كيف ورَّط "بي كي كي" سوريين بتفجير إسطنبول وما سر مكالمة القامشلي؟

كيف ورَّط "بي كي كي" سوريين بتفجير إسطنبول وما سر مكالمة القامشلي؟

حصلت أورينت على تفاصيل تتعلق بمنفذة التفجير الإرهابي الذي استهدف إسطنبول في الثالث عشر من هذا الشهر، تؤكد المعلومات التي كشفت عنها أجهزة الأمن التركية، وتدحض التشكيك الذي قابل به البعض رواية أنقرة حول الحادثة، كما تردّ على القول إن تركيا اختلقت ذريعة لمهاجمة معاقل حزب العمال الكردستاني الإرهابي في العراق وسوريا.

المعلومات التي حصلت عليها أورينت تتعلق ببعض الأشخاص الذين اعتُقلوا على خلفية الحادث وهم من السوريين الذين تشير المعطيات إلى أنه تم توريطهم بشكل غير مباشر به، حيث كشفت مصادر خاصة عن اعتقال السلطات التركية نحو عشرة أشخاص من دائرة واحدة للاشتباه بصلتهم بمنفذة الهجوم.

الأشخاص المعتقلون هم أفراد من عائلتين يقيمون في ضاحية "كوجوك جكمجه" ويرتبطون بعلاقة صداقة بحكم الجوار، تم اعتقالهم بسبب تورط اثنين منهم بنقل منفذة التفجير (أحلام البشير) من منطقة "أسنلر" قرب إسطنبول إلى الحي الذين يسكنون فيه، بعد تنفيذها العمل الإرهابي في شارع الاستقلال بمنطقة تقسيم.

المتهمان الرئيسيان في القضية هما شقيقان يعمل أحدهما في نقل الأشخاص والبضائع على سيارة خاصة لكن بدون ترخيص، والآخر في منزل للسكن الشبابي.

تفاصيل هروب المشتبه بها

وفي التفاصيل تقول المصادر إن المدعو (أحمد جركس) الذي يعيش مع عائلته في منطقة كوجوك كجمجه، تلقى اتصالاً في ليلة الحادثة من شقيقه الأكبر (عمار) الذي كان يقوم بتوصيل أحد الأشخاص في تلك اللحظة إلى أدرنة، وأخبره بأن هناك توصيلة مستعجلة طُلبت منه لكنه لا يستطيع تلبيتها، وسأله إن كان يستطيع تدبير سيارة أخرى للقيام بذلك.

عمار أخبر شقيقه الأصغر بأن الشخص الذي يتواصل معهما من مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا، والذي يعمل بتهريب السوريين إلى تركيا ومساعدتهم بالعبور إلى أوروبا، تواصل معه وأخبره بأن هناك فتاة تقطعت بها السبل وتحتاج إلى مكان تبيت فيه لوقت قصير قبل أن تواصل طريقها إلى أوروبا، ورجاه بأن ينقلها إلى السكن الشبابي الموجود في حي كناريا بمنطقة كوجوك كجمجه.

وبالفعل استعار أحمد سيارة مستأجرة من قبل صديق له يستخدمها في نقل الخبز السوري إلى الزبائن والمحلات، وتوجّه إلى محطة الحافلات في أسنلر، وعاد برفقة المرأة التي كانت "بحالة مزرية جداً" وقتها، ما جعله يشفق عليها ويقرر اصطحابها إلى منزل العائلة لتكون بضيافة والدته وشقيقته في تلك الليلة.

 وبالفعل أوصل أحمد هذه المرأة إلى المنزل وطلب من والدته الاعتناء بها، ثم غادر على الفور للسهر مع بعض الأصدقاء من الجيران، الذين عندما أخبرهم بالأمر أوضح له بعضهم أنه قد يسبب لنفسه مشكلة في حال تبيّن أنها هاربة من زوجها أو ذويها وربما يتهمونه بخطفها.

أمر دعا أحمد للتوجس، وعلى الفور توجه لمقابلة شقيقه عمار الذي كان قد عاد لتوّه إلى الحي، للاستفسار أكثر عن المرأة، فأبلغه الأخير، وبحضور عدد من الأصدقاء، بتفاصيل المكالمة التي وردته من المهرّب المقيم في القامشلي، والذي سبق وأن أرسل لهم عدة زبائن من الباحثين عن إقامة مؤقتة في السكن الشبابي الذين يعمل به، قبل إكمال هؤلاء النزلاء طريقهم إلى أوروبا، وأنه ليس هناك ما يدعو للقلق نظرياً.

ويضيف أحد الجيران الذين يعرفون آل الجركس عن قرب إنه "ومع منتصف الليل تقريباً داهمت الشرطة منزل الشخص الذي يملك السيارة التي نقل بها أحمد المرأة، وبدوره أوصلهم إلى الشخص الذي يستأجر هذه السيارة منه ويستخدمها في نقل المواد الغذائية، وهذا من جانبه قادهم إلى أحمد جركس بعد إبلاغ الشرطة بأنه استعار منه السيارة هذه الليلة".

عابرة سبيل

ويتابع: كنا في الشارع عندما حضرت الأجهزة الأمنية واعتقلت أحمد جركس. فسارع بعض الجيران لإبلاغ شقيقه عمار بذلك، عندها قام الأخير بنقل (المرأة الغريبة) إلى منزل جار له تربطه به صداقة عائلية أيضاً، متوقعاً أن تكون هاربة من زوجها أو أسرتها بالفعل، قبل أن يتصل بالشخص المقيم في القامشلي مستنكراً توريطهم مع هذه السيدة "التي يبدو أن وراءها مشكلة" حسب تقديره لحظتها، لكن الأخير أكد له أن المعلومات لديه تقول إنها مجرد عابرة سبيل لا أكثر.

بالتزامن مع ذلك بدأت الأخبار تتحدث عن كشف السلطات تفاصيل عن التفجير الإرهابي الذي وقع قبل ساعات في تقسيم، وأن منفذته امرأة تحمل الجنسية السورية، وهي معلومات أبلغ بها أحد الأصدقاء (عمار جركس) ونبهها من إمكانية أن تكون هذه المرأة التي يستضيفها متورطة فيه، لكن مثل هذا السيناريو بدا مستبعداً من قبله بشكل كامل وعلى الإطلاق، كما يقول الشهود الذين تحدثت معهم أورينت، إلا أن ذلك لم يمنع تزايد القلق والخوف لديهما.

لكن عند الساعة الثانية والنصف فجراً حضرت قوة جديدة من الشرطة وأجهزة الأمن إلى منزل الجيران الذين تم نقل الفتاة إليه، واعتقلت صاحبه بالإضافة إلى المرأة الغريبة التي تبيّن أنها (أحلام البشير) قبل أن تتوجه لمنزل أسرة جركس وتعتقل الأم والأخت والشقيق الأكبر (عمار) الذين ما زالوا جميعاً موقوفين. 

وتتقاطع هذه المعلومات بشكل متطابق تماماً مع المعلومات التي كانت السلطات التركية قد كشفت عنها بعد وقت قصير من التفجير الإرهابي الذي أودى بحياة ستة أشخاص، حيث قالت ولاية إسطنبول وقتها إن المنفذة استقلت سيارة أجرة غير مرخصة بعد وضعها العبوة في مكان الحادث، وانتقلت إلى أحد ضواحي المدينة.

لكن الشهود الذين تواصلت معهم أورينت أكدوا معرفتهم الجيدة بعمار جركس وشقيقه أحمد، وإنهما رغم عملهما على سيارة غير مرخصة للخدمة العامة، إلا أنهما لا يمكن أن يكونا متورطين بهذا العمل الإرهابي الشنيع.

ويضيف بعضهم "إن الشابين ليس لديهما أي اهتمامات بالسياسة ولا يمكن تصور ارتباطهما بأي جهة أو تنظيم من أي توجه كان، وأن كل حياتهم منصبّة على العمل وتحصيل الرزق لتأمين مصاريف العائلة وجمع مبلغ يساعدهم في المستقبل عندما يعودون إلى سوريا".

الشهود حمّلوا حزب العمال الكردستاني الإرهابي المسؤولية عما حدث والضرر الكبير الذي لحق بأسر ضحايا التفجير الذي نفذته أحلام البشير في شارع الاستقلال، وكذلك بحياة آل جركس الذين باتوا متهمين حالياً بالتورط في جريمة كبيرة من هذا النوع.

كما أدان الشهود سعي إعلام الحزب ومناصريه للتشكيك بالحادثة وبنتائج التحقيقات التي خلصت إليها السلطات الأمنية التركية خلال وقت قصير، مؤكدين ثقتهم بأن التحقيق سيكشف كل الحقائق وينصف الأشخاص الذين اعتُقلوا من جيرانهم إذا كانوا مظلومين.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات