5 صعوبات تواجه آلاف المكفوفين في شمال غرب سوريا (صور)

5 صعوبات تواجه آلاف المكفوفين في شمال غرب سوريا (صور)

"بعد أن فقدت بصري، أصبح شعاري في الحياة، ذهب البصر ولم تذهب الإرادة"، بهذه الكلمات عبّر نور الدين الحلبي (30 عاماً)، النازح من الغوطة الشرقية بريف دمشق إلى شمال غرب سوريا عن حالته بعد قرابة عام من إصابته في إحدى المعارك ضد ميليشيا أسد، والتي أدت لفقدانه البصر بشكل كامل.

وقال الحلبي أو "أبو أنس" كما يحلو أن يناديه رفاقه لأورينت نت، إنه تحدَى إعاقته من أوّل يوم بعد الإصابة، وقرر ألّا يستسلم لها وأن يطوّر نفسه ليكون شخصاً فاعلاً ومؤثراً في المجتمع.

وأضاف: "بعد تعرضي للإصابة في اليوم الأول من عام 2020، لم أستسلم وأشعر بالخوف من فقد بصري، فقد أكرمني الله بأشخاص كان لديهم اطلاع على البرامج الناطقة للمكفوفين، مما ساعدني على التعرف والتأقلم بسرعة مع هذه البرامج".

وأشار إلى أن "فئة المكفوفين تعتبر من الفئات المغيبة في المجتمع، فالكفيف يمر بظروف صعبة، من قلة الاهتمام من المنظمات والمجتمع، فلا نرى منظمة أو جمعية تهتم حقيقة بالمكفوفين".

5 صعوبات

ويواجه الحلبي عدة صعوبات نتيجة فقدان بصره، حيث أوضح أنه "يجد صعوبة في التنقل والحركة، ونظرة وتعامل المجتمع مع الكفيف، والضعف والجهل بالأمور التقنية التي تخصُّ المكفوفين، بالإضافة لصعوبة الحصول على فرصة عمل، رغم أنني تخرجت من الجامعة وتعلمت على الكمبيوتر وبرامجه الأساسية من أوفيس وغيره، كما بدأت بتعلُّم لغة البرمجة، في خطوة صعبة لكنها ليست مستحيلة، متسائلاً عن إمكانية حصوله على وظيفة بسبب أنه كفيف رغم قدرته على العمل؟". 

وحول عمل الجمعيات المختصة بالمكفوفين في شمال غرب سوريا، قال الحلبي الذي عمل مدرساً في أحد المعاهد بمدينة إدلب: "مع الأسف الجمعية التي كانت تقدم الخدمات والدورات للمكفوفين توقف الدعم عنها، وهي جمعية أراكم ببصيرتي، فقد قدمت دورات تعليمية وتدريبية مميزة للمكفوفين مثل (صناعة القش والنسيج، لغة برايل، دورة tot ) وغيرها من الدورات التي تهتم بتطوير الكفيف.

ولفت إلى أن أهم ما يحتاجه الكفيف، هو تهيئة الظروف له للعمل، حيث يوجد الكثير من الكفاءات، ويجب العمل على تسليط الضوء عليهم، لكي يعلم الجميع قدراتهم الحقيقية، بالإضافة لتوفير الدورات اللازمة لتطويرهم، من تعلّم الجوال الناطق والكمبيوتر وصناعة القش وطريقة برايل، والسعي لتوفير الأدوات الملائمة لهم من أجل التنقل وتسهيل الحركة.

ووجّه "أبو أنس" رسالة للمنظمات الإنسانية والمجتمع في الشمال السوري، بأن الكفيف قادر على التعلّم وفعل الكثير، ولكنه بحاجة المساعدة ليستطيع تطوير نفسه، فهو ليس بحاجة إلى سلة إغاثة أو مساعدة مالية "مع أهميتها ليستطيع تأمين متطلبات العيش"، ولكن بحاجة إلى من يساعده في تطوير نفسه ليُظهر قدراته للعالم، وعدم التعامل معه على أنه كائن غريب ولا يستطيع فعل شيء.

وذكر أن المكفوفين فئة هشة في المجتمع، تجد صعوبة في تأمين احتياجاتها والعيش بصورة طبيعية، ناهيك عن ظروف الحرب والنزوح التي يعيشها معظم سكان شمال غرب سوريا، إضافة لتردي الأوضاع الاقتصادية التي زادت من مصاعب معظم السكان، فلا يمكن للكفيف أن يعيش بدون مساعدة الآخرين له.

خدمات خجولة 

وتعمل جمعيات عدة على رعاية شؤون المكفوفين في منطقة إدلب، مثل الجمعية العامة للمكفوفين، وجمعية "أراكم ببصيرتي" ومنظمة "الرواد" للتعاون والتنمية، كما إن منظمة الإغاثة التركية IHH أقامت عدة مراكز رعاية للمكفوفين شمال حلب، تقدم خدمات رعاية لهم، وتهتم بتعليمهم وتطوير مهاراتهم ليكونوا أشخاصاً فاعلين في المجتمع.

وعن واقع المكفوفين في شمال غرب سوريا والخدمات المقدمة لهم، قال مدير جمعية "أراكم ببصيرتي" لرعاية المكفوفين في إدلب، عدنان وكيل لأورينت نت: "المكفوفون هم أكثر فئة مهمشة بالشمال السوري رغم قدرتهم على التفوق بكل المجالات، ناهيك عن أن نظرة المجتمع السلبية للكفيف المتمثلة بالشفقة عليهم قد ساهمت بهذا التهميش، ورغم بعض المبادرات الفردية من قبل جمعيات وفرق تطوعية، إلا أن ذلك لا يعتبر كافياً لتلبية احتياجات هذه الفئة".

ووفق وكيل، فإن جمعية "أراكم ببصيرتي" أول جهة مختصة بتدريب وتأهيل المكفوفين بالشمال السوري، ويتكون مجلس الإدارة من المؤسسين المكفوفين وذوي المكفوفين وخبراء بمجالات تدريب وتأهيل المكفوفين والدعم النفسي والإعلام، وكان لها الدور الكبير بلفت انتباه المجتمع المدني لأهمية العمل بهذا المجال.

وتابع قائلاً: "نعمل على برنامج تأهيلي وتعليمي، فنركز على بناء الكفيف وتأهيله معنوياً وتعليمياً، ليكون عضواً فاعلاً بالمجتمع وليس عالة على أحد، فأقمنا دورات باستعمال الجوال الناطق واللابتوب، السير بالعصا البيضاء، نسج القش، التعليم على لغة البرايل ودورة tot إعداد المدربين، إضافة لدورات خاصة بالكفيفات لتعليم الطبخ وحياكة الصوف، كما أقمنا تدريبات وبطولات بكرة الجرس الخاصة بالمكفوفين والسباحة والشطرنج".

كما أشاد مدير الجمعية بـ"جهود القائمين على مدرسة "القلوب المبصرة" للمكفوفين بإدلب، والتي ساهمت بشكل كبير برعاية وتعليم المكفوفين، رغم ندرة الدعم المادي الذي يُعتبر العقبة الأهم في طريقنا كمختصين في تأهيل المكفوفين"، مشيراً إلى أن "هذه الفئة تحتاج لأدوات تعليمية وتدريبية خاصة بهم غير متوفرة بالسوق المحلية، بالإضافة للمواصلات التي يحتاجها كل كفيف وكفيفة أثناء داومهم في المدرسة أو في مركز التدريب، أما بقية التحديات استطعنا تجاوزها نسبياً وقدمنا قصص نجاح وتفوق لمكفوفي الجمعية، ساهمت بتغيير النظرة العامة لهم وأعطت حافزاً للأسرة والمجتمع لكي يغيروا نظرتهم تجاه المكفوفين".

الواقع يفوق الأرقام

وبحسب وكيل، أحصت جمعية "أراكم ببصيرتي" 1700 كفيف وكفيفة من مختلف الأعمار في شمال غرب سوريا، وتوقّع بأن العدد الإجمالي للمكفوفين يزيد على 2500 شخص، مناشداً بدوره المهتمين بالشأن الإنساني للوقوف على احتياجات هذه الفئة المهمشة والضعيفة في المجتمع من تعليم وتدريب وكفالات مادية وتغطية للأنشطة والفعاليات.

ووفق برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية في الأمم المتحدة HNAP، فإن نسبة ذوي الإعاقة في المفهوم الموسع في شمال سوريا هي 19% وعددهم 289525 فرداً منهم نسبة 3.728% من ذوي الإعاقات الشديدة وعددهم 56.685 فرداً.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات