لماذا يصر أردوغان على لقاء الأسد؟

لماذا يصر أردوغان على لقاء الأسد؟

في وقت يواصل فيه بشار الأسد وميليشياته إجرامهم بحق الشعب السوري بعدما قتلوا وهجّروا واعتقلوا أكثر من نصفه وسط غياب لأي محاسبة لهم، تتعالى الأصوات في العديد من الدول لتنادي بالتطبيع مع نظامه، وكان آخرها التصريحات الرسمية التركية المطالبة بعقد لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبشار الأسد، وسط علامات استفهام حول سبب إصرار أنقرة على هذا اللقاء.

وأبدى مسؤولون أتراك في أكثر من مناسبة رغبتهم بعودة العلاقات مع نظام الأسد، وكان آخرهم أردوغان الذي قال بأنه عرض على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فكرة عقد اجتماع ثلاثي مع الأسد، وأكد أن الخطوات التي يتخذها حيال تطبيع العلاقات مع سوريا تأتي في إطار مصالح تركيا الوطنية.

وتصطدم تلك التصريحات التي تتكرر بشكل شبه يومي حول اللقاء مع الأسد برفض الأخير طلب أنقرة ترتيب لقاء يجمعه وأردوغان، حيث قالت حكومة ميليشيا أسد إنها تعتزم تأجيل مثل هذا اللقاء إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية التركية المقرر إجراؤها منتصف عام 2023.

مكاسب داخلية وخارجية

وترجع هذه الرغبة لدى أردوغان، وفق ما يرى محللون، إلى علاقة نظام أسد بالعملية العسكرية المرتقبة في الشمال السوري ودوره فيها، إضافة إلى موقف أمريكا من أنقرة حيال تلك العملية.

أما على الصعيد الداخلي، فإن التطبيع مع الأسد موجّه بالدرجة الأولى للأتراك في إطار دعاية انتخابية لسحب ملف التطبيع من المعارضة التركية.

وفي هذا الصدد، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي طه عودة أوغلو، إن تركيا اقترحت تشكيل آلية ثلاثية تجمع أردوغان وبوتين والأسد، وذلك بالتزامن مع تزايد الدعم الأمريكي لميليشيا قسد في الشمال السوري وتسيير الدوريات الأمريكية معها.

ولفت عودة أوغلو في تصريح لأورينت نت أن هذا أزعج الجانب التركي ودفعه لزيادة التعاون والتقارب مع روسيا خلال الفترة الأخيرة، حيث ركزت الاجتماعات التي عقدت خلال الأيام الماضية في إسطنبول بين الجانبين الروسي والتركي على زيادة التعاون والتنسيق بينهما وخرجت بمقترح روسي لطمأنة الأتراك من أجل العدول عن العملية العسكرية المرتقبة ضد قسد.

كما أوضح عودة أوغلو أنه في ظل غياب مؤشرات على القيام بعملية برية واسعة بعد التصريحات التركية خلال الأسابيع الماضية يبدو أن الحل السياسي هو الأقرب والأمثل لجميع الأطراف بما فيها تركيا.

لكن تركيا وفق عودة أوغلو تحاول الاستفادة من الأوراق القوية التي تملكها خاصة أن روسيا وأمريكا تسعيان للتقارب معها لدورها "الإيجابي" في الحرب الروسية- الأوكرانية.

وبيّن أن أردوغان يستخدم كل الأوراق التي يملكها للحصول على مكاسب داخلياً وخارجياً، فبالإضافة إلى المكاسب الخارجية المذكورة فإن أنقرة مقبلة على انتخابات بعد عدة أشهر، وأردوغان يسعى إلى تحقيق أي مكاسب سياسية من شأنها أن تعود بالفائدة عليه بشكل كبير.

وفيما يتعلق بلقاء أردوغان مع الأسد، اعتبر المحلل السياسي أن تركيا تحاول كسب الجانب الروسي الذي يعدّ أقرب إليها في الملف السوري من أمريكا، إذ إن واشنطن كانت غائبة خلال الفترة الماضية عن هذا الملف، خاصة فيما يتعلق بإبعاد الميليشيات الكردية عن حدودها.

اللقاء يعتبر أحد الأهداف الفرعية الموجهة للداخل

من جهته، قال المحلل السياسي التركي الدكتور مهند حافظ أوغلو، إن لقاء أردوغان بالأسد والحديث عن العملية العسكرية المرتقبة ضد ميليشيا قسد في الشمال السوري، مرتبط بشكل مباشر بحملة أردوغان الانتخابية ويعتبر ضمن أحد الأهداف الفرعية الموجهة للداخل التركي.

وأضاف حافظ أوغلو في تصريح لأورينت نت، أن حديث أردوغان عن لقاء من ثلاثة مستويات مع نظام الأسد (وزير الدفاع، ثم وزير الخارجية، ثم على مستوى القادة) يدفع للتساؤل عن مدى إمكانية تحقيق هذا اللقاء وترجمته على أرض الواقع.

واستبعد حافظ أوغلو عقد هكذا لقاء لعدة أسباب منها أن: حكومة ميليشيا أسد ليست صاحبة القرار في أي تحرك دبلوماسي، وثانياً أن موسكو لا تستطيع التحرك كوسيط لعقد مثل هكذا لقاءات لأنها منشغلة بالمطلق بالملف الأوكراني، إذ إن عقد مثل هذا اللقاء يحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت وهذا ما لا تملكه موسكو الآن.

والأمر الثالث وفق حافظ أوغلو يتعلق بموقف طهران التي تمتلك مصالحها الخاصة، إذ إنها ورغم علاقاتها الوطيدة مع روسيا لن تقبل بمثل هذا التقارب، فضلاً عن أن الزمن لا يسعفنا من الآن إلى موعد الانتخابات.

وأردف: "وعليه يبدو أن هذه التصريحات هي مجرد قطع طريق على روسيا وإيران وميليشيا قسد (التي بدأت تتقارب مع دمشق) ورسالة لواشنطن.. فضلاً عن كونها محاولة لسحب ورقة التقارب مع دمشق التي تلوّح بها المعارضة لأهداف انتخابية والتي من ضمن إفرازاتها (عودة اللاجئين، والشريط الأمني بعمق 30 كم، وتهدئة التوتر في المحيط الإقليمي)".

وقال حافظ أوغلو: "وعليه نفهم أن إصرار الرئيس أردوغان على لقاء الأسد هو رسالة للناخب التركي وللفاعلين بالملف السوري بأن عنوان المرحلة هو التهدئة الممهدة لأي تعاون جديد وصولاً لتطبيق مخرجات أستانا وجنيف وفق القواعد الدولية".

المعارضة التركية تدخل على الخط

والثلاثاء الماضي، كشفت "صحيفة تركيا" في تقرير لها، أن حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض قدّم لبشار الأسد وعدين بارزين ستفي بهما المعارضة التركية إذا فازت بالانتخابات المقبلة.

وقالت الصحيفة إن الحزب بعث رسالة إلى الأسد، طلب فيها عدم لقائه بأردوغان خلال الفترة القريبة القادمة، موضحاً أن بقاء أردوغان في السلطة مسألة وقت فقط، وذلك في مسعى للمعارضة التركية لمنع "استغلال" أردوغان أي لقاء محتمل مع بشار لإحراز مكاسب انتخابية.

وتعهّد "الشعب الجمهوري" للأسد وفق ما ذكرت الصحيفة بأنه لو فاز بالانتخابات، فسيتم الإيفاء بوعدين أساسيين، هما: تلبية جميع مطالب حكومة أسد، بما في ذلك دفع التعويضات، وثانياً سحب كافة القوات التركية المنتشرة على الأراضي السورية.

وجاء في رسالة حزب الشعب الجمهوري "أيام أردوغان معدودة، يمكن لأي مقابلة أن تؤثر على مستقبل الانتخابات، في ظل حكمنا، سيتم تلبية جميع مطالب الإدارة السورية، بما في ذلك التعويض، وقال البيان "نتعهد بسحب جميع القوات من الأراضي السورية بما في ذلك إدلب".

لقاء ثلاثي

وقبل أيام، كشف أردوغان أنه طلب من بوتين، ترتيب لقاء ثلاثي يجمعه مع بشار الأسد، وذلك من أجل التحالف معه في سبيل محاربة قسد شمال شرق سوريا.

وقال أردوغان في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية بخصوص عملية برية محتملة في سوريا: "اعتباراً من الآن، نريد أن نتخذ خطوة ثلاثية سورية تركية روسية".

وتابع: "عرضت على بوتين عقد لقاء ثلاثي بين زعماء تركيا وروسيا وسوريا، وتلقّى العرض بإيجابية، وبهذا الشكل نكون قد بدأنا بسلسلة اللقاءات".

وأضاف قائلاً: "نريد أن نقدم على خطوة ثلاثية تركية روسية سورية، ولذلك يجب أولاً عقد لقاءات بين أجهزة الاستخبارات ومن ثم وزراء الدفاع ثم وزراء الخارجية".

وقبل أسابيع، نقلت "وكالة الأناضول" عن المتحدث باسم الرئاسة التركية "إبراهيم كالن" قوله خلال تصريحات أدلى بها لقناة الجزيرة الناطقة بالإنكليزي، إن أردوغان" صرّح سابقاً بأنه لا توجد عداوة مستمرة في السياسة، وأنه يمكن لقاء الأسد إذا حان الوقت، لكن لا توجد خطة فورية للقاء كهذا.

وأضاف المتحدث باسم الرئاسة "كالن" أن الرئيس التركي ألمح إلى عدة أمور قبل اللقاء مع بشار الأسد وهي: "تصرف الأسد بمسؤولية وتبديد المخاوف الأمنية لتركيا، السماح للمسار السياسي في سوريا بالاستمرار وإحراز تقدم فيه، حماية الشعب السوري، ضمان السلام والاستقرار الإقليميين، الأمن والنظام على طول الحدود التركية السورية". 

 

التعليقات (3)

    اردوغان

    ·منذ سنة 4 أشهر
    بدو يطير

    ابا الوليد

    ·منذ سنة 4 أشهر
    ويمكرون ويمكرالله والله خير الماكرين

    أبو هيثم

    ·منذ سنة 4 أشهر
    تركيا لديها علاقات جيدة مع الدول الصديقة والمعادية بدأ من امريكا إلى إسرائيل، نحن كشعب سوري لانحكم على حكومة تركيا من خلال عناوين الصحف، نحن نحكم بالنتائج التي إما تكون لصالح المواطنين السوريين او ضدهم. تدخلات تركيا في الماضي خدم الثوار وثورتهم الحرة، ونحن نتمنى أن لا تغير تركيا اجندتها وسياستها الخارجية. نظام بشار كشف للعالم عن وجهه الإجرامي الذي تسبب بفرض عزلة دولية وعقوبات على سوريا ولكنها لم تنال رضى السوريين الذي توقعوا ردود فعل سريعة ورادعة ضد بشار ونظامه، هذه العقوبات كانت اكثر ضررا على الشعب السوري ولم تاتي الا بنتائج مخيبة من دول ترعى حقوق الإنسان وحماية الأطفال.
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات