بينهم أطفال.. 3 أسباب رئيسية وراء تزايد أعداد المفقودين في الشمال السوري

بينهم أطفال.. 3 أسباب رئيسية وراء تزايد أعداد المفقودين في الشمال السوري

تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شمال غرب سوريا تزايد أعداد الأطفال المفقودين خلال الأشهر القليلة الماضية، نتيجة تردي الوضع الأمني واستمرار حركات النزوح والتنقل بين المدن، فضلاً عن الأزمات المستمرة التي يعيشها السكان جراء الحرب.

أعداد المفقودين

وتزايدت البلاغات عن مفقودين من الأطفال وكبار السن بشكل ملحوظ في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، إذ يتم الإبلاغ عن ثلاثة إلى أربعة مفقودين يومياً بحسب "مكتب شؤون الجرحى والمفقودين" المتخصص بالبحث عن المفقودين ومتابعة الجرحى في المشافي السورية والأراضي التركية.

وبحسب إحصائيات خص بها المكتب موقع "أورينت" فقد بلغ عدد حالات فقدان الأطفال في الشمال السوري منذ بداية العام الجاري حتى شهر أيار/مايو الجاري، 67 طفلاً من أصل 311 مفقوداً، بالإضافة إلى 35 امرأة، بينما الغالبية كانت من الشباب والرجال الذين بلغ عددهم "209" مفقودين، عاد غالبيتهم إلى منازلهم بعد تعميم صورهم.

ويوضح "علاء أبو الوليد" (مدير دائرة التوثيق في مكتب المفقودين والجرحى) أن التهجير وحركات النزوح المستمرة والتغيير المتكرر لأماكن الإقامة، يعدّ أهم أسباب ارتفاع عدد حالات الإبلاغ التي لا تنحصر بالأطفال فقط، بل تشمل مختلف الأعمار، إضافة إلى عوامل أسرية واجتماعية أخرى.

ويقول في حديثه لـ"أورينت": بالنسبة إلى الأطفال يعدّ عامل الهجرة والتنقل وعدم معرفة الأطفال بتفاصيل المناطق التي لجأت عائلاتهم إليها، سواء أكانت بلداتٍ أو مخيمات، سبباً في ضياعهم وفقدانهم لفترة من الزمن قبل أن تتمكن فرقنا بالتعاون مع الجهات الأخرى التي تتلقى التعميم من إيجادهم وإعادتهم إلى ذويهم.

ويضيف: كما تؤدي المشاكل العائلية وحالات الطلاق وغيرها إلى هروب الأطفال إلى أقاربهم أحيانا، أو خروج الطفل من مكان إقامته مع أمه إلى منزل والده وبالعكس، ما يدفع ذويه إلى الإبلاغ عن فقدانه، إضافة إلى الضياع المؤقت للأطفال أو المرضى النفسيين.

وعن ظاهرة المفقودين من النساء والرجال، يقول علاء: غالبية هذه الفئة هم من الوافدين إلى المنطقة حديثاً، حيث يعدّ غياب شبكات التنقل عاملاً أساسياً في فقدان هذه الفئة بشكل مؤقت غالباً، خاصة عندما يتم فقدان الاتصال بهم بسبب عدم وجود شبكة تغطي المناطق المحررة.

ويلعب مكتب المفقودين دور شرطة النجدة ويقوم بمهمة البحث عن الأشخاص الذين تفقد عوائلهم الاتصال بهم، حيث يعمل من خلال شبكة الموظفين والفروع التابعة له على مسح المنطقة التي يتوقع وجود المفقود فيها.

مؤخراً، تلقى المكتب بلاغاً عن فقدان الطفلة رغداء مستو بعمر سبع سنوات، وشقيقها أيمن مستو صاحب السنوات العشر ، من مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي، والمقيمين مع ذويهم في قرية تل الكرامة قرب مدينة الدانا بريف ادلب، وبعد ساعة من التعميم وجد الطفلان في مركز كنف لرعاية الأطفال، قبل استلامهم من قبل عائلتهم، ليتبين أن سبب فقدانهم هو اللعب بعيداً عن مكان إقامتهم.

مخاوف يغذيها الفلتان الأمني

ومع الارتفاع الملحوظ في أعداد البلاغات عن فقدان أشخاص أو تغيبهم، يحذر الكثيرون من أن يستغل ضعاف النفوس الظاهرة وبالتالي انتشار عصابات تمتهن اختطاف الأطفال بهدف طلب الفدية. وهو الأمر الذي يعتقد البعض أنه مبالغ فيه.

ويعتبر "محمد حسين" (وهو ناشط مدني مقيم في مدينة جرابلس بريف حلب الشرقي) أن الحوادث الشهيرة التي جرت، ومنها حادثة قتل الطفلين خالد وفاطمة الحمودي في مخيمات أطمة بريف إدلب، وحادثة مقتل الطفلة "غصون" في قرية كفرة بريف مدينة إعزاز شمال حلب، جعلت الناس يقلقون على أطفالهم حتى لو تغيبوا لوقت قصير جداً.

ويقول: يخشى الناس أن تخرج هذه الحوادث من إطارها الطبيعي والمعتاد إلى ظاهرة يتحول فيها الأطفال إلى أداة للانتقام وتسوية الخلافات بين الكبار، أو رهائن لطلب للفدية، خاصة وأن المنطقة تعاني فوضى السلاح وغياب دور الشرطة و تراجع مستوى الأمن والأمان.

بدوره، نفى "حذيفة الحمود" (مدير مكتب شؤون المفقودين والجرحى) تسجيل أي حالة لأشخاص مفقودين أو مختطفين بهدف طلب الفدية أو وجود عصابات خطف الأطفال في مناطق سيطرة المعارضة في الشمال، معتبراً أنه "لو وجدت هذه الحالات لكان المكتب أول من علم بها، بالنظر إلى طبيعة عمله وتغطيته المناطق المحررة بشكل كامل".

ويقول: أصدرنا من خلال معرفاتنا الرسمية عدة تحذيرات للأهالي بالانتباه لأطفالهم وعدم الابتعاد عنهم ومرافقتهم إلى مدارسهم لحمايتهم من الضياع، وأيضاً توعيتهم بمخاطر مرافقة الغرباء أو التوجه إلى أماكن بعيدة عن المنزل.

توصيات وتحذيرات

وعن سبل الحد من الظاهرة يقول "الحمود": باعتبار أن المشاكل الأسرية واحدة من الأسباب التي تؤدي إلى خروج الأطفال من المنزل، ندعو الأهالي والمؤسسات المهتمة بشؤون الأسرة إلى زيادة الوعي الأسري والعمل على استيعاب الأبناء أطفالاً كانوا أو يافعين، وتجنب المشاكل والخلافات بحضورهم.

ويضيف: وفي حال تم فقدان طفل أو رجل أو امرأة، فعلى ذويهم الإبلاغ الفوري عن ذلك إلى الجهات المختصة، ثمّ التواصل مع مكتبنا، وتزويدنا بصورة عن محضر التبليغ لدى جهاز الشرطة في المحرر، ونحن بدورنا نقوم بتعميم اسمه وصورته وآخر الأماكن التي تمت مشاهدته فيها، ومتابعة وضعه حتى إعادته أو معرفة مكانه.

لم يعتد السوريون قبل الثورة وفي مناطق سيطرة نظام أسد بعد ذلك على وجود أي جهة مهمتها تلقي البلاغات عن مفقودين والعمل من أجل إعادتهم بشكل عاجل، على الرغم من وجود شرطة النجدة والمخافر التي غالباً ما اكتفت بالتحول إلى أداة قمع بيد أسد، بينما عرفت المناطق المحررة في الشمال مكاتب ومؤسسات معنية بهذا الأمر تلعب دوراً فعالاً في المساعدة على العثور على المفقودين لأسباب غير جرمية وإعادتهم إلى ذويهم بأسرع وقت، ما يقلل من مخاطر هذه الظاهرة خاصة بعد تزايد الحالات نتيجة الظروف الخاصة التي تعيشها سوريا. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات