هل تنسف إيران مسار المصالحة بين تركيا والأسد؟

هل تنسف إيران مسار المصالحة بين تركيا والأسد؟

عكس حديث بشار أسد عن شروط نظامه قبل مواصلة الحوار مع تركيا أثناء استقبال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لدمشق، السبت، حجم تأثير نظام إيران على قرار النظام، لتبدو مطالب أسد بإنهاء "الاحتلال" ووقف دعم التنظيمات التي وصفها بـ"الإرهابية"، قبل أن يسير الحوار مع أنقرة إلى الأمام، وكأنها إملاءات إيرانية.

في العلن، انتقى عبد اللهيان لهجة دبلوماسية مواربة، عندما أعلن عن ترحيب نظامه بالتقارب بين تركيا ونظام أسد، وقال: إن "طهران سعيدة بالحوار، ونعتقد أنه يمكن أن ينعكس إيجاباً لمصلحة البلدين"، مضيفاً: "ستستمر جهودنا الدبلوماسية للتقارب وحل المشاكل العالقة بين سوريا وتركيا".

وزعم أن نظامه "لديه ثقة كاملة بمواقف وقرارات سوريا (نظام أسد)، ونرى أن أي حوار إذا كان جاداً فهو خطوة إيجابية لصالح البلدين والمنطقة".

وتزامنت زيارة عبد اللهيان لدمشق، مع ظهور مؤشرات على تعثر مسار التقارب بين تركيا ونظام أسد، يمكن تلمسه من فشل تحديد موعد عقد اجتماع بين وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، ووزير خارجية أسد فيصل المقداد.

ولا يمكن وفق عدد من المراقبين تفسير تلكؤ أسد في مسار التطبيع، دون استحضار خشية نظام إيران من أن يكون هذا التقارب على حساب مصالحه ونفوذه في سوريا.

لكن، الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علوان، يعتقد أنه من المبكّر القول إن "مسار التطبيع تعثر، لأنه فعلياً لم يبدأ بعد".

وحول دور نظام إيران، ونظرته لهذا المسار، يلفت خلال حديثه لـ"أورينت نت" إلى تأخر التعليق الإيراني على خطوات التقارب، ويقول: "إيران لن تذلل الطريق أمام هذا المسار، لأنه نجاحه حكماً سيهدد مصالحها".

الاستثمار بالفوضى

وحسب علوان، تدعم إيران في كل الملفات الخارجية عدم إيجاد الحلول حتى تستثمر في الفوضى، وبالتالي أي حل ولو كان جزئياً، لافتاً إلى سلوك إيران في الجنوب السوري، حيث عطلت الميليشيات المدعومة إيرانياً هناك تطوير التقارب بين النظام والأردن، في إشارة من الباحث إلى حرب المخدرات (الكبتاغون).

وتتقاطع قراءة علوان مع معلومات كشفها موقع "باسنيوز" الأحد، نقلاً عن مصدر لم يسمه، تتحدث عن عرقلة نظام إيران للمفاوضات بين أنقرة ونظام أسد.

"طهران تمارس الضغط الكبير على النظام السوري وتنافس روسيا وتحاول إبعادها، فيما يبقى النظام مجبراً أن يخضع للإيرانيين بسبب تحالفه الاستراتيجي معهم"، وتابع الموقع أن "إيران ترفض وتعادي فكرة عودة العلاقات بين النظام وأنقرة، وتضغط لعدم الانصياع للإملاءات الروسية، لأنها بذلك سوف تخسر بعض امتيازاتها لصالح تركيا، في الوقت الذي تحاول فيه روسيا بكل السبل تقديم خدمات لتركيا كي تكسبها لجانبها، لأنها هي المنفذ الوحيد المتبقي لموسكو بسبب العقوبات الأوروبية والأمريكية".

التعطيل في حال عدم المشاركة

ويرى الباحث المختص بالشأن الإيراني، مصطفى النعيمي، أن نظام إيران يمتلك الأدوات التي تمكنه من الضغط على نظام أسد، موضحاً لـ"أورينت نت": أن "طهران تسعى لأن تكون من بين أطراف الحوار، من خلال زيادة حضورها في دمشق، وفي حال عدم دعوتها ستعمل على تعطيل الحلول المقدمة، لأنها تعتقد أنه لا يمكن تجاوزها وأنها لا زالت تمسك بملفات هامة".

وتابع النعيمي بالإشارة إلى قدرة الميليشيات الإيرانية على العمل منفردة في الشمال السوري خارج نطاق تفاهمات مسار "أستانا"، لافتاً في الوقت ذاته إلى التأثير الاقتصادي الإيراني.


وبحسب القراءة السابقة، فإن الأنباء التي تحدثت عنها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الأحد، حول رفض النظام الايراني تسليم أسد شحنات نفط بالدفع المؤجل، ليست بمعزل عن الضغوط الإيرانية، حيث أكدت الصحيفة أن "طهران توقفت عن تسليم المحروقات بالسعر المخفض، حيث تم إبلاغ أسد أنه يتعين عليه الآن دفع المزيد مقابل شحنات النفط الإضافية".

وعلى النسق ذاته، يعتقد الباحث والخبير بالشأن الإيراني، ضياء قدور، أن دور نظام إيران، منذ بداية مسار التقارب كان معرقلاً، مستدركاً "وإن كان هذا الدور لم يظهر على لسان المسؤولين الحكوميين، فقد بدا واضحاً في تحرك المليشيات الإيرانية على الأرض شمال سوريا".

ولا يمانع نظام إيران عملية التطبيع التي ستساهم في عودة نظام أسد للمجتمع الدولي وانتهاء عزلته الدولية، لكن طهران تريد لهذه العملية أن تتم بوساطتها ورعايتها المباشرة، وتابع قدور لـ"أورينت نت" أن نظام إيران "ينظر للعملية التي كان غائباً عنها بريبة شديدة"، وقال: "من وجهة نظر طهران، يمكن أن يؤدي هذا المسار في نهاية المطاف لتراجع مكانتها ونفوذها في سوريا، وخسارة استثماراتها".

في المقابل، يتحدث الباحث عن عواقب "خطيرة" للعرقلة الإيرانية، معتبراً أنها "ستدفع تركيا إلى تنفيذ عملية عسكرية جديدة في سوريا بعد تحييد الجانب الروسي الذي في الغالب لن يعارضها بشدة"، وقال: إن "التعطيل يعني نسف نتائج التقارب الأخيرة بين تركيا ونظام الأسد، ويمكن أن يمهد الطريق لعملية تركية عسكرية جديدة مع القليل من التحفظ الروسي".

أمام هذا الواقع، يبدو نظام إيران في حالة حذر أكثر من أي وقت مضى، وخاصة أن غالبية التقديرات تضعه في خانة "أبرز الخاسرين" في حال استكمال مسار التطبيع بين تركيا ونظام أسد، وهو ما لمّح إليه عمر أنهون، آخر سفير تركي في دمشق، قائلاً: إن "إيران لن تتخلى عن الوضع دون أن تحصل على حصتها". 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات