ثلاثة أيام كانت كافية ليرى العالم أنّ طهران لا تلتزم بأيّ اتفاق، وتُصرُّ على استفزاز المجتمع الدولي وإيصاله إلى حافة الهاوية، من خلال أنشطتها العدائيّة، ليعلم رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي أنّ نظام العمائم قام بتعطيل كاميرات المراقبة العائدة لمنظمة الطاقة الذريّة، وبذلك تُعلن طهران إطلاق رصاصة الرحمة على الاتفاق النووي المتهالك أصلاً والموقّع بين مجموعة (5+1) وإيران.
من البرلمان الإيراني خرج سلامي ليؤكد أنّ نظام بلاده أوقف الكاميرات التي وضعتها وكالة الطاقة الذريّة في المواقع النووية الإيرانية، وأضاف إسلامي: "إضافة إلى الالتزامات التي تعلق على عاتق إيران بناء على الضمانات والتي يجب أن تلتزم الشفافية بهذا الخصوص، تم تركيب عدد من الكاميرات انطلاقا من الاتفاق النووي، لكن الأطراف الأخرى لم تفِ بالتزاماتها، لذلك لم تكن هناك ضرورة لوجود تلك الكاميرات".
وذكر موقع إيران إنترناشيونال أنّ عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني إبراهيم عزيزي قال لوكالة مهر للأنباء إن إسلامي أكد عدم التوصل إلى اتفاق مع رافايل غروسي خلال زيارته الأخيرة لإيران، ورفض عزيزي أي اتفاق يتعارض مع قانون البرلمان.
وخلال اجتماعٍ لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الإثنين الماضي قال رافايل غروسي إن المخاوف بشأن برنامج إيران النووي لا تزال قائمة، وذلك نظرا لعدم رد طهران على أسئلة الوكالة خلال العامين الماضيين، وعدم السماح بالوصول الكامل إلى أجهزة المراقبة على المنشآت النووية الإيرانية وأضاف: "ما زلت قلقا للغاية من وجود مواد نووية في منشآت غير معلن عنها، وأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تعرف مكان تخزين هذه المواد".
وقبل أسبوع؛ أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً وصفه موقع بي بي سي بأنّه "شديد اللهجة" اعتبرت فيه أن مهام المراقبة في إيران "قُوّضت بشكل خطير" بعدما علقت طهران بعض عمليات تفتيش الوكالة لأنشطتها النووية، ويأتي هذا التقرير في وقتٍ توقفت به الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى.
وبدت النوايا الإيرانية واضحة للعيان منذ وصول المتشدد إبراهيم رئيسي إلى سُدّة الحكم، حيث أكد الكثير من المراقبين أنّ أيام الاتفاق النووي باتت معدودة، فالرئيس الجديد يتبع لأكثر الأجنحة تشدداً في النظام الإيراني؛ ويعتقد رئيسي بأنّ العودة إلى الاتفاق النووي يجب أن تكون وفق ما تمّ التوقيع عليه عام 2015، مُتناسياً أنّ الحال اليوم يختلف عمّا كان عليه قبل 6 سنوات، الأمر الذي يضع الاتفاق النووي برمّته على حافة الانهيار، خصوصاً اليوم بعد أن أوقفت إيران عمل كاميرات المراقبة، وباتت شبه خارجة من ذلك الاتفاق، وحتى سياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن المُحابية لها، لن تستطيع إعادة بناء ذلك الاتفاق.
يُشار إلى أنّ المحادثات بشأن إحياء الاتفاق النووي مع النظام الإيراني باتت مُهددة بالفشل، وتصعيد التهديدات بشأن ذلك الملف بدأت تأخذ وتيرةً تصاعدية، على هذا الأساس؛ فنظام الملالي الذي اعتاد سياسة حافة الهاوية، رُبّما لن تُفلح هذه السياسة الآن، وبات على حافة الهاوية، فملفه النووي وبحال وصل إلى الأمم المُتحدة سيعود الحال كما كان عليه قبل توقيع الاتفاق النووي عام 2015، ويتعيّن على طهران خوض مُفاوضات بغنى عنها، فلا وضعها الداخلي يسمح بذلك، ولا تغوّلها في المنطقة، لكنّها وبعنجهيّة حُكّامها رُبّما تقع بالفخ وتصرُّ على مطالبها في مفاوضات فيينا، الأمر الذي سيُجبر الوكالة الدولية للطاقة الذريّة على إعادة الملف إلى الأمم المُتحدة.
التعليقات (3)