ماهي الحلول البديلة عن معارضة متهمة في إضعاف الثورة؟

ماهي الحلول البديلة عن معارضة متهمة في إضعاف الثورة؟
استفاق السوريون (الأربعاء) على نبأ استقالة ثلاثة من أعضاء "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" (جورج صبرة، سهير الأتاسي، خالد الخوجة) والذين أرجأوا سبب استقالتهم إلى أن "طرائق العمل والتدابير المعتمدة لا تحترم الوثائق والقرارات، ولا تلتزم إرادة الأعضاء والرؤية الوطنية السورية المستقلة وبسبب التناقضات الجارية بين مكوناته وأعضائه، والتطابق مع المسار الروسي الذي يعيد تأهيل منظومة الأسد ومجرمي الحرب ويقوّض الحل السياسي الفعلي والجوهري".

وتأتي هذه الاستقالات قبل أيام من اجتماع "الهيئة العامة للائتلاف" بغرض انتخاب رئيسٍ له، وبعد استقالة المعارض المعروف (رياض سيف) من الرئاسة وتعيين بديل عنه، ما يشير إلى حجم التخبط وعدم التوازن في هذا الجسم السياسي الذي من المفترض أنه يمثل أطياف المعارضة بغالبيتها، فيما يعد أيضاً المكون الرئيسي لـ "الهيئة العليا للمفاوضات". 

ضعف الإنجاز السياسي في المرحلة السابقة لأسباب مختلفة، دفع السوريين لنتيجة التسليم بيأسهم من المعارضة السياسية الحالية بأجسامها المختلفة، وطرح الأسئلة عن البديل الذي يؤمن لهم الإقناع بقضيتهم أمام المجتمع الدولي والحلفاء المفترضين للمعارضة، الذين تبدلت مواقف معظمهم بسبب هشاشة تلك المعارضة؛ ناهيك عن الأجسام التي حسبت نفسها عليها (منصتا موسكو والقاهرة مثلاً) وقدمت أفكاراً تصالحية مع نظام الأسد والروس، كانت بمثابة الانبطاح أمام أعداء السوريين، نتيجة الاختراق الكبير الذي أوصله النظام إليها. 

أمام كل ذلك، كيف ينظر السوريون لمشهد معارضتهم المفكك والمتراجع، لاسيما في الفترة الأخيرة؟ وكيف يرون الحلول البديلة القادرة على إخراجهم من محنتهم التي حشرهم فيها النظام وحلفاؤه وأمعن في معاناتهم معارضة برنامجها الانقسام، وهدفها التشظي؟ تلك الأسئلة طرحها (أورينت نت) على متابعين لمسيرة الثورة وتقلباتها منذ بدايتها، وخرجت بالتالي: 

أين البديل؟

يرى القاضي والكاتب الصحفي (إبراهيم الحسين) أنه "لم يعد خافياً على أحد أن المعارضة السياسية السورية فشلت في أن تكون على مستوى التضحيات التي قدمها الشعب السوري؛ في معرض بحثه عن دولة العدل والقانون، فكل ما نشأ بعد الثورة كان عبارة عن هياكل لم تستطع أن تحقق أي مكاسب ملموسة تصب في مصلحة البلاد، وتفشى فيها الفساد الإداري، وانشغل أعضاؤها بالمهاترات، وكانوا وبالاً على مسيرة الثورة، وهذا أدى إلى فقدان ثقة الشعب بها ولاحقاً إلى عدم الاهتمام بها أصلاً ليصبح وجودها كعدمه". 

ويضيف: "المؤلم في الأمر أن اليأس بدأ يدخل القلوب وبات من الضروري أن يندفع الوطنيون الصادقون المؤمنون بقيم الثورة السورية للبحث عن طريقة يستطيعون من خلالها اكتساب ثقة الناس بهم وتجديد الأمل والوقوف في وجه المحاولات التي تشترك بها أطراف دولية وإقليمية وبالتواطؤ مع بعض التيارات المعارضة لتمرير صفقات سياسية تتضمن تنازلات خطيرة من شأنها تثبيت حكم النظام المجرم، وأعتقد جازماً، أن السوريين الذين قدموا الغالي والنفيس في سبيل الحصول على حريتهم، سيلتفون وبقوة حول أي جهد صادق يقوم به سياسيون ثقات، لا يبيعون كراماتهم ولا يقبلون على أنفسهم أن يكونوا أداة لتمرير أجندات مشبوهة". 

الثورة باقية.. ولكن!

يجزم الفنان والممثل المعارض (نوار بلبل) أن "الثورة باقية وتتسع في قلوب السوريين على مختلف الجغرافية السورية، وهذا لا لبس فيه، رغم كل الخذلان المحلي والدولي، وربما هذا المذهل بأنه ما يزال علم الثورة يرتفع في جزء كبير من سوريا، ويحميه سوريون لا معارضون".

ويضيف: "لكننا كسوريين مؤمنين بالثورة ابتلينا بمعارضة وبعض الفصائل فرضت علينا أجنداتها، بسبب استجدائها بالخارج غرباً وشرقاً، وللأسف كنا على الدوام مستمرين بالتورط بدعم هذه الأجسام، لأنه لم يكن لدينا بديل آخر، وجدنا هؤلاء أمامنا فدعمناهم لأنهم يمثلون ثورتنا، كما كنا نظن، وربما يجب علينا الاعتذار لأنفسنا على دعمنا لهؤلاء فنحن معذرون أيضاً، لأنها هذه أول ثورة نقوم بيها لجيلنا هذا". 

ويتابع بلبل: "إذا ما ركزنا على المعارضة السياسية أو المعارضات بالأحرى المختلفة شكلاً ومضموناً، نجدها تمضي وراء مصالحها وأجنداتها على صعيد الكتل، ومناصب وامتيازات على صعيد الأفراد، وهذا يندرج على جميع ألوان وأطياف المعارضة دون استثناء، فوجدنا الائتلاف والهيئة العليا والمجلس الوطني ومن ثم المنصات التي تحسب نفسها على دولٍ منها ما نعدها نحن السوريون عدوة بنظامها، وربما يكون بين هؤلاء أشخاص يحملون نفسا ثوريا حقيقيا ورغبة بتحقيق أهداف الشعب السوري الواضحة، لكن انخراطهم في المشاريع المليئة بالفساد والتبعية، تضعهم في دائرة أصحاب المشاريع الذين يحسبون عليهم، ربما يقول البعض منهم أيضاً أنني اتيت للإصلاح، وأنا أرى هذا الكلام بات ساذجاً في هذه المرحلة أو المراحل السابقة".

وبحسب البلبل) فإنه "لا يمكن الإصلاح ضمن البؤرة الفاسدة وخاصة في السياسة، إضافة إلى أن ثقافة الانتقاد كانت معدومة لديهم أو لنقل محرّمة أو ممنوعة على هؤلاء الأشخاص، وكان الأجدى لهم البحث عن مشاريع جديدة تلبي طموح السوريين، بعيداً عن الأجندات". 

الشارع هو الحل 

وعن الحلول التي يراها ممكنة لانتشال الثورة من الواقع السياسي التي تمر فيه، يقول بليل: "تسألني وأنا شاركت في الثورة منذ بدايتها، ولم أستطع في يوم لا أنا ولا غيري الملايين من السوريين أن أعطي رأي أو صوتي بأي من الشخصيات التي اختيرت لقيادة المعارضة بأي من أجسامها أو أشكالها، مجرد أن نسمع من الإعلام عن تشكيل الجسم كذا، وتعيين الشخص الفلاني، وهكذا كان النظام، وربما كان الأخير يُجمّل هذه العملية بمسرحياته، بمعنى هذا بشار الأسد فانتخبوه، وهكذا نحن اليوم، تتم كل العمليات التي تحتاج لاختيار ودعم الشارع، بدون الرجوع حتى لرأي الشارع من الأساس". 

ويردف: "لذلك يجب العمل على جسم يقود المرحلة القادمة، يشكل صوت الشارع المحور الأساس لوصوله أو انتخابه، وهذا ليس صعباً مع وجود وسائل الاتصال الحديث، فنحن في القرن الواحد والعشرين ولسنا في عصر حجري، ومن المقدور الوصول لصوت الناس عبر الوسائل الحديثة في الداخل والخارج، قد يقول البعض أن وجود بعض الفصائل قد يعيق ذلك، وهذا مرفوض، سراقب انتخبت مثلاً وأتت بمجلس محلي، شارك في وصوله جميع الأهالي هناك، والنصرة في محيطها بل بداخلها بشكل ما، لكن الإرادة جعلت من أهلها يختارون رغماً عن الجميع، والسوريون قادرون كلهم على فعل ذلك. السوريون لديهم اليوم إرادة للمضي نحو الديموقراطية، ولن تستطيع المعارضة أن تنجح بدون دعم الشارع، وعليها أن تلجأ في اختيار أجسامها وشخصياتها إليه، وأعتقد أن هذا الشكل من الوصول إلى واجهة سورية تحترم تطلعات السوريين متاح وليس من الصعب تحقيقه".  

تجمعات سياسية لا مؤسسات 

أما الصحفي والباحث في مركز (جسور للدراسات) عبد الوهاب عاصي، حمّل "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" المسؤولية الأكبر في تشتيت بوصلة المعارضة بالقول: "الائتلاف الوطني عطّل وجمَد الدور الحقيقي للمعارضة السياسية، حيث دخل بمعركة غير من منتهية من المحاصصة الداخلية على حساب أولويات أخرى تأثرت بطبيعة الحال، ومثال ذلك ما أحدثه من تعطيل لدور الكتلة العسكرية داخله وإضعاف دورها، وعدا عن ذلك لم يبذل الائتلاف أدنى جهد لتحويل نفسه لمؤسسة سياسية ذات نظام ديمقراطي وبنية داخلية متماسكة من حيث الرؤية والخطاب، ولم يقم بوضع استراتيجية حول واقع المعارضة السورية ولا يمتلك استراتيجية تخص التعامل مع الأزمات الطارئة وكثير من المشاكل التي أثبتت أن الائتلاف ليس أكثر من مجرد تجمع سياسي لا يصل لمستوى المؤسسة يؤدي دوراً معطلاً ومضراً بالثورة". 

ويضيف (العاصي) "أما الهيئة العليا للمفاوضات على الرغم من أن محاولة إنشائها كانت تحتوي على مساعي لتلافي أخطاء الائتلاف الوطني، لكنها أيضاً وقعت في ثغرة كبيرة وهي الابتعاد عن المشاكل الداخلية التي تعاني منها الثورة، حيث ركزت على مسار العملية السياسية وأهملت المسار العسكري والإنساني والخدمي وغير ذلك، وكان قراراها نابعاً عن تأثير الثقل الدولي لا تأثير الثقل الشعبي عليها، ما أدى بها بالنهاية لإعادة الهيكلة من حيث البنية والخطاب والرؤية". 

ويستطرد: "في الواقع يُمكن القول إن الائتلاف الوطني ترك فراغاً كبيراً ساهم في ولادة هياكل وأجسام معارضة جديدة تحمل أفكار تصالحية مع النظام، واستمر في هذا النهج ولم يقم بمعالجته بشكل متناسب وكذلك الحال بالنسبة للهيئة العليا للمفاوضات". 

ويختم عاصي بالقول: "أما البديل في الوقت الحالي لا أعتقد أن أحداً لديه تصوراً منطقياً فكثير من المقترحات قد تعيد العجلة من جديد، ونحن بحاجة لجسم يصل بين المجتمع وممثلين فعليين عنه على صلة مستمرة به، وبين السياسيين والعسكريين، ونحن بحاجة لمن يخلق توازناً بين المسار السياسي والعسكري والمدني".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات