كشفت صحيفة (القبس) الكويتية نشر إيران وحدات جديدة من ميليشياتها على الحدود السورية الأردنية، في إطار المشروع الإيراني الهادف لإحكام السيطرة العسكرية على المنطقة الجنوبية لسوريا، بالقرب من حدود الأردن وإسرائيل، وذلك رغم التحذيرات السابقة التي أطلقها الأردن لمواجهة الخطر الإيراني على حدوده مع سوريا.
ونقلت الصحيفة عن (مصادر مطلعة داخل إيران) اليوم، أن ميليشيا الحرس الثوري أرسلت مؤخراً ثلاث وحدات جديدة من (لواء فاطميون) الأفغاني بإشراف القيادي في الميليشيا (حكمت الله هراتي)، إلى الحدود السورية الأردنية، بهدف إنشاء قاعدة كبيرة بدلاً من النقاط الصغيرة التي تستخدمها الميليشيا في محافظة درعا جنوب سوريا.
وأوضحت المصادر أن تلك الوحدات الإيرانية انطلقت في الأيام الماضية من طهران إلى دمشق ثم وصلت إلى مدينة درعا، وبدأت بالانتشار على طول الحدود الأردنية تحت إشراف خبراء إيرانيين، "بعد أن جرى تدريبها وتجهيزها عسكرياً في معسكرات جنوب شرق طهران على استخدام صواريخ قصيرة المدى والطائرات المسيَّرة، وهي مجهزة عسكرياً أكثر من الميليشيات الإيرانية المتمركزة في دمشق".
وبحسب المعلومات المسرّبة فإن الميليشيا الإيرانية أنشأت قيادة جديدة لقواتها في الجنوب السوري، بعد استكمال الميليشيات "الأفغانية" عملية الانتشار على الحدود مع الأردن، إضافة للبدء بإنشاء قاعدة إيرانية تحت اسم (مالك الأشتر) يجري بناؤها في قرية حومة بريف درعا، كجزء من "مشروع حماية الشركات الإيرانية من هجمات قد تشنها فصائل المعارضة السورية، إضافة إلى إنشاء نقطة مركزية ثابتة في الجنوب لإحكام السيطرة على مثلث درعا ـ القنيطرة ـ دمشق".
وقدّرت الصحيفة عدد عناصر ميليشيا "فاطميون" الإيرانية الذين نقلوا إلى منطقة درعا بنحو 350 عنصرا، إضافة لعدد من ضباط وكوادر ميليشيا "الحرس الثوري"، حيث تم نشر تلك الميليشيات على طول الحدود السورية الأردنية، بعد أن التحقت بهم عوائلهم عقب وصولهم إلى درعا، الأمر الذي يؤكد نية إيران الاستقرار لفترة طويلة على الحدود السورية الأردنية.
تحذيرات أردنية سابقة
وكان الملك الأردني عبد الله الثاني، حذر في أيار الماضي من تصعيد محتمل على حدود بلاده مع سوريا، بسبب التوسع الإيراني المتزايد على حساب الانسحاب الروسي في المنطقة الجنوبية، وقال الملك حينها في مقابلة مع معهد (هوفر) في جامعة "ستانفورد" الأمريكية إن “الوجود الروسي في جنوب سوريا، كان يشكل مصدراً للتهدئة”، مضيفاً: "هذا الفراغ سيملؤه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا هنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا".
كما دعا العاهل الأردني في حزيران الماضي إلى تشكيل تحالف عسكري في الشرق الأوسط على غرار حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وذلك على خلفية انتشار الميليشيات الشيعية على حدود بلاده، حيث اعتبر ذلك الانتشار يشكّل خطراً على أمن الأردن القومي لانشغالها بتهريب المخدرات والأسلحة.
وجاءت التصريحات الأردنية بعد تغلغل واضح لميليشيات إيران في المنطقة الجنوبية لسوريا، (درعا والسويداء)، وبالقرب من الحدود الأردنية، وخاصة بعد انتهاء دور فصائل المعارضة وسيطرة ميليشيا أسد وروسيا على المنطقة، حيث كان لعمّان دور واضح في تلك الاتفاقيات التي انعكست سلباً عليها ولا سيما عمليات تهريب المخدرات التي أرهقت الجيش الأردني بشكل لافت في الآونة الأخيرة.
وكان للأردن دور بارز في وصول إيران وتوسعها في مناطق جنوب سوريا خلال العامين الماضيين، ولا سيما تخلّيها عن فصائل المعارضة في الجنوب السوري من جهة، والمساعي الدبلوماسية والسياسية التي ساهمت بشرعنة نظام أسد في المنطقة العربية مقابل بعض الاتفاقيات الاقتصادية التي تهم عمّان، وعلى رأسها اتفاقية “خط الغاز العربي” من جهة أخرى. وقد بدأت تلك المساعي، العام الماضي، بمطالبة الجانب الأردني بفتح معابره مع مناطق سيطرة ميليشيا أسد لإنعاش اقتصاده ومن ثم اتصالات رسمية جرت بين الطرفين، وعلى رأسها الاتصال الأول لبشار الأسد بالعاهل الأردني في تشرين الأول الماضي، بعد قطيعة استمرت نحو عشرة أعوام، في تبدّل واضح ومفاجئ في الموقف الرسمي من الثورة السورية وانعكاساتها.
وشكّل الموقف الأردني دعماً واضحاً لنظام أسد وميليشياته من خلال دعمه اقتصادياً وسياسياً مقابل نكث الاتفاقات السابقة المتعلقة بالثورة السورية التي دعمتها عمان منذ عام 2011، خاصة أن تبدّل السياسة الأردنية تزامن مع تغيرات دولية غير مسبوقة في الجنوب السوري، سمحت تلك المتغيرات لميليشيات أسد وإيران باستعادة السيطرة على المنطقة وإعادة الانتشار على حدود الأردن وإسرائيل.
التعليقات (3)