هكذا تدعم روسيا نظام الأسد عبر شبه جزيرة القرم

هكذا تدعم روسيا نظام الأسد عبر شبه جزيرة القرم
باتت شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا منذ سنوات، تعتمد بشكل كبير على نظام الأسد في تصريف فائض محصولها من القمح، مما جعل النظام يعتبرها مصدراً للقمح يمكن التعويل عليه، يحدث ذلك على الرغم من العقوبات الغربية السارية على نظام الأسد وخاصة في ما يتعلق  بالتعاملات التجارية والمصرفية.

وبحسب تقرير لوكالة (رويترز) نُشر (الخميس)، فإن بيانات الموانئ وتتبع السفن أظهرت أن الشحنات بدأت تزداد في منتصف العام الماضي وأن عشر سفن على الأقل نقلت ما لا يقل عن 170 ألف طن من الحبوب إلى نظام الأسد في سوريا بين تموز 2017 وأيار 2018.

وتوضح بيانات شبه رسمية في القرم، أن صادرات شبه الجزيرة من الحبوب بلغت 428500 طن أغلبها من القمح في النصف الثاني من العام 2017 بزيادة كبيرة عن صادرات موسم 2017-2016 كله والتي بلغت 288 ألف طن.

وتظهر بيانات الموانيء وتتبع حركة السفن أن عددا من السفن الناقلة للحبوب من القرم أفرغت شحنات مباشرة في موانئ سورية خاصة في طرطوس التي توجد فيها قاعدة بحرية روسية.

كما كشفت الوكالة في تقريرها أن "شحنات أخرى وصلت إلى لبنان وتم نقلها بعد ذلك إلى سوريا".

تبادل تجاري رغم العقوبات

وأوضحت بيانات الموانيء للفترة بين تموز وكانون الأول 2017 أن لبنان كان أكبر مشتر للحبوب من القرم إذ اشترى 175 ألف طن. وجاءت سوريا في المركز الثاني برصيد 75 ألف طن وتركيا في المركز الثالث.

وتسهم الزيادة الأخيرة في شحنات الحبوب من القرم (التابعة لأوكرانيا) في تدعيم حكومة نظام الأسد إذ أن استمرار شحنات القمح يعد ضروريا لتوفير رغيف الخبز المدعم الذي يعتمد كثير من السوريين عليه في غذائهم.

وعلى الرغم من أن العقوبات الغربية السارية على نظام الأسد لا تفرض قيوداً على المواد الغذائية فإن العقوبات المصرفية وتجميد الأرصدة يجعل من الصعب على بعض شركات تجارة الحبوب التعامل مع حكومة نظام الأسد التي لم تستكمل عدداً من مناقصات القمح الكبرى.

كذلك فإن شبه جزيرة القرم تخضع لعقوبات غربية منذ أن احتلتها روسيا من أوكرانيا عام 2014 وتم استبعادها من كثير من أسواق التصدير الأمر الذي جعل نظام الأسد شريكاً تجارياً مثالياً لها خاصة وأنها مستعدة لاستقبال سلع منه مثل زيت الزيتون مقابل القمح.

صفقات قمح برعاية روسية

وكانت حكومة نظام الأسد قد قالت في أيلول الماضي إنها أبرمت صفقة لشراء ثلاثة ملايين طن من القمح من روسيا على ثلاث سنوات وأنها تسعى للحصول على تمويل ائتماني من موسكو إلا أن بيانات الجمارك الروسية تشير إلى أنه لم يتم تصدير أي كميات من القمح الروسي.

وقالت مصادر بصناعة الحبوب الروسية لـ (رويترز) إن ذلك ربما يرجع إلى أن روسيا تريد أن تتحاشى تعريض تجارة القمح للخطر بالتعامل مع نظام الأسد في حين أن إمدادات المساعدات الرئيسية قد تثقل كاهل ميزانيتها وتقلل إيرادات تصدير القمح.

في حين، قالت وزارة الزراعة الروسية، ردا على طلب التعليق على زيادة صادرات القمح من القرم إن "القطاع الزراعي في شبه جزيرة القرم تلقى حوالي 2.4 مليار روبل (38 مليون دولار) دعما من الدولة الروسية على مدار السنوات الثلاث وإن ذلك أدى إلى التوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة وزيادة الغلة".

وأضافت الوزارة الروسية "بسبب النمو الكبير للمحصول استطاعت القرم تغطية الاحتياجات المحلية لمواطني الجمهورية وتصدير فائض القمح".

سفن على القوائم السوداء

يتم التعامل التجاري بين شبه جزيرة القرم الخاضعة للسيطرة الروسية ونظام الأسد عبر سفن سورية في القوائم السوداء وسفن أخرى تستطيع تفريغ الحبوب التي لا يمكن تصديرها إلى أماكن أخرى بسبب العقوبات الغربية وفي الوقت نفسه تتيح لنظام لأسد خطاً آخر للإمدادات.

وتنتج القرم حوالي 1.4 مليون طن من القمح كل عام ويتبقى للتصدير حوالي مليون طن رغم أن جفاف الطقس قد يؤدي لانخفاض المحصول هذا العام.

وبحسب تقرير (رويترز) فقد تمكنت شبه جزيرة القرم من زيادة نشاطها في موانيها المطلة على البحر الأسود بعد أن توقفت الشركات الدولية عن التعامل معها عندما فُرضت عليها العقوبات.

خطوط اتصال

وفي بادرة أخرى على توثيق العلاقات بين القرم ونظام الأسد قال مسؤولون محليون في مدينة سيفاستوبول التابعة لجزية القرم إنهم يعتزمون توقيع اتفاق مع طرطوس في 29 تموز لإنشاء خط اتصال دائم.

ونُسب هذا الشهر إلى (فلاديمير بازاروف) نائب محافظ سيفاستوبول قوله بعد زيارة إلى نظام الأسد "الاتصال المتواصل تحقق بالفعل بين مينائي سيفاستوبول وطرطوس بسبب إمدادات الحبوب لسوريا".

وقال إن "موانئ القرم تعمل فقط بما بين 20 و30 في المئة من طاقتها بسبب العقوبات الغربية وتريد إيجاد أسواق تصدير أكثر في الوقت الذي تحتاج سوريا فيه لمنتجات مثل المعادن ومواد البناء".

وفي مناسبة نظمت في سيفاستوبول الأسبوع الماضي للترويج لصادرات القرم إلى نظام الأسد تم تحميل 3800 طن من الحبوب على سفينة شحن. وقال (ديمتري أوفسيانيكوف) حاكم المدينة للصحفيين إن "من المتوقع إرسال مزيد من الشحنات إلى سوريا على أساس منتظم لتوريد 200 ألف طن من الحبوب على مدار السنة المقبلة".

وقال مسؤولان إنه "في ضوء عدم استطاعة سوريا دفع ثمن الحبوب فإنها سترسل كميات من زيت الزيتون والخضر إلى القرم بدلا من ذلك"، بحسب (رويترز).

ومن جانبها، قول أوكرانيا إن الشحنات المنقولة من القرم تنتهك العقوبات الغربية حيث شكت للمنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة في لندن وطلبت من الدول الأعضاء شطب السفن المشاركة في نقل الشحنات.

وقالت مندوبة أوكرانيا الدائمة بالمنظمة البحرية الدولية  (ناتاليا جاليبارينكو) "لعبة القط والفأر حول نشاط الملاحة المخالف للقانون في القرم أبعد ما تكون عن النهاية".

وأضافت "الجزء الشمالي من البحر الأسود تحول حرفيا إلى ’منطقة رمادية بالنسبة للملاحة الدولية".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات