يوم شرب العالمُ كأسَ الشعب السوري!

يوم شرب العالمُ كأسَ الشعب السوري!

لم تنشأ سيرة "مارادونا" في نادي الوثبة السوري، ولم يستسغ "رونالدو" أن يكون الظاهرة الأكثر استثناءً في تاريخ كرة القدم، ويخرج للعالم طازجاً من نادي حطين مثلاً، ولم يكن "زين الدين زيدان" يوماً لاعباً في صفوف نادي النواعير السوري. كما إن المنتخب الأكثر روعةً وسحراً في فهم فلسفة المتعة الكروية وتطبيقها لم يكن المنتخب السوري في مونديال عام 1982، بل منتخب البرازيل، وحين خرج من التصفيات باكراً، قالت الصحف يومها: "لقد خسر كأسُ العالم البرازيلَ"، واليوم يقول بوتين بعقل الغازي وتبجّحه: "لا كأس للعالم من دون روسيا" لكن المونديال الحالي يسري ضمن الدورة الدموية لمنتظريه، مع كحول أو من دون كحول على الطريقة القطرية، وسواء خسرت قطر أمام الإكوادور بهدفين، أم خسرت بأكثر، سيعبرُ كأس العالم عقلَ بوتين المريض، مثلما تعبر نسمةٌ شفيفةُ القوامِ شعر ممثلتين إيرانيتين ابتلعهما نظام الخميني المريض في عتمة معتقلاته مؤخراً.

كأس مسقط في دمشق!

لم تكد تمضي ساعاتٌ قليلة على وصول وزير خارجية عُمان إلى دمشق، ولقائه زعيمَ النظام السوري، حتى استرسل عقل النظام الإعلامي بتعقّب صورٍ كرتونية تشبه سفر "نيلز" القزم على عنق أوزّةٍ مخمورة، فصارت عاصمة النظام فجأةً هي المربع الأول للمحور الوليد المناهض للولايات المتحدة الكهلة، العاجزة، والمثيرة للشفقة، ولا أحد يدري متى انبثق ذاك المحور بزعامة بشار، ومعاونيه الإقليميين والدوليين، وهم كثر، لكن أبرزهم زعيم الكرملين المصاب بوسواس الفودكا المُزمن، ومرشد النظام الإيراني المريض بعتمة السرداب، وحركة حماس المعلولة بالسلس الأيديولوجي اللاإرادي المبكّر، ولا يقول لنا إعلام بشار شيئاً عن سبل مقاومة القصف الإسرائيلي المتواصل سواء كان بالضربات الحرة المباشرة، أو غير المباشرة، وجميعها يصيب الأهداف ببلاغة شاعر، سواء كانت تلك الأهداف من مواقع جيش بشار التي تخزّن أسلحةً لحزب الله، أم من مواقع مليشيات الاحتلال الإيراني.

وحدها لونا الشبل مستشارة زعيم النظام بمقدورها أن تُطَمئِن القطيع الموالي بأن بعد هذه الزيارة التاريخية المدهشة للوزير العُماني قد يجيء الفرج على ظهر حمار، أو على ظهر زرافة لا يهم، تقول عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك بأن قراراتٍ ومراسيمَ جديدة على الطريق، وفيها بهجةٌ للسوريين، ولا توضح لنا نوع البهجة التي تنتظر تلك القطعان من جموع السوريين الصامتين، وهل هي تشبه أصناف البهجات المبهمات التي برع ميشيل حايك لسنواتٍ خلت من طرحها أمام أعيننا خائرةَ القوى، مجهولة الملامح والمصير، لكنه كان متأكداً من حدوثها على أيّ حال، بالرغم من أنها لن تحدث على الإطلاق.

كأس قطر الغائم على دمشق!

خسرت إيران أمام إنكلترا خسارةً باهظة في أولى مبارياتها، وكاد إعلام النظام السوري يعلن الحداد، ويتفوّق على نظيره الإيراني في مواساته لتلك النكبة الكروية لمحور الممانعة بتجلياته الرياضية، وكادت مخيلة السوريين المتلكئة، المقهورة، تصيح: ليت تلك النتيجة هي حصيلةُ ضربة صاروخية، لا كروية. 

يطالع معظم السوريين نتائج مباريات مونديال قطر، ويعجزون عن حضورها، بالرغم من سرقة حقوق البث على قنوات النظام الأرضية، لكن حضور الكهرباء خفيف الظل لساعةٍ واحدة، مقابل خمسِ ساعات غياب تحرمهم من الاستمتاع المجاني بسرقة البث الكروي، سيفهم السوريون أيضاً أن هذا التقنين القاسي (خمسة مقابل واحد) الأشبه بنتيجة مباراةٍ لكرة القدم، هو نتيجةٌ لصمتهم المخجل على بقاء مثل هذا النظام السرطاني، المعادي للحياة، والراغب بإتلافها في أيّ موضعٍ حوله.

لا السوريون في الداخل المحتلّ، ولا منتخبُ نظامهم استطاعوا إذاً الوصول إلى المونديال الحالي متابعةً أو لعباً على السواء، علماً بأن المنتخب السوري لكرة القدم هو منتخبٌ عريق النشأة يعود إلى العام 1936، لكن تصنيفه في آب/ أغسطس من العام الحالي بحسب "الفيفا" هو 89 عالمياً، وبفضل إدارة النظام الفاسدة له كان قد بلغ التصنيف 152 عالمياً، وذلك في العام 2014، أما أفضل نسخةٍ منه شاركت في تصفيات كأس العالم كانت تلك التي شاهدناها في التصفيات المؤهلة لمونديال 1986، حيث وصل المنتخب السوري حينها إلى التصفيات النهائية قبل أن يُخرجه المنتخب العراقي وقتذاك.

وبعد العام 2011 لم يعد هذا المنتخب هو المنتخب الممثل لجميع السوريين، إذ لا تعترف به المعارضة السورية ولا جمهورها، ويسمّونه "منتخب البراميل" كنايةً عن البراميل التي كان يقصف بها النظام السوري المناطق الثائرة عليه، ولم تشفع التحسينات الطفيفة التي استجرّها الاتحاد السوري لكرة القدم، مثل إدخال لاعبين معارضين للنظام مثل فراس الخطيب وعمر السومة في تشكيلة المنتخب الرسميّة من تبديل تلك الصورة بشيء، فقد ظلّ منتخب النظام هو منتخب البراميل، ومنتخب البراميل هو منتخب النظام، وظلّ كأس العالم بعيداً عن السوريين مشاهدةً، ومشاركة، في وقت يتلذذُ فيه العالم مع النظام الحاكم بشرب كأسِ فناء الشعب السوري، وعودته إلى العصر الحجري بجدارة.   
      

التعليقات (3)

    اهم شي

    ·منذ سنة 5 أشهر
    البهجة و السعادة و الكهرباء تبقى تشعشع في مطعم لونا....وعلى وجه و ك..... اسماء و بقية ع ....رات الوطن الممانع بقية جحوش الاسد معتادين على روايح الاحذية و البوط العسكري...

    سوري مُشرد

    ·منذ سنة 5 أشهر
    مقال رائع..طبعاً مهما قيل فالمنتخب (الوطني) لكرة القدم هو يٌمثل النظام الطائفي الإجرامي و لا يُمثل الشعب لذلك تسمية منتخب البراميل تناسب هكذا منتخب أفراده من الشبيحة و الطائفيين و المدعومين و ستظل هذه التسمية حاضرة مابقيت سوريا محكومة من عصابة طائفية إجرامية إرهابية !!

    مقال ماشي حالو

    ·منذ سنة 5 أشهر
    مقالك ماشي حالو و حلو ، بس مين قلك انو عمر السومة و فراس الخطيب معارضين ؟!!!! في فرق من السما للأرض بين معارض عم يحارب المجرم الارهابي بشار و أعوانو بكل ما اوتي من قوة ، وبين واحد يقعد يشرب قهوة بالشانزليزيه بباريس ويلف رجل ع رجل و يقول عن حالو معارض ... وضحت الصورة ؟
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات