الكتلة الأكبر من المعارضة السورية اعتبرت أن القضاء على مؤسسة الإفتاء واستبداله بالمجلس الفقهي يصب في خانة محو الهوية السنّية للبلاد، لصالح مشروع التشيّع الذي تقوده إيران، في حين اعتبر البعض أن الموضوع أخذ أكبر من حجمه، خاصة وأن وظيفة المفتي العام تحولت إلى لعبة بيد النظام في عهد الأسدين وفي تبرير مجازره ضد السنة.
ولكن مع استمرار هذا الجدل تبقى معرفة حصة الشيعة وحجم تمثيلهم في المجلس الفقهي الجديد وكذلك المذاهب والطوائف الأخرى التي أشار لها المرسوم وآلية عمل هذا المجلس هي الأكثر دقة لقياس تأثير هذه الخطوة على الهوية السورية التي مايزال السنة يمثلون الأكثرية فيها رغم كل ظروف الحرب والتهجير.
حصة الشيعة في المجلس الفقهي
علمت أورينت من مصادر خاصة أن المجلس الفقهي المذكور اجتمع مؤخرا برئاسة وزير الأوقاف عبد الستار السيد للنقاش حول الأسماء الـ44 التي سيضمها المجلس وفق المرسوم وكذلك آلية العمل التي سينفذ من خلالها المهام الموكلة، غير أن الاجتماع لم يخرج بقرار حاسم ولم يضع الصيغة النهائية للأسماء حتى الآن.
ولكن من خلال مصادر متطابقة مقربة من وزارة الأوقاف فإن تمثيل الشيعة وغيرهم من الطوائف سيكون ضمن فقرة الثلاثين عالما التي تضمنها المرسوم، حيث جاء فيه أن المجلس الفقهي يتألف من 44 عضوا وفق الآتي:
الوزير رئيساً
معاونا الوزير عضوين
رئيس اتحاد علماء بلاد الشام عضوا
القاضي الشرعي الأول بدمشق عضوا
ثلاثون عالما من كبار العلماء في سوريا ممثلون عن المذاهب كافة أعضاءً
ممثل عن الأئمة الشباب عضوا
خمس من عالمات القرآن الكريم أعضاءً
ممثل عن جامعة بلاد الشام للعلوم الشرعية عضوا
مُمثِّلان عن كليَّات الشريعة في الجامعات الحكومية عضوين
وبحسب المصادر فإن الأعضاء الـ14 غير الثلاثين جميعهم سنة، وهم الوزير عبد الستار السيد وكذلك معاونيه، وفريق الأئمة الشباب وهو ابن الوزير عبدالله السيد، أما رئيس اتحاد علماء بلاد الشام فهو توفيق البوطي ابن الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، وعالمات القرآن، هن جماعة القبيسيات وجميعهن سنة، وكذلك القاضي الشرعي بدمشق وممثلو كليات الشريعة فجميعهم سنة، وهذا بالطبع بقطع النظر عن توجهاتهم وولائهم للنظام.
أما الثلاثون عالما الذين تحدث عنهم المرسوم، فقد ذكر مصدر مطلع على ما يجري في وزارة الأوقاف أن 7 أو 10 منهم سيكونون من معممي الشيعة على الغالب.
ودلل المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه على هذا العدد من خلال وثيقة (مرفقة) لوزارة الأوقاف تعترف من خلالها بشكل رسمي بعشر مرجعيات شيعية في سوريا، كما أن من حضر اجتماع المجلس الفقهي المذكور كانوا حوالي 7 من تلك المرجعيات حسب المصدر.
أما بقية الثلاثين فسيكون منهم 14 سنيا هم مفتو المحافظات والبقية سيمثلون بقية الطوائف، الدرزية التي من المتوقع أن يتم تمثيلها بـ2 والإسماعيلية بـشخص واحد ويبقى العلويون الذي قد يتداخل تمثيلهم مع تمثيل معممي الشيعة الإثني عشرية فقد يترواح بين 3 أو 6.
وحسب هذه الصيغة فشتكون نسبة تمثيل الشيعة في هذا المجلس بين 17-20 في المئة، ورغم قلتها كنسبة مقابل السنة، غير أنها تساوي 10 أضعاف نسبتهم الحقيقية على أرض سوريا التي لاتزيد عن 2 في المئة، في الوقت الحالي أي بعد التهجير، بينما كانت لاتساوي نصف بالمئة قبل عام 2011.
آلية عمل المجلس الفقهي
لم يصدر أي شيء حتى الآن حول الآلية التي سينفذ من خلالها المجلس الأعمالَ الموكلة إليه والتي عرف منها وفق المرسوم؛
- تحديد مواعيد بدايات ونهايات الأشهر القمرية والتماس الأهلة وإثباتها وإعلان ما يترتب على ذلك من أحكام فقهية متصلة بالعبادات والشعائر الدينية الإسلامية.
- إصدار الفتاوى المسندة بالأدلة الفقهية الإسلامية المعتمدة على الفقه الإسلامي بمذاهبه كافة، ووضع الأسس والمعايير والآليات اللازمة لتنظيمها وضبطها.
وفي هذا الإطار يعتقد الدكتور محمد خير الوزير (دكتوراه في الشريعة الإسلامية والدراسات القانونية)، أن التحدي الأكبر الذي سيواجهه هذا المجلس هو آلية العمل، فهناك اختلاف فقهي كبير بين مذاهب السنة الأربعة ومذاهب الشيعة، فرؤية هلال رمضان والعيد مختلفة ولا يمكن الاتفاق عليها وكذلك في قضية الزكاة، فمفهوم الخمس عند الشيعة مختلف تماما عما هو عليه عند السنة، حتى أن تاريخ الإسراء والمعراج ومولد النبي صلى الله عليه وسلم عند الشيعة مختلف عن السنة.
ويؤكد الوزير أن آلية العمل هي التي ستحدد إذا ما كان هدف هذا المجلس شكليا وديكورا مفرغا من مضمونه ويهدف إلى التخلص من المفتي السابق أحمد حسون وإظهار النظام على أنه منفتح على جميع الطوائف والمكونات ويضم جميع ألوان الطيف على عكس قوى المعارضة، أو إنه يأتي ضمن مخطط إيران لاستكمال السيطرة على الخارطة السورية في ظل النزف والتغيير الديمغرافي المستمر لأهل السنة والجماعة في سوريا.
أسامة الرفاعي مفتي الجمهورية العربية السورية الجديد
وردا على إلغاء بشار الأسد لوظيفة المفتيى العام، أعلن “المجلس الإسلامي السوري” المعارض انتخاب الشيخ أسامة عبد الكريم الرفاعي، مفتياً عاماً للجمهورية العربية السورية، في خطوة رحّبت بها أوساط سورية ودولية باعتبارها تحفظ مقام الإفتاء الذي حاول نظام أسد إلغاءه لمصلحة أجنداته الخاصة.
وفي بيان مصور حول "إعادة انتخاب المفتي العام للجمهورية العربية السورية" قال المتحدث الرسمي باسم المجلس مطيع البطين: إن "المجلس الإسلامي السوري باعتباره المرجعية الممثِّلة للعلم والعلماء، ومجلس الإفتاء السوري باعتباره الهيئة المتخصصة للفتوى، وبعد التباحث مع عدد من كبار العلماء السوريين، وحفاظاً على هذا المقام الكريم، قرروا إبقاء هذا المنصب وانتخاب الشيخ أسامة الرفاعي، مفتياً عاماً للجمهورية العربية السورية"، مؤكدا أن لمقام الإفتاء منزلة مرموقة في تاريخ الحضارة الإسلامية ومكانة رمزية على تعاقب العصور والدول، لم يجرؤ على المساس بها أحد، إلى أن تحكمت هذه العصابة الطائفية في سوريا (نظام أسد)، ففرّغته من مضمونه وجعلته تعييناً، بعد أن كان انتخاباً من كبار العلماء لمن يستحق هذه المكانة".
وقبل 3 سنوات أصدر بشار الأسد المرسوم 31 الناظم لعمل وزارة الأوقاف في دمشق، والمتضمن إنشاء المجلس الفقهي، ومنذ ذلك التاريخ لم يجتمع سوى مرتين أو ثلاثة وكان يضم في عضويته حوالي 10 أشخاص من أصحاب الطوائف المذاهب من غير السنة.
التعليقات (6)