جامعة حماة وقصة اهتمام نظام الأسد المفاجئ.. نمو في الظاهر وما خفي أعظم!

جامعة حماة وقصة اهتمام نظام الأسد المفاجئ.. نمو في الظاهر وما خفي أعظم!

رغم موقعها الإستراتيجي ومقوماتها المتميزة، عاشت مدينة حماة خلال حكم الأسدين تهميشاً فاضحا، فلا مرافق ولا تطوير ولا أدنى اهتمام، ولا جامعة تمتلكها ولا مستشفيات مجهزة ولا حدائق كبيرة، لتشهد المدينة عزلاً لم يمر عليها خلال جميع الدول التي حكمتها وتركت فيها قلاعاً وقصوراً ومدناً تشهد على ذلك.

 

ولكن هذا التهميش تحول فجأة ودون سابق إنذار، إلى اهتمام كبير، مع بداية الثورة السورية، فاستمات بشار الأسد لإبقائها تحت سيطرته مستعينا بإيران وميليشياتها رغم قوة المعارك التي خاضها الجيش الحر، مع بداية تسلح الثورة في سنواتها الأولى.

وما إن استقر له الوضع نسبيا هناك عبر الميليشيات التي نشرها بجميع أرجاء المدينة، حتى بدأ بزيادة الفروع الجامعية في المدينة التي كانت فيها كليات ثانوية متفرقة تقع إحداها في بناء صغير داخل سوق للخضار!، قبل أن يصل الأمر لينشئ فيها جامعة كبيرة ومستقلة.

 

جامعة حماة.. توسع متسارع 

افتتحت جامعة حماة منتصف عام 2014 بينما سبقتها جامعة الفرات بـ8 أعوام، و"جامعة البعث" بـ35 عاماً، و"جامعة تشرين" بـ43 عاماَ، وجامعة حلب بـ56 عاماً، وجامعة دمشق بـ91 عاماً، رغم أن حماة هي رابع أكبر مدينة سكانياً بعد دمشق وحلب وحمص، إضافةً لقربها من جميع المدن والمحافظات تقريباً.

كانت حماة تضم قبل استيلاء حافظ الأسد على السلطة كلية الطب البيطري التي أحدثت عام 1969، بينما خلال حكمه الذي استمر نحو 30 عاماً، لم يفتتح سوى كلية واحدة يتيمة وهي كلية طب الأسنان، وقد أحدثت قبل مجزرة حماة بثلاثة أعوام تقريباً، بينما افتتح 13 كلية في مدينة حمص والتي أرادها مركزاً للطائفة العلوية بعد الساحل ودمشق، ليضطر طلاب حماة إما على دراسة أفرع لا يرغبون بها داخل مدينتهم، أو الدراسة بمدن أخرى أو ترك الدراسة بأكملها.

ثم جاء بشار الأسد ليفتتح خمس كليات هامشيات في حماة، وهي كليات التربية الرياضية، والاقتصاد، والتربية، والآداب والعلوم الإنسانية، والتمريض، وذلك قبل الثورة السورية لتغيب كليات الهندسة والحقوق والطب البشري والصيدلة والإعلام والعلوم السياسية عن المدينة، وما إن بدأت المحافظات السورية تشتعل وتخرج عن سيطرة نظام الأسد، حتى افتتح سبع كليات بمحافظة حماة خلال 5 أعوام فقط، ثلاثة منها بمناطق ذات صبغة شيعية.

 

جامعة حماة.. إرضاءً للشيعة

أحدث نظام الأسد بعد عام 2011 كليتي الزراعة والهندسة المعمارية في مدينة سلمية، ثم أتبعهما بكلية العلوم في مدينة مصياف عام 2014. 

هذه الكليات التي أنشأها في مصياف وسلمية تظهر أن هناك أصابع إيرانية واضحة وراءها، خاصة وأن مصياف الواقعة غرب حماة ينتمي أكثر سكانها إلى العلويين، بينما أكثر سكان مدينة سلمية من الطائفة الإسماعيلية، كلاهما من فرق الشيعة التي تحاول إيران السيطرة عليهما وتكسب ولاءهما المطلق.

ورغم امتلاك سلمية ومصياف كثافة سكانية كبيرة قد تستدعي وجود كليات بهما إلا أن احتضان مدينة طيبة الإمام أو صوران أو حلفايا لكليات كان أولى للأسباب التالية:

أولاً: يعادل مجموع سكان مدن طيبة الإمام وصوران وحلفايا عدد السكان في كل من سلمية ومصياف -علماً بأنه لا يوجد إحصائية حديثة وإنما قسنا على إحصائيات قديمة-، وقد قارنا ثلاث مدن بواحدة لأن هذه المدن تقع قرب بعضها بمسافة لا تتجاوز البضعة كيلو مترات، أما مصياف وسلمية فيفصلهما عن بعضهما 80 كم تقريباً، وإذا أضفنا منطقة محردة وبلدات مورك واللطامنة ومدينة خان شيخون الواقعة جميعها قرب طيبة الإمام، فحينها يتجاوز عدد سكان هذه المناطق مجتمعة عدد سكان سلمية أو مصياف تجاوزاً بعيداً.

ثانياً: لا يفصل كل من مدينتي طيبة الإمام وصوران عن مدينة حماة سوى 18 كم ولا يفصل حلفايا عنها سوى 25 كم، أما سلمية فتبعد عن حماة 30 كم، وتبعد مصياف عنها 50 كم، لذلك فإن وجود كلية في مدينة طيبة الإمام سوف يخدّم آلاف الطلاب القادمين إليها من مدن حلفايا وصوران والمناطق والبلدات والقرى المجاورة التي ذكرناها، بل وحتى من مدينة حماة نفسها.

ومما يعزز محاولة التغلل الإيراني في جامعة حماة وكلياتها الثلاث المشار إليها هو توقيع جامعة حماة اتفاقيات مع ثلاث جامعات إيرانية، فضلا عن تمركز ميليشيات حزب الله وفاطميون وغيرهما من الميليشيات الطائفية لإيران على شكل شبه حلقة لتطويق المدينة.

 

جامعة حماة.. ترسيخاً لسوريا المفيدة

تهميش الأسدين لحماة أخذ بالتلاشي مع انطلاق الثورة وسيطرة الجيش الحر على مساحات شاسعة من سوريا، ليفتتح بشار الأسد كليات عديدة بحماة خلال زمن قياسي، وليأتي ذلك ترسيخاً لـ سوريا المفيدة التي أرادها الأسد، والتي تشمل دمشق وريفها، وحمص وحماة، وطرطوس واللاذقية.

فقد أحدث النظام بعد 2011 في مدينة السويداء ثلاث كليات فقط بينما في مدينة سلمية وحدها كليتين، علماً بأن عدد سكان السويداء يتجاوز عدد سكان سلمية بأضعاف مضاعفة.

ولعل الأمر أكثر غرابة بمحافظة الحسكة التي لم يحدث فيها إلا كلية واحدة بعد عام 2011  مثلها مثل مدينة مصياف رغم أن الحسكة تتفوق على مصياف سكانيا بأضعاف كثيرة.

والحال نفسه في مدينة الرقة التي لم يحدث بها إلا كلية واحدة بعد عام 2011 رغم أن عدد سكانها أكبر من عدد سكان مدينة مصياف.

وقد يقول قائل بأن الحسكة تحت سيطرة قسد والرقة كانت تحت سيطرة داعش، فكيف تحدث بها كليات وحالها كذلك، ليأتي الجواب بأن المقارنة هي في أعوام الثورة السورية الأولى وقبلها التي لم تكن بها هذه المدن خارج سيطرة نظام الأسد، وأيضاً فإن مدينة السويداء لم تخرج عن سيطرة الأسد خلال 10 سنوات من الثورة السورية، فلماذا جرى تهميشها بهذا الشكل؟ 

وبذلك نعود لفكرة سوريا المفيدة ذاتها التي رسخها نظام الأسد بإيعاز من روسيا التي أغرقت البلد بالقواعد العسكرية لتأمين نفوذها على البحر المتوسط.

 

فضائح بالجملة

كل الاهتمام بالجانب التعليمي لمدينة حماة والمحافظة بشكل عام، من إنشاء سور يحيط بالجامعة، واعتماد بطاقة امتحانية "ذكية"، وافتتاح كليات جديدة، يبقى شكليا وليس هدفه تعليمي بقدر ما يهدف إلى بث سموم إيران الطائفية في المناهج الدراسية في محاولة لتشييع الجيل أو معظمه لضمان استمرار سيطرتهم المستقبلية.

فالفضائح العلمية وحتى الأخلاقية تغمر الجامعة، كما يؤكد أحد طلابها عمر الكردي (اسم مستعار) الذي يدرس في قسم اللغة الإنجليزية، كذلك فإنها تحتل المركز 12 على مستوى سوريا والـ11 ألف و588 على مستوى العالم بحسب موقع التصنيف العالمي للجامعات webometrics.

ويقول عمر لموقع أورينت نت إن التدريس في الجامعة هو أسوأ تدريس يمكن أن تراه باستثناء 3 أو 4 أساتذه يمكن الاستفادة منهم، مشيرا إلى أن البطاقة الذكية التي أصدروها مؤخرا ويتباهون فيها ليست أكثر من منظر.

ويتابع : "اسأل رئيس الجامعة الذي يتباهى بالبطاقة الامتحانية الذكية: هل يعلم كم يوماً أحتاجه لاستخراج ورقة بسيطة كالحياة الجامعية أو وثيقة الدوام أو التسجيل أو ما شابه؟ يكمل: استغرق التسجيل معي 10 أيام عانيت خلالها من الذهاب المتكرر حتى حصلت عليها، أما وثيقة الحياة الجامعية فاحتجت لثلاثة أسابيع حتى أعطوني إياها، بينما عندما احتجت لاستخراج وثيقة دوام بشكل فوري، كان السيرفر مقطوعاً ولا يوجد إنترنت!"

كما تحدث عن الأموال التي يطلبها الأساتذة وعمداء الكليات للتنجيح، فتكون النتيجة أن يتخرج الطلاب من قسم اللغة الإنكليزية على شاكلة الخريجة من جامعة حلب التي اشتهرت بمقولة "هلوا ايفري بدي لوشن"، كما قال الطالب عمر الكردي ساخرا.

بينما يكشف الطالب (أحمد. م) وجود تحرش جنسي بالطالبات من قبل بعض الأساتذة مقابل النجاح في المواد.

وأضاف أن هناك حادثة مشهورة في الجامعة حيث طلب أحد الأساتذه من طالبة الحضور إليه والاجتماع معه في مكان منعزل حتى يرفع لها موادها، لتعرض الطالبة محادثة الواتساب بينه وبينها على إدارة الجامعة، وليظهر بعد ذلك بأنه يقوم بالفعل نفسه مع العديد من الطالبات ولكن القصة "تلفلفت" ونقلوه إلى "جامعة البعث".

التعليقات (2)

    فادي فارس

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    لا بزعل منكم. بفكركم الطائفي النسائي الختياري يلي بيسلي بصراحة. تقولون سوريا المفيدة ونسيتم مدينة حلب التي استمات النظام السوري لإرجاعها وهي عنده مدينة عظيمة. فلا تنسوها وتتذكروا حماه التي فيها بعض المدن التابعة للساحل تاريخياً.

    noor

    ·منذ سنة 11 شهر
    thank u https://knu.edu.iq/
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات