ما دلالات وأبعاد تفويض نظام أسد للعراق بملف المياه السيادي مع تركيا؟

ما دلالات وأبعاد تفويض نظام أسد للعراق بملف المياه السيادي مع تركيا؟
فوّض نظام أسد العراق بالتفاوض بدلاً عنه مع تركيا فيما يخصّ ملف المياه، وقال وزير الموارد المائية العراقي، مهدي رشيد الحمداني، إنّ وفداً تركياً سيصل بغداد قريباً لمناقشة تفاصيل البروتوكول المتعلق بنهر دجلة، مشيراً إلى أن نظام أسد فوضه في إدارة التفاوض مع تركيا.

وأشار الوزير العراقي إلى أن نظام أسد فوّضه للنقاش مع تركيا حول الحصص المائية؛ حيث سيتم تزويده بكتاب رسمي عن طريق خارجية النظام، وذلك لإصرار الجانب التركي في أغلب الجلسات التفاوضية بشأن الحصص المائية على وجود الجانب السوري؛ لذلك تم الاقتراح بأن يتم تخويلنا بالنيابة عن الجانب السوري ويدرس الموضوع من قبل الحكومة السورية"، حسب تعبير الوزير.

تصريحات الوزير العراقي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنّ آخر ما يفكر به نظام أسد هو السوريين وحالتهم المعيشيّة، حيث رفض التفاوض بشأن سيادي كملف المياه الذي تُعاني سوريا من فقدانه بشدّة، على الرّغم من وجود لقاءات عدّة بين مخابرات أسد وعلى رأسهم علي مملوك وبين المخابرات التركيّة، غير أنّ حياة الناس في سورية كانت وستبقى آخر ما يُفكر به أسد.

الباحث السياسي درويش خليفة قال في تصريحات لـ "أورينت نت" إنّه من الواضح أن النظام في دمشق بدأ يشعر ضمنيا بفقدان السيادة، وهذا ما دفعه إلى تفويض الحكومة العراقية للتواصل مع تركيا بشأن ملف المياه والنقص الذي يعاني منه البلدان بسبب سياسات أنقرة المائية.

مُنوّها بأنّ العراق يفقد ما يقارب المئة ألف دونم من الأراضي الزراعية بسبب الجفاف والتصحر نتيجة نقص المياه، كما ويعاني القطاع الشمالي الشرقي من سوريا المشكلة نفسها، وهنا النظام يحاول إيصال رسالة للسوريين في شرقي الفرات بأنه لا يهتم لأمرهم ولن يتابع معاناتهم.

ويعتقد خليفة أنّ تكليف تفويض العراق بالتفاوض في ملف المياه هو رسالة للدول العربية أيضاً، خصوصاً تلك التي بدأت بالانفتاح على العراق، ولا سيما بعد وصول مصطفى الكاظمي لرئاسة الحكومة، مثل دول السعودية ومصر والإمارات العربية.

ويرى خليفة أنّ الأتراك يقومون بالضغط على العراق في هذا الملف كورقة في سبيل شن عمليات عسكرية داخل العراق ضد المتمردين الأكراد المعادين لتركيا.

بدوره الباحث والمحلل السياسي عباس شريفة يعتقد أنّ تفويض العراق للتفاوض نابع من سوء العلاقات بين نظام أسد وتركيا، لذلك أراد التفاوض عبر الوسيط العراقي، ومن جهةٍ أخرى أراد استغلال حاجة العراق كونه المتضرر الأكبر من شح المياه، إضافة لاستغلال العلاقات الجيدة بين العراق وتركيا من أجل تحصيل كميّات من المياه.

وأضاف شريفة: "النظام أفلس سياسياً وفقد أوراق القوّة التي تجعله قادراً على التفاوض من أجل مصالح السوريين، لذلك النظام يُحاول دائماً أن يوكل بعض الملفات لبعض الدول لتحقيق مصالحه عبرها، ففي قضية البنك الدولي مثلاً وكّل روسيا لتمثليه، وليس المجموعة العربية، هذا نوع من فقد السيادة وفقد القوّة على التأثير السياسي، لذا يُحاول تحقيق مصالحه عبر الدول الأخرى".

إذن؛ وبعد أن فقد نظام أسد القدرة على أيِّ تحرك داخل أو خارجي، بدأ يستجدي الأطراف الدولية للتفاوض بدلاً عنه علّها تستطيع إعادة شيء من "سيادته" المفقودة، فبعد أن سلّم سياساته الخارجيّة لروسيا والملف العسكري الداخلي لإيران وميليشياتها، ها هو يُسلّم ملف استراتيجي آخر وهو المياه لدولةٍ أخرى وهي العراق، واليوم يظهر نظام أسد وأكثر من أيِّ وقتٍ مضى أنّه مُفلس على كافة الصعد وبات غير قادر على الدخول في أيِّ مفاوضات حتى تلك المُتعلِّقة بحياة السوريين.

التعليقات (1)

    مواطن سوري

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    التحليلات كلها غير مقنعة .. برأيي هذا التفويض يعطي ميزة كبيرة للعراق .. أعتقد أنه جزء من صفقة مخفية بين النظام والعراق .. أو ربما هو أمر ايراني للنظام لدعم العراق المحكوم من قبل نظام الملالي
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات