تحقيق يكشف كيف تعاونت الأمم المتحدة وحكومة أسد لمنع إنقاذ آلاف السوريين من ضحايا الزلزال

تحقيق يكشف كيف تعاونت الأمم المتحدة وحكومة أسد لمنع إنقاذ آلاف السوريين من ضحايا الزلزال

كشف تحقيق مشترك لموقع "ميدل إيست آي" والوحدة السورية للصحافة الاستقصائية (سراج) أن حكومة أسد أعاقت جهود الإنقاذ في شمال غرب البلاد بعد زلزال 6 من شباط الماضي، بينما تغاضت منظمات الأممية عن تفعيل بند يتيح لها التدخل دون انتظار موافقة أسد.

وقال موقع "ميدل إيست آي" إن اتهامات بالإهمال طالت مسؤولي الأمم المتحدة لفشلهم في الاستفادة من البروتوكولات والمبادئ التي تسمح لهم بإرسال فرق إنقاذ لأسباب إنسانية دون موافقة الحكومة.

وأضاف أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يدير نظامًا دوليًا للاستجابة لحالات الطوارئ مع القدرة على إرسال فرق الإنقاذ إلى أي مكان في العالم في غضون ساعات من وقوع الكارثة، وذلك بالاعتماد على منظمتين رئيسيتين تصفهما أوشا بـ "آليات التنسيق"، هما منظمة الأمم المتحدة للكوارث والتنسيق (Undac) والمجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ (Insarag).

وفي الأوضاع الطبيعية ترسل منظمتا Undac و Insarag فرقهما إلى مناطق الكوارث بناءً على طلب الحكومة، لكن إرشادات الأمم المتحدة تسمح أيضًا بجهود الإنقاذ التي يبادر بها المنسق المقيم للأمم المتحدة في البلد المتضرر.

حكومة أسد لم تطلب مساعدة مناطق المعارضة

وفقًا لعدة مصادر تحدث إليها مُعدّو التحقيق، بما في ذلك المصطفى بن لمليح، المنسق المقيم السابق للأمم المتحدة في سوريا الذي انتهى تكليفه هذا الشهر، قدمت حكومة أسد طلبًا إلى الأمم المتحدة للمساعدة، لكن هذا اقتصر على مناطق سيطرتها، ما يشير ضمناً إلى أنها رفضت السماح لتلك المنظمات تقديم المساعدة في مناطق المعارضة.

ورداً على سؤال حول سبب عدم انتشار Undac في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، قال بن لمليح إن الأمم المتحدة كانت "على استعداد تام لدعم المتضررين في إدلب وحلب لكن تفعيل نظام الاستجابة مرتبط بموافقة الجهات المعنية، كما إنه مرتبط بتوفير آليات لدعم العمل اللوجستي والحماية، وهي شروط لم تكن متوفرة حتى بالنسبة للمساعدات الإنسانية التي حاولت المنظمات إيصالها في الساعات الأولى من الكارثة".

تُظهر الوثائق التي حصل عليها "سراج" أيضًا أن مسؤولين من الأمم المتحدة وسوريا ناقشوا إرسال قوافل المساعدات - ولكن ليس فرق البحث والإنقاذ - إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الأيام التي أعقبت الزلزال.

ورداً على أسئلة حول سبب عدم نشر فرق Undac و Insarag في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بسوريا، قال يانس لاركيه، المتحدث باسم أوتشا، إن نشر فرق البحث والإنقاذ عبر Insarag كان أمرًا يخص الحكومات الوطنية وليس الأمم المتحدة.

وأضاف أن دور أوتشا من خلال Undac اقتصر على تنسيق عمل فرق البحث والإنقاذ وتبادل التحديثات حول الإصابات والأضرار وطلبات المساعدة.

وتابع: "بينما يمكن للأمم المتحدة أن تقرر أين ستنشر موظفيها، فإن قرار نشر فرق البحث والإنقاذ الوطنية يقع فقط على عاتق الحكومات الوطنية لتلك الفرق".

مخالفة للمبادئ التوجيهية

ومع ذلك، يبدو أن فشل الأمم المتحدة في تنسيق نشر فرق البحث والإنقاذ في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة لا يرقى إلى مستوى المبادئ التوجيهية الخاصة بـ Undac بشأن الاستجابة "لحالات الطوارئ المعقدة"، حيث يُقر دليل المنظمة المرجعي بضرورة الاحترام الكامل لسيادة الدول وسلامتها الإقليمية، لكنها تتيح استثناء ذلك في الظروف التي تعاني فيها من نزاعات عنيفة، ولا سيما عقب الزلازل.

وبحسب التحقيق، فقد شملت التحديات التي واجهتها كل من Undac و Insarag "نقص وعي حكومة أسد بآليات الاستجابة الدولية" و"الافتقار إلى هيكل أساسي لتلقي وتنسيق المساعدة الدولية بما في ذلك جهود فرق البحث والإنقاذ في المناطق الحضرية".

كما اشتكى قادة الفرق من تعقيد التنسيق بسبب مشاركة كيانات متعددة، بما في ذلك الدفاع المدني والهلال الأحمر والأمن القومي، وبسبب "النهج غير المتسق لـ وكالة إدارة الطوارئ المحلية في تخصيص فرق البحث والإنقاذ على القطاعات الجغرافية".

وفيما لم ترُدّ حكومة أسد على أسئلة مُعدّي التحقيق حول سبب عدم طلبها نشر فرق إنقاذ دولية في المناطق سيطرة المعارضة، قال فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إنه لا تزال هناك أسئلة جدّية دون إجابة حول فشل الأمم المتحدة في نشر فرق البحث والإنقاذ في الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة.

وأضاف "كان هناك إهمال من جانب الأمم المتحدة..هذا أمر غير مفهوم وغير مبرر وغير أخلاقي وغير قانوني"، مؤكداً أنه "في النهاية فشلت كل هذه الآليات".

وتسبب زلزال 6 شباط بدمار واسع النطاق وأدى لمقتل ما لا يقل عن 4191 شخصًا في مناطق المعارضة بشمال غرب سوريا مقابل 394 شخصاً بمناطق أسد وفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات