً لأجهزة الاستخبارات في البلاد.

ويمكن لأحد البرامج الموضحة في المواد تحديد الوقت الذي يقوم فيه الأشخاص بإجراء مكالمات صوتية أو إرسال ملفات على تطبيقات الدردشة المشفرة مثل Telegram وSignal وWhatsApp، ويمكنه تحديد ما إذا كان شخص ما يستخدم هواتف متعددة، وتعيين شبكة علاقته عن طريق تتبع الاتصالات مع الآخرين، وتحديد الهواتف الموجودة في مواقع معيّنة في يوم معين، يمكن لمنتج آخر جمع كلمات المرور التي تم إدخالها على مواقع الويب غير المشفّرة.

تمنح التقنيات الجديدة خدمات الأمن الروسية نظرة دقيقة للإنترنت، تساعد نظام شركة MFI Soft التابعة لمجموعة  Citadel في عرض معلومات حول مشتركي الاتصالات، جنبًا إلى جنب مع الأعطال الإحصائية لحركة مرور الإنترنت الخاصة بهم، على لوحة تحكم متخصصة لاستخدامها من قبل مسؤولي جهاز الأمن الفيدرالي الإقليميين، وفقًا لمخطط واحد.

يمكن لأداة أخرى من MFI Soft  تحمل اسم، NetBeholder ، تحديد مواقع هاتفين على مدار اليوم لمعرفة ما إذا كانا قد تصادفا في نفس الوقت، ما يشير إلى وجود لقاء محتمل بين الأشخاص.

ميزة مختلفة لأداة NetBeholder  تستغل تتبع الموقع للتحقق ما إذا كان هناك العديد من الهواتف في نفس المنطقة بشكل متكرر وبالتالي معرفة ما إذا كان شخص ما يستخدم هاتفين أو أكثر، من خلال الوصول الكامل إلى معلومات المشتركين في شبكة الاتصالات، يمكن لنظام NetBeholder أيضاً تحديد المنطقة في روسيا التي ينتمي إليها كل مستخدم أو البلد الذي يأتي منه الأجنبي.

تقدم شركة Protei، منتجات توفّر نسخًا صوتيًا إلى نصّ للمكالمات الهاتفية التي تم اعتراضها وأدوات لتحديد "السلوك المشبوه"، وفقًا لإحدى الوثائق.

مع تضييق الخناق على السلطات، لجأ بعض المواطنين إلى تطبيقات المراسلة المشفّرة للتواصل، ومع ذلك وجدت الأجهزة الأمنية أيضًا طريقة لتتبع تلك المحادثات، وفقًا للملفات التي راجعتها صحيفة The Times.

تستخدم إحدى ميزات NetBeholder تقنية تُعرف باسم فحص الحزمة العميق، والتي يستخدمها موفرو خدمات الاتصالات لتحليل اتجاه حركة المرور الخاصة بهم على غرار تعيين تيارات المياه في مجرى مائي، ورغم أن الميزة لا تمكّن البرنامج من اعتراض محتويات الرسائل ولكن تستطيع تحديد البيانات التي تتدفق وأين تتدفق.

هذا يعني أنه يمكنه تحديد الوقت الذي يرسل فيه شخص ما ملفًا أو يتصل بمكالمة صوتية على تطبيقات مشفرة مثل WhatsApp أو Signal أو Telegram.  
يتيح هذا لـ جهاز الأمن الفيدرالي الوصول إلى البيانات الوصفية المهمة، وهي معلومات عامة حول اتصال مثل من يتحدث إلى من ومتى وأين، وكذلك ما إذا كان الملف مرفقًا برسالة.

وكانت الحكومة الروسية تصرّ فيما مضى للحصول على مثل هذه المعلومات طلبها من صانعي التطبيقات مثل Meta، التي تمتلك WhatsApp.  

وتأتي الجهود الروسية التقنيات الجديدة في سياق التأثير على الرأي العام وخنق المعارضة، والمزيد من الرقابة القوية على الإنترنت والجهود الجديدة لجمع البيانات عن المواطنين وتشجيعهم على الإبلاغ عن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي ترفض الحرب.