التعليم المتنقل.. طريقة جديدة للتأقلم مع النزوح المستمر في الشمال السوري

التعليم المتنقل.. طريقة جديدة للتأقلم مع النزوح المستمر في الشمال السوري
أدت حملات النزوح الأخيرة لانتشار المخيمات العشوائية التي تفتقد بطبيعتها لمعظم الخدمات الأساسية التي يجب أن تتوفر لكي تستمر الحياة بشكل طبيعي، وأهم هذه الخدمات المدارس أو الحدات التعلمية، الأمر الذي حرم الكثير من الأطفال من تلقي تعليمهم وجعلهم منقطعين عن الدراسة. 

هذا الأمر دفع العديد من المنظمات إلى اتخاذ خطوات عاجلة وفعالة للحد من ظاهرة انقطاع الأطفال عن التعليم، وكان أبرزها "منظمة بنفسج" التي أنشأت مشروعاً تعليمياً يستهدف المخيمات العشوائية، وينقذ الأطفال عبر برنامج تعليمي ذاتي مسرع من شأنه تهيئة هؤلاء الأطفال لاستكمال مشوارهم.

مشروع تعليمي ماهي أهدافه وكيف كانت البداية؟ 

"النزوح والتهجير دائماً ما تكون عواقبه كارثية على كل فعليات المجتمع، وبالأخص التعليم لما يحمله من عقبات تمنع استمرار دراستهم، كعدم وجود مدارس في أماكن نزوحهم. هذا الأمر دفع منظمة بنفسج لإطلاق مشروع الحافلات ( الباصات ) التعليمية"حسب"حسن القاسم" مشرف مشروع الحافلات النقالة في المنظمة.

وأضاف "القاسم" في تصريح لـ"أورينت نت": المشروع بدأ عبارة عن حافلات جوالة مجهزة بوسائل تعليمية، بالإضافة إلى كادر متخصص من المعلمين عبر مرحلتين، كل مرحلة تستمر ستة أشهر، في كل جزء منها يتم استهداف أكثر من ستمئة طفل في أربعة مخيمات عشوائية، على امتداد مناطق نزوح السوريين في إدلب.

وبيّن "القاسم" أن المشروع هدفه تعويض الأطفال ما فاتهم عبر برامج تعليمية محددة تمكنهم في نهاية المشروع من الالتحاق بالمدراس بشكل رسمي.

وأوضح "أن المشروع لم يقتصر على حافلات بل تم تطويره بإضافة وحدة تعليمية ثابتة في كل مخيم مستهدف". 

وأفاد "القاسم" أن الأطفال المستهدفين ضمن هذا المشروع خضعوا لاختبار "الأيسر" والذي من شأنه تحديد حاجة الطفل عبر عدة مستويات، من أجل إلحاقه ببرنامج تعليمي محدد، حيث تندرج المستويات من "0" و "1" ومن هم فيه خضعوا لمنهج "pn" والذي يهدف إلى إرجاع الأطفال لتعلم القرءاة والكتابة، أما من هم في المستوى "1"و "2" فقد خضعوا لمنهج التعلم الذاتي، والذي من خلاله يستطيع الطفل التعلم ذاتياً بمساعدة الكادر التعليمي والمشرفين، و بتدعيمه بوسائل وطرق تعليمية، بالإضافة إلى قدرة الأهالي عبر هذه الوسائل والطرق في المساعدة بتعليم أطفالهم.

وأكد "القاسم" أنه في نهاية كل مرحلة من هذا المشروع، يتم تسليم هذه الوحدات التعليمية بشكل رسمي لمديرية التربية والتعليم في إدلب، من أجل استئناف العملية التعليمية وتسهيل المهمة عبر مذكرات تفاهم بين المنظمة والمديرية.

أقسام المشروع التعليمي ومهمامه 

لم يكن هذا المشروع محصوراً في مجال التعليم فقط، بل انقسم إلى أكثر من جزء يدعم عملية التعليم، كقسم الحماية ولجان الحماية وإدارة الحالة وأنشطة المكتبات ومجلس أولياء الأمور.

وقالت "رنيم زكور" مشرفة فريق الحماية "لأورينت نت": أن العمل في مجال الحماية والدعم النفسي كان داعماً مساعداً لتعليم الأطفال.

وأوضحت أن "عمل فرق الحماية مرتبط باقتراحات فعالة من شأنها تحسين الحالة العامة للأطفال والمشروع، وأهم النشاطات تحسين بيت الطفل، حيث تم تزويد كل وحدة تعليمية بحمامات منفصلة ومساحة مدرسية للأطفال، بالإضافة إلى مطعم ومكتبة لزيادة إقبال الأطفال على ممارسة القراءة والتعلم.

وأضافت "زكور": أن الدعم النفسي ضروري للطفل وعلى ذلك  قدم ميسروا الدعم النفسي ضمن الفريق  للأطفال جلسات دعم نفسي غيّرت كثيراً من حالهم، وهذه الجلسات تتضمن مقياس sdq قبل وبعد،  و هذا يتضمن  قياس مرونة الأطفال في بداية المرحلة وعند انتهائها لمعرفة نتائج أثر الدعم النفسي عليهم.

وبالإضافة إلى ذلك يتم تقسيم الأطفال لعدة مجموعات واستهدافهم بما يقارب خمس جلسات توعية ودعم نفسي لكل مجموعة، وتنقسم الجلسات إلى قسمين: جلسات توعية وجلسات دعم نفسي، بالإضافة إلى إدارة الحالة.

أما جلسات التوعية  حسب "زكور" تركزت على عدة مواضيع تخص الأطفال، مع كتيبات للتلوين والقراءة كالوقاية من فايروس كورونا والحذر من المخاطر غير المتوقعة وأهمية التعليم والوقاية من مخلفات الحرب والتعامل مع الآخرين (تجنب التنمر) بالإضافة إلى موضوع القيم والأخلاق والنظافة الشخصية و موضوع بعنوان كن حذراً (للحماية من التحرش الجنسي) والحفاظ على البيئة والاستخدام الجيد وغير الجيد للهاتف النقال وأهمية الرياضة.

بينما تميزت جلسات الدعم النفسي بحرية العناوين وركزت على حركية الأطفال والقدرة على التركيز والحس الحركي والعصف الذهني والأنشطة التفاعلية.

وذكرت "رنيم زكور" في سياق حديثها "لأورينت نت" أن الفريق عمل ضمن المشروع على إحالة أكثر من خمسين طفلاً لديهم حالات ضعف سمع وضعف بصر ومشاكل في النطق وأيضا مشاكل سلوكية مثل الانعزال / ضيق نفسي بسبب فقر-تشرد -فقدان مقدم الرعاية إلى قسم إدارة الحالة التابع لمشروع الحافلات التعليمية.

 ردود فعل الأطفال 

يقول "محمد دهنة" العامل كمدرس ضمن  مشروع الحافلات التعليمية "لأورينت نت": إن المشروع متضمن حافلة بالإضافة إلى ثلاث خيام تعليمية، حيث يتم تقسيم الأطفال إلى ثلاثة أفواج حسب التصنيف بعد إخضاعهم لفحص معياري يحدد مستواهم.

وأضاف: المشروع يلبي احتياجات دراسة  الأطفال ضمن المخيمات التي لاتخضع لتعليم، عبر مناهج غير رسمية تساعدهم على متابعة تعليمهم وتنقسم لقسمين "pnn  و spp"، وهذه العملية تتضمن وسائل وطرقا عديدة تساعد الأطفال على تقبل الأفكار وسهولة الاندماج بعد مرحلة الانقطاع التعليمي.

وفي سياق منفصل أوضحت "رنيم زكور" أن الأطفال تقبلوا فكرة المشروع بشكل جيد  "لما وجدوه من مساحة صديقة ومتنفس لهم بسبب ما يتضمنه المشروع من أنشطة ترفيهية ورياضية مقرونة بالبرنامج التعليمي"، ونوهت أنه تم الأخذ بالاعتبار وجود أطفال منعزلين تم التعامل معهم عبر جلسات الدعم النفسي والعمل على إخراجهم من حالتهم تلك.

شهدت مناطق إدلب تراجعاً في مستوى التعليم بشكل كبير خلال سنوات عديدة، وكان أبرز أسباب هذا التراجع عدم وجود عدد كافٍ من المدارس وغياب دعم المعلمين، ما دفع نشطاء إدلب لإطلاق حملة مناصرة لدعم التعليم والمعلمين يوم أمس عبر هاشتاغ موحد #ادعموا_التعليم.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات