ارتفاع تكلفة المعيشة بمقدار 4 أضعاف تفضح فشل النظام الاقتصادي

ارتفاع تكلفة المعيشة بمقدار 4 أضعاف تفضح فشل النظام الاقتصادي
منذ خطاب القسم الغموس لرأس نظام أسد في شهر تموز (يوليو) الماضي، ومستوى التضخم الاقتصادي آخذ بالارتفاع، مع انهيار مستمر في قيمة الليرة السورية، ما ألقى بظلاله على ما تبقى من القدرة الشرائية المتهالكة بالنسبة إلى السوريين في مناطق سيطرة النظام.

وارتفعت تكلفة المعيشة للأسرة السورية المتوسطة، خلال النصف الثاني من العام الجاري، بنسبة خمسين في المئة عما كانت عليه مطلع هذا العام، نتيجة ارتفاع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية، متأثرة بالقرارات الاقتصادية التي اتخذتها حكومة أسد من منع الاستيراد لبعض المنتجات، ورفع الدعم عن بعضها الآخر، فضلاً عن الأزمات في تأمين الكثير من المواد، وأهمها الخبز والوقود.

التدخل الحكومي يزيد الأسعار

مدينة حلب، مثلها مثل باقي المدن السورية، تشهد موجة غلاء غير مسبوقة، شملت المنتجات الزراعية والمواد الاستهلاكية، بعد تراجع كميات الخضار الواردة إلى الأسواق، نظراً لانخفاض الإنتاج وارتفاع أجور المواصلات، وتفضيل المزارعين بيع محاصيلهم للتجار المصدّرين.

إضافة إلى تعديل التجار أسعار السلع التي شملها قرار إيقاف الاستيراد الأخير، ورفعهم أسعار المواد المستوردة وعلى رأسها المعلبات وحليب الأطفال، خشية من قرار يستهدفها.

ويرجع "أبو عادل" تاجر تجزئة، الزيادة الأخيرة في الأسعار، إلى تخوف التجار من توسيع النظام قائمة المواد والسلع الممنوعة من الاستيراد، لتشمل المعلبات والمواد التموينية والأغذية المجفّفة.

ويقول: لم تتوقف تبعات قرار منع الاستيراد الأخير على ارتفاع أسعار المواد المشمولة مثل الجوز والكاجو وغيرها، والتي أدت إلى قيام تجار الجملة بزيادة التسعيرة والامتناع عن البيع بكميات كبيرة، خشية نفادها، بل شمل أيضاً رفع سعر المواد المستوردة الأخرى ومنها التموينية وحليب الأطفال، وتجنب بيعها، الأمر الذي أدى إلى ارتفاعها للمرة الثانية في أقل من شهر.

وفي ردها على الشكاوى المقدمة من قبل الصيادلة حول انقطاع الحليب المجفف وارتفاع سعره، قالت نقيبة الصيادلة في سوريا وفاء كيشي "لايوجد شيء مقطوع وخلي الصيادلة يحكو البدن اياه".

غلاء فاحش

ويشكو مختار، وهو من سكان مدينة حلب، معيل لأسرة مكونة من ستة أفراد، حالة الغلاء وعدم قدرته على الإنفاق، حتى بعد تقليص عدد الوجبات الغذائية إلى واحدة بالنسبة له ولزوجته، مقابل وجبتين لأطفاله، والاعتياد على غياب اللحوم والكثير من الأصناف الغذائية.

ويقول: "لم يعد باستطاعتنا التقشف أكثر من ذلك، فحتى صحن السلطة نقوم بحساب تكاليفه الباهظة، حتى العظام التي كنا نستعيض بها عن اللحوم في الطبخ ارتفعت أسعارها، مثلها مثل المواد المغشوشة من ألبان وأجبان وزيوت".

ويضيف: "بالنسبة لي فأنا أعمل في وظيفتين، الأولى حكومية وأحصل منها على 70 ألف ليرة كمرتب شهري، يُصرف على المواصلات، والثانية في معمل لتدوير البلاستيك، ولا يزيد أجرها على 130 ألف ليرة، أتركه لتبديل أسطوانة الغاز كل عشرين يوم، وسعرها 80 ألف ليرة في السوق السوداء.

ويشير مختار إلى أنه "بالرغم من المساعدة المالية التي أتلقاها من أشقائي في بلاد المهجر، والتي تصل في بعض الأحيان إلى 200 يورو شهرياً، وعملي في وظيفتين، إلا أني لا أزال عاجزاً عن تأمين حياة كريمة لي ولعائلتي".

تضخم مستمر

وبحسب ما نقلته وكالة سبوتينك الروسية عن اقتصاديين سوريين، فقد ارتفعت تكلفة المعيشة الشهرية بالنسبة للعائلة المؤلفة من خمسة أفراد، إلى مليون و 850 ألف ليرة سورية، وذلك استناداً لدراسة قامت بها منظمة الأمم المتحدة التي تحدد حاجة الشخص من السعرات الحرارية.

وتعتمد الدراسة على حساب سلة الإنفاق المكونة من ثماني حاجات أساسية (الغذاء والسكن والتعليم والصحة والألبسة والأثاث والنقل والمواصلات) وجميعها قد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأسابيع الماضية.

في حين تحدث العديد من السكان الذين تواصلت معهم أورينت في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، عن احتياجات أخرى تنهك جيوبهم، أبرزها كهرباء "الأمبيرات" حيث تضطر العائلة إلى دفع حوالي خمسين ألف ليرة شهرياً للإنارة، إضافة إلى شراء المياه الصالحة للشرب، ومعدات الوقاية من فايروس كورونا.

واللافت في معدل التضخم، هو الارتفاع التدريجي في التكلفة بنسب غير متكافئة مع الزيادة في الرواتب من جهة، وأخرى مع مستوى خسارة العملة المحلية معدلات قيمتها في الفترة الأخيرة أمام الدولار والتي لا تتعدى بضع سنتات شهرياً، مقارنة بارتفاع تكلفة المعيشة بنسبة تصل إلى مئة وخمسين دولاراً أمريكياً شهرياً.

وتُظهر البيانات، ارتفاع تكلفة المعيشة بمقدار أربعة أضعاف مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، التي بلغت مايقارب 500 ألف ليرة سورية، رغم تشابه قيمة صرف العملة المحلية خلال الفترتين بين 3360_3500 في حين ارتفعت بنسبة 50 في المئة، عما كانت عليه مطلع العام الجاري، حيث وصلت إلى مليون و240 ألف ليرة، وذلك بعد أن وصل سعر صرف الدولار إلى 4700، بحسب "مركز  قاسيون".

ويُرجع الخبير الاقتصادي عبد الرحمن أنيس، في حديثه لأورينت، ارتفاع تكاليف المعيشة في مناطق النظام إلى سببين، الأول هو انخفاض قيمة العملة المحلية المتداولة بين السكان، وانعدام ثقة التجار بها، والثاني والأهم هو تراجع دور الدولة الحامية للشعب ومصالحه المعيشية والحياتية والاقتصادية.

ويقول: إن الفوضى التي خلقتها حرب النظام ضد السوريين، فضلاً عن القرارات التي تستهدف قوت المدنيين، أدت إلى انعدام ثقة السكان عموماً بوجود دولة قادرة على حماية مصالحهم، وتضمن لهم استقرار أسعار السلع أو توفرها، الأمر الذي يدفع التجار إلى احتكار المواد ورفع أسعارها.

ويتوقع أنيس، أن تشهد مناطق نظام أسد مزيداً من الغلاء "وبالتالي اتساع مساحة الفقر وانهيار تام في القدرة الشرائية للسكان، خاصة أن النظام لا يزال عاجزاً عن إخراج الاقتصاد من المرحلة السلبية، مع انعدام الضوابط وتوقف الواردات العامة والحد من الإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والمعيشة".

بينما ترتفع معدلات التضخم والبطالة والفقر، وبينما يلجأ السكان في مناطق سيطرة النظام إلى المزيد من ضغط النفقات وتقليص المصاريف بما يشمل حتى الوجبات الأساسية، يُمعن نظام أسد في إبعاد مؤسسات الدولة عن تحمل مسؤولياتها من خلال اتخاذ القرارات التي تلحق المزيد من الأذى والضرر بالمواطن، ما أدى لانعدام الثقة اقتصادياً بالسوق المحلية وإلى ارتفاع متتالٍ بالأسعار أنهك السوريين.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات