منبج وتل رفعت.. النظام يخلط أوراق المفاوضات بانتظار التكتيك الأميركي

منبج وتل رفعت.. النظام يخلط أوراق المفاوضات بانتظار التكتيك الأميركي
غَيبت الضربات الغربية على النظام، ملف مفاوضات مدينتي تل رفعت ومنبج عن المشهد الإعلامي والسياسي بشكل عام؛ لكن الانحسار الذي بدأ يطال صدى الضربات الغربية، ربما سيعيد ملف المدينتين إلى الواجهة.

 

تعزيزات أمنية

 

توقف المفاوضات في تل رفعت، تخلله (وبحسب معلومات حصلت عليها الأورينت نت)، زج النظام بتعزيزات أمنية إلى داخل المدينة، قوامها الأساسي عناصر من الأفرع الأمنية في حلب، علماً أن وجود النظام في المدينة غير معلن، لكن في المقابل لم يتم نفيه لا من قبل النظام ولا من قبل "الوحدات". لكن النظام ربما يريد من وراء الدفع بهذه التعزيزات، خلط الأورق على طاولة المفاوضات للوصول إلى نتيجة سيطرة "حكومة شرعية" على المدينة، ما يجعل مطالبة تركيا بدخول قواتها أو قوات الجيش الحر صعباً. 

ويرى بشير عليطو (رئيس المكتب السياسي لمجلس تل رفعت العسكري)، أنه "لم يظهر حتى الآن بشكل جلي سيطرة رسمية للنظام في تل رفعت والمناطق المجاورة والمسيطر عليها من قبل قسد، إلا أن دخول عناصر أمن تابعة للنظام هو أمر كان يحصل دائماً حتى تم الإعلان عن ذلك بدعوة رسمية للنظام بالدخول إلى عفرين وهذه المناطق". 

وأضاف: "عناصر ما يسمى القوات الشعبية التي أرسلها للنظام لعفرين وتراجع بعضها بعد تحرير عفرين إلى تل رفعت ومحيطها هم أصلا تابعون للأفرع الأمنية ومنها الأمن العسكري ويقودهم ضباط من هذه الأفرع". 

إيران تعرقل مفاوضات تل رفعت

ويعتقد عليطو أن "من يعرقل المفاوضات التركية الروسية وإعادة الأهالي إلى بيوتهم وأراضيهم هي إيران بالدرجة الأولى، وروسيا تنفذ ما تريده إيران ويريده النظام، فهم يتبعون سياسة قضم الأرض والسيطرة على أكبر مساحة ممكنة بدون مراعاة مصلحة وحق الأهالي، ونرى أن كل حلولهم تعتمد على تهجير الأهالي في كل مناطق سوريةا، وفي مناطقنا يتذرعون بذرائع بعيدة عن الواقع والإنسانية مثل ضرورة سيطرة النظام على كامل سوريا وإبعاد الجيش الحر عن نبل والزهراء، أما الاستقرار الحقيقي ومراعاة حقوق ومصالح الأهالي المشروعة فهو ليس من شأنهم". 

ولا يتفق عليطو مع من يربط مصير تل رفعت بمنبج، بالقول: "لا أعتقد أن هناك ربطا حقيقيا بين منبج وتل رفعت بشكل يجعل تحرير إحداها مرتبط بالأخرى، أو بما يروج له البعض من مقايضات، فتركيا تطالب بهما لإعادة الأهالي إليهما والقضاء نهائيا على الإرهاب ولكن القوة المسيطرة في كل منطقة مختلفة عن الأخرى بأهدافها وأجنداتها، فهناك المفاوضات مع الأمريكان وهنا في تل رفعت ومحيطها مع الروس والإيرانيين، ولا يظهر أي تفاهم أمريكي روسي ولا أي معطيات تربط بين منبج وتل رفعت ولم ولن يقدم أي منهما تنازلاً للآخر، فلن تتنازل أمريكا عن شيء لا تملك نفوذا عليه أساسا، وكذلك روسيا وإيران". 

ويوضح: "إن مطالبة إيران وروسيا لتركيا بالانسحاب من عفرين بعد تحريرها من الـpkk وتسليمها للنظام يوضح تماماً سياسة إيران وروسيا بأنهما من يعرقل إعادة تل رفعت وباقي القرى لأهلها، فالنظام وحلفاؤه لا يسعون لحل حقيقي". 

تل رفعت للنظام!

ويرى فراس ديب (وهو صحفي يعمل في صحيفة ريفرنس التركية المحلية)، "أن مصير تل رفعت مشابه لمصير بلدة تادف، بمعنى أنه بمعنى سيتم إغلاقه لصالح النظام". 

ويضيف فراس: "ما يعرقل المفاوضات حول تل رفعت هو وجود النظام فيها بالدرجة الأولى، إضافة لعدم كونها منطقة ذات مكون كردي، أي لا سيطرة فعلية للوحدات الكردية داخلها على أرض الواقع، بل على العكس الوحدات انسحبت من المدينة باتجاه منبج فور بدء المفاوضات حولها".

 ويتابع ديب: "النظام السوري ما زال دوليا يتمتع بصفة شرعية رغم كل جرائمه وبالتالي يحق له (قانونا) السماح أو منع أي قوة خارجية بالدخول إلى مناطق تحت سيطرته وبعيده عن تهديد تنظيمات مصنفة دولياً على أنها إرهابية، شاهدنا ذات السيناريو العام الماضي في بلدة تادف على سبيل المثال". 

مراوغة أمريكية حول منبج

 

ويتفق فراس ديب مع بشير عليطو بفصل ملفي منبج عن تل رفعت بالقول: "منبج هي بيدق مشاغلة للأمريكان في مواجهة أنقرة على طاولة المفاوضات بخصوص الشمال السوري، فالولايات المتحدة لا تريد نفوذ واسع لتركيا على الخط الحدودي، وبالتالي تريد عرقلة فتح ملف شرق الفرات عن طريق إشغال الاتراك بقضية منبج لحين الوصول لمخرج فيما يخص المنطقة آنفة الذكر، وفي هذا السياق لاحظنا تلميحات أمريكية حول استبدال وحدات الحماية بقوات عربية قد تكون مصرية أو سعودية موالية لواشنطن، في سبيل قطع الطريق أمام تمدد انقرة على طول الحدود". 

وكان الأسبوع الأول من الشهر الحالي شهد إعلان توقف المفاوضات ضمن (مجموعة العمل الأميركية – التركية) حول منبج، وعزت الخارجية التركية ذلك "إلى حين تعيين وزير الخارجية الأمريكي الجديد". بعد إقالة ريكس تيلرسون من وزارة الخارجية، والذي كان يشرف بشكل مباشر على المفاوضات من الجانب الأميركي. 

في حين أعاد الرئيس الأميركي - قبل أيام-  التصريح برغبته بسحب قوات بلاده من سوريا، واستبدالها بقوات عربية، دون أن يشير إلى جدية تنفيذ ذلك أو أي تفاصيل. 

وفي هذا الإطار يشير عبد المنعم عليان (رئيس اللجنة الإعلامية في مدينة منبج) إلى أن "تركيا تسعى إلى مقاربة بين واشنطن وموسكو بما يتعلق بملف الشمال السوري وتحديداً منبج وتل رفعت، والملف السوري بشكل عام، ولا يمكن أن يكون حل للقضية السورية بعيداً عن الدور التركي". 

ويضيف عليان: "هناك سبب جوهري أدى إلى شرخ في العلاقة الأمريكية التركية وهذا سببه تعنت واشنطن في احتضان الـ pyd وتمويلها، بالإضافة لعدم وجود حليف بديل لها على الأرض تملك عليه نفوذ بشكل خاص". 

ويختلف العليان بوجهة نظره عمن سبقه، بحيث يؤكد ربط ملفي منبج وتل رفعت بشكل كبير بالقول: "إن خرجت قوات سورية الديمقراطية من تل رفعت، فستخرج من منبج، وذلك باتفاق شامل والتقارب الروسي التركي أحد أهم أسباب هذه العملية". 

وتسيطر "وحدات حماية الشعب الكردية" التي باتت تنشط عسكرياً تحت غطاء "قوات سوريا الديمقراطية- قسد" على تل رفعت منذ شباط/ فبراير 2016، بعد إخراج الجيش الحر منها بحملة عسكرية تحت غطاء جوي روسي كثيف شرد حوالي 200 ألف من أهلها. فيما تمكنت من دخول منبج بعد معارك عنيفة مع تنظيم "داعش"، تلقت خلالها الدعم اللوجستي والجوي من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.  

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات