في ذكراها الـ 11.. الثورة السورية مقيدة بتآمر وفشل السياسيين وخذلان الفصائل العسكرية

في ذكراها الـ 11.. الثورة السورية مقيدة بتآمر وفشل السياسيين وخذلان الفصائل العسكرية

ما زالت الثورة السورية تنتظر فرص تحقيق أهدافها بعد 11 عاماً على انطلاقتها رغم التآمر الدولي عليها وصمت المجمتع الدولي، وكذلك الدعم الروسي والإيراني الذي سمح لنظام أسد بإعادة السيطرة على معظم المدن والمناطق عبر سيناريو التهجير والتدمير من دمشق إلى حمص ودرعا ووصولاً إلى الشمال السوري، آخر معاقل المعارضة السورية التي تشتكي صمت الجبهات والبنادق، وتتأمل استغلال الغزو الروسي لأوكرانيا لإطلاق عمل عسكري ضد ميليشيات أسد وروسيا وإيران.


تلك الحالة المأساوية لمناطق المعارضة على الصعد السياسية والعسكرية وخاصة الاقتصادية، نتجت عن فشل المسار السياسي وجولات التفاوض التي أدارتها الدول "الضامنة" (روسيا وإيران وتركيا) خلال عقد مضى، واستطاعت روسيا فرض مساراتها الخاصة (أستانا وسوتشي) لكسب الجولات لمصلحة حليفها أسد، مقابل عدم الانصياع لقرارات مجلس الأمن الدولي حول الملف السوري ولا سيما القرار (2254) الذي ينص على تطبيق الحل السياسي في سوريا، بحسب استطلاع أجرته أورينت مع نشطاء وعسكريين وباحثين في إدلب وريف حلب.


وفي هذا الصدد يقول أحد النشطاء في الشمال السوري، وهو عبد الكريم العمر، في حديث لموقع أورينت نت: "للأسف كانت المفاوضات والمسار السياسي بشكل عام نذير شؤم للسوريين، حيث خلقت روسيا مسارات جديدة سواء  أستانا أو سوتشي، وهي بمثابة انقلاب على مسار جنيف الذي بدأ في حزيران 2012 والقرار الدولي 2254 ، الذي يعتبر أساس الحل السياسي وحظي بموافقة أعضاء مجلس الأمن"، ويضيف الناشط: "فيما بعد حاول المبعوث الأممي ديمستورا الانقلاب على مسار جينيف بدعم روسي، وفي ظل غض الطرف الأمريكي والأوروبي عن توجهاته، بدأ الحديث عن السلال الأربع دون التركيز على السلة الرئيسية، وهي تشكيل حكم انتقالي له كامل الصلاحيات التنفيذية، وبموجبها يتشكل دستور وتجري انتخابات" .
 

ويوضح عبد الكريم: "ديمستورا انقلب على ذلك وبدأ بالحديث عما يسمى اللجنة الدستورية، التي تعتبر من مفرزات مؤتمر سوتشي، حيث عمل الروس على خلق مسار أستانا بعد سيطرة النظام على مدينة حلب، والذي بموجبه استطاع النظام السيطرة على مناطق شاسعة من سوريا، بريف دمشق و حمص وريف حماة وإدلب. فالموضوع السوري ليس أولوية عند الأمريكان والأوروبيين"، معتبراً أن تلك المسارات السياسية التي سارت فيها المعارضة السورية والمجتمع الدولي، كانت عبئاً وكارثة إضافية على السوريين رغم معاناتهم الشديدة من القصف والنزوح والتهجير .
 

في حين لم تُبدِ الباحثة في مركز عمران رهف اللحام تفاؤلاً بالمسار السياسي، فالمفاوضات بحسب وصفها "شكلية"، وترى أن التفاوض يحتاج ضمانات وإلزاماً وأطرافاً مستعدة للتفاوض، وهو ما لا يريده نظام أسد الذي "لا يتبنّى سوى الحلول الصفرية، ودخوله في أي مسار تفاوضي يهدف لكسب الوقت ليس إلا".
 

أما عن المعارضة السورية فترى اللحام أن "الوضع أعقد، هناك انفصال بين الأطراف المفاوضة ومن يفترض أنهم يمثلونهم – على انقسامات الشارع السوري نفسه- وانقسامات عديدة بين الجهات والشخصيات، وعدم وضوح الرؤية أو الهدف ومن ذلك خوض جولات تفاوضية بهدف (إحراج النظام) أو إثبات حسن نية للمجتمع الدولي بأن المعارضة ليست تعطيلية" أكثر من وجود هدف خلف جولة تفاوضية، عدا عن عدم استغلال أوراق القوة –حين توجد- بالشكل الأمثل".
 

دور المجتمع المدني 


وتشير الباحثة إلى أن الشعب السوري بات اليوم مشتتاً جداً، و"همومه مختلفة باختلاف أماكن وجوده وإن كان هناك شبه اتفاق على العناوين العريضة من أهداف الثورة، لكنه يفتقد لمساحات الفعل بسبب حالة اللا تنظيم، ما يجعل ردود أفعاله تنحصر في وسائل التواصل وبأحسن الأحوال تشكيل رأي عام شعبي لكنه من دون أدوات الفعل والضغط المُجدي".

ولا يمكن إغفال حداثة نشأة المجتمع المدني بالنسبة للسوريين، بحسب الباحثة التي ترى أن بعض المفاهيم لا تزال غائبة عن السوريين، وأن الممارسة لا تزال تواجه عقبات عديدة تبدأ بالتقبل وإدراك الأهمية، إضافة إلى الارتهان لسياسات الداعمين في كثير من الأحيان، وانتهاء بالعبء الكبير الملقى على عاتقه الذي حوّل مسار عمله من الضغط والمراقبة والمطالبة بالحقوق وتصحيح المسار إلى الإغاثة وتعويض غياب الدولة.
 

وبحسب الناشط عبد الكريم، فلم تصل منظمات المجتمع المدني السوري حتى اليوم للمستوى المطلوب منها كوسيلة ضغط على المعارضة السياسية، فليس مطلوباً منها التوحد ولكن على الأقل كما حدث في السودان هناك تحالف يسمى تحالف قوى الثورة، وهو يضم تجمعات وكتلاً وأحزاباً سياسية سودانية كثيرة، وله تأثير و قوة ووجود في السودان اليوم. 
 

الصمت العسكري أكثر إيلاماً

أما على الصعيد العسكري، فيقول المحلل العسكري العقيد أحمد الحمادة لموقع أورينت: بعد أحد عشر عاماً عجافاً مرت على الشعب السوري والتي أدت إلى تهجير الملايين وقتل مليون وأكثر وتدمير كيان الشعب، لا يزال الشعب السوري الحر الرافض للعودة إلى ظل عبودية نظام الأسد، موجوداً ومتمسكاً بالثورة وبالعودة إلى بيته بعد تحقيق مطالبه، ولكن تأخر في تحقيق مطالبه بسبب ضعف أداء مؤسسات المعارضة ووقف الدعم الدولي، حتى إن بعض الدول العربية وغيرها، باتت تفكر بعد الضغط الروسي وتحت ذريعة الأمر الواقع بالقبول بنظام الأسد والتطبيع معه.
 

ويرى العقيد حمادة، أنه يجب استغلال الوضع في أوكرانيا، وأن نبيّن للعالم أن ما يحصل في أوكرانيا ما هو إلا جزء بسيط مما حصل للشعب السوري وأن الحل في سوريا لايتحقق إلا بطرد الأسد والروس المحتلين وعصابات إيران، ويقول: "عندما يتغير المزاج الدولي لصالح الشعب السوري، يتم إعادة تسليح الشعب السوري كما يتم تسليح الأوكرانيين فإن ذلك سوف يغير موازين القوة لصالح الثورة، أما في الظروف غير الواضحة من الثورة وعسكرتها فيجب التأني والاكتفاء بالدفاع أو تغيير شكل المعركة بطرق مؤلمة للعدو دون النظر لمسك الأرض، فنحن كسوريين نعوّل على تغيُّر الرأي الدولي من روسيا ونظام الأسد لصالح قضيتنا".
 

غير أن الباحثة رهف اللحام، ترى أن الخلل في الحالة السورية يكمن بالانفصال شبه الكامل بين المسارين السياسي والعسكري، وعدم وجود قيادة موحدة عسكرية قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة بناء على المصالح الوطنية بل غالباً ما تغلب المصالح الشخصية أو الجهوية وحالة التشرذم الفصائلي واختلاف الولاءات، عدا عن التدخلات الدولية وما تحدده من خيارات، كل ذلك يجعل الخيار العسكري في الحالة السورية غير قادر على الحسم وحده، إضافة إلى أن انشغال روسيا بالحرب التي شنتها على أوكرانيا لا يعني أن التدخل في سوريا لم يعد ضمن أهدافها أو فوق قدرتها.

وتضيف اللحام: "بناء على ذلك قد يكون هناك فرصة لكنها ربما ليست بالقدر الذي يجعلها نقطة قلب الموازين كما يشاع في الأوساط السورية أحياناً".
 

ويبدو أن السيناريو السوري يتكرر من جوانب عديدة في أوكرانيا، ولا سيما الجرائم الروسية من حصار وإبادة واستهداف للمدنيين والمنشآت الحيوية والخدمية والطبية، وهو أمر أشار له المسؤولون الأوكرانيون بشكل واضح، وخاصة التحذير من تكرار سيناريو حصار وتدمير مدينة حلب في العاصمة كييف. 
 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات