حق أم استغلال؟
ونشر البحرة على حسابه في موقع فيسبوك منشوراً أكد فيه أنه طلب من الأمم المتحدة التدخل لدى النظام من أجل تجديد جواز سفره، وهو ما تجاوب معه النظام بالفعل فحدد له موعداً بقنصليته في مدينة جنيف السويسرية، وهناك أجرى معاملة التمديد بمرافقة مديرة مكتب المبعوث الدولي إلى سوريا، وباطلاع من قيادة هيئة التفاوض والائتلاف.
وقال البحرة: كوني لا أملك أي آخر، ولا أحمل إلا الجنسية السورية، وكان قد تبقى لانتهاء جواز سفري عدة أشهر أثناء انعقاد الدورة الخامسة للجنة الدستورية في جنيف، قمت ببحث ذلك مع رئاسة هيئة التفاوض السورية ومنسق الائتلاف في الهيئة، وأخبرتهم بأنني سأقوم بتوجيه رسالة رسمية إلى مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في جنيف، أطلب فيها تدخله لتجديد جواز سفري.
وأضاف: بعد أيام أخبرني المكتب بأن النظام أبلغهم بأنه مستعد لتجديد جواز السفر لمدة عامين ونصف عبر قنصليته في جنيف، شرط تقديمي للطلب شخصياً في القنصلية ودفع الرسوم، كما أخبرني مكتب المبعوث الخاص أنه سيرسل معي مديرة مكتبه لترافقني إلى القنصلية في جنيف عند تقديم الطلب، وعند استلام الجواز، وبعد أن تشاورت مع قيادة هيئة التفاوض بخصوص رد المبعوث كان الرأي بالذهاب لتسليم الطلب ومن ثم استلام الجواز، كونه الطريقة الوحيدة، وكون مديرة مكتب المبعوث ستكون بمرافقتي، وهذا ما تم، وفعلاً ذهبنا وقدمت الطلب على كاونتر الطلبات في القنصلية ودفعت الرسوم وبعد يومين عدنا معا واستلمنا الجواز.. هذه معاناة السوريين جميعا وأنا واحد منهم.
وبينما كان واضحاً أن البحرة، الذي يتعرض لانتقادات عنيفة من السوريين الناقمين على اللجنة الدستورية وأداء وفد المعارضة فيها، أراد كسب تعاطف المتابعين والتأكيد على عدم تميزه عن بقية السوريين خارج البلاد، الذين يعانون بسبب سياسات النظام فيما يتعلق بمنحهم الوثائق والثبوتيات، كانت النتائج عكسية، حيث تسبب منشوره بهجوم عنيف طاله على وسائل التواصل الاجتماعي.
واعتبر الكثيرون أن ما ورد على لسان البحرة يعبر من ناحية عن استغلال موقعه للحصول على معاملة خاصة وتسهيلات من قبل النظام، بينما كان يتوجب عليه أن يوظف هذه القضية لخدمة المصلحة العامة للسوريين، والظهور على وسائل الإعلام لإعلان قرب انتهاء صلاحية جواز سفره وبالتالي عدم قدرته على التوجه إلى جنيف لحضور الجولات القادمة بسبب ذلك، وأن يعمل مع بقية المسؤولين ومؤسسات الثورة والمعارضة من أجل التذكير بمأساة ملايين السوريين على هذا الصعيد، ودعوة دول العالم لمعالجتها وعدم ترك السوريين رهينة لابتزاز النظام واستغلاله.
وفي هذا الصدد ذكّر الكاتب والسياسي السوري المعارض فراس علاوي البحرة بأن "كثيراً من السوريين فقدوا أعمالهم ودراستهم كي لا يدخلوا قنصلية النظام"، وأضاف: ذهابك مع ممثلة الأمم المتحدة إلى قنصلية النظام في جنيف هو اعتراف واضح منك بأن اللجنة الدستورية تحت مظلة النظام وشرعنة لوجوده بشهادة أممية.
لكن الناشط السياسي والإعلامي ماجد عبد النور اعتبر أن انتقاد البحرة بسبب هذا الفعل "غير منطقي"، وأن من يجب توجيه اللوم له هو المجتمع الدولي.
وأضاف في تغريدة له على تويتر: أنا من أشد الكارهين لهادي البحرة بسبب تشبثه بمهزلة اللجنة الدستورية، لكن الاستهزاء به لاستخراجه جواز سفر من القنصلية أمر غير منطقي، فكل السوريين مضطرون لذلك .. الشتيمة للنظام والمجتمع الدولي الأكثر سوءا منه، اللذين قيدانا بهذه الأوراق والأختام.
رواية ناقصة
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن هذه القضية، إذ سبق وأن تداولت مواقع التواصل الاجتماعي قبل أشهر معلومات تتحدث عن تجديد البحرة جواز سفره في القنصلية السورية بجنيف خلال أعمال الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة التي اختتمت نهاية شهر كانون الثاني/يناير 2021.
وكانت "أورينت" قد حصلت على معلومات في وقت مبكر عن قيام البحرة بهذا الأمر، فيها تفاصيل أخرى لم يتطرق لها بمنشوره، بعد أن توجهت على الفور بالاستفسار عن ذلك من أعضاء في وفدي المعارضة والمجتمع المدني الذي حضروا جلسات الجولة الخامسة، فأكد العديد منهم هذه المعلومات، لكن بعضهم أشار إلى أن ما حدث يبقى في إطار الطبيعي.
لكن تفاصيل أخرى حصلت عليها "أورينت" تفيد بأن البحرة غادر بشكل مفاجئ مع مديرة مكتب المبعوث الدولي غير بيدرسن، ولمدة ساعتين جلسة يوم الخميس 28/1/2021، وهو اليوم الرابع من اجتماعات الجولة الخامسة، بعد أن همس بأذنه دون علم بقية أعضاء الوفد بالأمر، ثم عاد ليلتحق بمقر انعقاد المفاوضات، ولدى استفسار بعض الأعضاء عن سبب تغيبه، قال إنه ذهب إلى القنصلية السورية لتجديد جواز سفره.
وحسب مصادر خاصة، فإن جدلاً كبيراً دار داخل وفد هيئة التفاوض حول هذه الحادثة حينها، وأنه تم طرح القضية في أحد اجتماعات الائتلاف لاحقاً، لكن قيادة الائتلاف وهيئة التفاوض في ذلك الوقت، دافعوا بشدة عن هادي البحرة، على الرغم من الخلافات المعروفة بينهم.
المصادر كشفت أن العديد من أعضاء هيئة التفاوض رفضوا هذا التبرير، وأكدوا أنه إذا كان من حق البحرة تجديد جواز سفره وهو أمر طبيعي بالفعل، إلا أن ذلك كان يجب أن يحصل في قنصلية النظام في تركيا أو في دولة قريبة من السعودية، حيث يقيم وتوجد قنصلية مستمرة بتقديم الخدمات، كالبحرين أو الكويت أو دبي، كما يفعل جميع المعارضين الذين يضطرون لتقديم طلبات التجديد في البلدان التي يقيمون فيها، والانتظار وقتاً طويلاً من أجل الحصول على موعد، خاصة في تركيا، مع دفع مبالغ كبيرة للسماسرة من أجل حجز هذا الموعد.
مصادر "أورينت" كشفت أيضاً أن هذه الحادثة كانت السبب المباشر في استقالة العميد عوض أحمد العلي من عضوية اللجنة الدستورية، ورغم مرور أكثر من تسعة أشهر على هذه الاستقالة إلا أنه لم يتم تعيين بديل عنه، علماً أن العلي ليس العضو الوحيد الذي أصبح خارج وفد المعارضة، إذ سبق وأن تمت إقالة مهند دليقان، بينما علق جمال سليمان مشاركته في أعمال الوفد منذ بداية عام 2021.
التعليقات (4)