اللاجئون وقود حرب وزير الداخلية الألماني ضد متطرفي اليمين

اللاجئون وقود حرب وزير الداخلية الألماني ضد متطرفي اليمين
بعد مشاورات مكثفة وصعبة للغاية دامت حوالي ستة أشهر، تشكلت حكومة ألمانية جديدة ربيع العام الحالي، حيث كانت الهجرة وملف اللاجئين أبرز نقاط الخلاف بين الأحزاب المتشاورة فيها، حتى تم التوصل أخيراً إلى تسوية بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحليفه البافاري والحزب الديمقراطي الاشتراكي على لم شمل أسر اللاجئين الحاصلين على حق الحماية الثانوية. 

ولم يكن الاتفاق بين الأطراف المشكلة للحكومة مرضيا للاجئين وحقق إلى حد بعيد مطالب الحزب المسيحي الأجتماعي البافاري، حيث تقرر السماح بجلب حتى ألف لاجئ شهرياً اعتبارا من شهر آب القادم، وهو ما رأته الكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية الداعمة للاجئين "كارثة" بحق الأسر التي لم تلم شملها منذ شهور وربما سنوات.

كما لم ينته الأمر عند هذه النقطة فحسب، فمنذ استلام وزير الداخلية الجديد (هورست زيهوفر) منصبه، سارع إلى اتخاذ قرارات أمنية صارمة من حملات مداهمة تشنها الشرطة الاتحادية والمحلية على جمعيات ومنظمات يديرها لاجئون أو من أصول أجنبية مشتبه بها، ثم أطلق تصريحات وجدها الكثيرون "تقسم المجتمع" أكثر مما تساعد في تماسكه، وهو المسمى وزير "المواطن" أيضاً، قائلاً إن "الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا" ليبدأ نقاش نظري عقيم.

وتفجرت في الأسابيع الأخيرة "فضيحة" جديدة في أحد مكاتب للهجرة واللاجئين في بريمن، تم اتهام مديرته وعدد من المحامين بالتنسيق في منح قرارات حق اللجوء لقرابة ١٢٠٠ شخص. ووقع الوزير (زيهوفر) مجدداً تحت الضغط، وبات عليه توضيح متى علم بالفضيحة وماذا فعل حيال ذلك.

وشهدت الفترة القصيرة التي استلم فيها المنصب تكثيفاً لجهود ترحيل اللاجئين الذين يحملون بصمات دول أخرى وفقا لاتفاقية دبلن، اخرها ترحيل ما لايقل عن 267 لاجئا فلسطينيا إلى إسبانيا، كانوا قد أتوا من لبنان وسوريا وقطاع غزة والجزائر.

من جانب آخر لوحظ في الفترة الأخيرة في الصحافة الألمانية سواء في وسائل الإعلام العامة أو الخاصة تركيزا واضحا على جرائم اغتصاب أو قتل تم اتهام لاجئين من العراق وسوريا بارتكابها. آخرها جريمة الاغتصاب والقتل التي راحت ضحيتها فتاة ألمانية يهودية (كما أوردت الصحف الألمانية) وهي في الرابعة عشرة من العمر والتي اتهم بها لاجئ عراقي من مدينة زاخو، حيث استنفرت قوات الأمن والشرطة الاتحادية ووزير الداخلية وتواصلت مع قوات الأمن في إقليم كردستان التي قامت بتسفيره إلى ألمانيا وتم جلب المشتبه به من مطار فرانكفورت الدولي بمروحية كان على متنها رئيس الشرطة الاتحادية الألمانية بنفسه.

قبل قدوم ما لايقل عن مليون لاجئ إلى ألمانيا في الأعوام الأخيرة، كانت هناك المئات من حالات الاغتصاب والجرائم وإلى ما هنالك من جنايات يعاقب عليها القانون، لم تأخذ مكانها في الإعلام الألماني بهذا الزخم حينها، فقط الآن ولأن المتهمين لاجئون في بعض الحالات، تتناولها العديد من الصحف ووسائل الإعلام على أنها حدث كبير، ويستغلها أنصار اليمين المتطرف، ليمنحوا الوزير (زيهوفر) المبرر للمضي قدماً في تشديد قوانين اللجوء، الأمر الذي يفعله الأخير ليثبت للناقمين على اللاجئين من الناخبين أنه يعمل وفقاً لما يتمنون.

كل هذه التحركات التي يقوم بها وزير الداخلية (هورست زيهوفر) تتمحور حول نقطة واحدة وهي حرب واضحة ضد الحزب البديل لأجل ألمانيا أو اليميني المتطرف. يحاول (زيهوفر) بشتى الوسائل أن يستعيد تلك الأصوات التي حصل عليها الحزب البديل من حزبه البافاري ويبدو أنه يسعى لإثبات مقولة أحد أبرز شخصيات حزبه على مدار تاريخه (فرانز يوزف شتراوس) بأن "ما هو أكثر يمينية من الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري ينبغي أن يكون الحائط فقط" في إشارة منه إلى ضرورة أن يكون الحزب ممثلا لأقصى اليمين! 

ويخلص محللون أن وزير الداخلية (زيهوفر) يشن حرباً سياسية وقودها اللاجئين ضد اليمين المتطرف التي قد تنجم عن نتائج إيجابية لصالح حزبه في الدورة الانتخابية المقبلة في بافاريا، لكنها بالتأكيد ستأتي بنتائج كارثية على اللاجئين.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات