ما هو مستقبل الحل السياسي في سوريا بعد الضربة العسكرية للنظام؟

ما هو مستقبل الحل السياسي في سوريا بعد الضربة العسكرية للنظام؟
ما تزال الضربات التي تلقاها نظام الأسد وحلفائه (إيران وحزب الله) على المستوى العسكري، وروسيا على المستوى السياسي، ترخي بظلالها على المشهد السوري برمته. 

وفيما ربط محللون سياسيون محدودية الضربة الغربية على النظام بتنازلٍ روسي، ربما يكون بالالتزام بمسار جنيف كأساس للعملية التفاوضية تحت مظلة الأمم المتحدة، جاء الرد الروسي تحت قبة مجلس الأمن وعلى لسان مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة (فاسيلي نيبنزيا) عندما أشار إلى "أن عدوان الدول الغربية على سوريا ضربة كبيرة للعملية السياسية لحل الأزمة فيها برعاية الأمم المتحدة"، فيما كان سقف (بشار الجعفري) عالياً بتحديد المشاركين في العملية السياسية القادمة بالقول: "من صوت ضد القرار لا مكان له في الحل السياسي". كان ذلك في جلسة تصويت على قرار تقدمت به روسيا لإدانة الضربات. 

انفراج روسي وثوابت أميركية

 

وكان يوم الأمس (الأحد) قد شهد انفراجاً نسبياً في هذه النقطة؛ إذ دعت روسيا وعلى لسان المتحدثة باسم بعثتها الدائمة في الأمم المتحدة، دعت لعقد اجتماع استثنائي للمجموعة المختصة بوقف إطلاق النار في سوريا، على أن يعقد الاجتماع مساء اليوم (الاثنين). لكن الدعوة سبقها موقف أميركي مشروط للعودة للمفاوضات والذي بات يعد من الثوابت بالنسبة للإدارة الأميركية ولاسيما بعد الضربات الأخيرة؛ إذ قالت الخارجية الأمريكية، أن "واشنطن ستعود إلى المفاوضات مع دمشق إذا كشفت الأخيرة عن الأسلحة الكيميائية التي بحوزتها، وأضافت ممثلة الخارجية الأمريكية، في حديث صحفي "أنه إذا تم تحقيق هذا الشرط، فإنه سيشجع الجانب الأمريكي على العودة إلى المفاوضات في جنيف". 

وفي ضوء ذلك، طلب الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريس) من المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا (ستافان دي مستورا) "العودة إلى نيويورك بالسرعة الممكنة لوضع خطة مستقبلية للوضع في سوريا"، وربما يقصد (غوتيرس) بذلك تهيئة الأجواء للدعوة إلى عقد الجولة العاشرة من جنيف. وفي هذا الإطار لم يصدر (دي ميستورا) ولا فريقه الخاص به أي تصريح أو بيان في هذا الصدد، سوى من الإحاطة التي أطلع من خلالها (دي ميستورا) الأمين العام للجامعة العربية (أحمد أبو الغيط) على خططه المستقبلية وذلك على هامش اجتماع وزراء الخارجية العربية في الرياض قبل القمة العربية، حيث أوضح لأبو الغيط "نتائج الاتصالات التي يقوم بها مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بهدف استئناف عملية المفاوضات السياسية بين الأطراف السورية في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة". 

رسائل الضربة الغربية

 

وفي هذا الصدد أشار الدكتور يحيى العريضي (المتحدث باسم وفد الرياض 2) في حديث خص به (أورينت نت)، أن الحل السياسي في مراحله القادمة "يعتمد على فهم روسيا وإيران ومعهم النظام للرسائل التي حملتها الضربات لهم". 

ويضيف العريضي في شرح فحوى هذه الرسائل بالقول: "أول الرسائل لروسيا، بأنها لن تعود متفردة في الملف السوري، بحيث أعطيت فرصة لمقاربة هذا الملف وإيجاد حل معين وفشلت في ذلك، لأنها تريد تفصيل حل معين على مقاس نظام استبدادي ديكتاتوري يناسب مصالحها، وأنها ليست بالقوة لتحقيق ذلك. 

أما بالنسبة لإيران فكانت الرسالة أقوى، بأن التطفل على المنطقة والتدخل في شؤونها والعبث بها أمر غير مسموح، وحتى الاتفاق النووي سيعاد النظر به وربما يكون معرض للنسف، وأن المخططات التي تقوم بها مكشوفة، وربما الرسائل لإيران قد تستمر بشكل أقسى في قادم الأيام. أما بالنسبة للنظام فالرسالة كانت واضحة، بأن الحل العسكري لن يوصلك إلا إلى مزيد من الدمار، ومن جانب آخر للرسالة وهذا مهم بالنسبة لنا كثورة ومعارضة، بأن النظام موثق لدى هذه الدول رسمياً كمجرم حرب بالدلائل القاطعة، والضربة الكيماوية الأخيرة على دوما التي اثبتت عليه، أكبر دليل إدانة، وهذا يعني أن لا مستقبل لك في سوريا، وأعطي هذه الرسالة بوضوح، وأن هناك قرارات دولية لا بد من تطبيقها وهذا ما يعطي فرصة أكبر لحل سياسي مناسب".  

ويتابع العريضي: "الآن، وإذا ما قوبلت هذه الرسائل بالمكابرة والعناد، سيعني ذلك للأسف مزيداً من العنف والدمار أولاً، ومن ثم هزيمة هذه الأطراف التي وجهت إليها الرسائل. لكن بما أن القضية السورية مدوّلة، والعالم لا يستطيع تحمل خراب النظام العالمي، لا بد من الولوج جدياً بحل سياسي من نوعٍ ما، بل والإجبار على ذلك، بحكم تضرر المصالح العالمية ولاسيما للأطراف المتدخلة الأقرب في الملف السوري". 

الانتقال السياسي أولوية

 

وعن دور المعارضة السياسية بعد كل ذلك، يشير (الدكتور يحيى)، إلى أن "علينا كمعارضة مع القوى الثورية أن يكون لدينا استعداد قوي ومبرمج للمرحلة القادمة والضغط لتكريس نقاط القوة والعمل عودة السوريين إلى بلادهم في ظل انتخابات ودستور جديد بعد عملية انتقال سياسي". 

وأردف (العريضي) عن أولويات الهيئة العليا في أي عملية تفاوضية قادمة بالقول: "أولويتنا بالتأكيد تطبيق قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها الانتقال السياسي الكامل، بدون انتقائية ولا اختصار ولا تحريف سواء بلجنة دستورية أو لجنة انتخابية أو مكافحة إرهاب، فاللجان الدستورية مثلاً بحاجة إلى بيئة آمنة وسليمة وموضوعية ليكون هناك دستور وانتخابات وهذا ما يؤمنه الانتقال الساسي، وبالمناسبة الجميع يعلم أن الدستور لم يكن له دور في ظل حكم المنظومة الاستبدادية، وألاعيب روسيا في (سوتشي) وغيره لن تمر، وأولوياتنا واضحة كما ذكرتها، قد يطول تنفيذها، لكن لا حياد عنها".

"الضربة لم تكن قوية لفرض الحل"

من جهته يعتقد (د. وسام العكلة) وهو أستاذ في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة ماردين التركية، "أنه لا يزال من المبكر الحديث عن إمكانية استئناف الحل السياسي في ضوء التوتر الحاصل بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة، وروسيا وحلفائها من جهة أخرى، خاصة وأن الضربة الأمريكية لم تكن بتلك القوة التي تجبر روسيا الضغط على النظام للقبول بالتسوية السياسية". 

ويرى أيضاً "أن الهدف الأساسي من الضربة لم يكن الضغط على النظام للقبول بالحل السياسي، بل هو عقاب لروسيا لعدم موافقتها على التجديد لآلية التحقيق المشتركة التي كانت تحقق في استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، وعندما وصلت الأمور الى طريق مسدودة داخل مجلس الأمن، قررت الولايات المتحدة وحلفاؤها تدمير ما يعتقد أنه من بقايا البرنامج الكيماوي السوري". 

الجدير بالذكر، أن العملية السياسية لحل الأزمة السورية بدأت منذ حزيران 2012 بمؤتمر (جنيف1) الذي وصل إلى الجولة التاسعة منه في كانون الثاني 2018. لكن روسيا قررت العمل على مسار مختلف وفق مصالحها، فدعت إلى مباحثات أستانا في العاصمة الكازاخستانية تحت رعايتها، والتي أيضاً وصلت إلى ثماني جولات، وتخلل ذلك اجتماعات ومؤتمرات لمجموعات عمل، كلها لم تصل لتثبيت حل للأزمة السورية مع تعنت واضح للنظام وحلفائه ولاسيما الروس والإيرانيين، مع استمرار نزيف الدم السوري.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات