حصار بالاتفاق.. أحداث الشيخ مقصود تكشف المستور بين أسد وقسد

حصار بالاتفاق.. أحداث الشيخ مقصود تكشف المستور بين أسد وقسد

تواصل ميليشيا أسد حصارها لحيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، منذ نحو ثلاث سنوات، إلا أن حِدّة الحصار ازدادت منتصف الشهر الماضي بعد أن قام عناصر “الفرقة الرابعة” بمنع إدخال المواد الغذائية والطحين والمحروقات، وسط مناشدات من قبل الأهالي بضرورة فك الحصار وتحسين الواقع الحالي.

ويعيش في حيي الشيخ مقصود والأشرفية قرابة 200 ألف نسمة ينتمون إلى إثنيات وأديان مختلفة، فهي تضمّ المكوّن الكردي والعربي والتركماني والسرياني والأرمني، حيث ازداد عدد السكان فيهما نتيجة فرار الكثير من العوائل الكردية المقيمة في عفرين وضواحيها، بعد العملية العسكرية التركية "غصن الزيتون" عام 2018.

وبحسب أحد الناشطين الأكراد المقيمين في المنطقة "فضّل عدم ذكر اسمه" تعمل هذه المكوّنات على إدارة نفسها من خلال مجلس محلي (كومينات) وقوى أمنية تتبع لما يسمى الإدارة الذاتية.

وأضاف الناشط لـ"أورينت نت" أن الحيين كانا يعيشان سابقاً أوضاعاً اقتصادية جيدة مقارنة مع باقي أحياء حلب الواقعة تحت سيطرة ميليشيا أسد، ما دفع الأخيرة لفرض حصار مطبق عليها مؤخراً لتحقيق مكاسب سياسية، أدت لحدوث أزمة خانقة في تأمين الخبز والمواد الغذائية والمحروقات.

وأوضح أن حواجز "الفرقة الرابعة" تنتشر في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية، ومن المعروف أن ولاء الفرقة التي يقودها ماهر الأسد يعود لإيران، وهي تسيطر على كل المعابر سواء مع الأكراد أو مع قوات المعارضة.

وأشار إلى أن لميليشيا أسد تجارب طويلة بحصار المدن السورية كما فعلت في حمص ودرعا والغوطة بريف دمشق، فالأسد لا يفرق بين ضحاياه الذين يجمعهم مناهضتهم له، فلن يسلم منه لا كرد ولا عرب ولا مسلمون ولا مسيحيون ولا أي طوائف أخرى، وهو لن يترك الأكراد أو غيرهم يحكمون مناطقهم إذا استتبّ الأمر له ولكن يعمل بمبدأ الأولويات وأقل الخسائر.

 

ابتزاز الفرقة الرابعة للأهالي

وأكد أن الشيخ مقصود والأشرفية يعانيان من حصار متقطّع منذ نحو 3 سنوات، وازدادت حِدّته في 13 الشهر الماضي بعد منع "الفرقة الرابعة" إدخال المواد الغذائية والمحروقات للحيّين، ما زاد من معاناة الأهالي.

وتابع: تتعمد "الفرقة الرابعة" التابعة لميليشيا أسد التضييق على الأهالي من خلال الحواجز المحيطة بالحيّين، ففي الكثير من الأحيان يرفض عناصر "الفرقة" السماح للأشخاص الذين يحملون أكثر من 150 ألف ليرة سورية إدخالها إلى الشيخ مقصود والأشرفية في حين يُسمَح بإخراج أي مبلغ مهما كانت قيمته إلى مناطق أسد، كما أصبح الأهالي عرضة لاستغلال التجار ومهربي المواد الغذائية وخصوصاً الخبز، حيث وصل سعر ربطة الخبز لـ4000 ليرة، بعدما كانت بـ150 ليرة، جراء الأوضاع الأخيرة.

 

أوضاع صعبة تنذر بكارثة

وتعتبر الأوضاع المعيشية سيئة للغاية في الحيين، فقد خفضت ميليشيا أسد من مخصصات سيارات النقل الداخلي، بعد أن كان لكل لسائق 20 لتر مازوت، تم تخفيضها لـ10 لترات، واليوم وصل التخفيض لـ5 لترات مازوت، وازدادت الاعتقالات على الحواجز المحيطة بالحيين، حيث يقوم العناصر بتفتيش الجوالات للخارجين والداخلين، ويتم فرض ضرائب كبيرة على ورشات العمل الداخلة إلى الحيين والخارجة منهما، كما تم منع إدخال الأدوية، ما ينذر بكارثة إنسانية.

اتفاق قديم بين ميليشيا أسد والأكراد 

وشارك حيّا الشيخ مقصود والأشرفية بالثورة السورية كما غالبية أحياء حلب، حيث خرجت مظاهرات مناهضة لحكومة ميليشيا أسد، وبعد دخول الجيش الحر لأحياء حلب في صيف 2012، شكّل الأكراد مجموعات مسلحة، وكانوا يرابطون مع الجيش الحر، إلى حين ظهور تنظيم داعش الذي مهّد لسيطرة كاملة للأكراد مستقبلاً على الحيين.

ووفقاً لـ"أبو حسين" (مقاتل سابق في لواء بدر التابع للجيش الحر) قال لأورينت نت: "كنا نرابط سويّة مع الأكراد في حيي الشيخ مقصود والأشرفية ضد ميليشيا أسد، ولكن لم يكن يحدث اشتباك بالغالب بين الأكراد وميليشيا أسد"، مضيفاً أن عناصر الأكراد كانوا يظهرون أمام ميليشيا أسد دون أن تستهدفهم.

وتابع أنه “في حملة ميليشيا أسد الأخيرة على حلب والتي دخلها من مخيم حندرات، ساهم الأكراد بحصار حلب من خلال قطع طريق الكاستيلو المكشوف لحي الشيخ مقصود الذي يعتبر أعلى نقطة في مدينة حلب”.

ولفت إلى أنه من الملاحظ أن قسد في الشيخ مقصود تسيطر بشكل كامل على الحي وتمنع دخول ميليشيا أسد إليه، وتحكمها قوات الأسايش التابعة للإدارة الذاتية، وبالمقابل لميليشيا أسد مصلحة بتركهم يسيطرون على الحيين، فهو يستطيع دخول منبج والرقة والحسكة والقامشلي وكافة المناطق التي تحت حكم "الإدارة الذاتية" في اتفاق مبطن بين الطرفين تحكمه المصالح، ورغم ظهور خلافات بين الحين والآخر بينهما، إلا أنه سرعان ما تهدأ الأمور بوساطات روسية بين الطرفين المتّفقين على محاربة الثورة.

خيط الأمل انقطع

وتعليقاً على حصار ميليشيا أسد للحيين، أشارت سعاد حسن ممثلة الرئاسة المشتركة لمنظمات المجتمع المدني في حي الشيخ مقصود في حديث لقناة "اليوم" الكردية، إلى أنهم لم يتوقعوا هذه المعاملة والمضايقات والحصار من قبل حكومة ميليشيا أسد، مضيفة أن خيط الأمل مع ميليشيا أسد قد انقطع  وخصوصاً نتيجة الممارسات الأخيرة في شهر رمضان الذي يشهد ارتفاع أسعار في الأحوال العادية، فالفرقة الرابعة هي المسؤول الأول عن هذه الممارسات وصاحبة القرار في كل شيء بحلب ولا يستطيع أحد محاسبتها، كما إن النازحين من عفرين والمقيمين في حي الشيخ مقصود ليست لديهم الحرية لزيارة أقاربهم في الشهباء أو منبج أو المناطق الشرقية ومناطق سيطرة ميليشيا أسد.

ويرى محللون أن خلفية هذه الممارسات غير مرتبطة بالخبز أو مادة أخرى، إنما هو موضوع سياسي بحت، لتحقيق مكاسب من خلال استخدام سلاح التجويع. 

وكان محافظ ميليشيا أسد بالحسكة اللواء غسان حليم خليل قال في حديث لجريدة "الوطن" الموالية، إن قسد أقدمت على تطويق فرن البعث في مدينة الحسكة بـ 6 مدرعات، وطلب مسلحوها من دورية ميليشيا أسد إخلاء المكان، بذريعة تطويق حي الشيخ مقصود بحلب، مدعياً أنه لا يوجد تطويق لحي الشيخ مقصود، وأن ما يجري عليه يجري على الأحياء الأخرى بحلب، ولكن هناك أفران غير مرخّصة في الشيخ مقصود تقوم بطلب الطحين، ونحن لا نستطيع تلبية طلبها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات