سَلَطة المعارضة.. وفتوش السٌلْطة!!

سَلَطة المعارضة.. وفتوش السٌلْطة!!

في حديثه وتداعي ذكرياته لصحيفة القبس الكويتية وصف الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري السابق المعارضة السورية بأنها أشبه بالسَلَطة ( بفتح السين واللام ) وأنها كانت مخترقة من النظام وأنه باستثناء قلة قليلة منهم كان معظمهم يبحث عن بيزنس وهو لفظ ملطف ومخفف من عبارة ارتزاق! 

إذا هذا هو حال المعارضة السورية بشهادة لايمكن دحضها لأنها تصدر عمن كان راعياً وداعماً لها حتى وقت متأخر وربما ما يزال بمستوى أو بآخر  .. وهؤلاء هم العصابة التي سطت على مقدرات أعظم ما فعله السوريون منذ التأسيس لوطنهم في الربع الأول من القرن العشرين، وتاجرت بهذا الفعل طوال عقد كامل من الزمن تخضبت فيه أيامه وساعاته بدماء سوريين أحرار وصرخات ومواجع معتقلين تنبئنا صور قيصر عن حالهم وأحوالهم .. فيما يرتع ثلة من السفلة في مرابع الدول وأرقى منتجعاتها وفنادقها يمارسون تجارتهم بمواجع السوريين ومآسيهم دون ذرة حياء واحدة من أرملة وأيتامها يعيشون في مواجع الخيام، أو أم ثكلى دفنت قلبها وحياتها عندما أهالت التراب على جثمان ولدها أو أم ما تزال هائمة تحمل صورة ابنها الذي لا تعرف أهو في عداد الأحياء الموجوعين، أم في عداد الموتى الذين لا شواهد قبور تدل عليهم. 


بهذه البساطة يعيد السوريون اكتشاف ما صار معلوما لديهم ولايحتاج إلى تأكيد، لكنهم مع ذلك ما زالوا يشعرون بالصدمة، ربما لأنهم لايريدون تقبل فكرة أن الحلم العظيم الذي ضحوا لأجله وبذلوا كل غالٍ ورخيص لتحقيقه قد أجهضته ثلة من اللصوص وقطاع الطرق وأثرياء الحرب، ودفنوه وأهالوا عليه التراب ثم أخذوا يقيمون مراسم العزاء في سوتشي وآستانا وقصر الأمم بجنيف! 

 يا وجعنا .. ويا كارثتنا .. 

على الضفة الأخرى لايقل النظام المجرم خسّة وعتهاً وسفالة عن معارضية فالعصابة الحاكمة التي قبلت بتدمير مدن سوريا وبلداتها وتهجير سكانها وتجويع من تبقى منهم وبيع ورهن مقدرات بلد لدفع مستحقات البقاء في حكم الركام للداعمين، تمثل نموذجا متفردا في العالم أجمع  .. فلم نقرأ أو نسمع قط أن حاكما استباح بلده ومدنه وحياة شعبه كما فعل الأسد، حتى نيرون الذي تنسب إليه جريمة إحراق روما عام 64 ميلادية وهو يعزف على القيثارة لم يثبت تاريخياً على نحو قاطع أنه فعل ذلك، لكن الأسد فعلها وكان منذ البداية أكثر شفافية وصدقا من خصومه عندما أطلق وروّج شعار ( الأسد أو نحرق البلد ) لأن هذا النوع من الطغاة لايؤمنون فقط أنهم مبتدأ الحياة ومنتهاها، وإنما يؤمنون أيضا أن البلد يجب أن تدمر أركانه وتهوي سقوفه فوق سكانه إن لم يكن هو الحاكم مطلق السلطة والصلاحية فيه. 


ربما لايكون نظام دولة العصابة سَلَطة ( بفتح السين واللام ) كما معارضيه لأنه أكثر تنظيما وحنكة في إدارة صراعه وخصومته مع المجتمع السوري، لكنه بالتأكيد لن يكون أكثر من ( فتوشا ) يزيد عن معارضيه ببعض قطع من الخبز المحمص والجبن الأبيض وبضع حبات زيتون أسود، وكلاهما مجرد مقبلات توضع على موائد لئام المجتمع الدولي الذي أعمل فينا جميعاً مبضعه وهو يلتهم حياتنا ومستقبل بلدنا وأجيالنا الجائعة داخلاً والمشردة خارجاً.. فالجسد العاري يعلن عن استباحته، كما المال المتروك بلا حراسة يستدعي كل اللصوص.

   أما أولئك الذين يحملون السلاح اليوم من ميليشيات النظام والمعارضة على السواء على ضفتي هذا الصراع العدمي، فهم لا يحمون بلدنا المستباح .. إنهم فقط يحرسون مصالحهم، ويحرصون على استدامة الحال طالما كان هذا الحال مستولداً لمزيد من المواجع والأزمات التي خبروا جيداً طوال سني الصراع كيف يستثمروها، ويثروا من خلالها، وكيف يحرسوها. 

 

   وأما الثورة .. والتغيير .. والتحول الديمقراطي .. ودولة القانون، فتلك استحقاقات لرجال آخرين ، ولزمن آخر لانكون نحن فيه لأننا لا نستحقه. 

   


 

   

التعليقات (1)

    HOPE

    ·منذ سنتين شهر
    بالرغم من كل الانتقاد الموجه للهيئات السياسيه التي تمثل المعارضه الا ان الخط الواضح الذي تسير فيه اصطدم ويصطدم وسوف يصطدم بجدار تعنت السفاح في دمشق و داعميه؟؟! ان الحرب الاوكرانيه السوريه فرصة للسوريين لكي يسمعوا صوتهم ويحققوا شيئا من اهداف ثورتهم التي دفعوا ولا زالوا يدفعون ثمنها .. العقبه ليس بالنظام .. العقبه بالاراده و حقيقة السياسيين الذين يحملون الامانه .. لو بيعرفوا فانهم سيسالون عنها.
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات