من أوصل ثورتنا لما نحن فيه يعيرنا بالفشل!!!

نعود للبدايات..
عندما خرج الشعب السوري بثورته المحقة ضد نظام ديكتاتوري استبدادي قاتل، مارس الظلم بحق الشعب على مدار أكثر من أربعة عقود, لم يستأذن السوريون من أحد ولم يطلبوا الإذن من أحد، بل كانت ثورة شعبية عفوية بدأت صرختها من أطفال مدارس درعا ومن شوارع دمشق، ولبت بقية المحافظات السورية النداء، ولبى السوريون الواجب وانطلقوا بثورتهم ضد منظومة حكم آل الأسد.

لا ننكر موقف الإخوة العرب الداعم للشعب السوري، وتعليق مقعد النظام بالجامعة العربية بعد رفضه تطبيق بنود المبادرة العربية، وإصراره على الخيار العسكري، واستدعاء ميليشيات إيران وحزب الله وبقية المرتزقة لقمع الشعب السوري، والعرب وقفوا إلى جانب السوريين ضد نظام الأسد.

لكن فشل منظومة قيادة الثورة لم يكن للسوريين علاقة به، ولم يتم بإرادتهم أو بأخطاء منهم، العرب والدول الغربية هم من اختاروا إنشاء منظومة قيادة للثورة وأطلقوا عليها اسم المجلس الوطني، دون إرادة من السوريين، ودون موافقة الشارع الثوري السوري، ودون علمهم بحقيقة وأسماء معظم من وضعت أسماؤهم بكراسي السلطة والمسؤولية.

وعندما ترهل المجلس الوطني وضاقت القاعات عن احتواء توسعاته وخلافاته، ارتأيتم كقيادات عربية ومعكم الغرب تشكيل منظومة قيادة جديدة للثورة أطلقتم عليها اسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة، وأيضاً تشكلت تلك القيادة بإرادة عربية غربية لا علاقة للسوريين بها ولم تمثلهم ولم يشارك السوريون باختيار أعضائها.

كلنا يذكر عندما قيل لعضو بارز بالائتلاف بأن الحاضنة الثورية ستخصص يوم جمعة تحت شعار إسقاط الائتلاف، وأنه عليكم وحفاظاً على ماء الوجه أن تستقيلوا قبل إسقاطكم شعبياً، قال عضو الائتلاف وبكل صدق: اخرجوا بمظاهراتكم، ارفعوا شعاراتكم، نادوا بإسقاط من تريدون، لستم أنتم من وضعنا في مقاعد الائتلاف لتطالبوا بعزلنا، نحن تم اختيارنا من قبل دول، وهي من تعزلنا وليس أنتم.

عندما فشل من وضعتموهم في مقاعد الائتلاف بإدارة عملية التفاوض التي كانت تسير وفق توجيهات العرب والغرب ومن سميتموهم أصدقاء الشعب السوري وليس وفق إرادة الشارع الثوري، تناديتم وشكلتم الهيئة التفاوضية، وأيضاً دون إرادة السوريين، وعندما لم يعجبكم أداء الهيئة التفاوضية قمتم بتبديلها وتوسعتها وضم مكونات جديدة إليها، وأيضاً دون علم أو مشاورة السوريين، ولم تكن هناك أي علاقة للسوريين بتلك الأجسام ومكوناتها ولا بطريقة عملها ولا بمرجعيتها.

عندما قفزت الهيئة التفاوضية فوق تسلسل بنود القرار 2254 وشكلت ما سمي بسلال ديمستورا الأربعة، كان عبر قيادات تلقت أوامرها من أصدقاء الشعب السوري وليس من السوريين.

عندما فتح مسار أستانا لم يوافق السوريون على المسار، واعتبروه التفافة روسية إيرانية لتمزيق القرار 2254 وإيجاد حل يرضي الأسد وإيران وروسيا، ولا يتوافق مع مطالب السوريين، ورغم رفض الحاضنة الثورية تابعتم بالمسار وبموافقة عربية غربية، وحتى الأمم المتحدة شاركت وهي تعلم النوايا الخبيثة الروسية.

عندما أرادت روسيا الالتفاف مرة أخرى على القرار 2254 عبر مسار اللجنة الدستورية، كل الحاضنة الثورية قالت لا لمسار التفافي آخر، ومع ذلك تابع المعينون خارجياً لهذا المسار طريقهم بعيداً عن إرادة السوريين.

عندما اختلفت الأجندات حول الكتلة التصويتية في الهيئة التفاوضية وقضية المستقلين تم وقف عمل الهيئة التفاوضية بقرار عربي غربي، وليس بقرار سوري ثوري.

واليوم نعم فشلت كل ما يسمى مؤسسات للثورة، من ائتلاف وطني إلى هيئة تفاوضية، إلى مسار أستانا، إلى اللجنة الدستورية، إلى الحكومة المؤقتة، إلى الجيش الوطني، إلى المجالس المحلية، إلى إلى..
لكن هذا الفشل لسنا كثورة من يتحمل المسؤول عنه، بل من عمل عليه يتحمل المسؤولية، خاصة أنه تم بمعزل عن إرادة السوريين وعن توجهاتهم.

لسنا من اختار سياسيين فاشلين باحثين عن مناصب ومكاسب لتحاسبونا عن أخطائهم وتبرروا استدارتكم للمصالحة مع الأسد!!!

لسنا من وضع مجموعة من الجاهلين في مقاعد الهيئة التفاوضية واللجنة الدستورية ومسار أستانا لتحاسبونا على فشلهم وتبرروا عودتكم للمصالحة مع الأسد!!!

لسنا من وضع الأميين والمرتزقة كقيادات في الجيش الوطني بعد استبعاد الضباط المحترفين والمنشقين، لتحاسبونا عن كوارثهم وجرائمهم!!!

لا نقول إلا سامحكم الله على ما أوصلتمونا إليه وتجلسون اليوم لتعاقبوا شعبنا على جرائر ما اقترفته أيديكم، وصنعتموه بإرادتكم، ثم تخرجون علينا لتبرروا قائلين: لقد فشلتم ولم يعد أمامنا طريق سوى المصالحة مع القاتل والجلاد والديكتاتور.